طرحت الزيارة المفاجئة التي قام بها قائد قوات الدعم السريع بالسودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى ليبيا بعض الأسئلة عن دلالة وأهداف الخطوة خاصة أنها جاءت بعد يومين من زيارة رئيس مجلس السيادية السوداني، عبدالفتاح البرهان لطرابلس.

والتقى حميدتي برئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة الذي أعلن أنه ناقش مع ضيفه السوداني تطورات الأوضاع في السودان، وأن عمق العلاقات بين البلدين تحتم على ليبيا تقديم المساندة في الظروف الحالية، مشددا على ضرورة إنهاء الحرب والصراع والوصول إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة"، وفق المكتب الإعلامي للدبيبة.



"لقاءات البرهان"

وقبل يومين زار رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان العاصمة الليبية طرابلس بدعوة رسمية من المجلس الرئاسي الليبي ورئيسه، محمد المنفي الذي كان في استقبال البرهان وسط تأكيدات منه على دعم الجيش هناك ودعم التهدئة وتحقيق الاستقرار.




ولم يكتفي البرهان بلقاء المنفي لكنه أيضا اجتمع مع رئيس الحكومة "الدبيبة" لمناقشة آخر التطورات في السودان، والتقى أيضا المفتي العام لليبيا، الصادق الغرياني الذي أثنى على الجيش السوداني وطالبهم بتحقيق الاستقرار.

وذكرت صحف سوداني مقربة من "حميدتي" أن "البرهان عقد صفقة تسليحية غير معلنة مع الدبيبة بقيمة 15 مليار دولار مقابل مده بالمدرعات والأسلحة لاستكمال المرحلة الثانية التي أعلن عنها الجيش السوداني لاستهداف قوات "حميدتي"، وأن البرهان وعد الدبيبة بضخ العملة الأجنبية لرفع الحصار عن حكومته التي تعاني من خنق البرلمان لها وكذلك مصرف ليبيا المركزي.

فهل تطرح ليبيا مبادرة لحل الأزمة في السودان؟ وما أوراق الضغط والتفاوض التي تملكها في أزمة السودان؟

"دعم دولي لمبادرة ليبيا"

من جهته، قال المتحدث السابق باسم مجلس الدلة الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف إنه "من الصعب تصور إمكانية أن تتدخل ليبيا وحدها في الأزمة السودانية التي تم تدويلها والتي تمثل نموذجا لفشل الحلول السياسية ودخول البلاد في معادلة صفرية وحرب ضروس صاحبها فظائع واتساع نطاقها من العاصمة إلى إقليم دارفور المحاذي لليبيا" .

وقال في تصريحات لـ"عربي21": "لكن قد تصلح العاصمة طرابلس كمكان حيادي لاستضافة الحوار بين الأطراف السودانية وفقا لتفاهمات منبر حوار جدة على أن يكون الإشراف لدول ضامنة تمتلك مقومات القوة والضغط والتأثير على طرفي النزاع السوداني"، وفق تقديراته.

"تجهيز لعملية عسكرية جديدة"

في حين قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، "الرشيد محمد إبراهيم إن "هناك تباين بين أجندة البرهان في زيارة ليبيا وبين زيارة حميدتي، كون زيارة البرهان تأتي في ظل انتهاء المرحلة الأولى من العمليات وبالتالي المرحلة الثانية تحتاج إلى التنسيق مع دول الجوار التي يتدفق عبرها السلاح والمرتزقة إلى السودان، لذا المحتوى العسكري الأمني في زيارة البرهان واضح جدا هو يعمل على الضغط".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "هناك بروتوكول قديم موقع بين السودان وليبيا حول قوات حدودية وهي موجودة الآن في الولاية الشمالية، وربما تشمل هذه الزيارة تنشيط البروتوكول العسكري الذي يضمن عدم تدفق المرتزقة والسلاح من ليبيا إلى السودان خاصة من قبل "حفتر"، كما قال.




وبخصوص دور ليبي في الأزمة، قال: "لا أتوقع أن يكون هناك دور كبير لليبيا لأن الوساطة هذه ليست لديها أوراق ضغط تمارسها وليست لديها قدرة على تحفيز الأطراف في حالة الاستجابة والعقاب في حالة عدم الاستجابة، ولذلك هي أقرب للعلاقات العامة أو حسن النوايا"، وفق تعبيره.

وتابع: "كذلك ليس هناك تعويلا على أي دور سياسي أو تفاوضي للدبيبة لما يجري في الخرطوم خاصة إذا ما علمنا أن هناك اتفاقية جدة ومنبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة الأمريكية".

"استغلال من الدبيبة"

مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي بباريس، محمد علي كيلاني قال من جانبه إن "الزيارة ليست مفاجأة، بل هي معلنة من الطرف اللليبي بتقديم دعوة للطرفين للتشاور حول الأزمة السودانية، والدبيبة يحاول ضمن الجهود الإقليمية لعب دور لكن ليس لديه رؤية أو تصور معين للحل في السودان، لاسيما بعد طرح مبادرات عديدة حول أزمة السودان".

وأوضح لـ"عربي21" أنه "ليس هناك شيئا جديدا يمكن معالجته في هذا المجال، بقدر ما تحاول "ليبيا الدبيبة" لعب دور في ملف حرب هي أيضا تعاني من أزمة مشابهة وفاقد الشيء لا يعطيه، والمصالح التي تربط ليبيا بالسودان هي الجغرافيا وعمليات التنسيق الأمني لمحاربة الهجرة السرية والتي كانت تشرف عليها قوات الدعم السريع قبل الحرب"، بحسب معلوماته.

وأضاف: "الدولة الليبية ذاتها تغوص في عباب متلاطم من المصاعب السياسية والأمنية، فليس هنالك دور كبير للدبيبة أن يلعبه في هذا الإطار غير أنه يحاول إعادة الزخم لحكومته منتهية الولاية"، كما صرح.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية دقلو حميدتي ليبيا السوداني البرهان ليبيا السودان حميدتي البرهان دقلو المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السودان

إقرأ أيضاً:

اقتصاد السودان بعد حظر الواردات من كينيا.. الشاي في قلب الأزمة

ما زالت الأزمة السياسية وتداعياتها الاقتصادية بين الخرطوم ونيروبي تتصدر المشهد في ظل الحرب المستمرة في السودان، فبعد مرور شهر على قرار الحكومة السودانية بحظر الواردات من كينيا على خلفية استضافتها مؤتمراً لقوات الدعم السريع، قال الرئيس الكيني وليام روتو، إن السودان لا يزال يشتري الشاي من بلاده، وهو ما نفته السفارة السودانية في نيروبي، مؤكدة، أن قرار وقف استيراد المنتجات الكينية لا يزال ساريًا.

تصريحات متبادلة

وفي مقابلة تلفزيونية نُقلت عبر وسائل إعلام كينية، صرّح الرئيس وليام روتو: "ما زلنا نبيع الشاي إلى السودان، حتى بعد قولهم، إنهم لن يشتروه، السوق أجبرتهم على ذلك".
في المقابل، أصدرت السفارة السودانية في نيروبي بيانًا أكدت فيه تنفيذ القرار كاملا، مشيرة إلى أنه لم يتم استيراد أي منتجات كينية إلى السودان، بما فيها الشاي، منذ صدور القرار، وأن أي مزاعم عن استمرار التوريد لا أساس لها من الصحة.

سد الفجوة

ورغم حديث الرئيس الكيني عن استمرار التصدير، أعلن سفير زيمبابوي في السودان، إيمانويل غومبو، أثناء لقائه وزيري الخارجية والتجارة والتموين، استعداد بلاده لسد حاجة السودان من سلعة الشاي.

الرئيس الكيني وليام روتو: ما زلنا نبيع الشاي للسودان.  (رويترز)

وفي هذا السياق، يرى الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي معتصم الأقرع في حديثه للجزيرة نت، أن التأثيرات الاقتصادية على السودان محدودة، لافتًا إلى إمكانية استيراد الشاي من دول أخرى في أفريقيا أو آسيا.

إعلان

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي، عبد العظيم المهل، إلى أن الميزان التجاري بين السودان وكينيا يميل إلى صالح الأخيرة، حيث يستورد السودان من كينيا أكثر مما يصدر إليها، وأضاف: "السودان يستطيع إيجاد بدائل في أسواق أفريقية مثل زيمبابوي أو دول آسيوية منتجة للشاي".

ويرى، أن المقاطعة ستكلف كينيا كثيرًا، كون السودان كان يمثل بوابة لدخول منتجاتها إلى الدول العربية.

خسائر داخلية

وفي المقابل، حذّرت الصحفية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، نازك شمام، من تداعيات القرار على التجار السودانيين، قائلة: إن تجار الشاي سيتعرضون لخسائر كبيرة بسبب وقف استيراد المنتجات الكينية لدواعي سياسية.

وأضافت: "لن يجد أصحاب مصانع الشاي الذين كانوا يعتمدون على نيروبي في صناعتهم بدائل فورية، وسيضطرون إلى التوجه إلى دول، مثل الهند وباكستان، ما يعني تحمل تكلفة أعلى، خاصة أن الشاي سلعة أساسية في الثقافة الغذائية السودانية".

وأشارت شمام إلى أن تجارة الشاي في السودان ستواجه عقبات يصعب تجاوزها، في ظل امتلاك كثير من المصنعين مزارع على الأراضي الكينية لدعم عملياتهم الصناعية في الخرطوم، مما يصعّب عليهم الاستيراد مستقبلًا.

سلاسل التوريد والتكيف

ترى شمام، أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة تعقّد أي محاولة لنقل مزارع الشاي إلى السودان أو دول أخرى، ما يجعل الحل الآني الوحيد، هو الاستيراد بتكلفة مرتفعة من أسواق بعيدة، مع ما يرافق ذلك من تأثير مباشر على أسعار المنتج محليًا.

بدوره، يرى الباحث الاقتصادي الطيب عبد السلام، أن قرار الحظر سيؤدي إلى اضطراب مؤقت في سلاسل التوريد، لكنه يتوقع أن تتكيف السوق في غضون عام، مع ظهور موردين بديلين أو اللجوء إلى قنوات غير رسمية لتوفير الشاي.

وفي المقابل، قلّلت الصحفية الاقتصادية، رحاب فريني، من أهمية القرار، مشيرة إلى أن هناك دولًا مثل زيمبابوي يمكنها سد الفجوة بسهولة، إضافة إلى دول آسيوية قادرة على تزويد السوق السودانية بكميات كبيرة وبتكلفة معقولة.

إعلان

كما استبعدت إمكانية توطين زراعة الشاي في السودان، لأن المناخ غير مناسب.

حسب خبراء فإن قرار السودان قد يفتح الباب لمحاولات توطين زراعة الشاي (الجزيرة) توطين زراعة الشاي.. آراء متباينة

رغم ذلك، يرى الخبير الاقتصادي، هيثم فتحي، أن القرار -على مفاجأته – قد يفتح الباب لمحاولات توطين زراعة الشاي، مستندًا إلى تنوع المناخ في السودان.

وقال للجزيرة نت: "سيكون هناك ارتفاع في أسعار الشاي على الأمد القريب، لكن السودان يمتلك بدائل أفريقية يمكن الاعتماد عليها".

وبينما يرى بعضهم، أن زراعة الشاي ممكنة محليًا، يستبعدها آخرون نظرا لعوامل المناخ والتكلفة، ما يعكس تباينًا واضحًا في الآراء في جدوى هذه الفكرة.

وفي هذا السياق، وصف المهندس بوزارة الزراعة، عمار حسن، قرار الحظر بأنه ورقة ضغط اقتصادية على كينيا، داعيًا الحكومة السودانية إلى الإسراع في توفير بدائل فعالة لتغطية الفجوة.

كما استبعد ارتفاع الأسعار حتى على المدى البعيد، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على استيراد الشاي من أسواق أخرى، مع إبراز بعض الرؤى التي تدعو إلى تطوير إنتاج محلي بديل.

بعد سياسي

وفي بُعد آخر، يرى الباحث والكاتب السياسي، حسان الناصر، أن كينيا لن تتراجع عن موقفها الداعم لقوات الدعم السريع، مرجعًا ذلك إلى "ضمانات سياسية وعسكرية" أقوى من المصالح التجارية مع السودان.

وأضاف: "الرهان الحقيقي هو إلى أي مدى يمكن أن تسهم الأوضاع الداخلية في كينيا في تشكيل جبهة ضغط على الرئيس وليام روتو".

كما وصف خطوة السودان، أنها متأخرة نسبيًا، معتبرًا، أن موقفه الدبلوماسي تجاه الدول الداعمة للدعم السريع لا يزال هشًّا، مما قد يدفع كينيا إلى التمادي في مواقفها.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكسب معركة كسر العظم أمام قوات حميدتي والحلو ويستعيد منطقة مهمة جنوب كردفان
  • رجم شيطان حميدتي .. دمية تجُر السخرية والضحك على وزير الإعلام السوداني “الإعيسر ” فيديو
  • (مدير المخابرات المصرية في بورتسودان).. ماذا هناك؟؟!!
  • شاهد بالفيديو.. تحت شعار “رجم الشيطان”.. وزير الإعلام السوداني يقوم برجم تمثال “حميدتي” في بورتسودان
  • الحبري: هناك مؤشرات اقتصادية خطيرة تهدد مستقبل ليبيا
  • الإمارات.. التزام راسخ بدعم الشعب السوداني
  • البرهان يؤكد لـ”المبعوث البريطاني” حاجة الشعب السوداني لوقف الإنتهاكات لا المؤتمرات
  • الإمارات صوت الحكمة دعماً للشعب السوداني
  • هل أجرى المجلس العسكري السوداني لقاءً سريًا في تل أبيب؟
  • اقتصاد السودان بعد حظر الواردات من كينيا.. الشاي في قلب الأزمة