يمانيون – متابعات
ليس مفاجئاً ولا صادماً ألّا تؤثر حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في علاقة بعض الدول العربية مع إسرائيل وأن تظل في مستوياتها الطبيعية، سواء كانت معلنة باتفاقيات التطبيع أو غير معلنة، بل إن بعض تلك الدول رفعت مستوى علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي أكثر مما كانت عليه، كما لو كانت الحرب على الفلسطينيين حربها هي، ويظهر ذلك في المزايا والامتيازات التي يحصل عليها اليهود في تلك الدول والتي تتفوق على ما يحصل عليه مواطنوها أنفسهم.

الإمارات والسعودية تُعدّان من أبرز الدول العربية التي مم تتأثر علاقاتهما مع إسرائيل بالحرب على غزة، فالإمارات تسعى علناً إلى رفع وتيرة علاقتها بالاحتلال غير عابئة بمشاعر الأمة إزاء القتل الوحشي الإسرائيلي للفلسطينيين، بالإضافة إلى أنها تطوع أدواتها في اليمن- مثلاً- للتخادم مع الاستخبارات الإسرائيلية في إطار المحاولة لوقف هجمات قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وظهر ذلك في تناولات إعلامية متواترة عن لقاءات طارق صالح مع ضباط إسرائيليين في المخا وجيبوتي وأبوظبي، وكما هو معروف بأنه أحد أذرع الإمارات الرئيسة في اليمن.

وكانت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، قالت، في تقرير مطول، إن دولة الإمارات تُعدّ واحدة من أكثر الأماكن أماناً في العالم للإسرائيليين، مشيرةً إلى أن العلاقات التجارية بين الإمارات وإسرائيل تعرّضت لامتحان بسبب الحرب في غزة، لكن وكما يبدو أن الإمارات نجحت في ذلك الامتحان وربما بامتياز، حيث أكدت الصحيفة أن رجال أعمال إسرائيليين غادروا الإمارات خلال الأيام الأولى من الحرب على غزة، معتقدين أنهم في خطر نتيجة القتل والدمار الذي يتعرض له سكان غزة، لكنهم عادوا ووجدوا الأمر طبيعياً كأنه لا علاقة لهم بتلك الحرب، حسبما نقلت الصحيفة عن رجل الأعمال الإسرائيلي رون دانيال، مدير شركة “ليكويتدتي غروب” لإدارة الأرصدة والتكنولوجيا المالية.

مؤخراً قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نير بركات، إن دولاً عربية تدعم إسرائيل بدون أن تعلن ذلك، وأن العلاقات التجارية بين إسرائيل وتلك الدول لم تتأثر بالحرب على غزة، مؤكداً في تصريحات صحافية أدلى بها على هامش المؤتمر الوزاري الـ 13لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي، أنه ليس هناك أي تغيير في العلاقات التجارية، وأن الأمور مستقرة للغاية.

السعودية أيضاً، ورغم أنها لم توقع اتفاقاً علنياً للتطبيع مع إسرائيل، لم تتأثر علاقتها مع الاحتلال بالحرب على غزة، بل إنها تقدم خدمات كبيرة وعلى مستوى من الأهمية لإسرائيل، خصوصاً منذ حظرت القوات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء الملاحة على السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وانعكاس ذلك سلبياً على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تسببت العمليات اليمنية بنقص كبير في السلع والاحتياجات الأساسية التي كانت تصل إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر، وهنا برز الدور السعودي المخيب لآمال الفلسطينيين والشعوب العربية بشكل عام، حيث كشفت بيانات تتبع عالمية مغادرة سفينتين إسرائيليتين عملاقتين ميناء جدة السعودي باتجاه ميناء أسدود الإسرائيلي، في إطار مساهمة المملكة في التخفيف من وطأة الحصار البحري اليمني على الاحتلال.

ووفقاً لبيانات موقع “مارينا ترافك” المتخصص في تتبع سفن الشحن الدولية، التي رصدها موقع “يمن إيكو”، تبيَّن أن سفينتي الشحن MSC Melissa وMSC Ines المملوكتين لإسرائيليين غادرتا موانئ جدة السعودية متجهتين إلى موانئ أشدود الإسرائيلية.

وأظهرت البيانات أن سفينتي الحاويات العملاقتين وصلتا إلى ميناء أسدود، مساء أمس الأربعاء، فيما حاول موقع المارينا ترافك تضليل البيانات، بشأن مغادرة ووصول السفينة إحدى السفينتين.

إبراهيم القانص

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحرب على غزة

إقرأ أيضاً:

فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" تقريرًا يناقش كيف تؤدي الأزمات المالية إلى إصلاحات اقتصادية تُمهّد للتعافي في بعض الدول الناشئة، مشيرًا إلى أن العديد من البلدان النامية اضطرت إلى تبني سياسات تقشف صارمة بعد الجائحة، مما أدى إلى تحسن الأسواق المالية وتقليص العجز فيها.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ظهور علامات التباطؤ في الولايات المتحدة الأمريكية والهند وغيرهما من النجوم الاقتصادية الحديثة جعل الكثيرين يبحثون عن قصص النمو الواعدة القادمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الركود التضخمي في السبعينيات أدى إلى إصلاح السوق الحرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، وألهمت الانهيارات التي شهدتها الدول الناشئة في الثمانينيات والتسعينيات الموجة الكبيرة التالية من التجديد، من البرازيل إلى المكسيك وروسيا وتركيا. واليوم، نجد أيضًا تغييرات مدفوعة بالأزمات نحو الأفضل في جميع أنحاء العالم.

فقد أدت أزمة منطقة اليورو في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى إجراء إصلاحات، بالأخص في إسبانيا واليونان. ومؤخرًا، فرضت صدمات الجائحة عملية تطهير مالي في العديد من الدول الناشئة، بما في ذلك الأرجنتين وجنوب أفريقيا ونيجيريا وسريلانكا؛ حيث يظهر الانتعاش في جميع هذه الدول مع ارتفاع أسواق الأسهم وتحسن ظروف الائتمان.


وأوضحت الصحيفة أن هذه البلدان اضطرت إلى الإصلاح وضبط ميزانيتها لأن مواردها المالية كانت مرهقة للغاية بسبب الجائحة، مما أدى إلى تحقيق أرباح في الميزان الأولي - وهو مقياس رئيسي للعجز الحكومي الذي يركز على الإنفاق فقط - وهي في طريقها الآن لتحقيق فائض أولي للمرة الأولى منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وحسب الصحيفة، فإن كل دولة لها أسلوبها الخاص في ضبط النفس؛ حيث فرضت اليونان تخفيضات في الإنفاق وزيادات ضريبية كبيرة بما يكفي لعكس سجل من التخلف المزمن عن السداد يعود إلى تأسيسها كدولة مستقلة.

أما إسبانيا فقد خفضت مزايا المتقاعدين، وحولتهم لواحدة من أكثر فئات السكان فقرًا في أوروبا، لكنه نهج أدى إلى انخفاض العجز والدين بشكل كبير. ونظرًا لصعوبة استقطاب المواهب في عالم يتقدم في السن، فإنها ترحب بالمهاجرين في الوقت الذي تغلق فيه الكثير من الدول الأوروبية أبوابها، وخففت من قواعد التوظيف والفصل من العمل والعمل بدوام جزئي.

وأضافت الصحيفة أن سريلانكا، التي تخلفت عن سداد ديونها في سنة 2022 وسط أسوأ أزمة اقتصادية لها على الإطلاق، قامت بإعادة هيكلة نظامها بشكل جذري؛ حيث ألغت جميع الإعانات وفرضت ضرائب أعلى على الممتلكات والثروات الموروثة وصناعة القمار.


وخفضت نيجيريا أيضًا دعم الوقود ورفعت الإيرادات الحكومية عن طريق زيادة إنتاج النفط، وعملت البلاد على استقرار عملتها المتذبذبة من خلال السماح بتداول النيرة بحرية أكبر في الأسواق العالمية والقضاء إلى حد كبير على السوق السوداء المحلية.

واعتبرت الصحيفة أن الحالة الأكثر إثارة للاهتمام هي عملية "فولندليلا" في جنوب أفريقيا، وهي كلمة من الزولو تعني "مسح الطريق"؛ حيث صُممت هذه العملية لإزالة العوائق في أنظمة السكك الحديدية والطرق والمياه والطاقة الكهربائية، مما قلل بشكل كبير من حالات انقطاع التيار الكهربائي المزمن.

والهدف من كل ذلك هو تعزيز الإنتاجية - وهي مفتاح النمو المستدام على المدى الطويل - بدلاً من الاستمرار في تعزيزها بشكل مصطنع بالإنفاق الحكومي. ومن المقرر أن يرتفع نصيب الفرد من الدخل في جميع هذه الدول بعد انخفاضه أو ركوده لسنوات، وقد بدأت أسواق الأسهم في هذه البلدان تعكس هذا التحول الإيجابي؛ حيث تفوقت على المؤشر العالمي بنسبة 20 بالمائة خلال السنتين الماضيتين، وكانت الأرجنتين وسريلانكا هما السوقان الأفضل أداءً في العالم من حيث القيمة الدولارية خلال هذه الفترة.

وأفادت الصحيفة أن التصنيفات الائتمانية السيادية لهذه الدول اتجهت إلى الارتفاع باستثناء جنوب أفريقيا ونيجيريا، لكن الأنباء المتداولة تشير إلى أن الدولتين قد تكونان في طريقهما إلى رفع التصنيف الائتماني أيضًا.


ولا تقتصر هذه القائمة على تلك الدول؛ حيث تشمل الدول الأخرى التي تقوم بالإصلاح تحت الضغط تركيا ومصر وباكستان، وتعد ألمانيا هي أحدث مثال على "دائرة الحياة": فقد كانت ألمانيا نموذجًا يُحتذى به قبل 10 سنوات، ثم تهاونت وسقطت في حالة من التدهور، وبحلول الأسبوع الماضي كانت تبذل جهودًا كبيرة للإصلاح لدرجة أدت إلى رفع معنويات السوق في جميع أنحاء أوروبا.

وختمت الصحيفة التقرير بأن أيًا من تجارب هذه الدول الناشئة لا تخلو من العيوب؛ فمن المتوقع أن يتضاعف النمو في جنوب أفريقيا ثلاث مرات في السنوات القادمة، ولكن بنسبة 2 بالمئة فقط، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن الإبهار. لكن هناك ميلًا انعكاسيًا للعثور على أخطاء أي بلد وقيادته، خاصة في عصر تتفشى فيه السلبية والاستقطاب الشديد.

مقالات مشابهة

  • كير: الإبادة الجماعية بغزة رافقتها موجة إسلاموفوبيا بالولايات المتحدة
  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
  • الأورومتوسطي: إسرائيل قتلت 145 فلسطينيا بغزة منذ وقف إطلاق النار
  • الخارجية الفلسطينية تدين استخدام الاحتلال الإسرائيلي “التجويع والتعطيش” أداة في حرب الإبادة بقطاع غزة
  • تقرير: إسرائيل تواصل القتل والتجويع في غزة رغم وقف إطلاق النار.. إبادة صامتة
  • الأورومتوسطي .. إسرائيل تقتل 7 فلسطينيين كل 48 ساعة في غزة منذ وقف إطلاق النار
  • رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد يلغي العطل الجماعية في فترات الأعياد اليهودية
  • أبرز عقوبات إسرائيل الجماعية بحق فلسطينيي الضفة والقدس
  • الخارجية الفلسطينية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة “تعميق لحرب الإبادة”
  • باستئناف استخدام سلاح التجويع.. العدو الإسرائيلي يستمرأ جريمة الإبادة الجماعية في غزة