كتب احمد الايوبي في" نداء الوطن": يستند أصحاب الدعوة لاحتواء «التيار الوطني» إلى اعتبار أنّ السياسة عبارة عن متغيِّراتٍ تفرض نفسها على الأحزاب والقوى السياسية، وأنّ الامتعاض الداخلي في «التيار» من التحالف مع «حزب الله» عمره ما لا يقلّ عن عامين وهو ما يدركه «الحزب» وظهر أكثر من مرة في خطاب أمينه العام عندما توجّه مباشرة إلى قيادات التيار وجمهوره عند المفاصل الخلافية الحساسة وبعد احتدام الحروب الإلكترونية بين جمهوري الطرفين وعزّزه في الساعات الأخيرة الوزير السابق بيار رفول الذي أعلن الطلاق رسمياً مع الحزب.

يقف المراقبون عند أربعة عوامل إضافيّة في تقييم الموقف: ـ الأول: أنّه مهما جرى التقليل من شأن باسيل فإنّه إذا عاد واتفق الآن مع «حزب الله» فإنّه يُحدِث أزمة في التوازنات السياسية الحالية الهشّة، خاصة أنّ لديه كتلة نيابية وازنة ومؤثِّرة. ـ الثاني: أنّ الشخصية الاستثنائية لميشال عون انتهت (سياسياً) وانتهى معه الشخص الذي يستطيع أن يأخذ المسيحيين إلى خيار «حزب الله» كما حصل في لحظة توقيع وثيقة التفاهم مع «الحزب» لأنّه بعد التجربة الرئاسية التي يتّهم نواب «التيار البرتقالي» الثنائي الشيعي بإفشالها، وخروج الرجل من الحياة السياسية، لم يعد قادراً على التأثير لا في الجمهور المسيحي الواسع ولا في القرار، لا سيّما مع التقدّم العميق الذي تحرزه «القوات اللبنانية» في الشارع المسيحي مع احتفاظها بخطابٍ وطني متوازن. ويدرك باسيل أنّه غير قادر على الاستمرار في التحالف مع «الحزب» لكلّ هذه الاعتبارات. ـ العامل الثالث: إنّ «حزب الله» يتعرّض لعوامل ضعف كثيرة، وخاصة في ظل الاستنزاف العسكري الحاصل في الجنوب وعجزه عن فرض قراراته بالقوة، وهذا تعزّز بعد المصالحة السعودية الإيرانية ومع التحوّلات التي تشهدها المنطقة في ظلّ العدوان الإسرائيلي على غزة. ـ العامل الرابع: هو ما بدأ بالانكشاف عن حقيقة التغييرات التي يُقال إنّ «حزب الله» يريدها في تركيبة الدولة، وأهمّها إلغاء قيادة الجيش واستبدالها بهيئة أركان يتحكّم بها عملياً وتشريع وجوده بتأسيس «وحدة الصواريخ» في الجيش بإدارة «الحزب» وتنتشر على الحدود، فهل يقبل «التيار الحرّ» إزالة قيادة الجيش بعد أن بدأ التطبيع في حاكمية مصرف لبنان بإزاحة المسيحيين عن رئاستها؟ وهل يستطيع «التيار» التأقلم مع مشروعٍ يتجاوز المثالثة مهما بلغت إغراءات الاستمرار في تغطيته سياسياً؟

لطالما كان ميشال عون حالة جدلية وبات باسيل أكثر جدلية واستفزازاً، لكن، ثمّة حلّ وسط توجِبُه الضروراتُ السياسية وهو ما يحصل حتى اليوم، أي الاستمرار في التقاطع على الجوامع المشتركة.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله

زوجة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وابنة عمه وأقرب أزواجه إليه نسبا وأكثرهن مهرا وأبعدهن عنه حين خطبها، ومن أوائل من أسلم في مكة. هاجرت إلى الحبشة وتوفي زوجها هناك، فأرسل النبي لملك الحبشة النجاشي يريد الزواج منها، فزوّجها منه وجهزها وأعطاها مهرا ثم أرسلها للمدينة.

المولد والنشأة

ولدت رملة بنت صخر المكنى بأبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، قبل بعثة الرسول بـ17 عاما، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، الزوجة الأولى لأبي سفيان، وأخوها من أبيها معاوية كاتب وحي رسول الله، وعتبة والي عمر بن الخطاب على الطائف.

عمتها هي أروى بنت حرب (أم جميل) زوجة عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب)، وفيهما نزلت سورة المسد في القرآن الكريم تنذرهما بالنار. وعمها ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وكنيّت أم حبيبة نسبة لابنتها من زوجها الأول عبيد الله بن جحش الأسدي، وتزوج ابنتها حبيبة داود بن عروة بن مسعود الثقفي.

وعرفت أم المؤمنين (أم حبيبة) رضي الله عنها بذكائها ودهائها وفطنتها وحصافتها وسداد رأيها.

صورة بالذكاء الاصطناعي تحاكي أرض الحبشة زمن الهجرة (الجزيرة-ميدجورني) زواجها

تزوجت رملة بنت أبي سفيان من عبيد الله بن جحش الأسدي، وأسلمت معه مبكرا في بدايات الدعوة المكية، وهاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية.

وحلمت بزوجها حلما سيئا ظهر فيه "بأسوأ صورة"، فلما أصبحت جاءها يقول "يا أم حبيبة، إني نظرت في الدين قبل إسلامي، فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم أسلمتُ ودخلتُ في دين محمد، ولكني الآن أرجع إلى النصرانية"، ففزعت مما قال ونهرته، وأخبرته بما رأت، لكنه بقي على شركه، فتركته حتى مات على النصرانية.

إعلان

وتقول أم حبيبة إنها حزنت مما آل إليه زوجها، حتى حلمت بشخص يناديها "أم المؤمنين"، فأوّلتها بزواجها من ابن عمها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.

وفور انتهاء عدتها، جاءتها جارية أرسلها النجاشي لتخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه ليزوجها له، ففرحت أم حبيبة وقالت "بشّرك الله بخير"، فردت عليها الجارية "يقول لك الملك وكّلي من يزوّجك"، فأرسلت إلى خالد بن سعيد العاص فوكّلته، وأعطت الجارية ما عندها من حليّ وجواهر مكافأة لها على ما بشّرتها به.

وأمر النجاشي بعدها بحضور جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين، وخطب فيهم، ثم قال "إن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبته إلى ما دعا إليه، وقد أصدقتها 400 دينار".

ثم سكب النجاشي الدنانير بين يدي قومها، فتكلم خالد بن سعيد وقال بعدما خطب "فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوّجته أم حبيبة ابنة أبي سفيان، فبارك الله لرسوله"، ثم قام ودفع لأم حبيبة مهرها، ولمّا هموا بالانصراف قال النجاشي "اجلسوا؛ فإنّ سنّة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على الزواج".

وبعد انقضاء الجمع نادت أم حبيبة بالجارية التي بشرتها، فلما جاءتها أعطتها 50 درهما جزاء نقلها للبشرى، لكن الجارية رفضت، وأعادت لها المال وكل ما أعطته إياها سابقا، وقالت إن الملك أمرها ألا تأخذ شيئا منها، وطلبت من أم المؤمنين أن تنقل لرسول الله سلامها وتخبره بإسلامها.

وأُرسلت أم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة عام 7 للهجرة، وعمرها 36 عاما، ومع عمرو بن أمية الضمري مبعوث رسول الله إلى النجاشي، ويقول بعض المفسرين إن زواجها هذا من نبي الله هو سبب نزول قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (سورة الممتحنة-7).

فرح خالها عثمان بن عفان بقدومها المدينة زوجة لرسول الله فأقام لها وليمة كبيرة، طعم منها الناس في أجواء فرح عامرة، خاصة وأن ذلك صادف زمنا قريبا من فتح خيبر.

إعلان

صلح الحديبية

تضمن صلح الحديبية -الذي وقّع في السنة السادسة للهجرة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش- بندا يمنح القبائل حرية الانضمام إلى أحد الطرفين والتحالف معه، فاختارت قبيلة خزاعة التحالف مع النبي، بينما انضمت بنو بكر إلى قريش، وهما قبيلتان كانت بينهما عداوة قديمة.

استغل بنو بكر الفرصة لمهاجمة خزاعة وأخذ ثأر قديم، فهجموا عليها ليلا وقتلوا عددا من رجالها، وقدمت قريش الدعم سرا لبني بكر بالسلاح والرجال، وكان ذلك خرقا واضحا لشروط الصلح مع النبي.

وبناء على ذلك أمر النبي المسلمين بالاستعداد للتحرك نحو مكة نصرة لحلفائهم، وأوصى بأن يحاط الأمر بالكتمان حتى لا تتهيأ قريش لمواجهة جيش المسلمين.

وعندما أدركت قريش خطورة الموقف، سارع زعيمها أبو سفيان إلى المدينة المنورة في محاولة للصلح وتمديد الهدنة مع المسلمين، لكن كان الأوان قد فات، وعزم النبي على المسير إلى مكة وأصدر أمره بالتجهيز للحملة، فذهب أبو سفيان لمنزل ابنته خلسة، ليعرض عليها مطلب قريش لعلها تتوسط له عند رسول الله.

تفاجأت أم حبيبة بأبيها في منزلها، وكان لم يرها منذ هجرتها إلى الحبشة، ولمّا همّ ليجلس على فراش النبي، اختطفته من تحته وطوته، فسألها مستفهما "يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟" قالت "بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك"، فقال "يا بنية، لقد أصابك بعدي شر" وانصرف.

الوفاة

عندما شعرت بقرب أجلها، دعت أم حبيبة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وقالت لها "قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك"، فأجابتها عائشة "غفر الله لك ذلك كله وحللك منه" فردت عليها "سررتني سرك الله"، ثم أرسلت إلى أم سلمة وفعلت معها الأمر ذاته.

توفيت أم حبيبة سنة 44 للهجرة زمن خلافة أخيها معاوية، كما يذكر الواقدي وأبو عبيد والفسوي، وقيل سنة 42 للهجرة كما يورد المفضل الغلابي، وتفرّد أحمد بن زهير فقال توفيت قبل معاوية بسنة أي عام 59 للهجرة.

إعلان

وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 65 حديثا، صحح البخاري منهما حديثين ومسلم مثلهما، وحدث عنها أخواها معاوية وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة، والصحابي عروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بن شيبة وينبت بنت أبي سلمة، وغيرهم.

مقالات مشابهة

  • هل يعود حزب الله من رماد البيجر؟
  • أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله
  • أزمة مالية في الأفق لدى حزب الله... وملف الإعمار هو الأثقل
  • مطالبات بمحاكمة مغنٍ تونسي قاتل في صفوف الجيش الإسرائيلي
  • أحزاب المعارضة : الليونة ضرورية مع الحزب
  • بين باسيل وسلام : معارضة ولا قطيعة سياسية
  • السامرائي يؤكد أهمية عودة التيار الصدري للعملية السياسية ويشيد بعمل السوداني
  • قضاء ناميبيا يحسم الجدل ويرفض طعن المعارضة بنتائج الانتخابات
  • إيران تحسم الخيار.. هل بقيَ حزب الله قائد وحدة الساحات؟
  • يحيى عطية الله يسابق الزمن للعودة وتدعيم صفوف الأهلي