القى محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش، الضوء ضمن قراءة تحليلية، على فحوى رسائل سيجورني من الرباط، بشأن مستقبل العلاقات المغربية الفرنسية، بناء على طموح الحاضر وروابط الماضي.

أول رسالة توقف عندها الدكالي، كون زيارة الوزير المعين حديثا على رأس الخارجية الفرنسية، هي زيارة لتجاوز مرحلة سوء الفهم وفتح باب التواصل مع المملكة، مضيفا أن الأمر يتعلق بفصل جديد في العلاقات الثنائية من أجل المصالح العليا للبلدين.

ولأن قضية الصحراء المغربية هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، كما أكد الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، لفت المتحدث ذاته إلى الرسالة الثانية، وهي تأكيد فرنسا على دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007.

وقال في هذا السياق “هذا الموقف دأبت الدبلوماسية الفرنسية على تأييده على المستويين الأممي والأوروبي، وسيجورني أكد في الندوة المشتركة مع نظيره المغربي أن فرنسا تريد حل النزاع في إطار مقترح يرضي كلا الطرفين مع دعم جهود المبعوث الأممي من أجل إعادة المفاوضات”.

وتابع “المسؤول الفرنسي  صرح بأنه اختار المغرب كأول زيارة له إلى المنطقة ما يبين أنه سيقوم مستقبلا بجولة تشمل بلدان هذه الأخيرة، وزيادة على ذلك، أثنى على الجهود الجبارة التي قامت وتقوم بها المملكة من أجل تنمية الأقاليم الجنوبية المغربية”.

الرسالة الثالثة عنونها بنطلحة بـ”البراغماتية”، حيث أوضح أن الوزير الفرنسي تكلم عن البراغماتية التي تقوم على النفعية والمصالح ولا تعير اهتماما للقيم أو المبادئ، مردفا أن البراغماتية السياسية، تتعامل مع الوضع السياسي بشكل واقعي كما هو وليس كما ينبغي أن يكون للوصول إلى النتيجة المرجوة.

وفي إطار البراغماتية، تطرق إلى إعلان المسؤول الفرنسي عن زيارات مرتقبة لوزراء بلاده إلى المغرب، وخص بالذكر وزير الاقتصاد، معتبرا أن هذا دليل على كون الهاجس الاقتصادي، يبقى عنصرا أساسيا في عقيدة الدبلوماسية الفرنسية، “سيما أنه تحدث عن خارطة طريق تمتد لثلاثين سنة المقبلة” يضيف مؤكدا.

ومن زاوية الأكاديمي، استحضر الدكالي رسالة بمفهوم “التبصر”، لافتا إلى قول سيجورني، إن المغرب تطور كثيرا في ظل حكم الملك محمد السادس، في اعتراف ضمني بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وتأكيده على أنه “يجب أن نرى التحديات المقبلة بالكثير من التبصر حتى نجاري العالم الذي يتحول بسرعة”.

“مصطلح التبصر يستشف منه أن فرنسا أدركت أن المغرب أصبح قوة إقليمية صاعدة، والمبادرات التي أطلقها سواء في غرب إفريقيا أو بدول الساحل أو دول الأطلسي أو في علاقته المتعددة الأقطاب مع القوى العظمى، تفرض ضرورة التحلي بالواقعية السياسية وهو ما أشير إليه بالتبصر، مصطلح التبصر لم يأت صدفة أو عبثا وإنما ينم عن إدراك لمكانة المغرب الدولية والإقليمية اقتصاديا وسياسيا. التبصر يحيل إلى العقل والواقعية السياسية وعدم الانسياق وراء بعض الجيران في أحلامهم الميتافيزيقية” يوضح الأستاذ الجامعي.

وفي نفس الاتجاه، ذكر بنطلحة أهمية الرسالة التي وجهها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، من الرباط، إذ أكد أن المملكة المغربية أصبحت قطبا أساسيا في المنطقة وفاعلا مهما في المنتظم الدولي، وبفضل الإصلاحات التي قام بها الملك محمد السادس، فهي تقدم فرصا كبيرة لشركائها وصارت شريكا مطلوبا من قبل العديد من القوى الدولية.

وختم قراءته التحليلية، بالإشارة إلى أنه بعد وضع نقط ثابتة على مبدأي “الثقة” و”الاحترام المتبادل” كما على حروفهما، تسير العلاقة المغربية الفرنسية صوب نضج الأفكار، مسجلا أن زيارة تقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بلادنا، ستقترن بفصل النضج في المرحلة الجديدة من علاقة الرباط وباريس.

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

المشاط تلتقي السفير الفرنسي لبحث مستقبل العلاقات الاقتصادية الثنائية

التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إيريك شوفالييه، سفير فرنسا بالقاهرة، وذلك لبحث مستقبل العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية، في ضوء ما تم توقيعه من اتفاقيات مؤخرًا لتمويل عدد من المشروعات التنموية، وأولويات الشراكة في الفترة المقبلة.

وخلال الاجتماع، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، على عمق العلاقات المصرية الفرنسية، وأهميتها والتطور الذي شهدته خلال الفترة الماضية، وانعكاس ذلك على تنفيذ العديد من المشروعات التنموية في القطاعات ذات الأولوية من خلال علاقات التعاون الإنمائي سواء مع الحكومة الفرنسية أو الوكالة الفرنسية للتنمية، والتي كانت لها دور محوري في تعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية في مختلف القطاعات.

وأشادت بالجهود المبذولة بالتعاون مع الفرق الفنية من الجانبين في الفترة الأخيرة والتي نتج عنها إتمام عدد من الاتفاقيات من بينها تمويل مشروع خط سكة حديد الروبيكي، ومشروعات في قطاعات الصرف الصحي، والكهرباء والطاقة.

واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، الجهود التي تقوم بها الدولة لحوكمة ورفع كفاءة الإنفاق الاستثماري في إطار ما يتضمنه برنامج الحكومة لضمان الاستقرار للاقتصاد الكلي وزيادة استثمارات القطاع الخاص، موضحة أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل على دفع النمو الاقتصادي المستدام، وذلك من خلال الاعتماد على سياسات مدعومة بالأدلة والبيانات لتحديد وسد فجوات التنمية في القطاعات، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم مرونة السياسات المالية الكلية، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

ولفتت إلى أن الشراكة المصرية الفرنسية شهدت دفعة قوية منذ عام 2019 تعكس قوة أواصر العلاقات المشتركة بين البلدين والحرص على تنفيذ الشراكات التي ترتقي بجهود التنمية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم لشراكة استراتيجية في التنمية الاجتماعية - الاقتصادية بين مصر والوكالة الفرنسية للتنمية خلال الفترة 2019-2023 متضمنة أهم محاور التعاون وفقًا لرؤية مصر 2030، كما تم توقيع 8 مذكرات تفاهم في العديد من مجالات التنمية خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لمصر في عام 2019، تلا ذلك توقيع اتفاقيات ثنائية خلال زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للعاصمة باريس في عام 2020.

مقالات مشابهة

  • محللون: زيارة الشيباني للعراق خطوة نحو كسر الجمود وتوثيق العلاقات
  • التخطيط والتعاون الدولي تبحث مع فرنسا مستقبل العلاقات الاقتصادية الثنائية
  • المشاط تلتقي السفير الفرنسي لبحث مستقبل العلاقات الاقتصادية الثنائية
  • زيارة الشيباني إلى بغداد.. فصل جديد من العلاقات العراقية - السورية
  • زيارة الشيباني إلى بغداد.. فصل جديد من العلاقات العراقية - السورية - عاجل
  • أشرف عبدالغني: رسائل الرئيس السيسي في زيارة الأكاديمية العسكرية طمأنت المصريين
  • أشرف عبدالغني: رسائل الرئيس السيسي خلال زيارة الأكاديمية العسكرية طمأنت الشعب المصري
  • التنقيب عن البترول بالسواحل المغربية يقلق حكومة جزر الكناري
  • برلماني: زيارة الرئيس للأكاديمية العسكرية حملت رسائل مهمة للداخل والخارج
  • أحمد هارون: الانسحاب من العلاقات التي تسبب الاستنزاف العاطفي ليس ضعفًا بل قوة وحكمة