لماذا أغضب الفيلم الفلسطيني لا أرض أخرى السياسيين ووسائل الإعلام الألمانية؟
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
جاء ختام مهرجان برلين السينمائي، قبل أيام، بمفاجأة لم تكن في حسبان التيار السياسي والإعلامي الألماني، فالحدث الذي يعد أحد أهم وأكبر مهرجانات السينما في العالم، أظهر تضامن عدد كبير من الحضور مع وقف الحرب على غزة ورفض القتل الذي لا يتوقف لعشرات الآلاف منهم.
فيلم "لا أرض أخرى"جاءت أبرز لحظات الدعم للشعب الفلسطيني في فعاليات الدورة الـ74 من المهرجان البرليني من خلال عرض فيلم "لا أرض أخرى" (No other land) الذي تدور أحداثه عن التهجير والتصفية الممنهجة التي يتعرض لها أهالي الضفة الغربية لصالح الاستيلاء على أراض فلسطينية جديدة وإقامة مستوطنات إسرائيلية عليها.
الوثائقي الذي تم عرضه في قسم "بانوراما"، أحد أهم أقسام مهرجان برلين السينمائي الدولي لعام 2024، حاز على إعجاب جماهيري كبير لدرجة فوزه بجائزة القسم التي يتم منحها وفقا لتصويت الجمهور.
وشهد العرض الأول للفيلم تصريح صناع العمل الأربعة بأن موقفهم الواضح هو ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، كما شهد هتافات بعض الجماهير الحاضرة "الحرية لفلسطين" (Free Palestine)، وهو هتاف على الرغم من بساطته، لكنه يتسبب بعض الأحيان في إلقاء القبض على أصحابه في شوارع برلين نتيجة اعتبار السلطات الألمانية له عملا معاديا للسامية.
يبدو الفيلم الوثائقي في هذه اللحظات معبرا عما يحدث في فلسطين بشكل آني، لكنه في الحقيقة توثيق طويل الأمد لما يعيشه أهل الضفة الغربية، مما يمنحه قوة توثيقية تتخطى المجادلات السياسية.
وفي الفيلم نتتبع توثيق "باسل عدرا" عبر كاميرا هاتفه المحمول ما يتعرض له أهل قرى "مسافر يطا" الفلسطينية منذ عام 2019 من تدمير لأراضيهم وبيوتهم وتهجيرهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما يوثق الفيلم الاختلاف الواضح في الحقوق بين أهل الضفة وصانع الفيلم نفسه "باسل عدرا" وبين الناشطَين والصحفيَين الإسرائيليين اللذين ينضمان لفريق الفيلم "يوفال أبراهام" و"راشيل سزور". وفيما يستمر هدم منازل الفلسطينيين نهارا، يحاول أهل الضفة بناء منازلهم مرة أخرى ليلا.
ويرصد الفيلم لحظة مواجهة أحد الأهالي لقوات الاحتلال التي تطلق عليه النار بشكل مباشر أمام الكاميرا. المحاولات لإعادة بناء القرى يستمر حتى مع استمرار هدمها من قبل سلطات الاحتلال.
تستمر أحداث الفيلم حتى عام 2023 مع زيادة ملحوظة لعنف قوات الاحتلال، وينتهي الفيلم بتوثيق لحظات حزينة لكنها تبقى خالدة سينمائيا. ويعد الفيلم وثيقة مهمة لا يمكن لأحد نكرانها، وهي مناسبة للعرض أمام المشاهد الغربي المتشكك في مدى المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
استمر الإنجاز الفلسطيني في حفل الختام من خلال فوز الفيلم بالجائزة الرسمية لأفضل فيلم وثائقي في فعاليات المهرجان، وفي كلمة الشكر بعد إعلان الفوز، تحدث "باسل عدرا" عن أنه من الصعوبة الاحتفال بينما يتم قتل الآلاف من أبناء بلده على يد الجيش الإسرائيلي، وهدم قريته من قبل آليات الجيش الإسرائيلي.
وأضاف أن طلبه الوحيد من ألمانيا بينما يقف في برلين هو أن تتوقف الحكومة الألمانية عن توريد الأسلحة لإسرائيل وأن تحترم نداءات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
وبينما اعتقد الحضور أن كلمة "باسل عدرا" القوية هي أعلى درجات الجرأة في حفل الختام، جاءت كلمة "يوفال أبراهام" أكثر حدة، حيث تحدث المخرج الشاب عن وقوفه بجانب صديقه الفلسطيني الآن كشخصين متساويين.
لكنهما حينما يعودان سيتحول الموقف تماما، باسل عدرا -ككل الفلسطينيين في الضفة- يعيش تحت حكم عسكري من الاحتلال الإسرائيلي بينما يعيش يوفال تحت حكم مدني.
ومن حق المخرج الإسرائيلي التصويت في الانتخابات بينما لا يحق ذلك للمخرج الفلسطيني. ووصف "يوفال أبراهام" الوضع في النهاية بأنه "فصل عنصري – أبارتهايد" وأنه يجب أن يتم إنهاؤه.
ردود فعل ألمانية غاضبةعقب نهاية الحفل انتشرت ردود الفعل الألمانية الرسمية الغاضبة، فغرد عمدة برلين "كاي فيغنر" من الحزب المسيحي الديمقراطي على موقع إكس قائلا: "إن ما حدث في مهرجان برلين كان مقاربة غير مقبولة، لا مكان لمعاداة السامية في برلين، وهذا ينطبق على الفن أيضا".
في سياق متصل، وصف وزير الثقافة في حكومة برلين "جوي كيالو"، وهو أيضا من الحزب المسيحي الديمقراطي، حفل ختام برلين بأنه امتلأ بـ"البروباغندا المعادية لإسرائيل".
كلوديا روث من حزب الخضر والمفوضة الفدرالية عن الثقافة والإعلام، والتي تحضر بشكل دائم كممثل حكومي للإشراف على المهرجان، صرحت أيضا أنها ستبدأ تحقيقا في ما شهدته من انتقادات لإسرائيل خلال حفل الختام.
هذا الغضب الحكومي صاحبه غضب إعلامي ألماني في مختلف الصحف والمواقع الألمانية التي اتهمت الفنانين بمعاداة السامية ولم تناقش ما وجهوه من نقد موضوعي لقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وطلباتهم بوقف إطلاق النار التي يشاركهم فيها غالبية دول العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مهرجان برلین
إقرأ أيضاً:
«مصر» تطلق صرخة الحق أمام العدل الدولية: لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟
تواصل مصر تكثيف جهودها في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومنع عملية الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، سواء بالاتصالات مع مؤسسات المجتمع الدولي والدول الأوروبية والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل، أو بالوساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، سعيا منها في إدخال المساعدات الإغاثية العاجلة لأهالي غزة الذين يقاتلون في الوقت الحالي الجوع والعطش، بسبب نفاد الغذاء في كافة أماكن القطاع.
واستمرار لذلك، تقدمت مصر بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية اليوم 28 أبريل 2025، أطلق فيها الوفد المصري المتمثل في السفير حاتم عبد القادر، مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات، و المستشارة الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، تصريحات تعبر عن رسالة مصر للعالم أجمع عنوانها: «لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟»
وشدد الوفد المصري خلال المرافعة على أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل جزءاً من إجراءات واسعة النطاق وممنهجة وشاملة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتحقيق ضم فعلي للأراضي الفلسطينية، ولفت الوفد إلى أن هذه السياسة مُثبتة بالتصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك تشريعات الكنيست، فضلاً عن الإجراءات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وتجفيف مصادر تمويلها، بهدف عرقلة حق العودة للشعب الفلسطيني، والذي يشكل ركناً أساسياً من حقهم في تقرير المصير المكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأوضح الوفد المصري أن ذلك تزامن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر تحت ذريعة ما يسمى بـ «أوامر الإخلاء»، مما أدى إلى نقل الفلسطينيين قسراً إلى مناطق لا تتمتع بالمقومات الأساسية للمعيشة، وعرقلة وصول الإمدادات والخدمات الأساسية اللازمة للحياة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لخلق ظروف تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للحياة.
وأشار الوفد المصري خلال المرافعة إلى أن إسرائيل دأبت منذ أكتوبر 2023 على استخدام سياسة التجويع والحصار الكامل على غزة كسلاح موجه ضد المدنيين بالقطاع، وأمعنت إسرائيل في استخدام ذلك السلاح بإغلاقها كافة المعابر إلى غزة بشكل متعمد وتعسفي، مما حال دون دخول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والإمدادات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ويأتي ذلك في ظل استئناف إسرائيل لعدوانها الوحشي على غزة، والذي أسفر عن مقتل 52، 000 مدني بريء منذ أكتوبر 2023، غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك مع استمرار استهداف إسرائيل للمدنيين والبنية التحتية الضرورية لبقاء السكان الفلسطينيين على قيد الحياة، يُضاف إلى ذلك تكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلية لهجماتها ضد العاملين في المجالين الطبي والإنساني، الأمر الذي دفع بغزة إلى كارثة إنسانية.
وركزت المرافعة المصرية على استعراض الدفوع القانونية التي تُثبت وجود التزامات على عاتق إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الاتفاقية الخاصة بامتيازات وحصانات أجهزة الأمم المتحدة، فضلاً عن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بضمان وتسهيل توفير الإمدادات والمساعدات العاجلة دون عوائق، وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأكد الوفد المصري أن إسرائيل أخلت بالفعل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي سواء بالسياسة الممنهجة لاستهداف المدنيين وممثلي المنظمات الإغاثية، أو بالإمعان في فرض عقبات قانونية وإدارية تعيق وتقيد وصول المساعدات الإنسانية، وتوجيه هجمات مباشرة على البنية التحتية الإنسانية، بما في ذلك قصف معبر رفح الحدودي بهدف تعطيله عن العمل والاستيلاء على الجانب الفلسطيني من المعبر، وما تبعه تنفيذ إسرائيل هجومها العسكري على مدينة رفح، التي كانت ملاذاً لأكثر من مليون فلسطيني، ومركزاً رئيسياً لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالعمليات الإنسانية وزاد من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي، ومع اضطرار الوكالات الإنسانية إلى الانسحاب حفاظاً على سلامة موظفيها، توقف وصول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، والذي كان شريان الحياة لقطاع غزة.
واختتم الوفد المصري المرافعة بطلب قيام المحكمة بالإعلان في رأيها الاستشاري أن الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية يمثل انتهاكا مستمرا للقانون الدولي، وأن الالتزامات الإسرائيلية كقوة قائمة بالاحتلال تستمر في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين انتهاء الاحتلال، كذلك إقرار المحكمة بالتزام إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بجبر الضرر الذي أحدثته وذلك من خلال رفع الحصار المفروض على غزة بشكل فوري وغير مشروط، وضمان وصول الإمدادات الأساسية للمدنيين بقطاع غزة على نطاق واسع وبشكل آمن عبر كافة المعابر المؤدية للقطاع، دون معوقات أو قيود، والتنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن رقم 2735، والتوافق حول خطة إغاثة عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، وتيسير تنفيذها بكافة السُبل المتاحة، والامتناع عن إعاقة وجود ونشاطات الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك الأونروا، وكذلك الدول الثالثة التي تقدم المساعدات الإنسانية، وإلغاء القوانين غير المشروعة المتعلقة بالأونروا التي أقرتها إسرائيل، واحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة للأونروا وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، وضمان حمايتها، فضلاً عن إعلان المحكمة أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يشمل حقه في السعي لتحقيق تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أرضه، بما في ذلك الحق في تلقي مساعدات التنمية من أجل التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وعدم تهجيره أو طرده من أرضه.
اقرأ أيضاًقدم معلومات سرية لمحكمة العدل العليا.. «الشاباك» يفضح نتنياهو
عاجل| محكمة العدل الدولية تستقبل مذكرة قطر ضد إسرائيل «تفاصيل»
ابو الغيط يرحب بالتصويت الكبير في الامم المتحدة لصالح قرار احالة حظر الأونروا الى محكمة العدل الدولية