سنن يوم الجمعة.. وفضل قراءة سورة الكهف في أفضل أيام الله
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
تعتبر سنن يوم الجمعة واتباعها والحرص عليها فضلها كبير، ووردت بعض السنن التي ينبغي على كل مسلم اتباعها في يوم الجمعة منها على سبيل المثال الغسل، والطيب، والسواك، ولبس الثياب الجميل، وقراءة سورة الكهف، والتبكير لصلاة الجمعة، والإكثار من الصلاة على النبي ﷺ الأمر الذي يحقق الأجر العظيم من الله تعالى، ويوم الجمعة هو يوم الجمع والاجتماع والصلاة الجماعية في المسجد، بالإضافة إلى ذلك، ويوم الجمعة يحتوي على عدد من السنن المستحبة التي ينصح بها النبي صلى الله عليه وسلم، ويحث عليها ومنها.
1- الغسل: يستحب للمسلمين الاغتسال قبل صلاة الجمعة، وهذا يعني تطهير الجسم وتنظيفه من الأوساخ والشوائب.
2- اللباس: يجب على المسلمين ارتداء الثياب النظيفة والملائمة للصلاة، ويحرص الكثيرون على ارتداء الثياب البيضاء في هذا اليوم.
3- الوصول مبكرًا: يستحب للمؤمنين الوصول إلى المسجد مبكرًا لأداء صلاة الجمعة، والحرص على الاستعداد للصلاة والتأهب لها.
4- الاستماع إلى الخطبة: يجب على المؤمنين الاستماع إلى خطبة الجمعة، وهذا يعني الاستماع بتمعن وانصات لما يقوله الخطيب.
5- الدعاء: يستحب للمسلمين الدعاء بعد صلاة الجمعة، والدعاء بالمغفرة والرحمة والتوفيق والسعادة والاستقامة.
6- قراءة سورة الكهف: يستحب للمؤمنين قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، والقراءة بالتدبر والفهم والتأمل في معانيها.
7- الصدقة: يستحب للمؤمنين إعطاء الصدقة في يوم الجمعة، والإنفاق على الفقراء والمساكين والمحتاجين.
سنن يوم الجمعة للرجال
سنن يوم الجمعة للرجال يبحث عنها الكثير عبر محرك البحث جوجل حيث يحتوي يوم الجمعة على العديد من السنن المستحبة للرجال ومن بعض السنن المستحبة للرجال التي تتعلق بيوم الجمعة الاستيقاظ مبكرًا والاستعداد للذهاب إلى المسجد، والذهاب إلى المسجد مبكرًا، والاحتفاظ بمكان جيد في المسجد حيث يرى الإمام والخطيب من خلاله، كما أن من سنن يوم الجمعة للرجال الاستحمام والغسل قبل الخروج لصلاة الجمعة.
ومن سنن يوم الجمعة للرجال أن يرتدي المسلم أفضل اللباس والأنظف، وينصح بالتطيب واستعمال العطور يوم الجمعة، خاصةً إذا كان المسجد يحضره فيه الكثير من الناس، والحضور إلى المسجد مبكرًا وأداء ركعتين تحية المسجد، والاستماع إلى خطبة الجمعة بتأني وترك التحدث واللعب أثناءها.
ويستحب أيضا قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين والدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه".
سورة الكهف يوم الجمعةسورة الكهف يعتبر قراءتها يوم الجمعة من السنن المستحبة وتُعد قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من الأعمال الصالحة التي ينال بها المسلم الثواب ومن فوائد قراءة سورة الكهف يوم الجمعة الحفظ من الفتن والاستعداد للآخرة والإيمان باليوم الآخر والقدر خيره وشره.
وتحتوي سورة الكهف على قصة الشباب الذين هربوا إلى الكهف من الفتنة التي كانت تحيط بهم، وبذلك فإن قراءة هذه السورة تحفظ المسلمين من الفتن والملاحقات الدنيوية وتحتوي السورة على عدد من القصص التي تعزز الإيمان بالله، وتذكر المسلمين بأهمية التوكل على الله وتفويض الأمور إليه، وفي سورة الكهف يحكي القرآن الكريم قصة الرجل الذي أعطي الله إيمانًا وثروة وأنعم عليه بالكثير من الخيرات، ولكنه نسي أن يشكر الله عليها، ولذلك فإن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تذكر المسلمين بأهمية شكر الله على نعمه وعدم الاستهتار بها.
وتذكر تذكر السورة كل مسلم بأهمية الاستعداد للحياة الآخرة، وبأن الدنيا ليست سوى محطة عابرة في حياة المؤمنين، ويتحدث القرآن الكريم في سورة الكهف عن الرزق الذي يمنحه الله للمؤمنين، وعن أهمية التوكل على الله في تأمين الرزق والسعادة في الدنيا والآخرة.
وأكد عدد من العلماء أيضا أهمية قراءة سورة الكهف حيث أن من فضلها وثوابها ورد فيه الكثير من الأحاديث النبوية، وإن لم يستطيع المسلم قرائتها يحرص على الأقل على قراءة أو حفظ أول 10 آيات من سورة الكهف وترديدها قال تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴿11﴾ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴿12﴾
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْنَاهُمْ هُدًى﴿13﴾وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلٰهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴿14﴾هٰؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴿15﴾
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴿16﴾وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وورد أحاديث نبوية كثيرة عن فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها عن أبي سعيد الخُدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَنْ قرأَ سورةَ الكهفِ كما أُنْزِلَتْ كانَتْ لهُ نُورًا يومَ القيامةِ، من مَقَامِهِ إلى مكةَ، ومَنْ قرأَ عشرَ آياتٍ من آخِرِها ثُمَّ خرجَ الدَّجَّالُ لمْ يَضُرَّهُ)
ورد حديث شريف عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» رواه البخاري.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سنن يوم الجمعة يوم الجمعة الجمعة السنن الصلاة قراءة سورة الکهف یوم الجمعة السنن المستحبة صلى الله علیه فی یوم الجمعة إلى المسجد ال ک ه ف مبکر ا
إقرأ أيضاً:
الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
#سواليف
أنا السجّان الذي عذّبك
#الشيخ_كمال_الخطيب
✍️إنه #الحبيب_محمد ﷺ صاحب الخلق العظيم {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} آية 4 سورة القلم، وهو الذي بعثه ربه سبحانه ليتمم مكارم الأخلاق “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. ولأنه كذلك ﷺ فإنه أحب أن يكون المسلمون على نهجه وعلى خلقه ﷺ {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} آية 21 سورة الأحزاب. لقد أحب الخير ودعا الناس إليه، وكره الشرّ ونهى الناس عنه، حتى أنه صنّف الناس إلى صنفين اثنين لمّا قال: “إن من #الناس #مفاتيح_للخير #مغاليق_للشر، وإن من الناس مفاتيح للشرّ مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشرّ على يديه”.
✍️نعم، إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرّ، فتجد أحدهم مثل الطيب والمسك لا تسمع منه ولا ترى منه إلا كل خير، ولا يكون منه إلا ما يسرّك، هيّن ليّن سهل متسامح يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. إذا حدّثك اطمئن قلبك إليه، يشعر بشعور الآخرين، يتحدث عن الأمل والتفاؤل، يتنازل عن مصلحته الشخصية من أجل الصالح العام، إذا دُعي إلى فضيلة لبّى واستجاب، وإذا دُعي إلى رذيلة كأن في أذنيه صممًا.
✍️وبالمقابل، فإن من الناس مفاتيح للشرّ مغاليق للخير، فتجد أحدهم مثل نافخ الكير تتأذى منه كلما اقتربت منه، فظّ غليظ، فاحش في القول، يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، إذا حدّثك عرفته في لحن القول {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} آية 30 سورة محمد. فلا تطمئن لكلامه، وعندما تشعر بالريبة في كل ما يقول لا يهمّه إلا نفسه، شعاره في الحياة “أنا وليذهب غيري إلى الجحيم”، تجده دائمًا محبطًا سوداويًا متشائمًا، إذا دُعي إلى فضيلة تجاهل وتغافل، وإذا دُعي إلى رذيلة كان سبّاقًا إليها.
✍️إن الذين هم مفاتيح الخير مغاليق الشرّ يكون أحدهم كالعافية والبلسم لجراح الناس وآلامهم، إذا تكلّم نفع ورشد، وإذا طُلب منه النصيحة أخلص فيها وصدق. سبّاق لعمل الخير بما يرضي الله تعالى، هو مفتاح خير وسفير هداية، مغلاق شرّ، صمام أمان لأهله ومجتمعه، جنّد نفسه في حزب الرحمن لنشر الخير والفضيلة، فجعل نفسه مفتاحًا للخير مغلاقًا للشرّ.
✍️وأما الذين هم مفاتيح الشرّ مغاليق الخير، يكون أحدهم كالداء والعلة، هو محضر سوء حيثما كان، إذا اجتمع بجلسائه شغلهم بما يضرهم ولا ينفعهم، يشقيهم بالقيل والقال، سيء المعاملة، إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها، إذا قيل له اتق الله أخذته العزّة بالإثم، جعل نفسه جنديًا في حزب الشيطان لنشر الفتن والفساد والرذيلة، فجعل نفسه مفتاحًا للشرّ مغلاقًا للخير.
????المسامح بطل
✍️وإن من أعظم الأخلاق التي إن وُجدت في شخص، فإنها تضعه في خانة مفاتيح الخير ومغاليق الشرّ، إنه خُلق العفو عن الناس والتسامح معهم. فالعفو هو أن تصفح عمن أخطأ بحقك وأساء إليك مع قدرتك أن ترد بالمثل، ولكن ولأنك مفتاح للخير، فإنك تعفو وتصفح وهذا يرفع قدرك بين الناس ويعوضك الأجر في الآخرة ربّ الناس سبحانه. يقول النبي ﷺ: “ينادي منادٍ يوم القيامة، ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، قال: ومن الذي أجره على الله؟ قال: العافون عن الناس”.
إنه مفتاح الخير محمد ﷺ يعلمنا خلق العفو بقوله: “صل من قطعك، واعف عمّن ظلمك، وأحسن إلى من أساء إليك”.
✍️فإذا كنت تريد أن تكون من هؤلاء الذين أجرهم على الله، فاعف واصفح عمن أساء إليك أو أخطأ بحقك أو قصّر معك، ألم يقل الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} آية 40 سورة الشورى.
سامح صديقك إن زلّت به قدم فليس يسلم إنسان من الزلل
✍️فأن تصبر على من أخطأ بحقك، وأن تعفو عمّن ظلمك، وأن تعطي من حرمك، وأن تصل من قطعك، هذه أخلاق الرجال الأبطال مفاتيح الخير، وهي التي توصل أصحابها إلى أعلى الدرجات يوم القيامة.
✍️ إن الناس الطيبين هم مفاتيح الخير والعملة الذهبية الأصيلة وليست المزيفة، هم الذين إذا أسيء إليهم فيتوعّدون بالانتقام، ولكنهم سرعان ما تخبو ثورة غضبهم فيعودون إلى أصالتهم، فعندما تأتيهم فرصة الانتقام ممن أساء وتطاول عليهم، تصرخ في ضمائرهم وفي قلوبهم نزعة الخير تنادي {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} آية 40 سورة الشورى. وأي تسامح أعظم من تسامح الخالق عز وجل عندما يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} آية 22 سورة النور.
✍️ إن مفاتيح الشرّ مغاليق الخير من الناس، هم الذين في أقوالهم وأفعالهم وحديّتهم بين الناس يشيعون أن العفو والتسامح هو سلوك الضعفاء والجبناء، ويزرعون هذا في سلوك أبنائهم ومن حولهم، ويتجاهل هؤلاء سلوك وهدي أشجع الرجال سيّدهم محمد ﷺ يوم فتح مكة وقد أصبح رجالات قريش الذين ظلموه وأساءوا إليه وشتموه وطعنوا في عرضه وسلبوا ماله وهجّروه من بيته، وكان بإمكانه أن يُعمل السيف في رؤوسهم، لكن ولأنه كان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشرّ فما كان منه إلا أن قال: “يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء”.
✍️ يروى أن أعرابيًا جيء به إلى السلطان يحاكمه على تهمة اتهم بها، فدخل على مجلس القضاء وهو يقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} آية 19 سورة الحاقة. فقيل له: إن هذا سيقال يوم القيامة وليس في الدنيا، فقال: والله إن هذا اليوم شرّ من يوم القيامة، ففي يوم القيامة يؤتى بحسناتي وسيئاتي وأنتم اليوم جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي.
✍️ نعم، ما أجمل وأعدل أن لا ترى في الآخرة أنه كومة من الشرّ والسلبيات، وأنه رغم ما فيه من سلبيات وسيئات، لكن لعلّ فيه حسنات وفضائل تُذكر بها. وما أجمل أن يكون هذا منطق وروح التعامل مع ابنك ومع زوجتك ومع جارك ومع الناس أجمعين، فإن كان منهم ما يسيء، فتذكر أن فيهم كثيرًا مما يفرحك. وما أجمل ما قاله في ذلك الإمام الشافعي:
سامح أخاك إذا خلط منه الإصابة والغلط
وتجاف عن تعنيفه إن زاغ يومًا أو قسط
واعلم بأنك إن طلبت مهذبًا رمت الشطط
من الذي ما ساء قطّ ومن له الحسنى فقط
✍️وما أجمل ما ورد في قصة المسيح عليه السلام مع تلاميذه يوم مرّ على كلب أسود مّيت على جانب الطريق، فقال أحدهم: ما أنتن ريحه. وقال آخر: ما أطول مخالبه. وقال ثالث: ما أشد سواد شعره. فقال لهم عيسى عليه السلام: وما أشدّ بياض أسنانه”. أي أنه بجانب ما تأذيتم به منه فإن فيه ما يُمدح.
✍️قال ابن القيم رحمه الله: “يا ابن آدم إن بينك وبين الله خطايا وذنوبًا لا يعلمها إلا هو، وإنك تحب أن يغفرها الله لك، فإذا أردت أن يغفرها الله لك، فاغفر أنت لعباده، وإذا أحببت أن يعفوها عنك فاعف أنت عن عباده”.
???? النبيل ليس ذليلًا
✍️ما أعظمه خلق العفو والتسامح الذي أحب الله سبحانه من يتخلّق به لأنه صفة من صفاته، فهو “العفو” جلّ جلاله، وهو “الغفور” سبحانه، وهو الذي يتخلّق به عباده. إنه أفضل دعاء في أفضل ليلة هي ليلة القدر، وقد قالت أمنا عائشة رضي الله عنها لرسول الله ﷺ: “يا رسول الله أرأيت إن أدركتني ليلة القدر ما أقول؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”. وقد ورد في صحف إبراهيم أن الله سبحانه يقول: “يا ابن آدم وعزّتي وجلالي لا بد لك من الورود إليّ والوقوف بين يدي، أعدد لك أعمالك وأحسن لك أقوالك، حتى إذا أيقنت بالبوار وظننت أنك من أصحاب النار قلت لك: لا تحزن يا عبدي فلأجلك أسميت نفسي العزيز الغفار”.
✍️ نعم، إن التسامح وإن العفو هو من سلوك وشيم أصحاب النفوس الكبيرة والعالية، بينما الحقد والانتقام هو من شيم أصحاب النفوس الدنيئة التي تتمتع بعيش الوحل والطين والأحقاد، حيث الانشغال بالأمور التافهة وتضييع الأوقات وهدر الطاقات على سفاسف الأشياء، بينما التسامح يفتح أبواب الراحة والطمأنينة وسكينة النفس، كما قال الإمام الشافعي:
لما عفوت لم أحقد على أحد أرحت نفسي من همّ العداوات
وقال أحدهم: “لا ينبل الرجل، أي لا يكون نبيلًا حتى يكون فيه خصلتان: الغنى عمّا في أيدي الناس، والتجاوز عمّا يكون منهم”.
✍️ إن أصحاب النفوس الكبيرة المشغولة بقضايا شعبها وأمتها ودينها، والمشغولة بهمّ الآخرة ودخول الجنة والنجاة من النار، لا يسمحون لأنفسهم أن يجرّهم إلى مستنقع الوحل والطين والأحقاد والعداوات أحد من الخلق، ولا يقع في فخ الأعداء ومخططاتهم باسم العائلية وغيرها من العصبيات. ولذلك فإن ديدنهم هو التسامح وعدم الوقوف عند انشغالات الصغار الذين لا يرون من الدنيا إلا أنفسهم، ولا ينظرون إلا إلى موطن أقدامهم، فهناك يبدأ التاريخ وهناك يتوقف.
✍️كان مما اشتُهر عن شيخ الإسلام ابن تيمية وقد كان له خصوم حسّاد، فكان يقول: “من ضاق صدره عن مودتي وقصّرت يده في معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شأنه، وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي، فلا كدّر الله له صفو أوقاته ولا أراه مكروهًا في حياته”.
✍️ وقبل شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه العظيم أحمد بن حنبل رحمه الله ورضي الله عنه، فيروى أنه كان في مرض الموت فسمع رجلًا مسنًا على باب بيته يبكي كما تبكي النساء، فلمّا دخل على الإمام أحمد زاد من بكائه وقال: كنت أنا السجّان الذي عذّبك لمّا كنت في السجن في فتنة خلق القرآن، وإني أتيتك الآن راجيًا أن تسامحني وتعفو عني. فما كان من الإمام أحمد إلا أن بكى لبكائه ودعى الله أن يغفر له وإن كان مرّ على ذلك سنون طوال. فسأله ابنه كيف تستغفر له يا أبتي وهو الذي عذّبك وأهانك وآذاك؟ فقال الإمام أحمد: ماذا ينفعك يا بني أن يُعذَّب أخوك بسببك؟ ألا تعلم قول الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} آية 40 سورة الشورى. ألا تعلم يا بني أنه إذا كان يوم القيامة وجثت الأمم بين يديّ رب العالمين نودوا ليقم من كان أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا وإني لأرجو الله أن أكون واحدًا منهم.
✍️ هل هناك عطاء أعظم من عطاء الله لأصحاب خلق العفو والتسامح لما جعل جزاءهم ليس إلا جنّة عرضها السماوات والأرض، كما قال سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آية 133- 134 سورة آل عمران.
✍️فكن ممن أجره على الله، وكن من العافين عن الناس، وكن من رهط محمد ﷺ {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} آية 29 سورة الفتح. وكن مفتاحًا للخير مغلاقًا للشرّ.
كن مسلمًا وكفاك بين الناس فخرًا.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.