حاولت احتلال بلد بكلمة مزورة .. إيطاليا تتقهقر أمام جنرال روسي وإمبراطور إثيوبي
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
سجل التاريخ قبل 128 عاما في 1 مارس عام 1896 أكبر هزيمة للأوروبيين في تاريخ الحروب الاستعمارية الممتدة على مدى قرون. كان ذلك على يد جيش إفريقي مسلح ببنادق عتيقة وبالرماح.
إقرأ المزيد لو أن أحدهم أخبرني بذلك لقلت إنه "مجنون".. هتلر في محادثة سرية لمدة 11 دقيقة! قوات إيطالية بلغ عددها 17700 جندي بقيادة الجنرال أوريستي باراتيري زحفت حينها من أريتريا لغزو إثيوبيا، وكانت روما تعتقد أن هذا البلد الإفريقي لقمة سائغة وأنها في طريقها للاستحواذ على بلد واسع وغني بسهولة.
ملك الإثيوبي منليك الثاني استعد للغزاة بجيش يبلغ عدده 30 ألف مقاتل زاد قوامه لاحقا حتى بلغ 80 ألفا بينهم حوالي تسعة آلاف فارس، بعد انضمام مقاتلين من جميع قبائل البلاد. هذا الجيش الإفريقي كان مسلحا ببنادق قديمة وبعدد قليل من المدافع العتيقة وبالأقواس والرماح، وظن القادة الإيطاليون أن أسلحة الإثيوبيين البدائية وخبرتهم القتالية القليلة جدا ستجعلان من هذا الغزو نزهة.
حاولت إيطاليا في البداية رشوة الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني ووعدوه بتقديم المال وإمداده بالسلع الأوروبية، وبأنه سيبقى حاكما رسميا للبلاد، في مقابل أن يسلم إثيوبيا لهم، إلا أن منليك رفض وبدأ الإيطاليون يعدون العدة لغزو إثيوبيا والاستيلاء عليها.
جرى التمهيد للغزو في عام 1885 باحتلال إيطاليا لميناء مصوع الواقع في إريتريا حاليا، ثم أعلنت الحكومة الإيطالية في عام 1889، أنها من الآن فصاعدا تمثل مصالح الحبشة على الساحة الدولية، مستندة في ذلك إلى معاهدة أوشيال للصداقة والتجارة الموقعة في 2 مايو 1889، والتي اعترفت إثيوبيا بموجبها بسيادة إيطاليا، والأمر لم يكن كذلك. الدبلوماسيون الإيطاليون كانوا غيروا المادة 17 من هذه الاتفاقية المعدة بنسختين، باللغتين الإيطالية والأمهرية.
ذكرت النسخة الأمهرية أن الإمبراطور الإثيوبي يمكن أن يلجأ إلى خدمات حكومة جلالة ملك إيطاليا في جميع الأمور مع القوى الأخرى، وفي نسختهم استبدل الإيطاليون عبارة يمكن أن يلجأ بكلمة "يوافق"، وعلى هذا الأساس بدأوا في التأكيد على أن إثيوبيا اعترفت بالحماية الإيطالية.
بدأ الغزو الإيطالي لإثيوبيا، وهاجمت قواتهم هذا البلد الإفريقي. قسّم الجنرال باراتيري قواته إلى ثلاث مجموعات متباينة، وتبين لاحقا أن هذا الإجراء كان خطأ فادحا.
البداية كانت بقيام قوات إثيوبية تقدر بـ 20000 مقاتل تحت قيادة الإمبراطور نفسه بمحاصرة واكتساح لواء الجناح الأيسر للجنرال ألبرتوني المكون من أربع كتائب وثلاث بطاريات مدفعية، ثم تقدمت قوات مينليك وضربت قوات المركز بقيادة الجنرال شيفايتو التي يبلغ قوامها 30.000 جندي علاوة على الألوية المركزية للجنرالين إلين وأريموندي، المكونة من 12 كتيبة وأربع بطاريات مدفعية، وتمكنت من هزيمتها وطردها.
في الأخير نزل الجيش الإثيوبي بكامله تقريبا باستثناء لواء الفرسان، وقام بمطاردة الإيطاليين الفارين على الجانب الأيمن، وتضاعف عدد المقاتلين الإثيوبيين الذين انضموا إلى المعركة وأصبح عددهم يفوق الغزاة بعشرة أضعاف. تمت محاصرة قوات الجنرال داموربيدا ومن لم يقتل وقع في الأسر.
انتهت هذه المعركة الكبرى التي جرت قرب بلدة عدوا الإثيوبية واستمرت 10 ساعات بمقتل أكثر من 7000 عسكري إيطالي بينهم جنرالان و250 ضابطا علاوة على حوالي خمسمائة جريح وثلاثة آلاف ونصف أسير، أي ما يقرب من ثلاثة أرباع مجمل القوات الإيطالية الغازية.
فر ممن تبقى من القوات الإيطالية إلى إريتريا وفقدوا قدرتهم القتالية لفترة طويلة، فيما غنم الإثيوبيون 56 مدفعا إيطاليا، في حين تقدر خسائر الإثيوبيين بحوالي خمسة آلاف قتيل وستة آلاف جريح.
بعد عودة الجنرال باراتيري المهزوم إلى إيطاليا، اتهم بالخيانة العظمى وقدم للمحاكمة، وطالبت الصحف هناك بإنزال عقوبة الإعدام عليه، إلا أن المحاكمة توصلت إلى أن الجنرال لم يكن عميلا لإثيوبيا أو عدوا للشعب الإيطالي، وأن كل ما في الأمر أن قدراته العقلية على الرغم من مظهره الحازم المخادع لم تكن مناسبة، ولذلك تمت تبرئته، لكن كراهية الإيطاليين الشديدة له دفعته إلى مغادرة البلاد إلى الأبد.
الدور الروسي في معركة عدوا:
من النادر أن يتم الحديث عن الدور الذي قام به عسكريون تابعون للإمبراطورية القيصرية الروسية في مساعدة الإثيوبيين على سحق الإيطاليين وإبعادهم عن بلادهم في معركة "عدوا".
الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني تلقى دعما كبيرا من مستشارين عسكريين ومتطوعين روس بقيادة الجنرال نيكولاي ليونتييف الذي عينه منليك الثاني مساعدا له.
تولى الضباط الروسي تدريب المقاتلين الإثيوبيين على استعمال سلاح المدفعية وقاموا بقيادتهم في تلك المعركة، كما تم تزويد الجيش الإثيوبي بعدد من المدافع.
الجنرال نيكولاي ليونتييف أسهم في تحويل القوات الإثيوبية إلى جيش متكامل قادر على تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة بطريقة منسقة.
تلك الجهود حظيت بتقدير عال وتمت استشارته في جميع القضايا الرئيسة العالقة، علاوة على أنه ساعد الإثيوبيين على تحقيق أقصى استفادة من المفاوضات التي جرت لاحقا مع إيطاليا.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف
إقرأ أيضاً:
فوز سيرو في انتخابات أرض الصومال.. وهذه مواقفه من إثيوبيا والإمارات
حقق زعيم المعارضة بأرض الصومال عبد الرحمن سيرو (المعروف باسم عرو) فوزا هاما في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الشهر الجاري، حيث يمثل فوزه تحديًا سياسيًا هامًا للرئيس المنتهية ولايته، موسى بيهي عبدي، الذي شغل منصب الرئيس منذ عام 2017، والذي يوصف بأنه كان مقربًا من إثيوبيا والإمارات.
وينتمي عبد الرحمن سيرو، إلى حزب "وطني"، ويعد أبرز القوى المعارضة، حيث أعلن صراحة رفضه لعدد من الاتفاقات التي أبرمتها الحكومة، داعيًا إلى وضع حد للتدخلات الأجنبية، خاصةً الإماراتية والإثيوبية.
ويعرف عن سيرو بمواقفه المناهضة للفساد، ويعد فوزه في الانتخابات بمثابة انقلاب سياسي، ويراه الكثيرون تجسيدًا لحلم الشعب في السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية.
وعلى الرغم من فوزه، يواجه سيرو العديد من التحديات في المرحلة المقبلة، أولاً، هو بحاجة إلى إعادة بناء العلاقات الإقليمية والدولية مع دول مثل إثيوبيا والإمارات، التي قد لا تكون متحمسة للتعامل مع رئيس جديد قد يغير سياسة المنطقة بشكل جذري.
كما أن فوزه يعكس رغبة شعبية قوية في التغيير، وهي رغبة ستضغط عليه لتحقيق إصلاحات سريعة، سواء في الملف السياسي الداخلي أو في المفاوضات الدولية.
التحديات الداخلية
وفي الداخل، يحتاج سيرو إلى التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي لأرض الصومال، التي تواجه تحديات ضخمة تتعلق بالبطالة والفقر، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في ظل التهديدات المتزايدة من الجماعات المسلحة في المنطقة.
كما أن هناك ضرورة كبيرة لدفع عملية الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة، وهو هدف رئيسي لحكومة سيرو المقبلة، يعتمد هذا النجاح بشكل كبير على كيفية تعامله مع المجتمع الدولي وكيفية تعزيز موقفه في الساحة الإقليمية والدولية.
الصراع السياسي في الصومال
وأعلنت أرض الصومال استقلالها عن الحكومة الفيدرالية في مقديشو في عام 1991، بعد انهيار النظام المركزي في الصومال. رغم إعلانها الاستقلال، إلا أنها لم تحظَ باعتراف دولي كدولة مستقلة، حيث لا تزال الأمم المتحدة والدول الكبرى تعتبرها جزءًا من الصومال.
منذ إعلان الاستقلال، كانت أرض الصومال تسعى لتعزيز مكانتها الدولية وتحقيق اعتراف عالمي. وقد تطلب ذلك وضع استراتيجيات سياسية واقتصادية وعلاقات إقليمية مع جيرانها، أبرزهم إثيوبيا والإمارات.
صفقة بربرة: الإمارات وأثيوبيا
وأثناء فترة حكم بيهي، تم توقيع عدة اتفاقيات مع إثيوبيا والإمارات كان أبرزها الاتفاق الذي منح إثيوبيا حق استخدام ميناء بربرة، مما يوفر لها منفذًا بحريًا على البحر الأحمر.
كما تم السماح للإمارات ببناء قاعدة عسكرية في المنطقة، التي قيل إنها تعمل على حماية المصالح الإماراتية في البحر الأحمر، وهي منطقة استراتيجية تعتبر محورية في النزاعات الإقليمية والأمن البحري. هذا الاتفاق أثار الكثير من الجدل في أرض الصومال، حيث اعتبره البعض تضحية بالسيادة الوطنية لصالح مصالح دول أخرى.
مستقبل أرض الصومال في ظل فوز سيرو
ويتوقع المراقبون أن يشهد المستقبل القريب تغيرات جذرية في السياسة الخارجية لأرض الصومال، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إثيوبيا والإمارات. سيكون من المهم أيضًا مراقبة ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستسعى لتعزيز الجهود للحصول على اعتراف دولي، وهو أمر ظل هدفًا ثابتًا لحكومة أرض الصومال منذ سنوات. علاوة على ذلك، سيتم اختبار قدرة سيرو على الوفاء بتعهداته في مكافحة الفساد وتعزيز الحكم الرشيد، وهو ما يعد اختبارًا حقيقيًا له في المرحلة المقبلة.