وسعت الحملة الأمنية المشتركة في مديرية المضاربة وراس العارة، غرب محافظة لحج، نطاق انتشارها في مناطق نائية وجبلية في المديرية ضمن الجهود الرامية لتضييق الخناق على عصابات تهريب المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الإفريقي.

واستحدثت قوات الحملة عدداً من النقاط التفتيشية الجديدة في وادي الهرهرة وعقبة المقيلة في المضاربة التي تمثل منفذا بريا رئيسيا لمرور عصابات تهريب المهاجرين الأفارقة الذين يصلون إلى سواحل منطقة راس العارة على البحر الأحمر.

وساد المناطق الجبلية حذر كبير عقب وصول القوات الأمنية إلى المنطقة، بسبب احتجاجات قبلية رفضاً لتواجد القوات في أراضيهم، إلا أن قيادة الحملة وشخصيات اجتماعية وقبلية نجحت في احتواء تلك الإشكالية عبر الاتفاق في اجتماع قبلي على تقليص القوات الأمنية وإدراج أفراد من قبيلة العلقمة في النقطتين الأمنيتين في المنطقة ذاتها.

وكانت الحملة الأمنية بتعاون مجتمعي في بلدة المجزاع نجحت في ضبط العشرات من الأفارقة، حيث كانت مافيا التهريب في المناطق الجبلية تقوم بتجميعهم في خيم في بعض المناطق الجبلية الخالية من السكان.

وأوضح أسعد اليوسفي ناطق الحملة الأمنية في مضاربة لحج لـ"نيوزيمن": أنه من الصعب تحديد عدد المهاجرين الذين ضبطتهم الحملة في الفترة الماضية جراء كثافتهم، حيث تقوم الحملة الأمنية بتجميعهم في قوارب ومن ثم ترحيلهم عبر قوارب إلى بلدانهم في القرن الإفريقي.

وأشار اليوسفي أن الحملة الأمنية نجحت إلى حد كبير في محاصرة ظاهرة التهريب التي أضرت باستقرار ومكانة المنطقة في السنوات الماضية، لكن مساحة الساحل الغربي لمحافظة لحج كبير جعل من المهربين يتخذون من الساحل نقطة للعبور للقرى النائية والجبلية بمساعدة عصابات تهريب بشر منظمة.

وبحسب اليوسفي فإن الحملة الأمنية ستتواصل حتى اقتلاع ظاهرة التهريب وضبط المطلوبين وتأمين المنطقة. مشيدا بالتعاون المجتمعي تجاه الحملة والوعي تجاه محاربة هذه الظاهرة التي أضرت بسمعة هذه المناطق.

ارتياح شعبي كبير تشهده مناطق الصبيحة خاصة ولحج عامة نتيجة استمرارية الحملة الأمنية بقيادة العميد حمدي شكري؛ والتي ساهمت بتجفيف بؤر فساد المتاجرين بالبشر وضبط العديد من الأفارقة الأحبوش واتخاذ بخصوصهم الإجراءات القانونية من قبل الجهات المختصة.

إلى ذلك أكد القائم بأعمال مديرية المضاربة ورأس العارة، عفان الجاوي أن الحملة الأمنية أثمرت عن نتائج كبيرة في مكافحة التهريب بكل أشكاله. مشيرا إلى أن تأمين الشريط الساحلي والطرقات وتعزيز القوة الأمنية في المديرية ساعد كثيرا في عودة الحياة والنهوض بواقع المديرية خدماتياً وتنموياً.

وتستعد بلدة راس العارة الساحلية لافتتاح أول مشروع حيوي في المنطقة من عائدات جمرك راس العارة الذي عاود نشاطه خلال الستة الأشهر الماضية من خلال افتتاح مشروع المياه الأهلي بتمويل من السلطة المحلية والذي عانت منه المنطقة خلال العقدين الماضيين، حيث يتم وضع اللمسات الأخيرة على المشروع الذي بلغت تكلفة إنجازه 268 ألف ريال سعودي بالإضافة إلى عودة العمل بمحكمة راس العارة بعد عودة رئيس المحكمة الذي رفض العودة عقب اختطافه من مسلحين مجهولين قبل أن يعود للعمل بدخول الحملة الأمنية المنطقة.

وقال الجاوي لـ"نيوزيمن": للحملة الأمنية نتائج كبيرة في مكافحة التهريب وتطبيع الوضع وحفظ الأمن والاستقرار، وهذا كله ساعد في عودة المنظمات والصناديق على استئناف العمل في المديرية. مشيراً إلى أن المديرية تشهد عدة مشاريع حيوية في عدة مجالات وقطاعات، من أهمها إنشاء خزان برجي للمياه وعمل شبكة جديدة للمياه براس العارة مع مدها إلى منازل المواطنين وتركيب العدادات، كما أن العمل جار لإنشاء مبنى وحدة إدارية فرعية للسلطة المحلية في خور العميرة وهو الآن بمرحلته النهائية وهو بتمويل محلي من المديرية.

وأكد المسؤول المحلي أنه مع استقرار الوضع الأمني وإنهاء الاختلالات التي كانت تعيشها المديرية خلال سنوات سابقة، سيمكن السلطة المحلية من تأدية مهامها والاتجاه نحو البناء والتنمية في كل مجالات وقطاعات البنية التحتية وهذا سينعكس على مستوى حياة المواطنين الذين لمسوا نتائج هذا التغيير مع دخول الحملة الأمنية قبل عدة أشهر.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الحملة الأمنیة راس العارة

إقرأ أيضاً:

نهب الآثار اليمنية: بين فوضى التهريب وعجز الدولة

شمسان بوست / خاص:

يعد اليمن واحدًا من أقدم وأغنى البلدان تاريخيًا وثقافيًا، فهو مهد حضارات عريقة تعود لآلاف السنين، كحضارة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت. هذه الحضارات خلفت إرثًا هائلًا من الآثار التي لا تقدر بثمن، من معابد وتماثيل ونقوش إلى مدن أثرية كاملة. ومع ذلك، فإن هذا الإرث يواجه خطرًا وجوديًا بسبب عمليات التهريب المنظمة وغياب الدولة الفاعلة لحمايته.

– تهريب التماثيل اليمنية: مأساة متكررة

من أحدث وأبرز الأمثلة على تهريب الآثار اليمنية، عرض تمثال يمني أثري للبيع في أحد المزادات العالمية. التمثال المصنوع من المرمر، والذي يعود تاريخه إلى ما بين عامي 200 و100 قبل الميلاد، يُظهر امرأة تحمل طفلها بين يديها. على قاعدة التمثال، نقش بخط المسند القديم عبارة “أبنسي” والتي تعني “ابني”، مما يعكس دفء العلاقة الإنسانية التي خلدتها الحضارة اليمنية القديمة.

هذا التمثال، الذي يُعد من أجمل التماثيل اليمنية وأكثرها رمزية، تم تهريبه إلى الإمارات، حيث ما زال هناك حتى الآن. يعد وجوده في المزادات العالمية جرحًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تطال التراث اليمني.

– غياب الدولة وتفاقم المشكلة

في ظل الحرب والأوضاع السياسية المتدهورة التي تعيشها اليمن منذ سنوات، باتت الدولة شبه غائبة عن المشهد الثقافي والتراثي. لا توجد آليات فعالة لحماية المواقع الأثرية أو استرداد القطع المهربة، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من قبل عصابات دولية.

الدولة التي يفترض أن تكون الحارس الأول للآثار أصبحت عاجزة عن التصدي لهذا النزيف الثقافي. ضعف القوانين، وغياب الرقابة على الحدود، بالإضافة إلى نقص الموارد والكوادر المؤهلة، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الوضع.

– شبكات التهريب الدولية

تهريب الآثار اليمنية ليس جريمة عشوائية، بل هو جزء من شبكة دولية منظمة. تبدأ عمليات التهريب عادة بالتنقيب غير المشروع في المواقع الأثرية داخل اليمن. يقوم المهربون بعد ذلك بنقل القطع إلى الخارج عبر الحدود البرية أو البحرية، مستغلين الثغرات الأمنية.

العديد من القطع تصل إلى دول مختلفة، والتي أصبحت محطة لتمرير هذه الكنوز إلى الأسواق العالمية. تُباع هذه القطع في المزادات العلنية بمبالغ طائلة، حيث يتم اقتناؤها من قبل تجار آثار أو جامعي تحف لا يعيرون اهتمامًا لمصدرها أو قيمتها الثقافية.


– الأثر الثقافي والحضاري

فقدان الآثار لا يعني فقط خسارة قطع أثرية، بل يعني تدميرًا لذاكرة اليمن وهويته. كل قطعة تُهرب تمثل جزءًا من قصة حضارة قديمة ساهمت في تشكيل التاريخ الإنساني. التماثيل والنقوش ليست مجرد أعمال فنية، بل هي شواهد على تطور الفكر والثقافة والعلاقات الإنسانية في تلك الحقبة.

– الجهود المبذولة لحماية الآثار

رغم الواقع القاتم، هناك محاولات من بعض الجهات لإنقاذ التراث اليمني. تعمل بعض المنظمات الدولية مثل اليونسكو على توثيق المواقع الأثرية المهددة، كما تسعى بعض الجهات إلى استرداد القطع المهربة عبر القنوات القانونية.

ومع ذلك، تظل هذه الجهود غير كافية في ظل غياب الدور الحكومي الفاعل. استعادة التمثال المذكور وغيره من القطع المهربة يتطلب تنسيقًا دبلوماسيًا وجهودًا قانونية، بالإضافة إلى شراكة حقيقية مع الدول التي تحتضن هذه القطع.

الحلول الممكنة

لحماية التراث اليمني، يجب اتخاذ عدة خطوات على المستويين المحلي والدولي:

1. تعزيز القوانين المحلية: يجب تشديد العقوبات على عمليات التنقيب غير المشروع والتهريب.

2. إنشاء فرق متخصصة: تكوين وحدات متخصصة بحماية الآثار ومراقبة المواقع الأثرية.

3. التعاون الدولي: تفعيل الاتفاقيات الدولية لاسترداد القطع الأثرية المهربة وتعزيز التعاون مع الدول التي تمر عبرها هذه القطع.

4. رفع الوعي المحلي: توعية السكان بأهمية الآثار كجزء من الهوية الوطنية وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

5. دعم المنظمات الأهلية: تشجيع المبادرات المحلية التي تعمل على توثيق التراث وحمايته.

ختامًا

آثار اليمن ليست ملكًا لليمنيين وحدهم، بل هي إرث إنساني يعكس عظمة حضارة كانت منارة في تاريخ البشرية. استمرار عمليات التهريب، كما في حالة التمثال المذكور، يعني فقدان أجزاء لا تقدر بثمن من هذا التاريخ. إن حماية هذا الإرث مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان بقاء هذا التاريخ حيًا للأجيال القادمة.

من/ طارق احمد السميري

وزير السياحة بحكومة شباب اليمن المستقل

مقالات مشابهة

  • للمرة الثانية العناصر الأمنية بالدائرة19 تداهم مقهي الشيشا بمنطقة المحاميد
  • لجنة قبول العاملين بالشركات المنسحبة تواصل أعمال استيعاب الكفاءات الوطنية
  • نهب الآثار اليمنية: بين فوضى التهريب وعجز الدولة
  • داعش الساحل| الفراغ الأمني في غرب إفريقيا يعزز تمدد التنظيم المتطرف
  • المديرية العامة للسجون تدشن "مراكز تنمية قدرات النزلاء"
  • إدانة تاجر بـ7 سنوات سجنا منها 5 سنوات نافذة عن تهمة المضاربة في مادة التفاح بباتنة
  • العميد باعش يناقش سير العمل في مركز الإعلام الأمني وجهود الحملة الوطنية الأمنية التعبوية
  • تحديات جديدة.. القيود السورية تضيّق الخناق على مزارعي لبنان
  • الأسود: وقف مقايضة النفط الخام بالوقود سيقلل التهريب
  • الأجهزة الأمنية تواصل البحث عن مفقودين في الغور الشمالي