باحث: زيارة البرهان إلى مصر تحمل حزمة من الدلالات.. وهذه أهمها
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
قال أسامة عبدالماجد، الباحث السياسي السوداني، إن زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني إلى مصر، تعد زيارة مهمة، وتحمل حزمة من الدلالات، مؤكدًا أنها الزيارة الثانية للبرهان لمصر خلال فترة الحرب التي اندلعت في السودان في منتصف أبريل من العام الماضي.
العلاقات المصرية السودانيةوأشار عبدالماجد خلال مداخلة على فضائية "القاهرة الإخبارية"، اليوم الخميس، إلى أن أول زيارة خارجية للبرهان كانت في أغسطس الماضي إلى القاهرة، وتعد زيارة اليوم هي الثانية له لمصر وتحمل مؤشرات مهمة جدًا، لافتًا إلى أن أهمها هو حرص السودان على أن تكون مصر هي الفاعلة في حل الأزمة السودانية.
وأكد أن الدولة المصرية تبرهن دائمًا على الاحترام الكامل للسودان وسلامة أراضيه، لافتًا أن الرئيس المصري أكد أكثر من مرة أنه يجب التعامل مع النزاع القائم على أنه شأن داخلي، وكل هذه المؤشرات تبين أن مصر بجوار السودان في هذه المحنة القائمة.
وتابع، أن الأمر الأكثر أهمية والذي تستحق الدولة المصرية عليه الاحترام والتقدير هو فتح قلوبها قبل أبوابها للشعب السوداني، حيث هناك مئات الآلاف من السودانيين قدموا إلى مصر فارين من الحرب، قامت الدولة بمعاملتهم بشكل كبير من التقدير والاحترام.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: العلاقات المصرية السودانية فضائية القاهرة الإخبارية البرهان مصر السودان إلى مصر
إقرأ أيضاً:
المفارقات في المشهد السوداني!
تدخل الحرب السودانية عامها الثالث بلا أفقٍ لا في وقفٍ لإطلاق النار أو أملٍ في قبول التفاوض، بينما يسقط العشرات من المدنيين يوميًّا ضحايا لهذه الحرب ويعاني من الجوع ثلاثة أرباع الشعب السوداني طبقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
لماذا وصل السودان إلى هنا؟ لماذا يفقد الناس حيواتهم وبيوتهم؟ هل يبرّر الصراع على السلطة محليًّا، وتناقض المصالح الإقليمية، هذا الثمن الفادح؟.
يبدو أنّ هناك حساباتٍ خاطئةً من الجميع في هذه الأزمة ترشّحها للاستمرار لعددٍ من السنوات القادمة، في ضوء حالة الانشغال الدولي بأزمتَيْ أوكرانيا وغزّة وترتيب الأوضاع مع إيران فيما يخصّ مستقبل مشروعها النووي.
الخطأ المركزي، في تقديري، يأتي من جانب معسكر الإسلام السياسي السوداني بقسمَيْه البراغماتي في حزب المؤتمر الوطني والإيديولوجي في الجبهة القومية الإسلامية، إذ لا ينتبه بالقدر الكافي لطبيعة الموقف الإقليمي والدولي من "الإخوان المسلمين"، ذلك أنّ النموذج السوري لم يمرّْ إلّا بإسنادٍ أساسيّ من تركيا بما تملكه من حدودٍ مشتركةٍ أتاحت لها مثل هذا الدور، بينما نموذج "حماس" تمّ الاتفاق الإقليمي والدولي على إخراجه من غزّة بغضّ النظر عن اتفاقنا مع هذا التوجّه من عدمِه، حيث لم يُثمِّن الإقليم العربي الدور المقاوِم ضدّ إسرائيل لكلّ من "حماس" و"حزب الله"، كما ما زالت الولايات المتحددة متحفّظةً على المسار السوري حتّى اللحظة الرّاهنة.
في ضوء هذه الديناميّات، يكون من الخطأ اعتبار أنّ نصر الجيش السوداني مؤخّرًا وقدرته على السيطرة على مناطق واسعة من شرق البلاد والعاصمة السياسية الخرطوم، يمكن أن ينسحبَ على الوزن السياسي لحُلفاء الجيش سواء من الميليشيات التابعة لمعسكر الإسلام السياسي أو الفصائل "الدارفورية" التابعة له، ذلك أنّ للجيش داعمين إقليميين ضدّ هذا الاتجاه، كما أنّه لن يعطي "الدعم السريع" والداعمين له مصداقيةً لمقولة الأخير الشهيرة بأنّ الجيش وقياداته هم انعكاس لإرادة المُعسكر الإسلامي. صحيح أنّ قيادة الجيش قد مارست تعديلًا للوثيقة الدستورية بشطب الشركاء المدنيين من القوى السياسية الموقِّعة على الوثيقة في أغسطس/آب 2019، إلا أنّ هذا الأداء كان بدفعٍ مباشرٍ من حلفاء الجيش على اعتبار أنّ الحكْم العسكري هو الضّامن لاستمرارهم السياسي.
ولكن مع الضّغوط الدولية الراهنة، واتجاه حكومة بورتسودان لرفع دعوى ضد الداعمين الإقليميين لـ"الدعم السريع" أمام محكمة العدل الدولية، سيكون العامل الدولي أكثر تأثيرًا في المعادلات الداخلية.
في هذا السياق، يكون من الخطأ الإستراتيجي لحلفاء الجيش الرّهان على قيادة المعادلة السياسية السودانية على الرَّغم من الضعف النسبي لباقي الأطراف السياسية السودانية في هذه المرحلة، ويكون عليهم بالتالي التأقلم مع هذا المُعطى وتأثيره من حيث التوجّه لوقف الحرب من ناحية، والدفع نحو الحكْم المدني من ناحية أخرى.
أمّا المدنيون في كلّ من "صمود" و"تأسيس"، فلكلٍّ منهما نصيب من الأخطاء في الحسابات، ذلك أنّ "تأسيس" بخروجها عن التحالف الأمّ، لم تحقّق أهدافًا في التأثير في الأداء العسكري ضدّ المدنيين، والذي تمّ إدانته دوليًا، بل إن استمرار هذا الأداء على هذا النّحو الهمجي الذي يحرم الشعب السوداني من مقدّراته اللوجستيّة، ويُدان بالإبادة الجماعية على المستوى الدولي قد وَصم هذا الفريق بالإدانة السياسية واللاأخلاقية خصوصًا أنّ بعض رموزِه القانونية قد وقف ضدّ بلاده في لاهاي.
أمّا تحالف "صمود" الذي يترأسه رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك، فيبدو أن أدواته ما زالت قاصرة، ورهانه على وقف الحرب عبر الفاعل الدولي بشكلٍ أساسيّ يضعفه على الصعيد المحلي، كما أنّه لم يصرّْ على الدفع نحو خيار المائدة المستديرة بين الأطراف السياسية بالزّخم المطلوب حتّى يتمّ وقف الحرب فعلًا.
وعلى الصعيد العسكري، فإنّه من الخطأ الأساسي اعتبار أنّ الحل العسكري وإبادة الطرف الآخر سوف يكون ناجزًا في حلّ الأزمة السودانية، ذلك أنّ استمرار الحرب يُعمّق انقسامات النسيج الاجتماعي السوداني بما يُعدّ تهديدًا وجوديًا للدولة السودانية في هذه المرحلة، حيث لن تتوقف نظرية "الدومينو" في تقسيم السودان عند محطة دارفور كما يتوقع البعض، ولكنها سوف تستمرّ لتنال من شرق السودان أيضًا على المستوى المتوسط، ليتقزّم السودان أو حتّى يساهم استمرار الحرب الراهنة في تدشين النموذج الصومالي في السودان، بكلّ معطياته في انهيار الدولة وتصاعد التهديدات الأمنية نتيجة تمدّد التنظيمات المتطرّفة.
(خاص "عروبة 22")