منظمة حقوقية تُحمِّل تركيا بعض جرائم الحرب في سوريا
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
منظمة حقوقية تُحمِّل تركيا بعض جرائم الحرب في سوريا.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي تركيا هيومن رايتس ووتش سوريا انتهاكات
إقرأ أيضاً:
هل سيكون وفد منظمة التحرير الفلسطينية آخر الواصلين إلى سوريا؟
لافتٌ للغاية، وباعثٌ للتساؤل والتوجّس، تأخر الوفد الفلسطيني الرسمي عن زيارة سوريا ولقائه رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وامتناعه حتى كتابة هذا المقال عن إجراء أي اتصال هاتفي معه. ويأتي هذا التوجس بعد أن أصبح قصر المهاجرين في العاصمة دمشق مزارا ومقصدا للوفود العربية والإقليمية والدولية، بما في ذلك وفود قادمة من دول توقّعنا تأخرها في عقد أول لقاء رسمي مع الشرع، إلّا أنها سارعت إلى ذلك، ومنها من أعلن عن إجراء اتصال هاتفي رسمي تمهيدا لعقد اللقاء بين مسؤولي البلدين، فيما أحجمت منظمة التحرير الفلسطينية حتى اللحظة عن أي خطوة من شأنها فتح قنوات التواصل الرسمية.
هذا الإحجام طرح عدة تساؤلات بين الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم الفصائلية بشأن الدوافع والإرهاصات إزاء هذه الخطوة التي اعتبروها غير مدروسة، وذلك أنّ الفلسطينيين في سوريا يملكون ملفات هامة جدا بحاجة إلى إعادة ضبط ونقاشات موسعة، فهناك أكثر من 12 مخيما يتصدرها مخيم اليرموك في العاصمة، والذي يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني ويحظى برمزية كبيرة، بالإضافة إلى أن الفلسطينيين متجذرون جدا في سوريا، ويملكون تراثا وتاريخا، ووصلت العلاقات بين الطرفين إلى درجة المُصاهرة، واقتسام فرص العمل ومقاعد الدراسة.
هذا الإحجام طرح عدة تساؤلات بين الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم الفصائلية بشأن الدوافع والإرهاصات إزاء هذه الخطوة التي اعتبروها غير مدروسة، وذلك أنّ الفلسطينيين في سوريا يملكون ملفات هامة جدا بحاجة إلى إعادة ضبط ونقاشات موسعة
هذا التجذر والتداخل جعل الفلسطينيين يدفعون ثمنا مشابها للثمن الذي دفعه أصحاب الوطن أنفسهم، فعلى مدار أكثر من 13 عاما من الثورة السورية، سقط العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، بالإضافة إلى اعتقال المئات وربما الآلاف منهم، كما دُمّرت شوارع ومخيمات بأكملها، ما دفع أصحابها إلى النزوح واللجوء إلى الدول المجاورة وغير المجاورة.
ففي الشارع الذي كنت أسكن فيه في مخيم درعا جنوبي سوريا قبل رحيلي إلى هولندا، يوجد فيه أكثر من 50 شهيدا فلسطينيا، وهو شارع لا يتجاوز طوله 300 متر مُزنّرة بأزقة ضيّقة ومتفرعة فيما بينها، ومن بين هؤلاء الشهداء مقاتلون فيما كان يُعرف حينها بالجيش الحر، ومدنيون ونساء وأطفال، وهذا الأمر يُقاس على سائر المخيمات الفلسطينية، ففي كل شارع هناك شهيد وجريح ومعتقل ومفقود ومُهجّر ومنكوب، إذ ما يزال من تبقى من فلسطينيي سوريا ينعون شهداء قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري.
ومن هنا وأمام هذه الكوارث، استنبطنا ضرورة أن يكون الوفد الفلسطيني في طليعة الواصلين إلى سوريا لمناقشة هذه الملفات، وملفات أخرى من العيار الثقيل، مثل مستقبل المخيمات الفلسطينية في سوريا، وطبيعة العلاقة المقبلة بين اللاجئ والحكومة السورية الجديدة، بالإضافة إلى مستقبل العمل الفصائلي، إذ نتحدث في هذا السياق عن بلد كان فيه حضور فلسطيني كبير، وأغلب الفصائل كانت تملك مكاتب تمثيل ومعسكرات تدريب، بالإضافة إلى مصير جيش التحرير الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير إداريا، وملف العمل التنظيمي، وملفات أخرى شائكة بحاجة عاجلة إلى مباحثات مباشرة بين الطرفين..
فالعراق الذي توترت العلاقة بينه وبين القيادة الجديدة في سوريا خلال فترة إسقاط نظام بشار الأسد، تمكّن من تجاوز المرحلة، وعمد إلى إرسال وفد أمني عراقي بقيادة رئيس جهاز الاستخبارات حميد الشطري، الذي يُعتبر خصما سابقا للشرع في ميادين المواجهات العسكرية والسياسية، لدرجة أن الشرع استقبله مُحترسا بمسّدس حربي أخفاه داخل بِزّته الرسمية، وكشفته وسائل إعلام، لكنّ أمن الحدود ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وباعتقادي هي خطوة إيجابية من طرف دمشق التي قبلت الزيارة، ومن طرف بغداد أيضا التي تصرفت بعقلية الدولة، وليس بعقلية الثأر والمليشيات التي تُحرّم على نفسها فِقْه السياسة، ورغم كل الخلافات التي حصلت بين الطرفين قبل أيام معدودات فقط من اللقاء، ورغم التصريحات العراقية الرسمية التي أزعجت المقاتلين السوريين قبيل إسقاط النظام السوري، ورغم حساسية المواقف والظروف، إلّا أن الزيارة تمت، بعكس الوفد الفلسطيني الذي لم تطأ قدماه أرض دمشق بعد، رغم خلوّ المنطقة الفاصلة بين الطرفين من أي خلافات أو مشاكل أو حساسيات أخرى، أو شوائب سابقة.
وليس العراق هو المثال الوحيد في هذا السياق، بل السعودية أيضا، فَحُكّامها لم يعجبهم ما حدث، وسلّطوا إعلامهم على هيئة تحرير الشام في طليعة الأمر، ووصفوا الفصائل بأنها تابعة لتركيا ومليشيات مسلحة، وأحيانا وسموهم بالإرهاب مباشرة، ولكنْ بعد أن أزيح الأسد عن المشهد سارعت الرياض إلى إثبات حضورها واستعادت زمام المبادرة وجانبا من دورها، ولم تكتفِ بسياسة النأي بالنفس، ولم تأخذ وضعية الدول الثانوية في المنطقة، بل فرضت نفسها من خلال الوفد الذي تعهد بالمساعدة وتقديم الدعم للسوريين في هذه المرحلة، ليغادر الوفد على صوت مُحركات شاحنات المساعدات التي تحركت على الفور لتقول إن السعودية حاضرة وبقوة في الملف السوري.
مطلوب من منظمة التحرير التي تقدّم نفسها على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أن تبادر إلى هذه الخطوة بشكل شريع جدا، حفاظا على الوجود الفلسطيني في سوريا
ولهذا مطلوب من منظمة التحرير التي تقدّم نفسها على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أن تبادر إلى هذه الخطوة بشكل شريع جدا، حفاظا على الوجود الفلسطيني في سوريا.
أمّا بالنسبة للفصائل الفلسطينية الأخرى، وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس، فباعتقادي أنّ تأخُّر إرسالها للوفود يصب في صالح سوريا دون أدنى شك، وهي تعي ذلك جيدا، إذ إنّ اللقاء الثنائي سوف يكون أكبر عامل إحراج لدمشق في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى هيكلة نفسها وبناء تحالفات وعلاقات جديدة مع دول إقليمية، وبالتالي فإنّ لقاء بين الشرع وخليل الحية على سبيل المثال، من شأنه إثارة واشنطن وتل أبيب ودول عربية أيضا، لذلك أرى من الطبيعي بمكان، التريث والتقاط الأنفاس وانتظار المرحلة المقبلة وخفاياها، لأن حماس بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر ليست كما قبله.. كيف لا وهي مهندسة أقسى مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي منذ قيام دولته الطارئة، وصاحبة أكثر الملفات تعقيدا في الإقليم، ولأنها كذلك فأعتقد (وربما أكون مخطئا) أنّ الحركة سوف تتريث.. تنتظر.. تقيس المسألة من عدة زويا.. حالُها حال رفيقها السوري الذي سيعدّ للعشرة هو الآخر.
وختاما، وبالعودة إلى جوهر المقال، أدعو منظمة التحرير إلى وقف تهميشها لقضايا الشتات الفلسطيني، والمخيمات، وأن تكون على قدر المسؤولية، وأن تطوي صفحة التخلي عن اللاجئين، وتعفينا من ذلك الزمن الذي كنا فيه على الهامش.. لا صوت لنا.. لا همس.. لا ظهير..