عربي21:
2025-04-30@22:42:12 GMT

طوفان الأقصى والفهم الحضاري للإسلام

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

تكاد تجمع كل القراءات الموضوعية لما حدث يوم 7 أكتوبر 2023 وما تبعه إلى الآن، أن معركة طوفان الأقصى تمثل نقطة تحول حضاري في علاقة الإسلام بالغرب لاعتبارات عديدة، أهمها طبيعة القضية الفلسطينية وما يتكثف فيها من أبعاد دينية وفكرية وجيو سياسية واقتصادية وعسكرية ظرفية واستراتجية ثم طبيعة الوجود الصهيوني الذي أكدت الأحداث الأخيرة أنه لا يقتصر على حراسة  مصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط فقط إنما يتجاوزه إلى الاستناد إلى عقائد ومقولات كبرى نابعة من المسيحية المتصهينة وتمثل أهم ركائز الهيمنة الغربية المعاصرة هذا بالاضافة إلى أن وجود الكيان في فلسطين قلب الأمة الإسلامية وما يمثله من  ترجمة عملية للنفوذ الدولي للصهيونية العالمية.



من هذه المنطلقات يمكن فهم العربدة الدولية للكيان وحجم جرائمه التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني والدعم الدولي اللامشروط له والتواطىء العربي الرسمي المفضوح معه.

ورغم أن معركة طوفان الأقصى لم تنته بعد فإن ما أحدثته قد هز أركان الكيان وداعميه والمتواطئين معه وأكد أنه ليس استثناء وأن قوانين الاجتماع البشري تسري عليه كما تسري على غيره.

 في المقابل قدم الشعب الفلسطيني أنموذجا متطورا في الكفاح والمقاومة من أجل التحرر الوطني وأكد عمليا وبما لا يدع مجالا للشك والاستسلام والخنوع أن عودة الحق لأصحابه الشرعيين حتمية لا بد منها آجلا أم عاجلا .

وتبقى الإشكالية الجوهرية التي تطرحها معركة طوفان الأقصى على الأمة ونخبها الأصيلة هي كيفية جعل نقطة التحول الحضاري التي أحدثتها منطلقا للاستئناف الحضاري الإسلامي المعاصر الذي يحقق وعد الله في إعادة الاعتبار للأمة ويعدل بوصلة الإنسانية في اتجاه القيم والأخلاق والسلم والاستقرار والرفاه..

منذ أواخر القرن التاسع عشر والأمة بمختلف طلائعها تحاول رفع تحدي الانحطاط والتخلف الذي تردت فيه والذي ازداد تفاقما بتداعي الأمم عليها بالاستعمار المباشر. ضمن هذا الإطار تشكلت حركات الإصلاح والتحرر الوطني التي كانت مدار اهتمام تيارها الغالب استئناف الأمة العربية الإسلامية لدورها الحضاري على أرضية الاسلام مقابل تيارات أخرى كان مدار اهتمامها تكريس الإلحاق الحضاري للأمة بالغرب المسيحي المتصهين.

لقد بات من الضروري أن تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة يحتاج إلى مراجعة أكيدة للمفاهيم والرؤى لرأب الصدع بين طلائعها الأصيلة المناضلة وحاضنتها الاجتماعية وكذلك لإزالة الخلط بين ثوابت الإسلام من نصوص ومبادئ وقيم وأخلاق وبين ما يحصل من تفاعل للعقل البشري معها وما ينتج عنه.وقد تعددت المقاربات الفكرية والتعبيرات السياسية داخل تيار الإصلاح والتحرر الوطني بين الفهم الشمولي للإسلام والفهم الجزئي وبين أولوية الإصلاح المجتمعي أو السياسي وحول طبيعة الإصلاح بين السلمية وغيرها من المناهج وبين المبدئية والمناورة والتدرج وبين الشدة واللين، حيث تبلورت  بعض المفاهيم التي أطرت المسار المعاصر لكدح الأمة نحو التحرر الوطني كان أبرزها مصطلح الإسلام السياسي الذي أطلقه الإعلام الغربي على حركات وأحزاب الصحوة الإسلامية المعاصرة ثم مصطلح الإسلام الحضاري الذي انبنت على أساسه النهضة الماليزية المعاصرة وكذلك مصطلح الديمقراطية المحافظة الذي انبنت عليه تجربة حزب العدالة والتنمية التركي وآخرها مصطلح المسلمون الديمقراطيون أو ما سمي بالإسلام الديمقراطي.

والملاحظ أن كل هذه المقاربات تلتقي حول تمييز الإسلام بصفة بارزة تجعله مختلفا عن غيره بين البعد السياسي والبعد الحضاري والبعد الديمقراطي.. والمقصود بالإسلام في هذه المصطلحات هو التعبير عن فهم للإسلام بعمق الصفة المميزة التي وقع إلحاقها به، وبذلك انبنت جهود النهضة والتحديث المعاصرة للأمة على فهم سياسي للإسلام وفهم حضاري وآخر ديمقراطي.. وقد كان لعملية التوجيه التي مارسها الغرب بضخ مصطلح الإسلام السياسي الأثر السيء على التجارب العملية لحركات وأحزاب الصحوة الإسلامية المعاصرة، حيث تم حشرها في بوتقة إسلام ظهر وكأن لا هم له إلا السياسة والإيحاء بوجود إسلام آخر غير الإسلام السياسي. وقد هدف المخطط إلى عزل طلائع الأمة ونخبها عن حاضنتها الاجتماعية وعمقها الحضاري والتاريخي حيث  تحققت أقدار لا بأس بها، من ذلك خاصة بعد أن تم حشو مصطلح الإسلام السياسي بكل ماهو تشدد وعنف وإرهاب .

ففي أي اتجاه يمكن أن تذهب المراجعة الفكرية والسياسية في هذا الموضوع، في ظل ما حصل من مراكمة لتجربة النهوض بالأمة خاصة في السنوات الأخيرة أثناء الموجة الأولى للثورات العربية وكذلك  ما تطرحه معركة طوفان الأقصى من تحديات وفرص؟

لقد بات من الضروري أن تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة يحتاج إلى مراجعة أكيدة  للمفاهيم والرؤى  لرأب الصدع  بين طلائعها الأصيلة المناضلة وحاضنتها الاجتماعية وكذلك لإزالة الخلط بين ثوابت الإسلام من نصوص ومبادئ وقيم وأخلاق وبين ما يحصل من تفاعل للعقل البشري معها وما ينتج عنه.

وقد بينت التجربة العملية لما يزيد عن نصف قرن من نضال الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية قصور بعض المفاهيم والمصطلحات عن التعبيرعن طبيعة جهدها الهادف إلى تحقيق الاستئناف الحضاري للأمة بكل مقتضياته وأبعاده وأن من أهم مواطن الخلل هو منهج فهمها للإسلام ثم منهج تنزيلها له بما يجعل الأمر متعلقا بالفهم وما يتطلبه من تمايز عن الأفهام الأخرى وليس بالإسلام. ثم إن بناء الحضارة بمفهومها الشامل وتعمير الأرض وخلافة الله فيها هو جوهر مهمة الإنسان في الكون. والمفهوم الشامل للحضارة لا يقتصر عن المنتجات المادية فقط بل يضم أيضا المنتجات المعنوية من فكر وثقافة وغيرها.

بهذا المعنى يكون الفهم الحضاري للإسلام بماه و بناء للإنسان كمحرك أساسي للتاريخ وصانع للنهضة والتنمية والتطور ومعمر للأرض وخليفة لله فيها على منهج الاستخلاف والإشهاد والعدل والحرية هو المصطلح الأكثر تعبيرا عن توجهات طلائع الأمة ونخبها نحو التحرر والفعل والمساهمة في البناء الحضاري الإنساني وهي مهمة عظيمة كفيلة بأن تكون دافعا ومحركا فعالا لكل حامل لها ولعل ما يمكن استخلاصه من تجربة المقاومة الفلسطينية ومعركة طوفان الأقصى وتجارب البناء الوطني النابع من هوية الأمة ومنطلقاتها وخصوصيتها الثقافية واتجاهها لبناء الإنسان أولا في تركيا مثلا وماليزيا خير دليل على جدوى الفهم الحضاري للإسلام وأهميته وبلورة توجهات الأمة وخياراتها في هذه المرحلة من تاريخ الإنسانية على أساسه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معرکة طوفان الأقصى الإسلام السیاسی

إقرأ أيضاً:

بعد تعيين حامد باتيل.. تعليم الإسلام في بريطانيا يواجه العاصفة

أثار قرار الحكومة البريطانية تعيين شخصية إسلامية مرموقة على أعلى سلطة تعليمية في البلاد مكلفة بمراقبة المناهج ومعايير الجودة، جدلا واسعا في بريطانيا، وزادت من حدة الجدل مزاعم بفرض تدريس الإسلام في المراحل الابتدائية والثانوية.

فقد شن سياسيون وإعلاميون بريطانيون حملات على مواقع التواصل الاجتماعي متهمين الحكومة بالعمل على "أسلمة التعليم" في البلاد، خصوصا في ظل تزايد الإقبال على الإسلام والاهتمام بدراسته.

وسنحاول في هذا التقرير استعراض أسباب هذا الجدل والتعرف على الشخصية الإسلامية التي عيّنت، وواقع الوجود الإسلامي في المدارس البريطانية وعلاقة هذه الحملة الجديدة بظاهرة الإسلاموفوبيا المتصاعدة في بريطانيا والغرب عموما.

المدارس الإسلامية في بريطانيا تحصد نتائج أكاديمية مميزة وضعتها في صدارة أفضل المدارس في المملكة المتحدة (غيتي) أسلمة التعليم في بريطانيا

وتتحدث حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي البريطانية عن محاولة "الإسلاميين" السيطرة على التعليم في المملكة المتحدة، وأن الحكومة تساعد في ذلك بقرارات تجبر الأطفال في المرحلة الابتدائية والثانوية على دراسة الإسلام كإحدى المواد الدراسية الرئيسية.

وذكر تقرير للصحفي في وكالة يورونيوز، جيمس توماس، نشر في الأول من أبريل/ نيسان الجاري أن الحملة تحذر من أن تدريس الإسلام سيحل محل المسيحية والهندوسية في البلاد، ويرى بعض هؤلاء، أن نظام التعليم البريطاني قد سقط في يد الإسلاميين ويبرهنون على ذلك بتعيين حامد باتيل رئيسا لهيئة "أوفستد" (Ofsted) المسؤولة عن تقييم ومراقبة المدارس في المملكة المتحدة.

وقد عنونت مواقع بريطانية وفرنسية خبر تعيين حكومة لندن حامد باتيل بعبارة "إسلامي رئيسًا للمؤسسة التعليمية الرئيسية في بريطانيا".

إعلان

واعتبر تقرير لصحيفة تلغراف، أن حامد باتيل يعتبر أول قائد مدرسة دينية يُعيّن في هذا المنصب، فقد كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أكاديميات ستار" (Star Academies) التي تدير ما يقرب من 40 مدرسة ابتدائية وثانوية معظمها مدارس إسلامية ومنها مدارس مسيحية.

وقد حصلت العديد من المؤسسات التي كان يديرها باتيل على تقييم ممتاز من هيئة "أوفستد"، كما مُنح شخصيا لقب فارس على خدماته المتميزة في مجال التعليم ضمن قائمة تكريمات عيد ميلاد الملكة عام 2021.

وشغل حامد عضوية مجلس إدارة "أوفستد" منذ عام 2019، وقاد مجموعة "أكاديميات ستار" منذ إنشائها عام 2010، وكان سابقًا مديرًا لمدرسة توحيد الإسلام الثانوية للبنات في بلاكبيرن.

حامد باتيل رئيسا لهيئة "أوفستد" المسؤولة عن تقييم ومراقبة المدارس في المملكة المتحدة (مواقع التواصل) هجوم مركّز

حسب صحيفة تلغراف فإن مدرسة توحيد الإسلام التي كان يديرها باتيل كانت من أوائل المدارس في بريطانيا التي حثت البنات على ارتداء الحجاب خارج المدرسة، كما أصدرت توجيهات للتلاميذ بـ"تلاوة القرآن الكريم مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا" و"عدم إحضار أدوات مكتبية إلى المدرسة تحتوي على صور غير إسلامية"، مثل صور نجوم البوب.

ونقلت تلغراف عن متحدث باسم حملة مناهضة معاداة السامية، "إنه من الواضح أن يشعر اليهود البريطانيون بالقلق عندما يكون أحد الإسلاميين مسؤولاً عن تقييم أداء المدارس".

وقالت الجمعية الوطنية العلمانية "في وقتٍ يتزايد فيه تأثير الأصولية الدينية على المدارس، نحث حامد على ضمان التزام مكتب معايير التعليم "أوفستد" بألا يعيق الدين المعايير التعليمية أو يقوض الحق الإنساني الأساسي للأطفال في تعليم شامل ومتوازن".

لكن الصحيفة علقت، "إن العارفين بحامد باتيل يُدركون أنه كان عضوا متوازنا في مجلس إدارة هيئة التعليم، ولم يعارض محاولات تنظيم المدارس الدينية الأكثر تشددًا".

إعلان

وقد قال كبير مفتشي المملكة مارتن أوليفر إن "حامد باتيل يدير بعضًا من أفضل المدارس في إنجلترا، إنه قائدٌ محترمٌ للغاية في مجال المدارس والأكاديميات، وقد مُنح لقب فارس لأدائه في التعليم".

واعتبر تقرير لصحيفة "لوجورنال دي جدي" الفرنسية أنه على الرغم مما تزعمه لندن من محاربة الإسلام المتطرف، فإن إحدى أهم ركائز البلاد في التعليم أصبحت الآن في عهدة باتيل الذي يخدم مشروعا إسلاميا منظما.

ونقلت الصحيفة عن عضو البرلمان الأوروبي فرانسوا كزافييه بيلامي -معلقا على تعيين باتيل- قوله إن "المشروع الإسلامي يسعى إلى السيطرة على المؤسسات، بدءًا من المدارس"، مضيفا: "لقد انقلبت ديمقراطياتنا على نفسها، يجب على أوروبا أن تخرج أخيرًا من سذاجتها".

ومن جانبه رأى الكاتب الفرنسي دانييل كوسون أن تعيين باتيل يمثل إحدى النقاط العديدة المرئية من جبل الجليد في "الصحوة الإسلامية المعاصرة" وجزءا من "إستراتيجية الفتح من خلال "أسلمة المعرفة".

ويضيف كوسون، أن المدرسة بعد أن دمرها "التربويون اليساريون" باتت مركزا لحركة تبشيرية تهدف إلى إقامة خلافة عالمية توحد بين عدة اتجاهات سياسية إسلامية.

مارتن أوليفر: حامد باتيل قائد محترم للغاية في مجال المدارس وقد مُنح لقب فارس على أدائه المميز في التعليم (الصحافة البريطانية) هل حقا يفرض تدريس الإسلام؟

حاول تقرير لوكالة رويترز نشر بتاريخ 28 مارس/آذار 2025 استقصاء حقيقة الادعاءات التي تتحدث عن فرض الإسلام في المدارس البريطانية، ونقل التقرير عن متحدثين باسم إدارات التعليم في إنجلترا وويلز وأسكتلندا، أن تدريس الإسلام ليس إلزاميًا على مستوى البلاد، ولم تقدم حكومة إيرلندا الشمالية إجابة في الموضوع، وتُدير كل من الولايات الأربع أنظمتها التعليمية بشكل منفصل.

لكن التقرير أكد أن إنجلترا تفرض توفير التعليم الديني في المدارس، فالمادة 375 من قانون التعليم لعام 1996 تنص على ضرورة أن "يعكس المنهج الدراسي التقاليد الدينية لبريطانيا العظمى، وهي في الغالب مسيحية مع مراعاة تعاليم وممارسات الديانات الرئيسية الأخرى الممثلة في بريطانيا العظمى".

إعلان

وأشار التقرير إلى المدارس المستقلة عن سيطرة السلطة المحلية، مثل الأكاديميات، حرة في تحديد مناهجها الدراسية الخاصة.

ونقلت رويترز عن متحدث باسم الحكومة الويلزية، أنه في ويلز يُعد الدين جزءًا إلزاميًا من المنهج الدراسي، لكن الإسلام لا يُعطى أهمية خاصة فوق أي من الديانات الأخرى، أما المتحدث باسم الحكومة الأسكتلندية فقد أكد أن أسكتلندا لا تطبق منهجًا دراسيًا إلزاميًا.

لكن تقرير يورونيوز الذي سعى هو الآخر إلى التحقق من شائعة إلزام تدريس الإسلام في المدارس، ينقل عن تقرير صدر في يناير/كانون الثاني 2024 عن مجلس اللوردات (الغرفة العليا للبرلمان البريطاني)، أن تعليم التربية الدينية إلزامي في جميع المدارس التي تمولها الدولة في إنجلترا، لكنه قد يختلف من مدرسة إلى أخرى.

ويوضح تقرير اللوردات، أنه يجب توفير التربية الدينية في المدارس ذات الطابع الديني وفقًا لمعتقدات الدين أو الطائفة المحددة في المرسوم الذي يعرف المدرسة على أنها ذات طابع ديني.

وجاء في تقرير منفصل صادر في أبريل/نيسان 2024 عن هيئة التفتيش التعليمية الحكومية في إنجلترا، أن الديانتين الأكثر شيوعًا في المدارس، هما المسيحية والإسلام.

التقرير أكد أن إنجلترا تفرض التعليم الديني في المدارس (شترستوك) تصاعد حملات الإسلاموفوبيا

يعتبر المحللون أن الحملة الحالية على ما يسميه أصحابها سيطرة الإسلام والإسلاميين على التعليم في بريطانيا ذات علاقة وثيقة بتصاعد حملات الإسلاموفوبيا، وما تمثله من كراهية للإسلام، خصوصا وأن هذه الحملة تقودها شخصيات إعلامية وسياسية معروفة بعدائها لكل ما هو إسلامي وحملاتها للتخويف من المسلمين.

ومن ذلك ما كتبه الصحفي الإيطالي جوليو ميوتي الذي عنون تقريرا له على صحيفة "ميدل إيست فوروم" بعبارة: "هل تصبح إنجلترا دولة إسلامية بأسلحة نووية"؟ واعتبر أن تعيين حامد باتيل رئيسًا لهيئة معايير التعليم (أوفستد) كأول قائد ديني في التاريخ لهذه الهيئة يُثير مخاوف من "الأسلمة" ومستقبل التعليم البريطاني، متسائلا، "لماذا لا يكون ذلك استباقا للأحداث، فعدد المسلمين الملتزمين سيفوق قريبا عدد المسيحيين في إنجلترا".

إعلان

ورأى ميوتي أن "وجود إسلامي على رأس الهيئة التعليمية الرائدة في المملكة المتحدة يأتي ثمرة لاسترضاء الإسلام السياسي والإخوان المسلمين تحديدا، فلم يعد نفوذ الإسلاميين على عتبة دارنا فحسب، بل أصبح الآن داخل منظومتنا".

ويضيف أنه كلما نظر إلى صورة باتيل ظن الأمر مزحة: "مُفت ذو لحية سلفية وزي إسلامي يُعيَّن لرئاسة أهم هيئة تعليمية في المملكة المتحدة!!.. قد تقع إذن المملكة المتحدة في أيدي الأصوليين الإسلاميين وتصبح دولة إسلامية تمتلك أسلحة نووية، هذا ليس كلامي، هذا ما تقوله سويلا برافرمان، وزيرة الداخلية البريطانية السابقة".

أعداد المسلمين في بريطانيا

وفقًا لتعداد عام 2021 في المملكة المتحدة فقد ارتفع عدد المسلمين من 4.9% عام 2011، إلى 6.5% ويعتبر 84.5% منهم دون سن الخمسين، مقارنةً بـ 62% فقط من إجمالي السكان، وهو ما يعني زيادات كبرى في أعداد المسلمين في بريطانيا مستقبلا.

ويستعرض الكاتب الإيطالي ميوتي ما يصفه ببعض التحولات في المجتمع البريطاني، تعكس سيره نحو "الأسلمة"، حيث يشير إلى تزايد المحاكم الشرعية وأن لندن أصبحت عاصمة العالم للاستثمار الإسلامي، وأن الصلاة صارت تقام داخل منطقة وستمنستر السياحية، وأن كنائس اليوم ستكون مساجد الغد، معتبرا أن المسيحيين -ولو بالتسمية فقط- لن يكونوا أغلبية في غضون عشر سنوات، حيث سيتضاعف عدد المسلمين.

 

صعود الإسلام وتراجع المسيحية

يعكس الجدل الحالي في تنامي تدريس الإسلام في بريطانيا حقيقة أن الإسلام ينمو في البلاد في اطراد، ففي تقرير لرئيسة مركز الإعلام الديني في لندن روث بيكوك نشر في سبتمبر/أيلول 2022 أوردت الأكاديمية بيكوك، أن بريطانيا تشهد تراجعًا مستمرًا للمسيحية، وصعود اللادينيين، وتنامي الإسلام.

وأشار التقرير إلى انخفاض عدد من يُعرّفون أنفسهم أنهم مسيحيون في إنجلترا من 72% عام 2001 إلى أقل من 50% عام 2021، موازاة مع ارتفاع مطرد خلال نفس الفترة في عدد من يُعرّفون أنفسهم بأنهم "لا دين لهم" من 15% إلى 33% وارتفاع نسبة من يُعرّفون أنفسهم بأنهم مسلمون من 3% عام إلى 8%.

إعلان

واعتبر التقرير، أن دراسة الاتجاهات في الحياة الدينية للناس في بريطانيا تؤكد أن مكانة المسلمين تزداد موازاة مع تراجع المسيحية، مشيرا إلى أن بعض المواقف المتعلقة بالطلاق والزواج ومساواة المرأة وحقوق مجتمع الميم نفرت من المسيحية فلم تعد الأجيال الجديدة ترغب في الارتباط بها.

كما فشلت المسيحية في تقديم إجابات موثوقة في مسائل العقيدة والإيمان، وتضاءل الالتزام الديني لدى المسيحيين، وصاروا مجرد ليبراليين لا يختلفون في أخلاقهم عن عامة الناس.

ويورد التقرير، أن الفشل الخطير في القيم، هو ما أدى إلى استمرار تراجع المسيحية، فقد فشلت الكنائس فشلاً ذريعاً كسلطاتٍ أخلاقية، ودقت فضائح الاعتداءات الجنسية المسمار الأخير في نعشها.

واعتبر التقرير، أن الإسلام فرض مكانته الآن في بريطانيا رغم أنه لم يكن له وجود يذكر حتى سبعينيات القرن الماضي، لكنه انتشر ابتداء من المساجد والمدارس ومحلات البيع الحلال، مرورا بإنشاء منظمات مجتمع مدني وجمعيات خيرية، ووصولا إلى ظهور برلمانيين مسلمين وكوادر يساهمون في تسيير التعليم العالي، وهو ما أوجد ما يمكن تسميته بالإسلام البريطاني الذي يلبي جميع المتطلبات المتعلقة بالمجتمع والمؤسسات والروحانية.

مقالات مشابهة

  • سلاح المدارس الصيفية يفسد مكائد العدو
  • وكيل الأوقاف للمساجد يشارك في مؤتمر الإسلام بآسيا الوسطى وكازاخستان
  • بعد تعيين حامد باتيل.. تعليم الإسلام في بريطانيا يواجه العاصفة
  • الصحافة الإيطالية تنبهر بمتحف البصرة الحضاري: سننقل ما رأيناه لشعبنا
  • شخصيات من شمال الشرقية تجسّد مسيرة التنوير والتواصل الحضاري للعمانيين في إفريقيا
  • ماذا تكشف جريمة مقتل الشاب أبو بكر في فرنسا؟
  • فعالية ثقافية في مديرية السبعين بذكرى الصرخة
  • نجلاء العسيلي: فتح المساجد للتعليم خطوة نحو إحياء دورها الحضاري والتنويري
  • والي الرباط يدعو لترسيخ ثقافة التشجيع الحضاري في كأس أفريقيا 2025 ومونديال 2030
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت