وكيل الأزهر: الحافظ للقرآن يحمل في قلبه دستور خير أمة أخرجت للناس
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن الحَافظَ للقرآنِ الكريمِ لَيَحملُ في قلبِّهِ دُستورَ خيرَ أمَّةٍ أُخرِجَتْ للناسِ، يحملُ الفرقانَ والنورَ المبينَ، وإذا انضمَّ إلى الحفظِ الفَهْمُ والعملُ صارَ حاملُ كتابِ اللهِ نورًا يهدي إلى طريقِ اللهِ، يأخذُ بأيدي مَن حولَه من ظلماتِ الجهلِ إلى نورِ العلمِ والمعرفةِ، وهذه رسالةُ الأزهرِ الشريف، والأزهر في حقيقتِه وجوهرِه إنما هو صورةٌ من صُوَرِ العبقريةِ العلميةِ، التي لها امتدادٌ معرفيٌّ شَمِلَ من المغربِ حتى الملايو، فكم من طالبٍ علم أوى إليهِ مِنَ الأقطَارِ البعيِّدةِ، والأصْقَاعِ النَّائيةِ، فاغتربَ عَنِ الأهلِ والوطنِ، وتجشَّمَ البُعدَ وصبرَ على ذَلك.
وأضاف فضيلته خلال كلمته بتخريج الدفعة الأولى من «مدرسة الإمام الطيب» لحفظ القرآن الكريم وتجويده، أن ما يشهدُه العالمُ الآنَ من تطوراتٍ خطيرةٍ، لا علاجَ له إلا بالعملِ بما في كتابِ اللهِ، والعودةِ لسنةِ نبيِّه الكريمِ -ﷺ- كي يأمَنَ الناسُ على حياتِهم وأوطانِهم وأولادِهم، فالقرآنُ الكريمُ هو الدستورُ الأوَّلُ والأخيرُ ليس للمسلمينَ فقط، بل للإنسانيِّةِ كُلِّها، وفي التمسكِ به ضمانُ سَلامِها وأمنِها، فهو الداعي إلى السلامِ في غيرِ ضعفٍ، والقوةِ في غيرِ بطشٍ، وما عانت الشعوبُ الآنَ إلا من جرَّاء الابتعادِ عن المنهجِ القويمِ، والصراطِ المستقيمِ، الذي ضَمِن لكل إنسانٍ حقَّه، وفيه الأمنُ والأمانُ والسلامةُ والسلامُ، يَهدِي بهِ اللهُ مَن اتَّبَعَ رِضوَانَه سُبلَ السَّلامِ.
وتابع وكيل الأزهر أنه قد نتجَ عَن هَذِه الرِّحْلاتِ العلميةِ إلى الأزهرِ الشريفِ أن أهدى الأزهرُ إلى كُلِّ قُطرٍ مِنَ الأقطارِ عقلًا مُتألِّقًا وشخصيةً رفيعةً كانت بَابَ عِلمٍ وَأمانٍ ورحمَةٍ لِذلك البلدِ، وخَلعَ عَلى تِلكَ الشَّخصيَّاتِ خِلعةَ العِلمِ والمعَرفةِ ونَوَّرَ العقولَ بقَبسِ الحكمةِ، فلم يُفّرِّقْ بينَ وافدٍ وغيرِه، بل اهتم اهتمامًا شديدًا بِمن يَفدُ إليهِ مِن شتَّى البُلدانِ عملًا بوصيِة سيدِنا رسولِ اللهِ -ﷺ- حينما وفد إليه سيدُنا صفوانُ بنُ عسّالٍ، وقال له: إني جئتُ أطلبُ العِلْمَ، فقال -ﷺ- مرحبًا بطالبِ العِلْمِ، إنَّ طالبَ العِلْمِ لَتَحُفُّهُ الملائكةُ وتُظِلُّهُ بأجنحتِها. ولذلك فقد رحّبَ الأزهرُ بأبنائِه الوَافِدينَ تَرحِيبَ الأبِ بِابنِهِ البَّارِ، واضطلاعًا بِدورِه العالميِّ.
وبيَّن فضيلته أنَّ الأزهرَ الشريفَ لم ينقطعْ عن بِرِّ أبنائِه الوافدينَ، والحرصِ على تعليمِهم، فأنشأ لهم مدرسةً لتحفيظِ القرآنِ الكريمِ بالقراءاتِ العشرِ، وهي مدرسةُ الإمامِ الطيبِ المباركةُ، ونحن نشهدُ الآنَ حفلَ تكريمٍ مباركٍ لعددٍ من الطلابِ الأوائلِ ممن حَفِظَ القرآنَ الكريمَ كاملًا أو بعضَ أجزاءٍ مِنه، ونحن إذ نحتفلُ اليومَ بالأوائلِ فإننا نُهيبُ بأبنائِنا من حفظةِ القرآنِ الكريمِ أن يكونوا صورةً مشرفةً للقرآنِ الكريمِ، فبه يُعرَفون، وعلى دربِه يَسلكون، فلا تكونوا مدخلًا لكل مشكِّكٍ في أخلاقِ الإسلامِ، ولكن كونوا نبراسًا يهتدي به مَن يريدُ الحقَّ، فأنتم سفراءُ للإسلامِ، إن أحسنتم وبهدي القرآنِ الكريمِ اقتديتم آمن الناسُ برسالتِكم الساميةِ، وإن زللتم كنتم سببًا في ابتعادِ الناسِ عن الدينِ الحقِّ، فلتنظروا لأنفسكِم أيُّ الفريقينِ خيرٌ مَقَامًا وأحسنُ نَدِيًّا.
وفي ختام كلمته قدم وكيل الأزهر الشكر لرئيس جامعة الأزهر على جهوده وتبنيه لكل مبادرات الأزهر، وأهمية أن تتبنى الجامعة هذه المبادرة الطيبة «مدرسة الإمام الطيب» والقيام على تحفيظ القرآن الكريم في كل كليات الجامعة، كما قدم فضيلته الشكر للدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر ورئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، على ما تقوم به من جهود في خدمة العلم والارتقاء بمنظومة الوافدين وهذه المبادرة الطيبة «مدرسة الإمام الطيب»، ولولا هذه الجهود ما كنا لنحتفل اليوم بحفظة كتاب الله من الوافدين، مقدمًا اقتراحًا بأن يتبنى المركز «مشروع الألف حافظ» من الطلاب الوافدين وسيكون أمرًا عظيمًا وخطوة على الطريق الصحيح، فهذا يمكن الطلاب من حفظ كتاب الله وإتقان اللغة العربية، لنخرج بذلك طالبًا شاملًا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وكيل الأزهر الحافظ للقرآن وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
مدرسة النبوة وتلميذها القائد الشهيد
في ذكرى استشهاد شهيد القرآن وسيد الشهداء يتبادر إلى الاذهان حجم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه في ظروف صعبة وغاية في التعقيد مستندا على الثقة بالله والتوكل عليه والاستجابة له والجهوزية للتضحية في سبيله.
إن المشروع القرآني الذي قدمه شهيد القرآن لينير طريق هذه الأمة ويحدد مساراتها المستقبلية مثّل لحظة فارقة ومفصلية في تاريخ الأُمَّــة الإسلامية، وملحمة جهادية تجسدت بعظمة التضحيات الكبيرة التي قدمها عظماء الأُمَّــة في سبيل عزتها وكرامتها وفي مقدمتهم قرين القرآن الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، سلام الله عليه .
لقد مثل استشهاد القائد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – وهو يدافع عن معتقدات الإسلام ومعاني القران التي حاول الأعداء طمسها من نفوس المسلمين واستبدالها بأفكار ومعتقدات تخدم مصالح اليهود وتعزز هيمنتهم على أمة الإسلام والمسلمون لحظة فارقة ومظلومية هزت عروش الطغاة وأربكت حساباتهم والتي أراد من خلالها المجرمون والعملاء، ومن ورائهم أمريكا وإسرائيل، أن يطفئوا نور الله، لكن الله أبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
إن الجهد المبارك الذي قدمه الشهيد القائد في سبيل هذه الأمة وما بذله من عطاء عظيم من أجل إحياء روح الأمة وتحريك بوصلتها نحو العدو الأوحد لها المتمثل باليهود والنصارى ومن تآمر معهم، تجسد في إدراك الشهيد لمكامن الضعف في هذه الأمه، حيث كان رضوان الله عليه يرقب تلك التحركات للأعداء بنظرة قرآنية، ويقيمها، ويعي خطورتها.
وعندما تحرك كانت نعمة عظيمة بما قدم من خلال القرآن الكريم من وعي وبصائر وحلول للأمة حتى تخرج من حالة التيه والعمى، وتعود إلى مسارها الذي أراده الله لها وأمر به نبيها، ما يجعلها محصنة من السقوط في مشاريع الأعداء، فكان للدروس والمحاضرات التي غيرت في مسار هذه الأمة الأثر الكبير في رفع وعي أبناء الأمة ، وعرفها بعدوها الحقيقي الذي حدده الله تعالى في القرآن الكريم بقوله (لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
لقد كان الشهيد القائد قرين القرآن، سليل بيت النبوة، رمزاً للجهاد والثبات على الحق والتمسك بالمبادئ القرآنية، في زمن تخاذلت فيه الأمم وتكالب فيه الأعداء واصبح الخنوع والارتهان للأعداء وسيلة للتقرب من اليهود والنصارى الذين حاولوا تشويه هذا الدين وطمس أخلاقه ومبادئه على يد المسلمين أنفسهم، حتى كان لا يوجد للإسلام سوى اسمه، ولهذا كان صوت الشهيد القائد وحوله ثلة من المؤمنين يصدح بكلمة الحق في وجه المستكبرين، داعياً الأمة إلى العودة الصادقة لله تعالى، وجعل القرآن الكريم منهج حياة للأُمَّـة الإسلامية محذرا من مخاطر التساهل مع مخططات العدو ومؤامراته الخبيثة التي استشرت في جسد الأمة حتى باتت رهينة لأطماع الأعداء ذليلة مكسورة أمام إجرام العدو وغطرسته .
إنها دروس نستلهم منها كل معاني البذل.. وتمدنا بالكثير من صور الجهاد والصبر والتضحية ذكرى استشهاد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – عليه السلام – التي بمثابة محطة يتزود منها كل المجاهدين في مختلف الثغور وعلى كل الجبهات، هي مدرسة يتعلم منها كل أحرار العالم كيفية الاستعانة بالله على مواجهة الطغاة، وكيف تستطيع الأمة أن تحوّل ضعفها وهزيمتها أمام العدو إلى نصر وفتح عظيم بعد التوكل على الله والاقتداء بنهج النبي وآل بيته الأطهار.
محافظ محافظة عدن