إلباييس: على أوروبا تبني إستراتيجية دفاع مشترك بعد هجر الحبيب الأميركي
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
قالت صحيفة إلباييس الإسبانية -في تقرير لها- إن أوروبا أصبحت مجبرة مع نشوب حرب أوكرانيا على التفكير في إستراتيجية دفاع مشتركة، وهي التي كانت قد أوكلت مسؤولية حمايتها لمدة 80 عاما للولايات المتحدة في إطار حلف الشمال الأطلسي (الناتو).
وتساءل التقرير إن كان هدف زيادة الإنفاق حصرا الدفاع عن الاتحاد الأوروبي، أم بسبب تحول الولايات المتحدة نحو آسيا، أم استعدادا من الاتحاد ليتدخل عسكريا خارج حدوده بما يضمن حصوله على الموارد الإستراتيجية.
وقال خيسوس نونييز من معهد دراسات النزاعات والعمل الإنساني للصحيفة إن أوروبا اعتقدت أنها نجحت في رهان بناء منظومة رفاه وأمن تعتمد على المحروقات الروسية والسلع الصينية وعلى القوة الأميركية لحماية نفسها.
اعتقاد خاطئ
وتابع أن أوروبا في هذا السياق اعتقدت أنها أعادت إنتاج نفسها لتكون قوةً غير إمبريالية تعتمد خيار العلاقات التجارية وسياسة التبادل الاقتصادي مع الخصوم والأعداء المحتملين بدل الحروب، وآمنت بأن كل هذه الأطراف تتشارك قيمها ومبادئها، لكن كل هذا الرهان أثبت فشله.
وذكّر نونييز بأن منظومة الأمن الأوروبية تمزقها الخلافات الداخلية وأيضا السياسات الأميركية الأحادية الجانب في أوروبا، والسياسةُ الإمبريالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تتجلى في حرب أوكرانيا، ليرسم ذلك لوحةً تعري عجز الاتحاد عن حماية مصالحه بنفسه، فضلا عن الخشية المتزايدة الآن من عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة ليستكمل تمزيق اللُحمة الأطلسية.
وحسب نونييز، باستثناء خطوات خجولة (في مجال التصنيع العسكري مثلا) لم يُترجَم على أرض الواقع ادعاء الرغبة في تحقيق الاستقلال الذاتي الإستراتيجي (الذي جرت صياغته عام 2019) لا في أثناء الأزمة الاقتصادية عام 2008 ولا خلال بريكست ووباء كورونا، ولا حتى عندما كان الرئيس ترامب يتعالى على أوروبا.
وحذر الخبير الإسباني من أن الاتحاد الأوروبي يمشي بوتيرة السلحفاة هذه، وذلك يعني القبول بفقدان تأثيره دوليا والتسليم بتعريض نفسه لخطر جسيم يتهدده إما لتخلي البعض عنه أو لرغبة الآخر في السيطرة عليه.
تحديات جديدة
ويرى نونييز أن مقترحا لتسريع تحرك أوروبا لا يعني زيادة الإنفاق إلى 2% لكل بلد كما يشاع، وإنما تغيير الذهنية والانتقال من حسابات وطنية بالية إلى حسابات على مستوى التكتل والإنفاق بشكل أفضل.
أما الخبيرة في معهد دراسات التنمية والتعاون الدولي تيكا فونت، فقالت لصحيفة إلباييس إن حرب أوكرانيا أسفرت عن وضع دولي جديد، تزامن مع ظهور صراع على الهيمنة العالمية مع الصين، وهو ما جعل الولايات الأميركية تركز مصالحها في آسيا لا أوروبا، وتريد من الاتحاد الأوروبي التكفل بأمنه الخاص.
وحسب فونت، فقد قدمت أوكرانيا الفرصة لدراسة زيادة كبيرة في موازنات الدفاع لرفعها إلى 2%، وحتى يدعم المواطنون الزيادات كان ضروريا التلويح بفزاعة "غزو روسيا للاتحاد الأوروبي" حتى وإن كان ذلك غير مرجح.
وترى فونت أن هدف الزيادات تحضير أوروبا للتدخل عسكريا في الخارج، وتحديدا في الدول التي قد تمنع وصولها إلى الموارد الإستراتيجية الضرورية لاقتصادها.
وتقول فونت إن رغبة الشعوب في السلام وقرار أميركا بالتركيز على آسيا فرصة لينأى التكتل بنفسه ويؤسس هوية أوروبية لا تقوم على استخدام القوة العسكرية والردع.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيسة البنك المركزي الأوروبي: الرسوم الجمركية نقطة تحول بمسيرتنا نحو الاستقلال الاقتصادي
أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن الرسوم الجمركية المرتقبة تمثل نقطة تحول في مسيرة أوروبا نحو تحقيق استقلالها الاقتصادي، مشددة على ضرورة تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجالات الدفاع وإمدادات الطاقة لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة.
وفي هذا السياق، شدد المستشار الألماني، أولاف شولتز، على أن الاتحاد الأوروبي مستعد للرد على هذه الرسوم بجبهة موحدة، في حين أعلنت الحكومة البريطانية أنها تستعد لكافة السيناريوهات المحتملة، مشيرة إلى استمرار المحادثات مع واشنطن لتجنب تداعيات القرارات التجارية الجديدة.
من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي لديه خطة قوية لمواجهة الرسوم الأمريكية لكنه يفضل التفاوض للوصول إلى حل مشترك، مشيرة إلى أن أوروبا، مثل الولايات المتحدة، تعاني أيضاً من ثغرات في قواعد التجارة العالمية وتسعى لتعزيز قطاعها الصناعي.
وتأتي هذه التطورات في ظل استعداد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لفرض موجة جديدة من الرسوم الجمركية ضمن ما وصفه بـ"يوم التحرير"، حيث يسعى لفرض تعريفات متبادلة على الدول التي تفرض رسوماً على المنتجات الأمريكية.
وتشمل قراراته الأخيرة فرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على السيارات المستوردة، إلى جانب رسوم سابقة على الألومنيوم والصلب.
وقد أثار القلق بشأن التداعيات الاقتصادية لهذه الإجراءات موجة من التراجع في الأسواق المالية الأوروبية، حيث انخفض مؤشر "ستوكس 600" بنسبة 1.5% وسط مخاوف المستثمرين من تأثير السياسات التجارية الجديدة.
وتزامن ذلك مع بيانات أمريكية أظهرت انخفاض ثقة المستهلكين وتراجع الإنفاق، ما زاد من المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
في غضون ذلك، أظهر استطلاع حديث لـ"بنك أوف أميركا" تحولاً في استثمارات مديري الصناديق بعيداً عن الأسهم الأمريكية، مقابل زيادة الاهتمام بأسواق منطقة اليورو، وسط توقعات بأن تحتاج الحكومات الأوروبية إلى تبني سياسات أكثر دعماً للأعمال لتعزيز النمو الاقتصادي.
كما أدى هذا التحول إلى تراجع مكانة الدولار كملاذ آمن، في حين ارتفع الطلب على اليورو تحسباً لزيادة الإنفاق الحكومي في أوروبا، في خطوة قد تؤدي إلى تغييرات هيكلية في الأسواق المالية العالمية.