يقدم العقيد المتقاعد هاميش دي بريتون جوردون، القائد السابق للقوات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية في المملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي، نظرة ثاقبة على التداعيات الاستراتيجية لموقف بوتين النووي، ويحث القوى الغربية على مقاومة الترهيب ومتابعة رد منسق على العدوان الروسي في أوكرانيا.
في مقاله بصحيفة التلجراف أكد دي بريتون جوردون، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثار مرة أخرى شبح الصراع النووي، محذرا من أن أي تدخل عسكري غربي في أوكرانيا قد يؤدي إلى انتقام نووي.
وأكد خطاب بوتين، الذي ألقاه أمام الشعب الروسي والمجتمع الدولي، معارضته الصارمة للتدخل الغربي في أوكرانيا، وخاصة ردا على الاقتراحات الأخيرة التي قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن نشر القوات في المنطقة. وشدد الزعيم الروسي على أن مثل هذه التصرفات ستشكل خطا أحمر، مما يؤدي إلى رد فعل نووي كارثي.
وفي حين يؤكد خطاب بوتين على استثمار روسيا في القدرات النووية، بما في ذلك التقنيات المتقدمة مثل صاروخ "الشيطان 2"، فإن الخبراء يحذرون من أخذ تهديداته على محمل الجد.
وعلى الرغم من تهديده وتهديده، فإن تاريخ بوتين في استخدام سياسة حافة الهاوية النووية كأداة استراتيجية يشير إلى أن الصراع النووي الفعلي يظل غير محتمل إلى حد كبير.
ويرى المحللون أن تهديد بوتين باستخدام الأسلحة النووية يخدم في المقام الأول كوسيلة لترهيب القوى الغربية وتعزيز موقف روسيا الاستراتيجي في الصراع الدائر. ومن خلال استغلال الخوف من التصعيد النووي، يسعى بوتين إلى إثناء الدول الغربية عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد العدوان الروسي في أوكرانيا.
ومع ذلك، فقد حث بعض القادة الغربيين، ولا سيما الرئيس الفرنسي ماكرون، على اتباع نهج أكثر دقة، معترفين بإمكانية التدخل العسكري في الظروف القصوى. ويعكس هذا الموقف فهماً عملياً للتعقيدات التي تنطوي عليها معالجة الأزمة في أوكرانيا، ويسلط الضوء على أهمية البصيرة الاستراتيجية في التعامل مع التحديات الجيوسياسية.
مع استمرار تطور الوضع في أوكرانيا، تتزايد المخاوف بشأن إحجام الغرب عن تقديم دعم عسكري كبير للدولة المحاصرة. ويقول المنتقدون إن القوى الغربية، بالامتناع عن نشر قوات أو توريد أسلحة متطورة إلى أوكرانيا، تخاطر بالتنازل عن المبادرة الاستراتيجية لموسكو، مما يسمح لروسيا بمواصلة أهدافها دون عقاب.
وفي خضم المناورات الجيوسياسية، يلوح في الأفق شبح الصراع النووي، وهو بمثابة تذكير قوي بالمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها الأزمة. ورغم أن تهديدات بوتن النووية ربما كان المقصود منها زرع بذور الفتنة وعدم اليقين، فيتعين على زعماء الغرب أن يظلوا صامدين في التزامهم بالدفاع عن الأمن الدولي والتمسك بمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
بعد سماح أمريكا بضرب العمق الروسي.. بوتين يوافق على العقيدة النووية المحدثة|أبرز البنود
أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، مرسومًا بالموافقة على عقيدة نووية محدثة، وذلك في خضم تطورات الأوضاع الخاصة بالحرب الأوكرانية وصدور قرار أمريكي يسمح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى.
وحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، تحدد الصيغة المحدثة لتعديلات العقيدة النووية، أساسيات سياسة روسيا في مجال الردع النووي دفاعية بطبيعتها، كما تهدف للحفاظ على إمكانات القوات النووية عند مستوى كافِ لضمان الردع النووي.
ويشكل الردع النووي أحد ركائز العقيدة العسكرية الروسية، ولكن يبدو أن المراجعة تعمل على توسيع تعريف ما يمكن اعتباره عدوانًا على روسيا، وفقًا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
أبرز تعديلات العقيدة النوويةوتنص الوثيقة على أنه "يتم اتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية من قبل رئيس روسيا، ويجوز للرئيس الروسي، إذا لزم الأمر، إبلاغ القيادة العسكرية والسياسية للدول الأخرى و(أو) المنظمات الدولية حول استعداد روسيا لاستخدام الأسلحة النووية أو حول قرار استخدام الأسلحة النووية، وكذلك حول استخدامها".
كما تضمن الوثيقة حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وردع أي عدو محتمل من العدوان على روسيا الاتحادية و(أو) حلفائها، وفي حالة نشوب نزاع عسكري - منع تصعيد الأعمال العدائية وإنهائها بشروط مقبولة لروسيا و (أو) حلفائها"
وأوضحت وكالة "تاس" الروسية أن التعديلات الجديدة تشمل "توسيع فئة الدول والتحالفات العسكرية التي يتم تنفيذ الردع النووي بشأنها، وإضافة عناصر جديدة بقائمة التهديدات العسكرية التي تتطلب مثل هذه الأعمال لتحييدها".
وحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية، أكدت الوثيقة أن روسيا "تعتبر الأسلحة النووية وسيلة ردع، ويعتبر استخدامها إجراء متطرفا وقسريا، ويبذل كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي ومنع تفاقم العلاقات بين الدول التي يمكن أن تثير صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراعات النووية".
وأضافت أن التعديلات تشمل كذلك إمكانية أن ترد روسيا بأسلحة نووية "في حالة وجود تهديد خطير لسيادتها ولو بأسلحة تقليدية، وفي حالة وقوع هجوم على بيلاروس كعضو في دولة الاتحاد، وفي حالة الإطلاق الهائل للطائرات العسكرية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار وغيرها من الطائرات وعبورها الحدود الروسية".
وأوضحت أن "روسيا تمارس الردع النووي ضد خصم محتمل، وهو ما يعني الدول الفردية والتحالفات العسكرية (الكتل والتحالفات) التي تعتبرها روسيا خصماً محتملاً وتمتلك أسلحة نووية و (أو) أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل أو أسلحة قتالية كبيرة يتم أيضاً تنفيذ إمكانات قوات الردع النووي العامة فيما يتعلق بالدول التي توفر الأراضي والموارد الجوية و (أو) البحري والموارد اللازمة للتحضير العدوان وتنفيذه ضد روسيا الاتحادية".
وأشارت الوثيقة إلى أن "الردع المضمون للعدو المحتمل من العدوان على روسيا و(أو) حلفائه هو من بين أعلى أولويات الدولة، ويتم ضمان ردع العدوان من خلال مجمل القوة العسكرية الروسية، بما في ذلك الأسلحة النووية“.
وبحسب ما جاء في الوثيقة فإن "العدوان على الاتحاد الروسي و(أو) حلفائها من قبل أي دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية يعتبر هجوماً مشتركاً".
ومن المقرر أن تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ من يوم التوقيع عليه، 19 نوفمبر 2024.
تحديث ضروريوقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن تحديث العقيدة النووية الروسية كان أمرًا ضروريًا لجعلها متوافقة مع الوضع السياسي الراهن.
وأضاف بيسكوف أن "استخدام القوات الأوكرانية للصواريخ الغربية غير النووية ضد الاتحاد الروسي بموجب العقيدة الجديدة قد يستلزم رداً نووياً".
ولفت إلى أن الجيش الروسي يراقب الوضع عن كثب قدر الإمكان بعد التقارير التي تحدثت عن نية كييف استخدام صواريخ "أتاكمز" لضرب العمق الروسي.