حكم ملالي إيران يتآكل من الداخل.. وانتخابات تختبر الشرعية
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
سلط تقرير لمجلة "الإيكونوميست" الضوء على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في إيران، الجمعة، وكيف يمكن أن تكون مؤشرا على "بداية النهاية" لنظام حكم رجال الدين في البلاد.
التقرير الذي حمل عنوان "بينما تخيف إيران الشرق الأوسط، يتآكل نظامها من الداخل"، يصف الانتخابات بأنها "صورية" وتظهر أن رجال الدين الحاكمين منذ أكثر من أربعة عقود فقدوا أي دعم شعبي.
ويقارن التقرير بين الأوضاع الحالية وتلك التي سبقت اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979 وأسقطت نظام حكم الشاه.
يقول التقرير إن نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في عهد الشاه في عام 1975 كانت بمثابة انتصار بالنسبة للرجل بعد فوز حزبه بجميع مقاعد البرلمان البالغ عددها 268 مقعدا، ومع ذلك عندما اندلعت الثورة في عام 1979 تبخر حزب الشاه.
في الوقت الحالي، يشير التقرير إلى أن انتخابات البرلمان الإيراني ومجلس الخبراء، الذي يختار المرشد الأعلى، تشترك في سمات مماثلة مع انتخابات الشاه.
فخلافا للانتخابات السابقة، عندما كان بوسع المعتدلين والإصلاحيين الترشح، جرى استبعاد الجميع من المشاركة في الانتخابات الحالية باستثناء المتشددين المتحمسين، وهو ما يعني أن الموالين للنظام سيكتسحون صناديق الاقتراع.
يرى التقرير أن إيران التي كانت ذات يوم دولة بنظام حكم هجين بين الديني والديموقراطي تتحول شيئا فشيئا إلى دكتاتورية مطلقة ذات قاعدة شعبية هشه.
ويلفت التقرير إلى أن تعطش رجال الدين لاحتكار السلطة أدى لإفراغ الدولة من مضمونها بعد أن باتوا يهيمنون على البرلمان، الذي سيتحول لمجرد مكان لتبادل الأحاديث.
وأظهر استطلاع حكومي حديث تم تسريبه إلى الخدمة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية تراجع الدعم الشعبي لحكم رجال الدين.
بحسب الاستطلاع، فقد قفزت نسبة تأييد المؤيدين لفصل الدين عن الدولة من 31 في المئة عام 2015 إلى 73 في المئة اليوم.
وينقل التقرير عن أحد المحللين السياسيين إيران الإيرانيين القول: "نعم، هم (رجال الدين) رائعون عندما تكون الأمور هادئة، لكن لا فائدة منهم في ظل الأزمات"، مضيفا "بدون معارضة حقيقية سيفقدون التواصل مع الناس."
اختبار للشرعيةبالمقابل تقول وكالة رويترز إن الانتخابات في إيران تشكل اختبارا لشعبية المؤسسة الدينية، في وقت تتصاعد فيه حدة المعارضة على خلفية مجموعة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وتنقل الوكالة عن منتقدين من داخل النخبة الحاكمة وخارجها، بما في ذلك سياسيون وبرلمانيون سابقون، القول إن شرعية النظام الديني في إيران قد تكون على المحك بسبب الأزمات الاقتصادية وغياب الخيارات الانتخابية لسكان يشكل الشباب قوامهم الأكبر ويشعرون بالغضب من القيود السياسية والاجتماعية.
ويقول العديد من المحللين إن الملايين فقدوا الأمل في أن يتمكن رجال الدين الذين يحكمون البلاد من حل الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات الأميركية إلى جانب سوء الإدارة والفساد.
وبينما من المرجح أن يصوت أنصار المؤسسة لصالح المرشحين المحافظين، فإن الغضب الشعبي واسع النطاق بسبب تدهور مستويات المعيشة وتفشي الفساد قد يدفع الكثير من الإيرانيين إلى عدم التصويت والبقاء في بيوتهم.
وسيكون التصويت أول اختبار رسمي منذ أن تحولت احتجاجات مناهضة للحكومة في 2022 و2023 إلى موجة من أشرس الاضطرابات السياسية في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
الإصلاحيون يتجنبون تصويتا لا طائل من ورائهويعمل نشطاء إيرانيون وجماعات معارضة على نشر وسم يدعو على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعدم التصويت، إذ أنهم يرون أن ارتفاع نسبة المشاركة سيضفي شرعية على النظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية.
ومع غياب المعتدلين والمحافظين الذين يتمتعون بوزن ثقيل عن الانتخابات المقررة غدا وفي ظل اعتبار الإصلاحيين لها أنها "انتخابات غير حرة وغير نزيهة"، فإن التصويت سيضع غلاة المتشددين في مواجهة سياسيين محافظين لا يتمتعون بالثقل ينتمون للتيار نفسه، وكلهم يدينون على أي حال بالولاء لمُثل الثورة الإسلامية.
وقالت وزارة الداخلية إن 15200 مرشح سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدا، بعد موافقة مجلس صيانة الدستور على 75 بالمئة من المرشحين الذين كانوا مسجلين في البداية.
ويتمتع مجلس صيانة الدستور غير المنتخب، والذي يتكون من ستة من رجال الدين وستة خبراء قانونيين من الدائرة المقربة من خامنئي، بسلطة التدقيق في القوانين والمرشحين للانتخابات.
وسيتم فرز بطاقات الاقتراع في الغالب يدويا لذا فقد لا يتم إعلان النتيجة النهائية قبل ثلاثة أيام، إلا أنه يمكن أن تتوافر نتائج جزئية قبل ذلك.
ويختار الناخبون غدا أيضا مجلس خبراء القيادة الذي يعين الزعيم الأعلى ويمكنه أيضا عزله. ونادرا ما يتدخل المجلس المكون من 88 عضوا بشكل مباشر في السياسة، لكن من المتوقع أن يساعد في اختيار خليفة الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي البالغ من العمر 84 عاما.
وليس للبرلمان تأثير كبير على السياسة الخارجية أو الأجندة النووية الإيرانية التي يحددها خامنئي الذي يتمتع بالسلطة العليا في النظام المزدوج بشكل فريد والذي يجمع بين الحكم الديني والجمهوري.
وتتوقع استطلاعات رأي أن تكون نسبة المشاركة عند 41 بالمئة تقريبا، إلا أن النائب السابق محمود صادقي تحدث يوم الاثنين عن استطلاعات تتوقع أن تصل نسبة المشاركة إلى 27 بالمئة وهو ما يقل كثيرا عن نسبة 42 بالمئة التي تم تسجيلها في الانتخابات البرلمانية في 2020.
وقفزت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز واللحوم ومنتجات الألبان والأرز بشكل هائل في الأشهر الماضية. ويبلغ معدل التضخم الرسمي نحو 40 بالمئة، فيما تشير تقديرات محللين ومراقبين إلى أن المعدل يتجاوز الخمسين بالمئة.
وأدى الانسحاب الأميركي عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية الكبرى الست وما أعقب هذا من إعادة فرض للعقوبات إلى توجيه ضربة قوية للاقتصاد الإيراني. ولم تسفر الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق عن نتائج.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: رجال الدین فی إیران
إقرأ أيضاً:
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقليمي بالساحل
تواصل وحدات الجيش الجزائري عملياتها العسكرية ضد الجماعات المسلحة المتشددة في مناطق مختلفة من البلاد، إضافة إلى توقيف متعاونين مع جماعات مسلحة، وفق ما تفيد به بيانات وزارة الدفاع من حين لآخر.
ورغم إجراءات المصالحة التي أقرتها الحكومة خلال العقدين الماضيين، تحديدا في عامي 1999 و2005 وسمحت بعودة آلاف المسلحين للحياة المدنية، فإن مكافحة الإرهاب ظلت محورا أساسيا ضمن استراتيجية الأمن الداخلي وعلى الحدود الجنوبية المتاخمة لمنطقة الساحل والصحراء الكبرى التي أصبحت تشكل تحديا أمنيا للجزائر.
وتواصل وحدات الجيش عملياتها الأمنية في مختلف المناطق خصوصا الجنوبية منها، وفي هذا الصدد سلم مسلحان نفسيهما للسلطات العسكرية في برج باجي مختار أقصى الجنوب الجزائري المحاذي لدولة مالي، و"بحوزتهما مسدسين رشاشين من نوع كلاشينكوف وكمية مـن الذخيرة وأغراض أخرى"، وفق حصيلة من 13 إلى 19 نوفمبر الجاري نشرتها وزارة الدفاع الجزائرية.
كما أوقفت وحدات الجيش "ستة عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني"، حسب المصدر نفسه الذي ذكر في وقت سابق أنه تم توقيف 31 متعاونا مع جماعات متشددة خلال الفترة ما بين 25 سبتمبر ومنتصف أكتوبر الماضي.
وتمكنت قوات الجيش الجزائري من "تحييد 30 إرهابيا، وتوقيف 223 عنصر دعم، وكشف وتدمير 10 مخابئ كانت تستعمل من طرف الجماعات الإرهابية"، حسبما أفادت به حصيلة عملياتية أوردتها وزارة الدفاع وتخص النصف الأول من سنة 2024.
وخلال نفس الفترة تم "كشف وتدمير 10 مخابئ كانت تستعمل من طرف الجماعات الإرهابية، مع استرجاع 26 قطعة سلاح ناري و23 قنبلة تقليدية الصنع، بالإضافة إلى كميات من الذخيرة".
وتثار في الجزائر وخارجها مخاوف من تعاظم المخاطر الإرهابية في منطقة الساحل عقب مغادرة القوات الأميركية للنيجر وخروج القوات الفرنسية من مالي، فضلا عن تواجد عناصر مجموعة "فاغنر الروسية" التي تعمل على دعم الحكومات العسكرية في بعض دول المنطقة، كما هو الشأن في مالي.
وكان تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2024 ذكر أن حوادث الاختطاف في منطقة الساحل، ارتفعت من 78 في عام 2017 إلى أكثر من 1000 في عام 2023، كما شهدت المنطقة سقوط نصف الوفيات الناتجة عن أعمال إرهابية في العالم، و26 بالمائة من الهجمات.
تهديدات كامنة
وتعليقا على التهديدات التي قد تشكلها هذه الجماعات، يرى خبير الشؤون الأمنية، حسام حمزة، أنها تحولت إلى "كيانات كامنة يمكن أن تشكل تهديدا في أي وقت"، وأن الجيش الجزائري "استطاع الحد بشكل كبير من قدراتها، لدرجة أنها فقدت إمكانيات القيام بأي عمل يمكن أن يهدد الأمن والاستقرار"، إلا أن هذا، وفق المتحدث، "لا ينفي إمكانية توظيفها بشكل أو بآخر من طرف قوى أو تنظيمات معادية".
ويشير الخبير حسام حمزة في حديثه لـ"الحرة" إلى أن تعامل الجيش الجزائري مع بقايا الجماعات المتشددة يفسر توجسه من المخاطر المحتملة والمستقبلية لها على الأمن في الداخل والحدود".
وفي رده على سؤال حول خطر الجماعات الناشطة في الساحل، يؤكد المتحدث أن "المخاوف الجزائرية تكمن في كونها ذات طبيعة عابرة للحدود وقابلة لأن تؤدي دورا وظيفيا يهدد أمن المنطقة برمتها، وهذا ما يجعل التعامل معها حساس جدا".
تنظيمات إرهابية
وأحصى حلف الناتو في تقرير له، بالتعاون مع المركز الإفريقي للبحوث حول الإرهاب، عدة تنظيمات إرهابية متشددة تنشط في منطقة الساحل والصحراء وعلى رأسها "نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وجماعة بوكو حرام في تشاد، وولاية غرب أفريقيا"، بعضها بايع تنظم القاعدة الإرهابي، والبعض الآخر موالي لتنظيم داعش الإرهابي.
ويرى الخبير الأمني، عمر بن قانة، أن التهديدات في منطقة الساحل والصحراء الكبرى "تظل قائمة وتهدد مصالح واستقرار المنطقة برمتها"، لكن "من الصعب عليها التموقع خارج نطاقها التقليدي أو مناطق النزاعات لأنها تفتقد في الظروف الحالية لقوة الاختراق".
ويؤكد بن قانة لـ"الحرة" أنه على الصعيد الداخلي، فإن "تجربة الجزائر الطويلة في مكافحة الإرهاب، جعلتها تستوعب وتستشرف قدرات هذه المجموعات، التي تلاحقها وتقضي على عناصرها يوما بعد يوم".
كما أشار المتحدث إلى أن هذه المجموعات "فقدت القدرة على تعزيز قدراتها العددية"، كما أنه لم يعد بإمكانها "تأمين حاجياتها اليومية نظرا لليقظة الأمنية"، لكن ذلك "لا ينفي بقاءها كتهديد لا يمكن تجاهله".
المصدر: الحرة