عربي21:
2025-02-01@01:01:31 GMT

طوفان الأقصى والفهم الحضاري للإسلام

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

تكاد تجمع كل القراءات الموضوعية لما حدث يوم 7 أكتوبر 2023 وما تبعه إلى الآن، أن معركة طوفان الأقصى تمثل نقطة تحول حضاري في علاقة الإسلام بالغرب لاعتبارات عديدة، أهمها طبيعة القضية الفلسطينية وما يتكثف فيها من أبعاد دينية وفكرية وجيو سياسية واقتصادية وعسكرية ظرفية واستراتجية ثم طبيعة الوجود الصهيوني الذي أكدت الأحداث الأخيرة أنه لا يقتصر على حراسة  مصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط فقط إنما يتجاوزه إلى الاستناد إلى عقائد ومقولات كبرى نابعة من المسيحية المتصهينة وتمثل أهم ركائز الهيمنة الغربية المعاصرة هذا بالاضافة إلى أن وجود الكيان في فلسطين قلب الأمة الإسلامية وما يمثله من  ترجمة عملية للنفوذ الدولي للصهيونية العالمية.



من هذه المنطلقات يمكن فهم العربدة الدولية للكيان وحجم جرائمه التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني والدعم الدولي اللامشروط له والتواطىء العربي الرسمي المفضوح معه.

ورغم أن معركة طوفان الأقصى لم تنته بعد فإن ما أحدثته قد هز أركان الكيان وداعميه والمتواطئين معه وأكد أنه ليس استثناء وأن قوانين الاجتماع البشري تسري عليه كما تسري على غيره.

 في المقابل قدم الشعب الفلسطيني أنموذجا متطورا في الكفاح والمقاومة من أجل التحرر الوطني وأكد عمليا وبما لا يدع مجالا للشك والاستسلام والخنوع أن عودة الحق لأصحابه الشرعيين حتمية لا بد منها آجلا أم عاجلا .

وتبقى الإشكالية الجوهرية التي تطرحها معركة طوفان الأقصى على الأمة ونخبها الأصيلة هي كيفية جعل نقطة التحول الحضاري التي أحدثتها منطلقا للاستئناف الحضاري الإسلامي المعاصر الذي يحقق وعد الله في إعادة الاعتبار للأمة ويعدل بوصلة الإنسانية في اتجاه القيم والأخلاق والسلم والاستقرار والرفاه..

منذ أواخر القرن التاسع عشر والأمة بمختلف طلائعها تحاول رفع تحدي الانحطاط والتخلف الذي تردت فيه والذي ازداد تفاقما بتداعي الأمم عليها بالاستعمار المباشر. ضمن هذا الإطار تشكلت حركات الإصلاح والتحرر الوطني التي كانت مدار اهتمام تيارها الغالب استئناف الأمة العربية الإسلامية لدورها الحضاري على أرضية الاسلام مقابل تيارات أخرى كان مدار اهتمامها تكريس الإلحاق الحضاري للأمة بالغرب المسيحي المتصهين.

لقد بات من الضروري أن تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة يحتاج إلى مراجعة أكيدة للمفاهيم والرؤى لرأب الصدع بين طلائعها الأصيلة المناضلة وحاضنتها الاجتماعية وكذلك لإزالة الخلط بين ثوابت الإسلام من نصوص ومبادئ وقيم وأخلاق وبين ما يحصل من تفاعل للعقل البشري معها وما ينتج عنه.وقد تعددت المقاربات الفكرية والتعبيرات السياسية داخل تيار الإصلاح والتحرر الوطني بين الفهم الشمولي للإسلام والفهم الجزئي وبين أولوية الإصلاح المجتمعي أو السياسي وحول طبيعة الإصلاح بين السلمية وغيرها من المناهج وبين المبدئية والمناورة والتدرج وبين الشدة واللين، حيث تبلورت  بعض المفاهيم التي أطرت المسار المعاصر لكدح الأمة نحو التحرر الوطني كان أبرزها مصطلح الإسلام السياسي الذي أطلقه الإعلام الغربي على حركات وأحزاب الصحوة الإسلامية المعاصرة ثم مصطلح الإسلام الحضاري الذي انبنت على أساسه النهضة الماليزية المعاصرة وكذلك مصطلح الديمقراطية المحافظة الذي انبنت عليه تجربة حزب العدالة والتنمية التركي وآخرها مصطلح المسلمون الديمقراطيون أو ما سمي بالإسلام الديمقراطي.

والملاحظ أن كل هذه المقاربات تلتقي حول تمييز الإسلام بصفة بارزة تجعله مختلفا عن غيره بين البعد السياسي والبعد الحضاري والبعد الديمقراطي.. والمقصود بالإسلام في هذه المصطلحات هو التعبير عن فهم للإسلام بعمق الصفة المميزة التي وقع إلحاقها به، وبذلك انبنت جهود النهضة والتحديث المعاصرة للأمة على فهم سياسي للإسلام وفهم حضاري وآخر ديمقراطي.. وقد كان لعملية التوجيه التي مارسها الغرب بضخ مصطلح الإسلام السياسي الأثر السيء على التجارب العملية لحركات وأحزاب الصحوة الإسلامية المعاصرة، حيث تم حشرها في بوتقة إسلام ظهر وكأن لا هم له إلا السياسة والإيحاء بوجود إسلام آخر غير الإسلام السياسي. وقد هدف المخطط إلى عزل طلائع الأمة ونخبها عن حاضنتها الاجتماعية وعمقها الحضاري والتاريخي حيث  تحققت أقدار لا بأس بها، من ذلك خاصة بعد أن تم حشو مصطلح الإسلام السياسي بكل ماهو تشدد وعنف وإرهاب .

ففي أي اتجاه يمكن أن تذهب المراجعة الفكرية والسياسية في هذا الموضوع، في ظل ما حصل من مراكمة لتجربة النهوض بالأمة خاصة في السنوات الأخيرة أثناء الموجة الأولى للثورات العربية وكذلك  ما تطرحه معركة طوفان الأقصى من تحديات وفرص؟

لقد بات من الضروري أن تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة يحتاج إلى مراجعة أكيدة  للمفاهيم والرؤى  لرأب الصدع  بين طلائعها الأصيلة المناضلة وحاضنتها الاجتماعية وكذلك لإزالة الخلط بين ثوابت الإسلام من نصوص ومبادئ وقيم وأخلاق وبين ما يحصل من تفاعل للعقل البشري معها وما ينتج عنه.

وقد بينت التجربة العملية لما يزيد عن نصف قرن من نضال الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية قصور بعض المفاهيم والمصطلحات عن التعبيرعن طبيعة جهدها الهادف إلى تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة بكل مقتضياته وأبعاده وأن من أهم مواطن الخلل هو منهج فهمها للإسلام ثم منهج تنزيلها له بما يجعل الأمر متعلقا بالفهم وما يتطلبه من تمايز عن الأفهام الأخرى وليس بالإسلام. ثم إن بناء الحضارة بمفهومها الشامل وتعمير الأرض وخلافة الله فيها هو جوهر مهمة الإنسان في الكون. والمفهوم الشامل للحضارة لا يقتصر عن المنتجات المادية فقط بل يضم أيضا المنتجات المعنوية من فكر وثقافة وغيرها.

بهذا المعنى يكون الفهم الحضاري للإسلام بماه و بناء للإنسان كمحرك أساسي للتاريخ وصانع للنهضة والتنمية والتطور ومعمر للأرض وخليفة لله فيها على منهج الاستخلاف والإشهاد والعدل والحرية هو المصطلح الأكثر تعبيرا عن توجهات طلائع الأمة ونخبها نحو التحرر والفعل والمساهمة في البناء الحضاري الإنساني وهي مهمة عظيمة كفيلة بأن تكون دافعا ومحركا فعالا لكل حامل لها ولعل ما يمكن استخلاصه من تجربة المقاومة الفلسطينية ومعركة طوفان الأقصى وتجارب البناء الوطني النابع من هوية الأمة ومنطلقاتها وخصوصيتها الثقافية واتجاهها لبناء الإنسان أولا في تركيا مثلا وماليزيا خير دليل على جدوى الفهم الحضاري للإسلام وأهميته وبلورة توجهات الأمة وخياراتها في هذه المرحلة من تاريخ الإنسانية على أساسه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معرکة طوفان الأقصى الإسلام السیاسی

إقرأ أيضاً:

محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى

جعلت قدرته على المراوغة وقيادته لكتائب القسام من محمد الضيف رمزًا للكفاح المسلح الفلسطيني حتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣. 

وعلى مدى العقود، تمكنت إسرائيل من اغتيال العشرات من قادة المقاومة الفلسطينيين، بمن فيهم العديد من قادة كتائب القسام مثل صلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش، إلا أن الضيف نجا من محاولات الاغتيال وواصل القتال.

تحت قيادته، تحولت الجناح العسكري لحركة حماس من مجموعات صغيرة من المقاتلين ضعيفي التسليح إلى قوة شبه عسكرية. ورغم أن الضيف كان متمركزًا في غزة، إلا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية كانوا يهتفون باسمه في السنوات الأخيرة طلبًا للمساعدة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وأصبحت هتافات عربية مقفاة بدأت في القدس المحتلة شائعة بشكل خاص خلال الحرب على غزة: "حُط السيف جنب السيف، إحنا رجال محمد الضيف".

يُعرف بلقب "الشبح" نظرًا لقدرته الفائقة على التواري عن الأنظار والنجاة من محاولات الاغتيال المتكررة التي استهدفته على مدار عقود. ورغم السرية التي تحيط بشخصيته، إلا أن تأثيره لا يمكن إنكاره.

وُلد محمد الضيف، واسمه الحقيقي محمد دياب إبراهيم المصري، في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة عام 1965 لعائلة فلسطينية هجّرت من قريتها الأصلية خلال نكبة 1948. نشأ في بيئة تعاني من الفقر والقمع الإسرائيلي، مما عزز لديه الوعي السياسي والميل إلى الكفاح المسلح.

درس الضيف العلوم في الجامعة الإسلامية في غزة، حيث بدأ نشاطه في صفوف الجماعة الإسلامية التي شكلت لاحقًا النواة الأولى لحركة حماس. في أواخر الثمانينيات، انضم إلى كتائب القسام، وأثبت قدراته العسكرية والتنظيمية، ليصعد سريعًا في صفوف المقاومة.

بعد اغتيال القائد صلاح شحادة عام 2002، تولى الضيف قيادة كتائب القسام، ومنذ ذلك الحين، شهدت الكتائب تطورًا نوعيًا في قدراتها العسكرية. كان له دور محوري في تطوير الأنفاق الهجومية، الصواريخ بعيدة المدى، والطائرات المسيرة، مما عزز قدرة المقاومة على مواجهة إسرائيل.

ورغم خسارته أفرادًا من عائلته في إحدى الغارات، بما في ذلك زوجته وابنه عام 2014، ظل الضيف متمسكًا بخياره العسكري، موقنًا بأن النصر لن يتحقق إلا عبر المقاومة.

مقالات مشابهة

  • ‏الشهيد القائد.. رؤية عالمية ومبدأ جهادي شامل
  • قيادي في حماس: التحية لليمن وأنصار الله لما قدموه في معركة طوفان الأقصى
  • وزير الخارجية الإيراني: عملية طوفان الأقصى أحيت القضية الفلسطينية
  • القيادي في حماس إسماعيل رضوان: التحية إلى اليمن وأنصار الله لما قدموه في معركة طوفان الأقصى
  • شاهد | المقاومة الفلسطينية تنتزع حرية أسراها رغماً عن العدو الإسرائيلي
  • شاهد | الرمزية القيادية لبعض أسرى الضفة تثير ذعر أوساط العدو
  • محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
  • القسام تؤكد أن قائدها العام محمد الضيف قضى شهيدا خلال معركة طوفان الأقصى
  • مؤتمر صحفي عن مراحل إعداد المؤتمر العلمي الأول للجامعات اليمنية “طوفان الأقصى”
  • حماس: طوفان الأقصى كسر أسطورة الاحتلال