عطلت إمدادات الغذاء والدواء.. قرصنة الحوثي تكبد الاقتصاد العالمي خسائر كبيرة
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
تتصاعد التوترات في البحر الأحمر، جراء الهجمات المتواصلة التي تشنها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ضد السفن التجارية المارة عبر هذا الخط الملاحي الهام. ورغم الحشد العسكري الكبير إلا أن الأوضاع الأمنية لا تزال مضطربة وغير آمنة لخطوط الملاحة الدولية.
وأدت الهجمات إلى تعطيل أحد طرق التجارة الرئيسية في العالم أمام معظم سفن الحاويات التي تحمل كل أنواع المنتجات بين أركان العالم.
وفي تقرير نصف سنوي صدر الثلاثاء، حذر البنك الدولي من أن تعطيل طرق الشحن الرئيسية "يؤدي إلى تآكل شبكات الإمداد وزيادة احتمال حدوث اختناقات تضخمية". ست من أكبر عشر شركات شحن للحاويات -وهي: Maersk، وMSC، وHapag-Lloyd، وCMA CGM، وZIM، وONE- تتجنب البحر الأحمر إلى حد كبير أو كليًا بسبب التهديد الذي يشكله المسلحون الحوثيون.
وذكر تقرير البنك الدولي أنه "في ظل الصراعات المتصاعدة، يمكن أيضًا أن تتعطل إمدادات الطاقة بشكل كبير، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة". وأضاف: "سيكون لهذا آثار غير مباشرة كبيرة على أسعار السلع الأساسية الأخرى".
وأدى هذا بالفعل إلى زيادة تكاليف الشحن بشكل كبير، والتي يمكن أن تظهر في نهاية المطاف في أسعار المستهلك وفقاً للخبير الاقتصادي الدولي محمد العريان، على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، في إشارة إلى مزيج سام من النمو الاقتصادي المنخفض أو الصفري والتضخم المرتفع: "كلما استمرت الاضطرابات لفترة أطول، كلما أصبح تأثير الركود التضخمي أقوى على الاقتصاد العالمي".
إذ أن الأزمة في البحر الأحمر متصاعدة مع توسيع الحوثيين هجماتهم نحو ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة -التي تنقل المواد الخام الحيوية مثل: خام الحديد والحبوب والأخشاب- فإن العواقب على الاقتصاد العالمي ستكون وخيمة جدا.
الأزمة مستمرة
وأكدت شركة "ميرسك"، ثاني أكبر شركة شحن للحاويات في العالم، أنها مستمرة في الابتعاد عن المرور في مياه البحر الأحمر وقناة السويس وأنها مستمرة في العبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا. مشيرة إلى أن سلوك هذا الطريق الأطول يجر خلفه تبعات اقتصادية سيتحملها عمالقة البيع بالتجزئة.
وقال تشارلز فان دير ستين، رئيس قسم أمريكا الشمالية في "ميرسك"، عبر بيان صدر عنه الثلاثاء: "كونوا مستعدين لاستمرار الوضع في البحر الأحمر حتى النصف الثاني من العام، وعليكم تحديد فترات عبور أطول في خططكم المتعلقة بسلاسل التوريد". وقالت "ميرسك"، وهي شركة رائدة في التجارة العالمية، إنها "رفعت القدرة التشغيلية للسفن نحو 6% لتعويض التأخيرات؛ جراء اتخاذ السفن الطريق الأطول حول قارة إفريقيا".
وبحسب "رويترز"، طلبت الشركة، التي يقع مقرها في كوبنهاغن، من العملاء، ومن بينهم عمالقة البيع بالتجزئة مثل: "وول مارت" و"نايكي"، "الاستعداد لارتفاع تكاليف الشحن". وأدت زيادة مدة الإبحار إلى رفع أسعار الشحن بالفعل.
وأشارت "ميرسك" إلى أن "فترات الإبحار الأطول حول إفريقيا تعني أيضا تأخيرات كبيرة للسفن المتجهة إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة"، داعية العملاء إلى "البحث عن موانئ بديلة في المكسيك وشمال غرب المحيط الهادي ولوس انجليس للبضائع المتجهة إلى الساحل الشرقي"، لافتة إلى أن "الازدحام الشديد في أوكلاند بولاية كاليفورنيا أدى إلى تأخير عودة سفن الحاويات إلى آسيا لتحميل البضائع".
خسائر كبيرة
الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي خلفتها الهجمات الحوثية؛ كشفت أهمية هذه المنطقة جغرافياً بالنسبة للكثير من شركات الشحن العالمية. وخلال الأيام الماضية فندت شركة "سي إم إيه سي جي إم"، ثالث أكبر شركة شحن حاويات في العالم، خسائرها الفصلية الأولى في أربع سنوات، وسط معاناة صناعة الشحن من الصراع في البحر الأحمر وشبح الطاقة الإنتاجية الفائضة.
أعلنت الشركة الفرنسية، عن خسارة قدرها 93 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023. وتأتي هذه الخسائر في ظل توقعات متحفظة، بفعل النمو الاقتصادي العالمي المتباطئ، بعد سلسلة من الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على السفن.
كانت "سي إم إيه سي جي إم" واحدة من أحدث شركات الشحن الكبرى التي علقت مرورها في منطقة الصراع، حيث اندلعت النيران في سفينة شحن هذا الأسبوع بعد هجوم صاروخي.
وقال المدير المالي للشركة، رامون فرنانديز: "عندما يصبح ذلك ممكناً، وعندما تسمح الظروف الأمنية بذلك، خاصة مع وجود حماية من البحرية الفرنسية، سنحدد على أساس كل حالة على حدة ما إذا كان من الممكن لأي سفينة الإبحار عبر المنطقة".
وأضاف: "أدى الالتفاف حول جنوب إفريقيا إلى زيادة كبيرة في تكاليف الوقود والتكاليف الأخرى التي تتكبدها شركات الشحن، التي تمرر بدورها هذه النفقات إلى عملائها في شكل رسوم إضافية. رغم ارتفاع أسعار الشحن الفورية رداً على التهديدات، فإنها تراجعت منذ ذلك الحين".
وقالت شركة "سي إم إيه سي جي إم" في البيان: إن مقدار النمو ينبغي أن يظل قوياً في النصف الأول، مدعوماً بالأرقام المقارنة للعام السابق، لكن النصف الثاني يبدو أكثر غموضاً. يُتوقع أن تدخل سعة شحن الحاويات الجديدة حيز التنفيذ، مما يدفع العرض العالمي إلى تجاوز الطلب المتوقع، مع إحداث تأثير سلبي على أسعار الشحن.
فشل الحل العسكري
ورغم التحالف الدولي الذي تقوده أميركا تحت مسمى "حارس الازدهار" وعملية الاتحاد الأوروبي "الدرع" إلا أن وضع أزمة البحر الأحمر متصاعدة وتنذر بمزيد من التوترات ومزيد من الهجمات البحرية التي تشنها الميليشيات الحوثية ضد خطوط الملاحة الدولية. هذا الفشل العسكري دفع بشركة الشحن Diana Shipping إلى الانضمام لباقي شركات الشحن العالمية لتجنب المرور بهذا الممر الدولي.
وأعلنت الشركة تجنب الإبحار في قناة السويس بسبب الهجمات التي تتعرض لها السفن في البحر الأحمر. موضحة على لسان رئيس الشركة أناستاسيوس مارجارونيس، أن العبور في قناة السويس انخفض بنحو 40% مقارنة بالمستويات التي شوهدت خلال النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وجاء ذلك نتيجة تجنب العديد من المشغلين هذه المنطقة.
ومن المرجح أن اضطرابات الشحن الحالية قد تؤدي إلى تعطيل الاتجاه العالمي لخفض التضخم، فإن التصعيد الملحوظ للصراع العسكري الأساسي يمكن أن يعزز أسعار الطاقة، والتي ستنعكس بدورها على المستهلكين. إلا أن الشركات في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب، على أمل أن ينتهي الاضطراب قريبًا.
الفشل العسكري أيضا برز من خلال لجوء بعض شركات الشحن البحرية إلى البحث عن حلول أخرى لإيصال البضائع بعيداً عن تأثيرات أزمة البحر الأحمر. حيث تخطط بعض الشركات بينها شركة "أبركرومبي آند فيتش" (ANF) لاستخدام الشحن الجوي حيثما كان ذلك ممكنًا لتجنب التأخير، وفقًا لرسالة بريد إلكتروني إلى الموردين اطلعت عليها "بلومبرغ".
وقال متحدث باسم الشركة: "نحن نغير طرق النقل أو ممرات الشحن عندما يكون ذلك ضروريًا للحفاظ على تدفق البضائع".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الاقتصاد العالمی فی البحر الأحمر شرکات الشحن
إقرأ أيضاً:
برنامج الغذاء العالمي: الحفاظ على الهدوء في غزة أمر حيوي لضمان وصول الدعم الإنساني
أكد برنامج الأغذية العالمي ضرورة استمرارية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشددًا على أنه لا يوجد مجال للعودة إلى الوراء.
جاء ذلك في تصريحات هامة أعلنت عبر قناة "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل، حيث شدد البرنامج على أهمية الحفاظ على الهدوء لضمان تقديم الدعم الإنساني الضروري للسكان في غزة.
وكان قد أكد برنامج الغذاء العالمي، في بيان نشره عبر حسابه على منصة "إكس" اليوم السبت 1 مارس، ضرورة استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشددًا على أنه "لا يمكن التراجع عنه".
وأضاف البرنامج أنه بعد مرور 6 أسابيع على الهدنة، تمكنت فرق البرنامج من الوصول إلى مليون شخص في جميع أنحاء القطاع، عبر استعادة نقاط توزيع الإمدادات، وإعادة فتح المخابز، وتوسيع المساعدات النقدية.
وأشار البرنامج إلى أن مسار الوصول الإنساني الآمن والمستدام أصبح واضحًا، وهو ما يعزز أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار.
كما شدد على أن استمرار الوضع الحالي هو السبيل الوحيد لضمان إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لملايين الفلسطينيين في غزة.
وتواجه نحو 1.5 مليون شخص في قطاع غزة أوضاعًا مأساوية بسبب حرب الإبادة والتدمير التي خلفت أضرارًا واسعة في منازلهم على مدار أكثر من 15 شهرًا من العدوان الإسرائيلي.
ومع بداية شهر رمضان، تتفاقم الأزمة الإنسانية حيث يعاني السكان من صعوبات كبيرة في تأمين الغذاء والمياه.
في سياق آخر، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها في الضفة الغربية لليوم الـ34 على التوالي، حيث زادت من عمليات التهجير القسري للسكان الفلسطينيين، ما يزيد من معاناتهم.