أمين البحوث الإسلامية: النظام الاقتصادي في الإسلام يقدم للإنسانية نموذجا فريدا يميزه عن غيره
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: إن النظام الاقتصادي في الإسلام يقدم للإنسانية نموذجًا فريدًا، يميزه عن غيره من الأنظمة، فبينما تسعى الرأسمالية إلى خلق نظام متحيز يعزز تكديس الثروات في يد مجموعة محدودة من الأفراد دون سواهم، فإن الإسلام يسعى إلى تحقيق العدالة في التوزيع بين العمال وأصحاب المال.
وأضاف، أن الرأسمالية تعتمد على مبدأ المنافسة الحرة الشرسة، التي لا تنظر إلا إلى قيمة الربح، دون قيمة الاستثمار ونوعه وما يقدمه للإنسانية، بينما على الجانب الآخر الاستثمار في الإسلام هادف، ويقوم على أساس من التكافل والعدل والمسؤولية.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، في فعاليات ندوة منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي في نسختها الرابعة والأربعين، التي تعقد تحت عنوان: «مقاصد الشريعة: الإطار الناظم للاقتصاد الإسلامي»، في يومي 28 و29 فبراير الجاري، برعاية أمير المدينة المنورة، الأمير سلمان بن سلطان.
وتابع عياد: أن العصر الذي نعيش فيه الآن، والمنطقة الجغرافية التي ننتمي إليها، وسطوة العولمة الرأسمالية الطاحنة، التي تريد بسط هيمنتها على العالم، كل ذلك كان سببًا في خلق العديد من العقبات أمام نهضة الكثير من المجتمعات المسلمة، بدءا من ارتفاع معدل البطالة، وزيادة نسب الفقر، مرورا بالاعتماد على الواردات وضعف الإنتاج، وصولا لغياب الشفافية والعدالة.
وأشار إلى أنه انطلاقا من مسؤولية العلماء والمصلحين، تم إعلان الكثير من المؤسسات والهيئات الاقتصادية الإسلامية، التي تؤكد على ضرورة العمل المشترك، لتعزيز اقتصاد إقليمي وعالمي، بأخلاقيات وضوابط إسلامية، تركز على قيم العمل والعدالة والمسؤولية، حيث يأتي على رأس هذه المؤسسات منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، ومن ثمراته كانت هذه الندوة المهمة التي تأتي بعنوان (مقاصد الشريعة الإسلامية: الإطار الناظم للاقتصاد الإسلامي).
وأوضح أن عالمنا الحديث بكل أطيافه وألوانه في حاجة إلى إحياء النظام الاقتصادي ذي الضوابط والأخلاقيات الإسلامية، لأنه يجمع بين العدالة والرحمة، ويقوم على مبادئ الأخلاق والصدق والنزاهة، ويسعى إلى تحقيق التوازن بين المصالح العامة والخاصة.
وأشار الأمين العام إلى أن هناك تأثيرا متبادلا بين (النماء الاقتصادي)، (وتحقيق مقاصد الشريعة) والعكس، فالشريعة الإسلامية مثلا تحرم الربا والغش والاحتكار، وتؤكد على أخلاقيات الصدق والأمانة والتعاون، فتخلق بذلك بيئة آمنة ومستقرة للاستثمار، وتعزز الثقة في السوق وتحفز فرص الإنتاج، وكل ذلك أمر ضروري للنماء الاقتصادي، ومن ناحية أخرى فإن النماء الاقتصادي يساهم في توفير الظروف الملائمة، لتطبيق مقاصد الشريعة، فوفرة المال تعين على تطبيق مقصد حفظ الدين عن طريق بناء المساجد، وتوفير نفقات الحج والبر والإحسان، وتعين كذلك على تطبيق مقصد حفظ النفس، عن طريق: توفير الطعام والشراب والدواء والملبس والمسكن، وتعين أيضا على تطبيق مقصد حفظ العقل، عن طريق توفير فرص التعليم، ونشر الثقافة والمعرفة، ودعم البحث العلمي.
وأكد أن هذا التكامل الإسلامي بين الشريعة والاقتصاد، يستمد أصوله الأولى من قيمة التوحيد الإلهي، ومن تجليات اسم الله تعالى (الغني)! الذي يفرق بين الغنى المطلق، والإنسان الفقير إلى ربه مهما كثر ماله! فالله غني عنا وعن الزكاة والصدقات والوقف والقرض وغيرها.
وبيّن عياد أن موضوع ندوة اليوم يمس جراح الكثير من المجتمعات المسلمة الحديثة، التي وقعت فريسة للفتاوى الشاذة، التي أغفلت الواقع وتمسكت بحرفية النصوص فكانت سببا في اتهام الشريعة نفسها بـ"النقص والعجز والجمود"، مؤكدا أن واجب الوقت على علماء المسلمين هو بحث تلك القضايا، بحثا موضوعيا يراعي مستجدات الواقع، دون إخلال بروح الشريعة ومقاصدها، للخروج بمواقف واضحة داعمة أو رافضة أو موجدة للبدائل المناسبة، التي تحقق المصلحة العامة. وقال إن الشريعة الإسلامية لديها كل المقومات التي تمكنها من إحياء نظام اقتصادي مثالي، يتناسب مع تطلعات الأفراد ومصالح المجتمع فنصوصها مرنة طيعة تمنحها قابلية للتطبيق مع تغيرات الزمان والمكان، وفي مختلف الظروف والأحوال كما أنها تقدم مبادئ عامة وأهدافا أساسية دون تقيدات تفصيلية، لتعطي مساحة مناسبة للاجتهادات البشرية لمعالجة تحديات واقعة.
وتابع الأمين العام أنه إذا كان علماء الشريعة يقسمون مقاصدها إلى ضروريات وحاجيات وتحسينات، فكل قسم منها يمكن أن يمثل ركنا أصيلا من الإطار الحاكم للنظام الاقتصادي الإسلامي المنشود فالضروريات التي تشمل مقاصد حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، تمثل حاكمية عادلة لكل ما يتعلق بمبدأ الحرية المسؤولة في الإنفاق وتصريف رؤوس الأموال، وتوفير إطار أخلاقي يحرم الإسراف والتبذير والغش والاستغلال، ويجرم المعاملات الاقتصادية الفاسدة التي تضر الأنفس، كتحريم السخرة واستغلال العمالة والاتجار بالبشر، وتحد من الاستثمارات غير الهادفة التي تغيب العقل وتفسد الوعي، مثل صناعة المخدرات والألعاب الإلكترونية عديمة القيمة والمعنى، وكذلك تجرم الاستثمارات المشبوهة غير الأخلاقية التي تهدم الأسرة، وتساعد على انتشار ظواهر الزنا والعلاقات غير المشروعة.
وأشار إلى أن مقاصد الحاجيات والتحسينات فيمكن أن تمثل إطارا حاكما لمعالجة كافة المستجدات الاقتصادية المعاصرة، التي تسعى إلى تحقيق رفاهية الإنسان، وذلك بتوفير الاجتهادات الأنسب لدعم الاستثمارات الهادفة، التي تسعى للحفاظ على كوكبنا الذي نعيش فيه، مثل الاستثمار في الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، وإعادة التدوير للمخلفات البشرية، وذلك بهدف الحفاظ على المناخ والحد من استهلاك موارد الطبيعة بشكل مفرط لحفظ حق الأجيال القادمة فيها.
وأشار إلى أهمية توفير الاجتهادات الأنسب للاستثمارات الهادفة في مجال الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، موضحا أن المؤسسات الإسلامية اتخذت خطوات مباركة لإحياء منظومة اقتصادية قادرة على مواجهة تحديات الواقع العاصفة لكن الحاجة صارت ضرورية لتكثيف الجهود فاكتمال هذه المنظومة بحاكمية روح الشريعة ومقاصدها يتطلب منا العمل في مجالات عديدة، مثل اقتراح قوانين متوافقة مع مقاصد الشريعة ووضع تصورات كاملة للمصارف وشركات التأمين وصناديق الاستثمار الإسلامية، وكذلك تطوير أدوات مالية متوافقة مع الشريعة مثل الصكوك الإسلامية والتأمين التكافلي.
وختم عياد كلمته بجملة من التوصيات والمقترحات، منها العمل على إعداد برامج تعليمية في الاقتصاد الإسلامي، تتضمن تعريفا بأهم الأنظمة الاقتصادية المعاصرة، وما يصدر عنها من معاملات وما تتضمنه من قيم وأفكار وأخلاقيات، والمنهجية المعمول بها في معالجتها في ضوء حاكمية مقاصد الشريعة، والعمل على إحياء منظومات رقابية مالية إسلامية ترصد معدلات الشفافية وتكشف مظاهر الفساد في الانفاق والاستثمار، وتقدم الدعم والنصيحة للدول والمؤسسات المعنية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسلام نظير عياد البحوث الإسلامية النظام الاقتصادي للاقتصاد الإسلامی مقاصد الشریعة الأمین العام
إقرأ أيضاً:
تطوير "العتبة".. رفع كفاءة شوارع الجوهري ويوسف نجيب والعسيلي.. إنشاء 473 طاولة عرض للباعة الجائلين... محافظ القاهرة: ستكون نموذجاً يمكن تطبيقه فى شوارع أخرى بالمنطقة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحظى منطقة "العتبة" بجاذبية كبيرة ليس فقط لأبناء العاصمة ولكن لبقية المحافظات، التي تأتي من كل حدب وصوب من أجل التبضع من العتبة، سواء مستلزمات العرائس أو مستلزمات العمالة وقطع الغيار وأي شئ قد يخطر على بالك من أدوات من خلال الأسواق القديمة التي تقع في الموسكي والدرب الأحمر والخليف.
ولكن كل هذا يجعلها تعج بالعشوائية والتي تراها وانت تبحث عن محل أو جهة في "العتبة"، بالإضافة إلى أن توقف الميدان يعني أن هذا سيترتب عليه الشوارع والميادين المحيطة بالمنطقة خاصة في ساعات الذروة والأعياد.
وهو ما جعل الدولة تفكر في ترتيب وإعادة تنظيم تلك المنطقة، فما هي خطة التطوير وما السبيل لها.
أشهر أماكن بالعتبة
سور الأزبكية وهو المكان الأشهر لتجارة الكتب والمجلات المستعملة على تنوع واختلاف مجالاتها.مسجد الكخيا وهو من المساجد الأثرية بالقاهرة.شارع الأزهر الشريف.الموسكي وهو سوق من أسواق القاهرة.المسرح القومي المصري.شارع عبد العزيز المركز الرئيسي والمورد الأساسي لتجارة الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة بمصر.حمام الثلاثاء مركز لتجارة الأدوات المنزلية.المركز الرئيسي هيئة البريد المصري.المناصرة المركز الرئيسي في القاهرة لتجارة الأخشاب والأثاث.شارع محمد علي مركزاً لتجمع والتقاء الموسيقيين.مركزا لصناعة الأختام ومتعلقاتها.يقع في العتبة أكثر من موقف للمواصلات فبها وحدها ما يربوا على الأربعة مواقف.تضم مركزا لإصلاح الساعات فيما يعرف بممر الساعات.سوق لكافة أنواع الورق.يوجد بها سوق للنظارات الطبية والشمسية.تضم كذلك ميدان الأوبرا وبه تمثال إبراهيم باشا نجل محمد علي، وأيضا نفق الأزهر الذي يربط وسط المدينة بصلاح سالم ومدينة نصر.
كما يوجد بها بشارع عبد العزير مقر شركة توشيبا العربي من أفضل شركات صناعة وبيع الأجهزة الكهربائية.
تطوير الأسواق القديمة
وضعت محافظة القاهرة خطة التعاون مع صندوق تطوير البحث العلمي وجامعة القاهرة ممثلة في كلية الهندسة وجامعة نيوكاسل في مشروع بحثي مشترك من أجل تطوير الأسواق القديمة من خلال مشروع «مباني الأسواق التاريخية المستدامة كحاويات للتراث غير المادي»، ويهدف المشروع لوضع توصيات واستراتيجيات لتطوير مباني الأسواق التاريخية بالقاهرة مثل سوق العتبة وسوق باب اللوق والتي كانت من أوائل الأسواق الصحية في العالم.
أعلنت محافظة القاهرة عن الخطة الإستراتيجية للحفاظ على التراث من خلال عدة مبادرات ومشروعات رائدة لتعزيز حماية التراث والحفاظ عليه، وفقا لتقرير صادر عن محافظة القاهرة.
ربع المانسترلى وأرض التبة
يقع ربع المانسترلى بشارع سوق السلاح في الدرب الأحمر، وكان يخصص فيما يبدو لإقامة الطلاب الدراسين في مدرسة الجاي اليوسفي بشارع سوق السلاح.
وأرض التبة عبارة عن أرض فضاء تقع على تبة مرتفعة بشارع الأشراف- مسار آل البيت- بحي الخليفة، وتوجد بين العديد من الآثار الإسلامية الموجودة بالشارع وسيتم تطويرها وإعادة تأهيلها لتصبح متنزها ثقافيا خدميا يستفيد منه سكان الحي ويعمل كمصدر جذب للزوار، وجار العمل على تحويل الأرض مستقبلا إلى متنزه متدرج يضم مكتبة وحضانة، جيم للسيدات، مقاعد للزائرين، مركز تجميع وفرز وتدوير القمامة، محلات تجارية تعمل على سد احتياجات الحديقة والسكان بالمنطقة.
ماذا عن فرشات الباعة الجائلين؟
سيتم رفع كفاءة شوارع الجوهري ويوسف نجيب والعسيلي، مع إنشاء 473 طاولة عرض للباعة الجائلين لعرض منتجات وبضائع الباعة بدلًا من «الفرشة»، تنفذها الورش الإنتاجية التابعة للهيئة العامة لنظافة وتجميل وإنارة القاهرة، كبديل عن "الفرشة" العشوائية التي كانت تستخدم سابقًا مع مراعاة مصالح أصحاب المحال التجارية إلى جانب الباعة الجائلين.
وأيضا سيتم تركيب مظلات حماية الباعة من الشمس والأمطار خلال فصلي الصيف والشتاء، مع تطبيق الاشتراطات بمراعاة اشتراطات الإطفاء والحريق والصرف الصحي.
وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سهولة حركة المواطنين المترددين على المنطقة، بدلا من صعوبة الحركة التي يشهدها المواطن.
ومن المقرر إعادة الباعة الجائلين إلى ممارسة أنشطتهم في مواقعهم بعد الانتهاء من أعمال التطوير، ولكن وفق النموذج المعتمد من وزارة التنمية المحلية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات) وجهاز التنسيق الحضاري، في إطار جهود الحكومة لتوفير بيئة آمنة وملائمة للمترددين على المنطقة، والباعة، وأصحاب المحلات.
مع طلاء واجهات العقارات بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري، بما يتماشى مع الطابع الجمالي والتاريخي للمنطقة، مع مراجعة جميع المرافق والخدمات لضمان تحسين جودة الحياة بالمنطقة بالكامل.
محافظ القاهرة: نموذجا لمناطق أخرى
وأكد الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، أن أعمال التطوير تتم وفقًا للنموذج الذى أقرته د. منال عوض وزيرة التنمية المحلية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "الهابيتات، وبالتنسيق مع جهاز التنسيق الحضارى فى إطار حرص الحكومة على توفير بيئة آمنة للمواطنين المترددين على تلك المنطقة، وكذا الباعة وأصحاب المحلات الموجودة فى تلك الشوارع الموجودين فى المنطقة.
وتابع، في تصريحات له منتصف فبراير الماضي، أثناء تفقده لأعمال تطوير ميدان العتبة، أن أنه يجرى حاليًا طلاء واجهات العقارات بالمنطقة بالتنسيق مع جهاز التنسيق الحضارى بما يتناسب مع طبيعتها، لتناسب الشكل الحضارى والجمالى للمنطقة، مع رفع كفاءة المنطقة بالكامل ومراجعة كافة المرافق والخدمات بها.
وأضاف محافظ القاهرة أن أعمال تطوير هذه المنطقة ستكون نموذجاً يمكن تطبيقه فى شوارع أخرى بالمنطقة.