بعد انتظار ٧٧ عاما في اللجوء بمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، و٥ أشهر نازحا في مدينة دير البلح وسط القطاع؛ فارق شيخ الفنانين التشكيليين فتحي غبن الحياة دون رؤية مسقط رأسه قرية هربيا التي تبعد عن قطاع غزة عدة كيلو مترات.

جسد غبن خلال حياته وبمئات اللوحات التي رسمها حياة اللجوء والنزوح وعاشه واقعا وهو يتطلع للعودة إلى هربيا حتى في أحلك الظروف التي عاشها وهو مريض نازحا بعد ٥ أشهر من العدوان على غزة.





ربوع غبن كريمة الفنان فتحي تحكي لـ  "عربي٢١" قصة لجوء والدها في العام ١٩٤٨ م حينما كان رضيعا مع عائلته من قرية هربيا شمال شرق قطاع غزة، حيث استقر الحال بهم في مخيم جباليا للاجىين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة على أمل العودة إلى مسقط رأسه.

وأكدت أن والدها عاش حياته وهو يحلم بالعودة إلى قرية هربيا مجسدا ذلك في مئات اللوحات فيما عاش آخر ٥ اشهر من حياته نازحا إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة بعد حرب الإبادة التي تعرض لها قطاع غزة وفي قلبه مخيم جباليا مسكنه المؤقت لحين العودة إلى هربيا.

وشددت على أن والدها جسد في لوحاته الحياة في قرية هربيا سواء موسم الحصاد أو البرتقال أو الحياة في هذه القرية، مشيرة إلى أن لوحاته جسدت حلم العودة وظل على أمل أن يعود إلى مسقط رأسه.

وأكدت أن والدها توفي الأحد الماضي في النزوح بدير البلح وذلك بعد صراع طويل مع المرض، مشيرة إلى أنه كان يعاني من ضيق التنفس، وكان يردد دائما "بدي أتنفس".



وأوضحت أن سلطات الاحتلال رفضت السماح لوالدها بمغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات في الخارج بعد انهيار المنظومة الصحية في غزة.

وقالت ربوع: "كان والدي يعاني من مشاكل حادة في الصدر والرئتين، وبحاجة للسفر للخارج لاستكمال علاجه بسبب نقص الأدوية، والأوكسجين في غزة، إلا أن سلطات الاحتلال لم تسمح له بمغادرة القطاع".

وأضافت: "كان والدي في الأيام الأخيرة يتلقى العلاج في مستشفى شهداء الأقصي بدير البلح في انتظار أن يتمكن من الخروج لمصر لتلقي العلاج هناك رغم استكمال كل الإجراءات والتقارير المطلوبة التي تتم في هذه الحالة.

ومن جهته اعتبر الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطيني أن رحيل غبن يشكل خسارة للفن الفلسطيني الذي شهد على يده نقلة هامة تجاه تجسيد الحياة الفلسطينية واللجوء الفلسطيني والمخيم وتقاليد الحياة في البلاد التي نذر حياته لتخليدها في فنه.


                                      عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطيني

وقال أبو سيف لـ "عربي٢١": "إن غبن الذي يعتبر من الرواد في الفن التشكيلي الفلسطيني بعد النكبة، حيث عاش حياة المخيم بكل تفاصيلها ورسمها بدقة متناهية وخلّد حياة القرية الفلسطينية التي أرادت النكبة أن تمحوها".

واضاف: "أن غبن كان دائما يستذكر قريته (هِربيا) التي ولد فيها، فرسم الحقل والبيدر والعرس والحصاد والميلاد ورسم البيوت والوجوه والطرقات."

وشدد أبو سيف أن فلسطين كانت دائما حاضرة بكل تفاصيلها في أعمال غبن الذي حمل معه حياة القرية الفلسطينية والمخيم واللجوء إلى العالم عبر ريشته البارعة.

وأضاف: "عاش فتحي غبن حياته في خيمة ومات في خيمة، إن الخيمة ليست قدر الفلسطيني لكنها تعني أن الاحتلال أيضا سيزول مثلما ستزول الخيمة."

ومن جهته وصف أحمد السحار رئيس رابطة الفنانين التشكيليين في غزة غبن بأنه (شيخ الفنانين التشكيليين)؛ مؤكدا أنه من الصعب تعويضه نظرا للحياة التي عاشها من اللجوء والمخيم والنزوح.


                                      أحمد السحار.. رئيس رابطة الفنانين التشكيليين في غزة 

وقال السحار لـ "عربي٢١": "ولد فتحي غبن في قرية هربيا داخل أراضي الـ1948 في 12 تشرين الثاني / نوفمبر 1946، وهي ملاصقة تماما لبيت لاهيا، حيث بالإمكان رؤية أراضيها من هناك، وقد أثر هذا على الفنان غبن طوال فترة حياته، رؤيته لقريته وعدم القدرة على الاقتراب منها."

وأضاف: "كان من الفنانين الذين طغت موهبتهم على التقنيات، فشارك في عشرات المعارض سواء في فلسطين أو العالم العربي والعالم، بما فيها المعارض الشخصية والجماعية، كما احترف النحت بالطين، واستخدم في رسوماته مختلف الأدوات والألوان، كما قام بتدريب عدد كبير من الهواة على أساسيات الرسم."

وأوضح السحار أن غبن تعلم الفن بالممارسة، وعاش في مخيم جباليا، وقد احترف الفن منذ عام 1965، وعمل مدرسا في مدرسة النصر النموذجية الإسلامية في غزة، قبل أن يصبح مستشارا في وزارة الثقافة الفلسطيني.

وقال: "تميزت لوحاته بإبراز جمال الطبيعة الفلسطينية والتراث الفلسطيني، بمضامين هادفة تعبر عن حياته اليومية ومعاناة شعبه تحت الاحتلال."

وأضاف: "حصل على وسام الثقافة والعلوم من الرئيس محمود عباس عام 2015، كما حصل على وسام هيروشيما، ووسام اتحاد الجمعيات العالمي بطوكيو، وحاز على لقب "فنان فلسطين" عام 1993، وحاز على وسام "سيف كنعان" من إدارة التوجيه الوطني والسياسي الفلسطيني، وتم تكريمه من ممثل الاتحاد الأوروبي بعد حصوله على جائزة بيت الصحافة التقديرية الفلسطينية لعام 2023.

وأشار إلى أن غبن كاند أحد مؤسسي جمعية التشكيليين، قطاع غزة، ورابطة التشكيليين الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

وأكد أن غبن كان قد اعتقل أكثر من مرة في سجون الاحتلال بسبب رسوماته، خصوصا لوحة "الهوية" التي رسمها عام 1984، وتنبأ فيها باندلاع الانتفاضة، عبر مشهد يصور المقلاع ورمي الحجارة، وتم منعه من السفر والاستيلاء على أعماله، وملاحقة مقتنييها.

وكشف السحار أن طائرات الاحتلال  قصفت خلال هذه الحرب بيت الفنان غبن في حي النصر غرب مدينة غزة، والذي كان يحوي معظم لوحاته التي احترقت إثر القصف؛ حيث حزن عليها حزنا كبيرا أثر على صحته التي تدهورت بشكل كبير بعد فقدان هذه اللوحات.





المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير الفلسطينيين الفنانين التشكيليين الهوية فلسطين مسيرة هوية فنان تشكيلي تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفنانین التشکیلیین قطاع غزة فتحی غبن أبو سیف فی غزة

إقرأ أيضاً:

إصابة شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال جنوب جنين

أصيب شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية الفندقومية جنوب جنين.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها نقلت شاب عمره 19 عامًا أصيب بالرصاص الحي في منطقة الفخذ خلال مواجهات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت القرية.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت قرية الفندقومية مساء الأحد بفرق المشاة، وشرعت في تحطيم عدد من مركبات الفلسطينيين، كما أطلقت الرصاص بشكل عشوائي تجاه الفلسطينيين في القرية ما أدى إلى اندلاع مواجهات.الجوع يحاصر مليوني نازح

أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن ما يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخاله عبر المعابر، من الدقيق والمواد الغذائية، لا تلبي 6% من حاجة السكان.

وصول قوافل إغاثية سعودية جديدة إلى شمال قطاع #غزة#اليوم
للتفاصيل | https://t.co/9eU7eSz9Tz pic.twitter.com/WBRAFB4Br6— صحيفة اليوم (@alyaum) November 16, 2024

وأوضحت أن ذلك تسبب بأزمة حادة، خاصة في الحصول على الخبز، إذ أدى ذلك إلى إغلاق معظم المخابز جنوب قطاع غزة.

أخبار متعلقة استهدفت منطقة مكتظة بالسكان.. استمرار ارتفاع ضحايا جريمة الاحتلال وسط بيروتاستشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية

وأشارت "الأونروا" إلى أن أكثر من مليوني نازح في قطاع غزة، يحاصرهم الجوع والعطش والمرض والخوف، وأن الحصول على وجبات الطعام أصبح مهمة مستحيلة للأسر في القطاع.

مقالات مشابهة

  • الهلال الأحمر: أكثر من 10 آلاف خيمة غرقت بمواصي خان يونس
  • تعرّض أكثر من 10 آلاف خيمة للغرق في مواصي خان يونس
  • 10 آلاف خيمة تلفت وتشرد النازحون فيها خلال يومين في غزة
  • غزة .. 10 آلاف خيمة تلفت وتشرد النازحون فيها خلال يومين
  • الشتاء يفاقم معاناة النازحين في غزة.. ويتلف 10 آلاف خيمة (شاهد)
  • الإعلام الحكومي: 10 آلاف خيمة جرفتها مياه البحر وتعرضت للتلف نتيجة المنخفض الجوي
  • الفنان الفلسطيني تامر نجم لـ"الوفد": من المسافة صفر جسدت معاناة الفلسطينيين (فيديو)
  • عماد حمدي في عيد ميلاده.. بدأ حياته كاتبا بمستشفي ومات مفلسا
  • إصابة شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال جنوب جنين
  • حماس : لن نقبل بأي تفاهمات لا تنهي معاناة شعبنا الفلسطيني