معرض مسقط الدولي للكتاب: ندوة تاريخ الإبل
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
العُمانية/ نظم شؤون البلاط السُّلطاني ممثلًا في الهجانة السُّلطانية اليوم ندوة عن تاريخ الإبل بمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ28 الذي تستمر فعالياته في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
شاركت في الندوة مجموعة من الباحثين والمختصين في شؤون الإبل في سلطنة عمان من خلال تناول 3 محاور وهي المحور العلمي "دور المختبرات والبحوث الحيوانية في صحة الإبل" والمحور التاريخي "تاريخ الإبل العُمانية" والمحور الاجتماعي "أهمية الإبل في المجتمع العُماني"، والمحور الثقافي "التراث الثقافي للإبل".
تهدف الندوة للتعريف بالإبل العُمانية وتاريخها وأصالتها ودورها في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقدم الدكتور محمد بن علي العبري أستاذ مساعد بقسم العلوم الحيوانية والبيطرية بكلية الزراعة والعلوم البحرية بجامعة السُّلطان قابوس بعنوان "التوصيف الجيني للإبل العُمانية باستخدام التنميط الجيني لتسلسل الحمض النووي".
فتناول الباحث أنسال الإبل المختلفة وسلالاتها والتداخل بين السلالات المحلية والخارجية، واستعرض دراسة تم فيها تجميع عينات من الشعر والدم لاستخلاص الحمض النووي، كما تم تجميع قياسات جسمية للإبل بغرض مقارنتها، وأظهرت نتائج الدراسة تطابقًا بين إبل السباق من سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، أما ظاهرياً فقد أظهرت النتائج تقاربًا بين إبل ظفار وإبل الإنتاج من جهة وإبل المزاينة من جهة أخرى بينما تميزت إبل السباق بصفات ظاهرية مميزة عن بقية الأنواع.
كما قدم الدكتور سليم بن محمد الهنائي أستاذ مساعد بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى، الورقة العلمية الثانية فيالبعد التاريخي بعنوان "أهمية الإبل عند أهل سلطنة عُمان" وتناول ثلاثة محاور ركز المحور الأول على مسميات الإبل عبر التاريخ وأبرز الألقاب التي أُطلقت عليها وأهميتها عند العرب، فيما تناول المحور الثاني الإبل في التاريخ وارتباط الإنسان بها من خلال استعراض بعض النقوش الأثرية في سلطنة عُمان وأنحاء الجزيرة العربية، وركز المحور الثالث على أهمية الإبل عند أهل سلطنة عُمان واستخداماتها في نواحي الحياة المختلفة.
وتناولت ورقة العمل الثالثة المحور الاجتماعي قدمها الدكتور مسلم بن سالم الوهيبي أستاذ عقيدة وفلسفة بكلية العلوم التطبيقية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية ورقة عمل بعنوان "الأبعاد الفلسفية للعمل التطوعي في ميادين سباقات الهجن بسلطنة عُمان" وهدفت إلى استنتاج الأبعاد الفلسفية للعمل التطوعي في ميادين سباقات الهجن الأهلية بسلطنة عُمان – ميدان الأبيض بولاية سناو نموذجًا وإبراز دور العمل التطوعي في إحداث تنمية شاملة للمجتمع العُماني حيث اختار الباحث "ميدان الأبيض الأهلي لسباقات الهجن" بولاية المضيبي نموذجًا، محدداً أنشطة 2019م كعينة زمانية، لكونه آخر موسم متكامل ما قبل تداعيات جائحة كورونا.
وختمت الندوة أوراق عملها بالبعد الثقافي بورقة عمل "الثقافة الموسيقية المرتبطة بالإبل" قدمها ناصر بن محمد الناعبي مساعد مدير مركز عُمان للموسيقي التقليدية بديوان البلاط السُّلطاني، وناقشت محورين رئيسين، تناول المحور الأول خصائص الثقافة الموسيقية في البادية العُمانية "الفنون المرتبطة بالإبل"، فيما ركز المحور الثاني على الأنماط الموسيقية التقليدية العُمانية "مجتمع البادية العُمانية نموذجًا".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الع مانیة
إقرأ أيضاً:
معرض صنعاء الدولي للقهوة يتحول إلى قبلة لمتذوقي البن اليمني
يمانيون../
من قلب العاصمة صنعاء، تفوح رائحة القهوة اليمنية فتنسج في الأجواء سحراً يروي حكاية وطن تمتد جذورها إلى عمق التاريخ.
ومنذ انطلاق فعاليات معرض صنعاء الدولي للقهوة يوم الأحد الماضي، تحولت العاصمة صنعاء إلى قبلة لعشاق القهوة، والخبراء والمزارعين والمهتمين في رحلة تذوق فريدة يكتشفون خلالها أسرار البن اليمني الممتد من سفوح الجبال إلى فنجان يختزل في نكهته قروناً من الزراعة الحرفية والتقاليد العريقة.
المعرض الذي نظمته وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، ممثلة بالمؤسسة العامة لتنمية وتسويق البن، على مدى خمسة أيام لم يقتصر فقط على عرض المنتجات، بل تضمن ورش عمل توعوية حول طرق الزراعة المستدامة، وتقنيات التحميص الحديثة، وأفضل الممارسات التسويقية لضمان وصول المنتج اليمني إلى الأسواق العالمية بأفضل صورة.
كلمات من قلب الحدث :
وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) رصدت في هذا الاستطلاع أصداء المعرض عبر لقاءات مع القائمين عليه، والشركات المشاركة، والأسر المنتجة، والزوار، الذين أجمعوا على أن هذا الحدث ليس مجرد معرض، بل احتفاءٌ بموروث خالد، وفرصة لإبراز جودة البن اليمني الذي ما يزال متربعاً على عرش الذائقة العالمية.
حيث يرى وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية الدكتور رضوان الرباعي، أن البن جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاقتصادية لليمن، وهو محصول نقدي استراتيجي لطالما ارتبط بتاريخ وحضارة هذا البلد العريق، فضلا عن تميزه بجودته العالية ونكهته الفريدة التي جعلته محط أنظار عشاق القهوة حول العالم.
وأشار إلى أن اليمن الموطن الأول لشجرة البن ومنها انتشرت إلى بقية أنحاء العالم، وهذا الارتباط التاريخي يجعل من البن رمزاً للهوية اليمنية ومصدر فخر لأبنائه.
وأوضح أن تنظيم المعارض الخاصة بالبن، وإعلان الثالث من مارس من كل عام يوماً وطنياً، وإنشاء المؤسسة العامة لتنمية وتسويق البن، وإصدار قرار منع استيراد البن الخارجي بكافة أنواعه وأشكاله، يأتي في سياق الدعم والاهتمام بهذا المحصول النقدي المهم.
فيما ذكر الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة لتنمية وتسويق البن مانع العسل، أن البن اليمني من أغلى أنواع البن في العالم، لأنه من الصنف العربي مقارنة بأنواع البن الأخرى التي من الصنف روبستا.
ونوه بمزايا البن اليمني ومنها نموه في مناطق جافة وتعرضه للشمس بصفة دائمة، ما يزيد من تركيز الأروما “الزيوت الطيارة” التي تعطيه نكهة مميزة، إلى جانب أن معاملات البن اليمني تجفّف تحت أشعة الشمس ويقشر يدوياً، كما ثبت أن البن اليمني به كل الجينات الوراثية، وهي جينات ليست موجودة في أي بن في العالم.
واعتبر العسل، معرض صنعاء الدولي للقهوة تظاهرة مهمة لرفع مستوى الوعي بأهمية زراعة البن وما يمتاز به من خصائص ومميزات فريدة.
في حين أشار المدير التنفيذي لفعاليات اليوم الوطني للبن اليمني للعام 2025م محمد القاسمي، إلى أن التوسع في المعرض هذا العام يعكس الاهتمام المتزايد بقطاع البن.
وبيَّن أن الهدف الرئيسي من المعرض دعم المزارعين من خلال تعزيز التسويق المحلي والعالمي، حيث يعتبر غياب التسويق العائق الأكبر أمام تحقيق المزارعين أرباح عادلة، مؤكداً أهمية دعم المزارعين وتزويدهم بالمعرفة والتقنيات الحديثة لضمان تحسين جودة البن المنتج.
من جانبه أفاد مدير معرض صنعاء الدولي للقهوة علي الهارب، بأن المعارض من أهم الفعاليات التسويقية والترويجية للمنتجات الزراعية، مبيناً أن عدد المشاركين في المعرض شهد ازدياداً ملحوظاً من 150 مشاركاً في المعارض السابقة إلى أكثر من 250 جهة من شركات وجمعيات ومؤسسات رسمية هذا العام.
ورأى أن المشاركة الواسعة في المعرض تعكس الاهتمام المتزايد بقطاع البن، حيث يسعى المعرض إلى تقديم صورة متكاملة عن هذا المنتج الفاخر، كما يعكس الوعي المتزايد بجودة البن اليمني وقدرته على المنافسة عالميًا.
ولفت إلى أن المعرض ضم أجنحة متعددة، منها الجناح التاريخي الذي يسرد حكاية البن اليمني منذ نشأته، وشركات وجهات متعددة شاركت بفاعلية، بالإضافة إلى ركن “أشبال البن اليمني”، الذي هدف إلى تعزيز ثقافة البن لدى الأطفال، ليكبروا وهم مدركين لأهمية المحصول الذي يعد جزءًا من هويتهم الوطنية، مشيراً إلى أن غرس هذه الثقافة في نفوس الأجيال الصاعدة سيسهم في الحفاظ على هذا الإرث الثمين وضمان استمراره عبر الزمن.
دعم الاستثمار:
أما رئيس قطاع المشاريع بالهيئة العامة للاستثمار المهندس محمد الفرزعي، فرأى أن المعرض أصبح ظاهرة سنوية تتطور في كل دورة، مشدداً على ضرورة التركيز على سلاسل قيمة البن، مثل التسويق، التعبئة، الإنتاج، التغليف، والبذور، بهدف التوسع في الإنتاج والتخفيف من تكاليفه ليصبح محصولاً منافس عالمياً.
وتوقع أن يكون للاستثمار في البنية التحتية لقطاع البن، أثراً كبيراً على الإنتاجية، موضحاً أن تعزيز تقنيات الزراعة الحديثة والاهتمام بجودة التربة والري يمكن أن يساهم في زيادة الإنتاج وتحسين جودته، داعياً إلى إنشاء مراكز متخصصة لدعم المزارعين وتقديم الإرشاد اللازم لهم.
من جهته أكد رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة علي الهادي، ضرورة تسويق البن اليمني عالمياً، مبيناً أن الغرفة التجارية تدعم قطاع البن بجميع سلاسله الإنتاجية والتسويقية، معتبراً الاستثمار في قطاع البن فرصة اقتصادية واعدة، ويجب أن يكون أحد البدائل الاقتصادية المستدامة للقات.
هوية تتجدد:
في أروقة المعرض، لا تكتفي القهوة بأن تكون مشروباً، بل تتحول إلى تجربة حسية متكاملة؛ نكهتها الفريدة، أريجها الذي يعبق في الأجواء، وألوان الحبوب التي تحكي قصص الأرض والجهد والشغف، إنه احتفاء بالقهوة اليمنية، ذلك الإرث الذي يواصل تألقه رغم تعاقب الأزمان، مؤكداً أن لكل فنجان حكاية، ولكل حبة من البن مذاق من عبق الوطن.
في هذا السياق أكد رئيس اتحاد جمعيات منتجي البن محمد حسن، أن اليمن الموطن الأصلي للبن، وأن هذا المحصول يمثل جزءًا من الهوية اليمنية لأكثر من ألف عام، مبيناً أن المعرض فرصة ترويجية لتعريف العالم بجودة البن اليمني وتعزيز مكانته في الأسواق العالمية، داعياً إلى توفير المزيد من الدعم للمزارعين، ليتمكنوا من الاستمرار في إنتاج البن الفاخر الذي تشتهر به البلاد.
تجارب المشاركين:
من بين المشاركين في المعرض، تحدثت خلود القدسي من شركة أقيال البن اليمني عن أهمية توفير دعم للمزارعين في مجالات الإرشاد الزراعي والأسمدة وآلات الري، مما يساعد في رفع جودة الإنتاج، مؤكدة أن المعرض يعد فرصة مثالية لترويج البن اليمني محلياً وعالمياً.
أما فاطمة الشميري من مشروع كنزي، فقد شددت على أهمية هذه المعارض في تعريف المستهلكين المحليين والعالميين بالبن اليمني، مشيرة إلى ضرورة توفير المنتج بأسعار تنافسية لضمان استمرارية الطلب عليه.
بينما روى، جميل المسوري، صاحب مشروع “خذ لك بلدي”، تجربته في تأسيس مشروع لدعم أولاده من ذوي الإعاقة العقلية عبر تسويق المنتجات المحلية، ومنها البن، موضحاً أن مشروعه، الذي بدأ من المنزل، أصبح الآن يضم أكثر من 31 نقطة توزيع، ما يعكس الإقبال على المنتجات المحلية ذات الجودة العالية.
أصالة وتفرد:
الإقبال الكبير على المعرض يعكس مكانة اليمن كموطن أول للبن، حيث كانت موكا اسماً تتناقله الألسن في كل ركن من أركان العالم، شاهدة على مجد هذا المنتج الذي ظل رمزاً للأصالة والتفرد.
فقد عبر الإعلامي أحمد الجعماني أحد الزائرين للمعرض، عن إعجابه الكبير بتنوع المنتجات وأساليب التقديم المختلفة، معتبراً أن مثل هذه الفعاليات لا تعزز فقط الوعي بأهمية القهوة اليمنية، بل تخلق بيئة ثقافية ممتعة تجمع بين محبي القهوة والخبراء في هذا المجال.
ورأى أن استمرار إقامة هذه الفعاليات سيساهم في الترويج للبن اليمني بشكل أكبر، خاصة بين فئات الشباب الذين بدأوا يهتمون بالقهوة المختصة.
وبحسب الجعماني فإن البن اليمني يواجه منافسة شديدة في الأسواق العالمية، لكنه يتميز بجودته الفريدة ونكهته الغنية، ما يجعله مطلوباً لدى محبي القهوة المتخصصة، حاثاً على إقامة مثل هذه الفعاليات لتعزيز وعي المستهلكين المحليين والدوليين بأهمية دعم المنتج اليمني، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وأكد أن الطلب على القهوة اليمنية في ازدياد، لكن لا تزال هناك حاجة لتعزيز سلاسل الإمداد وتحسين طرق المعالجة والتسويق، موضحاً أن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في هذا المجال، سيساهم بشكل كبير في تطوير الصناعة وزيادة فرص العمل للشباب اليمني.
الجودة والتسويق:
يرى سامي طاهر، صاحب شركة الطاهر لتصدير المنتجات اليمنية، أن معرض صنعاء الدولي للقهوة ليس مجرد فعالية تجارية، بل منصة فريدة لنقل التراث اليمني إلى الداخل والخارج، وتعريف العالم بجودة البن اليمني التي لطالما ميزته عبر العصور.
وأكد أن البن اليمني ليس مجرد محصول زراعي، بل موروث حضاري يعكس أصالة اليمن وثقافته المتجذرة منذ قرون، مبيناً أن البن اليمني كان لقرون طويلة واجهة اقتصادية رئيسية للبلاد، وكان يصدر إلى مختلف أنحاء العالم، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من المشهد التجاري والاقتصادي للبلاد، ومع ذلك، يواجه اليوم تحديات كبيرة تتعلق بالتسويق، والجودة، والتصدير، مما يحتم وضع استراتيجيات حديثة للترويج لهذا المنتج الفاخر.
وبينما يشيد طاهر بجهود وزارة الزراعة والجهات الحكومية في تنظيم المعارض ودعم قطاع القهوة، فإنه يشدد على ضرورة مواصلة الجهود التسويقية وتوسيع نطاق الترويج للمنتج اليمني عالمياً.
وقال إن هناك تسهيلات حكومية واضحة، مثل منع استيراد البن الخارجي، وهو ما يشكل فرصة ذهبية لتعزيز الإنتاج المحلي، لكن على الشركات أن تستغل هذه الفرصة عبر تحسين جودة الإنتاج، وتعزيز القيمة المضافة للمنتج، وبناء علامات تجارية قوية تعكس تميز البن اليمني في الأسواق العالمية.
أما عادل رسام، الباحث في سلاسل قيمة القهوة، والمشرف على جناح البن الخولاني في المعرض، فيرى أن الحفاظ على جودة البن اليمني يتطلب جهوداً متكاملة تبدأ من المزرعة وتمتد حتى وصول المنتج إلى المستهلك. وقال: “جئنا اليوم للمشاركة في هذا العرس الكبير للبن، ولتمثيل البن الخولاني القادم من محافظة صعدة، وهو واحد من أشهر أنواع البن اليمني وأكثرها شهرة على الإطلاق”.
ووفق رسام فإن البن الخولاني يشكل ما بين 40-45% من إجمالي إنتاج البن اليمني، ويتم تصدير نحو 80% منه إلى الأسواق الخارجية، سيما إلى دول الخليج، حيث يحظى بسمعة ممتازة ونكهات فريدة، مؤكداً أن البن اليمني بمجمله يتمتع بجودة عالية، لكنه يحتاج إلى استراتيجيات تسويقية حديثة لتعزيز مكانته عالمياً.
وأفاد رسام بأن أحد أكبر التحديات التي تواجه البن اليمني هو الغش التجاري، الذي يؤثر على سمعته وجودته، موضحاً أنه في الماضي، كان التجار يوصلون البن بأمانة تامة، لكن مع غياب الرقابة الكافية، انتشرت بعض الممارسات التي تؤثر على جودة المنتج.
ونوه إلى أن هناك طرق علمية حديثة لضمان جودة البن، منها بناء شركات تصديرية متخصصة، وإطلاق علامات تجارية تلتزم بأعلى معايير الجودة، بدءًا من زراعة الأصناف الممتازة، مروراً بطرق الجني والتجفيف السليمة، وصولًا إلى التخزين والتعبئة والتصدير بطريقة احترافية.
وشدد رسام على ضرورة توفير أنظمة تتبع ومراقبة للجودة، تضمن حماية المنتج من التلاعب، إلى جانب تفعيل دور الجمعيات الزراعية والمؤسسات الرقابية لمنح شهادات جودة معترف بها دولياً، محذراً من أن أي رقابة يجب أن تكون بعيدة عن البيروقراطية والفساد، لأن السوق الحر والتنافسية هما السبيل الأمثل لتعزيز مكانة البن اليمني على المستوى العالمي.
تاريخ يتجدد:
بين أروقة المعرض، تعالت الأصوات المحبة لهذا الإرث، وتدفقت الآراء التي أكدت أن القهوة اليمنية ليست مجرد مشروب، بل هوية وتاريخ يتجدد مع كل فنجان.
محمد العمري، باحث ومؤرخ، أوضح أن هذا العام الثالث لمشاركة قسم المخطوطات والجناح التاريخي في المعرض، إلا أن كل عام يشهد تطوراً واضحاً، والهدف من ذلك إبراز أصالة البن اليمني، إذ يعود لليمنيين الفضل في اكتشاف هذه النبتة التي كانت تُستخدم كفاكهة، ثم تم تحويلها إلى مشروب.
وبيَّن أنها كانت في البداية محرمة لدى الفقهاء، حتى تمت المحاججة والإثبات بأن البن ليس مادة مسكرة، ومن ثم انطلقت رحلة البن من اليمن إلى العالم، مبيناً أن اليمن هو مصدر البن، وأن اليمنيين هم أول من زرعه واكتشفه، واستمروا على مدى قرون متربعين على عرش البن عالميًا.
وبحسب الباحث العمري فقد كانت هناك صراعات دولية بين هولندا والنمسا والعثمانيين، وقبلهم البرتغاليون، يتنافسون على المخا، وعلى هذا المشروب الذي ذاع صيته وملأ أرجاء العالم، وما يؤكد ذلك الوثائق التي تتضمن طلب البن من بعض الملوك، مثل طلب الملك الإنجليزي من السلطان العثماني في سنة 1791 ميلادي، حيث طلب هذه المادة التي تسعده، كما ورد طلب آخر من السلطان العثماني الذي حدد طلبه من بن بني مطر، وآنس، والحيمة، في إشارة إلى مكان تواجد مادة البن تحديدًا.
وقال العمري “إن هذه الوثائق والمخطوطات لديها نسخ أصلية موجودة في الأرشيف البريطاني، والألماني، والهولندي، وقد قمنا بجمعها لنظهر للعالم أجمع قصة البن واكتشافه وكيف صدّره اليمنيون إلى العالم”، لافتاً إلى أن توجه الدولة للاحتفاء بالبن، سيعيد اليمن إلى الصدارة كما كان سابقًا، و”موكا” أكبر دليل على أصالة البن اليمني.
واستنكر تصنيف بعض الدول الأخرى بأنها أصل القهوة العربية، دون الاستناد إلى أي مصادر تاريخية، قائلاً: “كل ما عليهم هو الذهاب إلى المتاحف العالمية، الألمانية والفرنسية وغيرها، وقراءة كتاب رحلة نيبور عام 1763”.. مضيفاً “كما أننا حصلنا هذا العام على وثيقة تاريخية يمكن أن نسميها ‘عصا موسى’ التي تلقف كل إفكهم، حيث يصل عمر هذه الوثيقة إلى 800 عام، وهي تحكي عن البن والقهوة اليمنية بالتفصيل، وأصلها موجود في الأرشيف البريطاني، حيث تم أخذها عام 1839، في محاولة لفقدان أهمية ميناء المخا، وما زال البحث جارياً عن وثائق أخرى”.
نافذة تسويقية:
ويصف الصحفي محمد حاتم معرض صنعاء الدولي للقهوة بنافذة تسويقية وحدثاً مهماً يعكس المكانة التاريخية والاقتصادية لمحصول البن اليمني، الذي ارتبط بتاريخ وهوية الشعب اليمني، معتبراً المعرض فرصة رائعة لتعريف العالم بجودة البن اليمني، وتعزيز الوعي بأهمية هذا المنتج الاستراتيجي، ودعم جهود تنميته وتسويقه محلياً ودولياً.
إن إقامة مثل هذه المهرجانات والمعارض تساهم بشكل كبير في الترويج للبن، وتخلق وعياً مجتمعياً بأهمية هذا المحصول، إلى جانب الإسهام في اجتماع المنتجين والمصنعين والمسوقين والمصدرين في مكان واحد، بالإضافة إلى تعزيز الهوية الزراعية لليمن، وهي كذلك منصة مهمة لتبادل الخبرات بين المختصين، وعقد الشراكات التي تسهم في تطوير القطاع الزراعي وتعزيز الاقتصاد الوطني.
مشاركة واسعة:
يفيد مطيع الحميدي أحد المشرفين على تنظيم المعرض بأن فعاليات وأنشطة المعرض حظيت بمشاركة واسعة من قبل المشاركين والزائرين، مبيناً أن الإقبال فاق التوقّعات، كون أبناء اليمن بطبيعتهم يتذوقون البُن.
وعبر عن تطلعه في استمرار مثل هذه المعارض بشكل منتظم، بما يعزز من ثقافة البن وإحياء تاريخه ورمزيته، واستعادة تراثه، ونشر ثقافة القهوة كهوية وحضارة للشعب اليمني.
وبهذا التنوع الكبير في وجهات النظر، يتضح أن القهوة اليمنية ليست مجرد منتج زراعي، بل هوية وطنية وإرث ثقافي واقتصادي يستحق الاهتمام، ومن خلال مثل هذه الفعاليات، يمكن تعزيز مكانة البن اليمني عالميًا، وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه زراعته وإنتاجه، فكل فنجان من القهوة اليمنية يحمل في طياته قصة كفاح وإبداع، تُروى بفخر بين الأجيال، وتؤكد أن هذا المشروب سيظل جزءًا أصيلًا من حضارة وتراث اليمن العريق.
سبأ