قائد الثورة: رؤية اليهود متوحشة تحتقر بقية البشر ولا تعترف بإنسانية الآخرين
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
الثورة نت|
أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، على وجوب أن ننظر إلى اليهود نظرة واعية وأن نفهمهم كما هم لا كما يحاول المغفلون أن يقدموا نظرة وهمية وخيالية عنهم.. قائلا: من يحاولون أن يهيئوا الساحة لليهود الصهاينة في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي عليهم أن يسمعوا رؤية الإبادة والاستباحة.
ولفت السيد القائد، في كلمة له اليوم، حول آخر التطورات والمستجدات، إلى أن رؤية اليهود رؤية متوحشة رؤية تحتقر بقية البشر ولا تعترف ببشرية بقية البشر ولا بإنسانية بقية الناس.. مشيرا إلى أن هناك تصريحات لمسؤولين صهاينة تصف الشعب الفلسطيني العزيز المظلوم بالحيوانات.
وقال إن اليهود الصهاينة هم من يتحركون بدون أي ذرة من المشاعر الإنسانية ونظرتهم للآخرين نظرة استباحة.. كما أن اليهود الصهاينة لا يقدرون الذي وقف إلى جانبهم وقاموا باستغلاله.
وأضاف أن القتل الشامل الإجرامي الوحشي يعبّر عن نزعة اليهود العدوانية الشديدة جدا وهناك تعبئة عدائية مستمرة في أوساطهم.. مؤكدا أن الحركة الصهيونية اخترقت الساحة الأوربية منذ قرون وحولت الأطماع والأحقاد في الوسط المسيحي إلى معتقد ديني ورؤية سياسية.
وأشار إلى أن الحركة الصهيونية اخترقت أمريكا ورسّخت معتقدات معينة في مقدمتها تعظيم اليهود وتقديسهم كمعتقد ديني.. مبينا أن من أول المعتقدات التي ركزت عليها الحركة الصهيونية في أوروبا هو اعتبار الدعم لليهود للسيطرة على فلسطين واجبا دينيا.
ولفت السيد القائد، إلى أن مسألة هدم المسجد الأقصى والاستبدال له بالهيكل المزعوم تحولت إلى مطلب ديني وربطوا به تلك المتغيرات التي يحاولون أن يهيئوا لها.. مبينا أنهُ حينما يحمل الصهاينة اليهود هذه الرؤية تجاهنا كمسلمين ينبغي أن نكون أول من يتحرك.
وأوضح قائد الثورة، أن الجمهورية الإسلامية في إيران تحركت ودعمت الموقف العربي وساندته وكانت ظهرا له في مواجهة العدو الصهيوني قبل أن يصل إليها الاستهداف.. مبينا أن إيران مستهدفة بلا شك والمؤامرات عليها بكل الأشكال. مخاطبا العرب بالقول: لا تصدقوا من يصور المسألة وكأنه لا مشكلة لكم مع العدو الإسرائيلي وهو من يحتل أرضكم ويقتل أبناءكم.
وأضاف أن رؤساء مثل بايدن ومسؤولون في بريطانيا وأوروبا يتباهون أمام الآخرين بأنهم صهاينة.. مبينا أن انتماء رؤساء ومسؤولي الغرب إلى الصهيونية يعني أنهم يحملون الرؤية العدائية جدا ضد أمتنا وشعوبنا.
وأشار إلى أن سبات الأمة طال بأكثر من الدُبّ في سباته الشتوي وهذا الشيء مؤسف جدا.. لافتا إلى أن القرآن الكريم كشف لنا حقيقة أولئك الأعداء وما يكنونه من عداء شديد لأمتنا وفي مقدمتهم اليهود قبل غيرهم.. قائلا: من العجيب أن تحب عدوك الذي يكرهك ويحقد عليك ويحتقرك ويستبيح فيك كل شيء.
وتابع بالقول: هناك اختراق يهودي حقيقي لأمتنا كبّل الأمة وجمّدها بحيث يتفرج أكثر أبنائها على ما يجري على ما يحدث على المآسي الكبرى.. مضيفا أن الأعداء حرصوا على السيطرة على القرار الرسمي حتى لا يتخذوا أي موقف عملي جاد لمناصرة الشعب الفلسطيني.
واستطرد قائلا: هناك تأثير للتوجه الرسمي على مستوى تجميد الحالة الشعبية حتى من التظاهر والأنشطة الشعبية وتعطيل على المستوى الشامل.. مبينا أن معظم الدول العربية والإسلامية لم يعد فيها أي شيء مهم يتعلق بالخطر الصهيوني اليهودي على أمتنا.
وبين قائد الثورة، أن العدو الإسرائيلي عمل على تغييب القضية الفلسطينية والأقصى من الإعلام والسياسة والتوجّهات والمواقف وأخرجها عن دائرة الاهتمام .. مؤكدا أن هناك استهداف لأمتنا الإسلامية في الوطن العربي وغيره في كل عناصر القوة المعنوية والمادية.
وأوضح أن الأعداء أغرقوا الأمة في الفتن والنزاعات والأزمات والانقسامات مع دفع كبير جدا ليتفاعل ويستجيب معها البعض.. مشيرا إلى أن فتنة التكفيريين ألحقت بالأمة أضرارا بالغة جدا ولا يزالون.
وأضاف ان البعض إذا كان المسلك انقساميا فتنويا يتفاعل معه بكل جد وجهد، لكن إذا كانت المسألة موقفا من أعداء الأمة ليس مستعدا أن يتحرك نهائيا.. لافتا إلى أن الأعداء لهم سعي رهيب جدا في نشر الفساد اللا أخلاقي في الساحة لتمييع أبناء الأمة وتحويلهم إلى أمة منحطة لا ضمير لها.
وأكد السيد القائد، أن هناك سعي لتوجيه الولاء في أوساط هذه الأمة لليهود وتطويعهم لصالح الأعداء .. مشددا على وجوب أن تستفيق الأمة من غفلتها وأن تتحرك وفق مسؤوليتها بوعي وبصيرة لتحظى برعاية الله.
كما أكد أن في ثبات المجاهدين في غزة وإلحاق الخسائر بالعدو والتماسك في مواجهة العدو درس وعبرة لكل المسلمين.. كما أن في ثبات حزب الله منذ نشأته وفاعليته والآن في جبهة ساخنة مشتعلة جدا في مواجهة العدو الإسرائيلي عبرة ودرس كبير لكل أبناء الأمة.
وأشار إلى أن في فاعلية الذين يتحركون من أبناء الأمة بجدية مثل ما هو حال الإخوة المجاهدين في العراق الذين هزموا العدو الأمريكي دروس مهمة.. مبينا أن في فاعلية جبهة اليمن وتأثيرها وقوتها الذي يعترف به الأعداء عِبَر واضحة لكل المسلمين.
وجدد السيد القائد التأكيد على أهمية أن نتحرك بكل هذا الأمل وأن نسعى لأن تكون نظرتنا للأحداث هو الحصول على الوعي بخلفية الصراع.. مشيرا إلى أن البعض لا يزالون ينظر إلى الأحداث وكأنها مجرد أحداث طرأت وتنتهي.
وأشار إلى أن القرآن فيما يتعلق بالصراع مع العدو الإسرائيلي كان محوره ومرتكزه المسجد الأقصى.. مبينا أن المآلات الحتمية في الصراع هي خيبة الأعداء وفشل اليهود الصهاينة وهزيمتهم المحتومة وفق الوعد الإلهي.
ولفت إلى أن اليهود الصهاينة لا بقاء لهم في السيطرة على فلسطين ولا على القدس ولا على المسجد الأقصى مهما أجرموا وظلموا.. قائلا: اليهود الصهاينة مهما أسرفوا في الإجرام مآلهم الحتمي هو الزوال والهزيمة والخيبة.
وأوضح قائد الثورة، أن من المآلات الحتمية في هذا الصراع خسارة كل الذين يوالون اليهود.. قائلا: هذا الليل سينجلي ونور النصر والفرج والأمل الواعد لهذه الأمة قادم رغم أنوف الأعداء ومن يوالونهم من الأغبياء.
وأضاف أن الأمة مع هذه المتغيرات الكبرى والمرحلة التاريخية في ذروة الصراع أمام اختبار كبير.. مبينا أن الشعب اليمني ينطلق في تحركه تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني ومأساة غزة من منطلق الانتماء الإيماني.. قائلا: ننطلق في تحركنا مع فلسطين من الوعي بطبيعة الصراع وفهم العدو وأننا جزء من هذه المعركة.
وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية اليمنية في البحر، أشار قائد الثورة، إلى أن العمليات منذ بدايتها وإلى اليوم عمليات فاعلة ومؤثرة ومستمرة.. مبينا أن التحرك الشامل لشعبنا العزيز يجسد الانتماء الإيماني والصدق مع الله والترجمة الفعلية للقيم والأخلاق التي يمتلكها.
وكشف السيد القائد، أن عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني في غزة بلغت استهداف 54 سفينة وهذا رقم مهم جدا ورقم كبير.. قائلا: بفضل الله سبحانه وتعالى تحقق هدف منع حركة العدو الإسرائيلي من باب المندب على البحر الأحمر.
وأكد أن الأمريكي لا يحترم الشعوب والأمم ويصر على مواصلة الإجرام ضد الشعب الفلسطيني في غزة.. مبينا أن الأمريكي ورّط نفسه بالعدوان على بلدنا حماية للإجرام الصهيوني ودعما لاستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
وجدد السيد القائد، التأكيد على أن موقف الشعب اليمني مرتبط بشكل تام بمسألة ما يجري على غزة، وموقفنا منذ بدايته واضح من السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي.. مشيرا إلى أن الأمريكي بعدوانه على بلدنا يسند العدو الإسرائيلي وورط نفسه في إطار الاستهداف.
وأكد قائد الثورة عبدالملك بدرالدين الحوثي، أن الأمريكي ويتبعه البريطاني تلقّت سفنه ضربات موجعة ومنكّلة.. حيث بلغ إجمالي الصواريخ والطائرات المسيّرة 384 في العمليات التي نستهدف بها الأعداء.
وأشار إلى أن غارات الأعداء وقصفهم لم يؤثر على القدرات العسكرية لبلدنا.. مبينا أن مسار التصعيد مستمر ومسار التطوير مستمر وقد لمس الأمريكيون والبريطانيون ذلك.
ولفت إلى أن تصريحات الأعداء أقرّت بفشلهم في تدمير قدرات بلدنا أو في الحد من تأثير هذه القدرات أو من زخمها.. موضحا أن الأعداء عبّروا عن الاندهاش والذهول من قدرات بلدنا العسكرية واستخدام بعض الأسلحة لأول مرة ضد السفن في البحر.. قائلا: إن كان لعمليات الأعداء من تأثير فسيكون عكسيا وسيسهم رغم أنوفهم بتطوير قدراتنا العسكرية وقد لمسوا ذلك.
وأوضح أن الأعداء أغبياء عندما فتحوا معركة لا حاجة لفتحها.. مبينا أن الموقف الصحيح الذي يسهم في استقرار المنطقة بكلها هو وقف العدوان وإنهاء الحصار على غزة.
وأضاف أن التصعيد في جبهة اليمن أو في أي جبهة من الجبهات التي تساند غزة لن يفيد الأمريكيين بشيء وتأثيراته عكسية.. مشيرا إلى أن غارات وقصف العدو هذا الأسبوع لا تأثير لها لا على القدرات ولا على المعنويات..
وقال قائد الثورة، إن شعبنا غدا الجمعة سيصرخ بأعلى صوته ليقول: المعنويات عالية، عالية بكل ما تعنيه الكلمة.. مبينا أن الغارات الأمريكية والبريطانية لن تؤثر على معنويات شعبنا العزيز المسلم المجاهد ولا حتى لدى الأطفال.
وتابع: شعبنا ينطلق من منطلق إيماني وتربى تربية إيمانية، تربى على الحرية والعزة والكرامة والإباء والشهامة.. مبينا أن الأعداء بتصعيدهم لن يؤثروا على القدرات ولا على المعنويات ولا على حضور الشعب في الساحات.
وتساءل قائد الثورة بالقول: هل يتصور الأمريكيون أو البريطانيون أو الإسرائيليون أنهم بذلك القصف في العاصمة صنعاء سيجعلون الأهالي يختبئون في بيوتهم؟
وأكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أن هناك تذمّر كبير في الوسط الرسمي الأمريكي من الموقف الأمريكي.. مشيرا إلى أن قصة الجندي الذي أحرق نفسه احتجاجا على ما يفعله العدو الإسرائيلي بمساندة ودعم ومشاركة أمريكية تجاه أهل غزة تعبّر عما وراءها.. قائلا للأعداء: الكل سَئِم منكم ومن تصرفاتكم الهوجاء والعدوانية والوحشية فلماذا تصرون على ذلك؟
وأشار إلى أن البعض أتى بقطع إلى البحر تحت عنوان حماية سفنه مع أنه لا مشكلة على سفنهم طالما لم تتجه إلى مساعدة العدو الصهيوني.. لافتا إلى أن الأمريكي عندما وصلت قطعة حربية لألمانيا في البحر أدخلهم في وضع مأزوم.
وأوضح قائد الثورة، أن القطعة الحربية الألمانية أطلقت صاروخا على طائرة أمريكية وعلى سفينة تجارية وهذا يعبّر عن فشل وإرباك وقلق.. قائلا: ليس من الصحيح أبدا أن تتجه الدول الأوروبية ولا غيرها إلى عسكرة البحر الأحمر.
وأكد أن ما يمكن أن يهدد الملاحة هو الأمريكي الذي يجرهم إلى عسكرة البحر الأحمر وإثارة الفوضى فيه وتحويله إلى ميدان صراع وساحة حرب.. مبينا أن مواقفنا واضحة وعملياتنا ستستمر بفاعلية عالية في اتجاه البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن ومضيق باب المندب.
وشدد قائد الثورة، أن لابد من دخول الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة ووقف جرائم الإبادة الجماعية .. متوعدا الأعداء بالقول: لدينا بإذن الله تعالى مفاجآت لا يتوقعها الأعداء نهائيا، وستكون مفاجئة جدا للأعداء وفوق ما يتوقعه العدو والصديق، ومفاجآتنا إن شاء الله ستأتي فاعلة ومؤثرة.
وأشار السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، إلى أن مخرجات التعبئة مستمرة بالآلاف الحضور في الساحات حضور فاعل وواسع، ويعني لنا الكثير.
وخاطب قائد الثورة، الشعب اليمني بالقول: خروجكم الأسبوعي في يوم الجمعة الماضي في 132 ساحة خروج مليوني يعني الكثير لأهميته، والأعداء يحسبون للخروج المليوني ألف ألف حساب.
ولفت إلى أن الضربات الصاروخية وعمليات الطائرات المسيّرة وعمليات القوات البحرية تعبّر عن الشعب الذي يخرج بالملايين.. مؤكدا أن لا بد من الاستمرار في الخروج المليوني وله تأثيره الكبير المساند في ظل وضع خذلان رهيب.
وأكد قائد الثورة، أن الخروج في الساحات هو جزء من الموقف ومن الجهاد.. كما أن الساحات هي جزء من الميدان ولا ينبغي أن يتم إخلاؤها طالما والمعركة مستمرة..
وقال إن من النعم الكبرى أن وفقنا الله سبحانه وتعالى في هذا البلد ليكون لنا هذا الموقف الشامل.. كما أن من فضل الله العظيم على شعبنا العزيز أن يكون في موقف عظيم كبير شامل مشرّف يرضي الله سبحانه وتعالى ويرفع الرأس ويبض الوجه.
وأضاف أنهُ عندما يتاح للإنسان فرصة أن يكون في موقف عظيم ثم لا يتحرك فهي حالة خطيرة عليه.. قائلا: نحن في مرحلة مصيرية وتاريخية منظورة برقابة الله وتدبيره أمام هذا الاختبار..
وأكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أن الذين يعملون لصالح الأعداء أو يتخاذلون عن النهوض بمسؤولياتهم لن يسلموا من عقوبات الله سبحانه وتعالى.. كما أن من يتحرك في مرحلة كهذه فليبشر بموعود الله سبحانه وتعالى.
كما أكد أن هذه مرحلة لها ما بعدها ولها ما يكتبه الله في مصائر الشعوب ومصائر الأشخاص المصائر الفردية والجماعية.. مشيرا إلى أن التحرك في هذه المرحلة يعبّر عن الشرف والعز والإباء والرجولة والشهامة والإباء والكرامة والحرية وكل المعاني الإنسانية النبيلة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العدوان الامريكي البريطاني على اليمن عبدالملک بدرالدین الحوثی الله سبحانه وتعالى العدو الإسرائیلی الیهود الصهاینة الشعب الفلسطینی البحر الأحمر السید القائد مشیرا إلى أن وأشار إلى أن قائد الثورة أن الأمریکی أن الأعداء وأضاف أن مبینا أن ولا على أن هناک کما أن لا على فی غزة
إقرأ أيضاً:
صمود المقاومة الأسطوري ونصرها الاستراتيجي
لا شك في أنّ صمود المقاومة اللبنانية في وجه “إسرائيل” ومن خلفها الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية (ألمانيا، إيطاليا، فرنسا) يؤكد مرة أخرى أنّ حركات التحرر ليس لديها سوى خيار واحد هو المقاومة والصمود في وجه العدو.
بعد التحديات الصعبة التي واجهتها المقاومة الإسلامية في لبنان، تمكنت من النهوض من تحت الرماد وفرضت على العدو حرب استنزاف استمرّت أربعة وستين يوماً. وقد شكلت هذه الفترة صدمة للعدو، إذ كيف يمكن لمنظمة أن تتلقى كل هذه الضربات وتستعيد قدرتها على العمل مع مرور الوقت، لتوجه ضربات مؤلمة “لإسرائيل” سواء في القرى الحدودية والمستوطنات أو من خلال استهداف أهداف نوعية غير مسبوقة في العمق الصهيوني.
ما إن وضعت الحرب أوزارها، حتّى كثرت التحليلات المغرضة والنقاشات الموجّهة ضد المقاومة حول الأكلاف التي تكبّدها لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي المتوحّش، في إشارة إلى أنّ لبنان قد تلقّى هزيمة على يد العدو الإسرائيلي، بيد أنّ الواقع لا يعكس حقيقة هذا الأمر على الإطلاق، فقد استطاعت المقاومة أن تصمد بوجه أقوى جيش في المنطقة وأن تُرغم العدو على وقف الحرب بموجب القرار 1701 نفسه الذي صدر في عام 2006 بعد الانتصار الكبير الذي حققه لبنان آنذاك على “إسرائيل”. ويعود فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان للأسباب الآتية:
أولاً: توقّعت “إسرائيل” أن القضاء على المقاومة في لبنان بات وشيكاً، وخصوصاً بعد سلسلة من الاغتيالات، بدءاً من الأمين العام، السيد حسن نصر الله، مروراً برئيس المجلس التنفيذي، السيد هاشم صفي الدين، وصولاً إلى القادة المجاهدين، وقد سبق ذلك مجزرتا البايجر واللا سلكي مما أدّى إلى استشهاد العشرات وجرح المئات. اعتقدت “إسرائيل” أنّ هذه الضربات كفيلة بأن تحقق “النصر المطلق” على المقاومة الإسلامية، وهذا ما أعرب عنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بشكل واضح وصريح، لا بل، وعد بتغيير “الشرق الأوسط”، ولم يقتصر الأمر على نتنياهو، فقد سارع وزير الحرب الإسرائيلي الحالي إلى تبني هدف جديد وهو نزع سلاح حزب الله. يمكن القول، إنّ الأهداف الكبرى التي تبناها العدو أُسقطت بفعل صمود المقاومة وضرباتها، على الرغم من الإنجازات النوعية التي حققها العدو في البداية والتي وصلت إلى ذروتها.
ثانياً: إنّ الحرب غير المتناظرة (Asymmetric Warfare) أو ما يُعرف بحروب الجيل الرابع (fourth-generation warfare) التي خاضتها المقاومة أدّت إلى تقويض قوة “إسرائيل”، وقد تم ذلك من خلال استدراج العدو إلى معركة استنزاف طويلة الأمد، بدءًا من الناقورة في القطاع الغربي وصولًا إلى الخيام في القطاع الشرقي الذي كان حصناً منيعاً في وجه العدوان البري الإسرائيلي، حيث سطّر فيه المقاومون ملاحم بطولية. تشير الحرب غير المتناظرة إلى الصراعات التي تحدث بين طرفين مختلفين في مستوى القوة، حيث يعتمد أحد الطرفين على استراتيجيات غير تقليدية لتعويض الفارق في القوة العسكرية مع الطرف الآخر. ويدلّ مصطلح “عدم التكافؤ” (ِAsymmetry) على اختلال التوازن في القدرات العسكرية والموارد والاستراتيجيات. ويسعى الطرف الأضعف إلى تحقيق النصر من خلال تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى قضم إنجازات العدو وإرهاق قواته على المدى الطويل. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الحروب الفاشلة التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
والأمر ذاته ينطبق على طبيعة الحرب بين حزب الله “وإسرائيل”، إذ تمكّن حزب الله من إحباط أهداف العدو الكبرى بشكل تدريجي. وفي هذا السياق، قال سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، بأن المعركة مع “إسرائيل” ليست بالضربة القاضية، بل بكسب النقاط عند كل معركة. لذلك، وفي سياق الحروب غير المتناظرة، تتباين الأمور، حيث نادراً ما يتمكن الطرفان المتقاتلان من تحقيق نصر إستراتيجي واضح نتيجة لعدم التماثل بينهما. ففي هذه الحالة، يتم تقييم النصر والهزيمة بناءً على مبدأ كسب النقاط.
ولنأخذ كمثال المّسيّرات والمحلّقات الانقضاضين التي أطلقتها المقاومة طيلة معركة “أولي البأس”، إذ مثّلت تحدياً خطيراً “لإسرائيل” غير مسبوق، وخاصة بعد استهداف المقاومة لأهداف نوعية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة. إنّ اعتماد هذا الأسلوب غير المتماثل عوّض إلى حدّ ما ضُعف السلاح الجوي للمقاومة أمام التفوق الجوي الإسرائيلي. وفي هذا المضمار، يقول القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية كينيث ماكنزي: “ إنّ العلاقة بين الهجوم والدفاع في الوقت الراهن تصبّ في صالح المهاجم. ويرجع ذلك إلى التكلفة المنخفضة جدًا للطائرات بدون طيار، وسهولة تصنيعها، وإمكانية إطلاقها من بيئات وعرة جدًا وقاسية لوجستيًا”.
وإذا افترضنا أنّ العدو الإسرائيلي أكمل حربه ودمّر لبنان بأكمله وقتل وجرح مئات الآلاف، فهل يستطيع أن يدّعي أنه انتصر؟ قطعاً لا، لأن النصر في الحرب يُقاس بتحقيق الأهداف الأساسية للحرب، وليس بعدد الشهداء أو بحجم الدمار. لذا، يمكن القول إن الحرب ليست هدفًا بحد ذاتها، بل هي وسيلة لاستمرار السياسة بطرق مختلفة، إذ تهدف إلى إجبار العدو على فعل لا يريده، كما يقول المنظّر الجنرال العسكري البروسي كلاوزفيتز.
يتضح من ذلك أن تراكم الإنجازات في الحروب وما بينها سيساهم لاحقًا في تغيير ميزان القوى (Balance of Power) لصالح المقاومة، وهو ما تجسد سابقًا في تحرير جنوب لبنان في أيار عام 2000 والانتصار الكبير في عام 2006. واليوم ما حققته المقاومة في معركة “أولي البأس” سيضاف إلى الإنجازات السابقة، وسيكون أساسًا للبناء عليه في المستقبل للوصول إلى المقصود الأكبر، وهو تحرير كامل فلسطين. صحيح أنّ الضربات التي تعرّضت لها المقاومة هي بمثابة ضربات قاضية وفق التصور الإسرائيلي، إلا أنّ إرادة وصمود المقاومين في الميدان قد أحبطا هذا الهدف. ويمكن القول هنا أيضًا، إنّ الأسلوب غير المتماثل الذي تتبعه المقاومة يفقد “إسرائيل” ميزة تسديد ضربات قاضية وحاسمة لمصلحتها. وقد رأينا، في الأيام الأخيرة من القتال، كيف أنّ حزب الله استعاد زمام المبادرة بوتيرة تصاعدية، حيث نجح في استهداف كل المنشآت العسكرية والمرافق الحيوية بوابل من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى، فضلاً عن المسيّرات النوعية التي هاجمت واستنزفت قدرات العدو حتّى اللحظات الأخيرة من العدوان.
ثالثاً: إنّ الروح الكربلائية التي حملها المقاومون في الجبهات هي التي أثمرت وأتت بنتائج تعاكس تصورات وأهداف العدو. في العقيدة الإسلامية لا يمكن أن تكون الهزيمة خيارًا، فجوهر النصر لدى المسلمين يكمن في الالتزام بأداء الواجب بغض النظر عن النتائج، إذ إنّ النصر يأتي من عند الله بعد القيام بالواجبات. ويعتمد المسلمون عمومًا على الآيات القرآنية في هذا الشأن، ولهذا كان الإمام الخميني، قائد الثورة الإسلامية في إيران، يقول: “نحن مُكلّفون بأداء الواجب، وليس بتحقيق النتائج”. كما يتفق المسلمون على أن الانتصار يتحقق بمجرد الثبات والتمسك بالمبادئ والأهداف المشروعة، حتى وإن أدّى ذلك إلى الفناء.
رابعاً: إنّ تصريحات المسؤولين الإسرائيليين على المستوى السياسي والعسكري بعد وقف إطلاق النار تعكس خيبة أمل كبيرة من نتائج العدوان على لبنان، فالطموحات الاستراتيجية كانت كبيرة والأفعال قليلة. فقد وُجّهت انتقادات واتهامات لاذعة لحكومة العدو، لأنّها وافقت على وقف إطلاق النار. وفي مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية، أشار اللواء المتقاعد إسحاق بريك إلى أنّ “إسرائيل” إذا قررت تدمير لبنان بالكامل وتحويله إلى أنقاض كما حدث في قطاع غزة، فإن “حزب الله” سيستمر في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار علينا”. وانتقد رؤساء البلديات والقادة المحليون في شمال فلسطين المحتلّة اتفاق وقف إطلاق النار، معلنين صراحةً أن الاتفاق لا يُشعر المستوطنين بالأمن، لأنّ حزب الله لا يزال لديه القدرة على إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه المستوطنات. والجدير بالذكر هنا، أنّ مسألة تحقيق الأمن لدى المستوطنين لا تحمل أن تكون مسألة إشكالية بالنسبة لهم، وخاصة بعد أحداث 7 أكتوبر. من هنا نفهم لماذا رفضوا أن يعودوا إلى الشمال، بينما شهدنا في الجهة المقابلة عودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وهم يحتفلون بالنصر، وهذه علامة فارقة في هذه الحرب بين المقاومة “وإسرائيل”، لقد فقد المستوطنون ثقتهم بالحكومة والجيش الإسرائيلي بالرغم من اتفاقية وقف إطلاق النار. وتعقيباً على ذلك، يشير المُنظّر في العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو، جون ميرشايمر، إلى أنّ الجيش الإسرائيلي لم يكن قريبًا أبدا من هزيمة حزب الله. فقد قام الإسرائيليون بتطوير جيشهم على مرّ السنين ليكون قادرًا على خوض حروب قصيرة، مثل حرب الأيام الستة. ومع ذلك، نحن الآن في الشهر الرابع عشر تقريبًا من الصراع، وما زالوا متورطين بعمق في غزة دون أن يحققوا أي انتصار. كما أنّ وجودهم في مستنقع مثل لبنان دفعهم إلى درجة أنه أصبح من المنطقي بالنسبة لهم أن يكون هناك وقف لإطلاق النار على الأقل في الوقت الحالي”.
ختاماً، اعتقدت “إسرائيل” بأنّها قادرة على التحكم في ديناميكيات الصراع، إلا أنّ الضربات الأخيرة التي تلقتها في آخر أسبوع من الحرب أرغمتها على قبول وقف إطلاق النار. إنّ “إسرائيل” ليست قدراً محتوماً، وقد أظهرت هذه الحرب مرة أخرى أن وجودها في المنطقة يعتمد على الدعم الأميركي والأوروبي، ولا يمكن أن تستمر في المستقبل القريب من دون هذا الدعم.
ويبقى أنّ نشير إلى أنّ ما هو أهم من النصر نفسه هو المحافظة عليه، والالتزام بوصايا الشهداء، وبتوجيهات سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، كما يجب أن نستلهم الصبر والحكمة من الجرحى الذين فقدوا بصرهم ولم يفقدوا بصيرتهم في الدفاع عن الحق والمظلومين في هذا العالم.