في مشهد خلّاب، يَظهر جسم صغير أرجواني اللون محاطٌ بهالة برتقالية ملتهبة، أقرب لأن يكون مشهدا من مشاهد سلسلة الأفلام الشهيرة "سيد الخواتيم" للروائي "جي آر آر تولكين"، والتي تبدو كعين "ساورون" الشريرة. والحقيقة أن الصورة ليست إلا لنجمٍ نيوتروني مختبئ داخل مستعر أعظم عملاق انفجر قبل 37 عاما.

ويحمل المستعر الأعظم اسم "1987 إيه"، ويعد أكثر حدث انفجار نجمي دُرِس على الإطلاق، كما يُصنّف على أنه الانفجار الألمع خلال القرون الأربعة الماضية، حتى إنه قبل تلاشيه كان يمكن رؤيته بالعين المجرّدة، وكانت وكالة الفضاء الأميركية ناسا أعلنت في عام 2017 أن الجزء السفلي الأيسر من الحلقة بدأت فعلا بالتلاشي.

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الجزء الصغير الذي يتمركز في الحلقة المشعة ظلّ لغزا ومصدرا للغموض منذ ما يقارب أربعة عقود.

انفجار المستعر الأعظم.. عاقبة النجوم العملاقة

يتشكل المستعر الأعظم عندما تدنو منيّة النجم ويستهلك كلّ وقوده من الهيدروجين والهيليوم بالاندماج النووي المستمر، فينكمش النجم على نفسه قبل أن يطلق صرخته الأخيرة بانفجار كوني عظيم، فيتضاعف إشعاع النجم مئات المرات في الكون.

ولا يتشكل المستعر الأعظم إلا من النجوم الكبيرة، بحيث تكون أكبر من كتلة الشمس بـ8 إلى 10 مرات. وغالبا ما يتحوّل اللب المنهار إلى نجم نيوتروني أصغر من النجم السابق، وكلّما كانت الكتلة أكبر فإنّ احتمالية تشكّل ثقب أسود أكبر.

ومع ذلك، فطيلة السنوات الماضية التي خضع فيها المستعر الأعظم "1987 إيه" للدراسة والمراقبة، لم يُعثر عل أيّ نجم نيروتروني فيها. وكانت العلامة الأكثر أهمية هي أنّه في اليوم الذي سبق الانفجار العظيم في 23 فبراير/شباط 1987، رصدت مراصد النيوترينو الأكثر حساسية حول العالم -مثل مرصد "كاميوكاندي الثاني" في اليابان ومرصد "آي إم بي" الأميركي- نيترونات قادمة من المستعر الأعظم "1987إيه"، لكن قبل انفجاره.

وكانت هذه النيترونات ناتجة من قلب النجم المنهار، لتمرّ عبر الطبقات الخارجية من النجم دون عوائق، وتنطلق بسرعات تقارب سرعة الضوء في الكون. وكان هذا اكتشاف لحظة فارقة إذ مكّن العلماء من تهيئة أنفسهم لمشاهدة اللحظات الأولى للانفجار ومتابعته لحظة بلحظة، وهذا ما يجعل هذا المستعر الأعظم الأكثر دراسة ومراقبة.

دراسة ترفع الحجاب عن أحد الألغاز الفلكية

ولكن بعد اللحظات الأولى حجبت سحابة غبار كبيرة الضوء المرئي عن مركز المستعر الأعظم، مما أدى إلى أحد الألغاز الفلكية التي حُلّت مؤخرا بورقة بحثية نُشرت في المجلة العلمية "ساينس" بعنوان "خطوط الانبعاث الناتجة عن الإشعاعات المؤيّنة الصادرة عن جسم مضغوط في بقايا المستعر الأعظم 1987 إيه".

وتشير الدراسة الحديثة إلى أنّ العلماء توصلوا أخيرا إلى رؤية ما يقبع في مركز المستعر الأعظم الذي يختبئ وراء سحابة الغبار تلك، وذلك من خلال مراقبتها بأطوال موجية للأشعة تحت الحمراء. وباستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، اكتشف العلماء ذرات الأرغون والكبريت الثقيلة التي تأيّنت إلكتروناتها الخارجية وجُرّدت تماما.

ويقول الباحثون إن هذا التأثير لا يمكن أن يكون ناجما إلا عن نجم نيوتروني، ويحدث التأيّن بإحدى الطريقتين؛ إما عندما يدور النجم بسرعة حول نفسه فيسحب الجسيمات من حوله، أو عن طريق الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية.

والنجوم النيوترونية هي أجسام شديدة الحرارة في بداية نشأتها، إذ تصل درجات الحرارة إلى عشرات المليارات من الدرجات المئوية مباشرة بعد تشكلها في انفجار مستعر أعظم. وعندما تبرد مع مرور الوقت، تنبعث منها إشعاعات كثيفة، بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية. ويمكن لهذه الإشعاعات أن تؤيّن الذرات القريبة عن طريق تجريدها من الإلكترونات.

وقال البروفيسور جوزفين لارسون المشارك في الدراسة: إنّ هذا المستعر الأعظم ما زال مستمرا في مفاجأتنا؛ إذ لم يتوقع أحد أننا سنكتشف الجسم المضغوط من خلال خط انبعاثات فائقة القوة من ذرات الأرغون، لذلك من الرائع أننا توصلنا لهذه النتيجة بفضل تلسكوب جيمس ويب الفضائي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المستعر الأعظم

إقرأ أيضاً:

العالم لا يرى إلا بعين واحدة.. هكذا تعامل جيش الاحتلال مع جثامين الشهداء الفلسطينيين

#سواليف

في الوقت الذي ناشد العالم والاحتلال #المقاومة_الفلسطينية بضرورة تسليم #جثامين_الأسرى_الإسرائيليين التي احتفظت بهم، تحتجز سلطات الاحتلال جثامنين 665 شهيداً في مقابر الأرقام والثلاجات، منذ ستينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.

لم تقف #جرائم_الاحتلال عند #الإخفاء_القسري لجثامين #الشهداء الفلسطينيين فحسب، بل مارست أشكالاً متعددة من الإجرام والانتهاكات بالتنكيل في جثامين الشهداء، فيما تصاعدت هذه الجرائم بالتزامن مع #حرب_الإبادة_الجماعية على قطاع والتي بدأت في 7 تشرين أول/أكتوبر 2023.

إحراق ومقابر جماعية وسرقة جثامين

مقالات ذات صلة وفاة وعدة إصابات إثر حادث سير مروّع في المفرق / صور 2025/02/20

بعد انسحاب جيش الاحتلال من عدة مناطق في قطاع #غزة؛ كُشف الستار عن #جرائم_واسعة ارتكبها جنود الاحتلال ووثقت آلاف الحالات التي كانت شواهد على التنكيل بجثامين الشهداء الفلسطينيين وسرقة بعضها، وعُثر على مئات الجثامين بعد تعرضها لعمليات تشويهٍ في أزقة وشوارع قطاع غزة.

وكشفت المؤسسات الحقوقية ومنها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، آلاف الحالات والمقابر الجماعية التي دفن بها جيش الاحتلال جثامين شهداء فلسطينيين في محاولته لإخفاء جرائمه، فضلاً عن اعتداء قواته على عشرات المقابر، من خلال تعمد قصفها واستهدافها، ونبش وتخريب القبور فيها، وسرقة جثامين الفلسطينيين.

وقامت قوات الاحتلال بدهس جثامين الشهداء بالمدرعات العسكرية في ساحة مجمع الشفاء الطبي أثناء اقتحامه في شهر آذار/مارس 2024 الماضي، ثم دفنتهم بشكل جماعي وسرقت بعض الجثث.

وتكررت مشاهد نهش الحيوانات الضالة لجثامين شهداء ارتقوا برصاص جيش الاحتلال في قطاع غزة، بعد أن منعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من سحبهم ودفنهم، حيث تكدست الجثامين في الشوارع والأزقة وبدأت بالتحلل في مشهد امتهن الكرامة الإنسانية.

الضفة الغربية.. امتداد #الإجرام_الإسرائيلي

بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، مارس جيش الاحتلال ذات السياسات الإجرامية بحق جثامين الشهداء في الضفة الغربية، في عدة وقائع تم توثيقها.

أبرز هذه الوقائع عندما قصفت طائرة مسيرة تابعة لجيش الاحتلال ثلاثة مقاومين وهم أشرف نافع، ومحمد بديع، وأبو عبدو، خلال العدوان على مخيم طولكرم في شهر تموز 2024، وبعد استهداف الشهداء، تقدمت جرافة لجيش الاحتلال وقامت بالتنكيل في جثامينهم وسحلها ثم التجول بها في شوارع المدينة قبل سرقتها.

تلا ذلك تنكيل جيش الاحتلال في ذات الطريقة بجثمان الشهيد ماجد أبو زينة في مخيم الفارعة يوم 7 أيلول/سبتمبر 2024، وقامت في حينها جرافة لجيش الاحتلال برفع جثمان أبو زينة وسحله وتمزيق ملابسه عبر رافعتها الحديدية ذات الأسنان المدببة إلى خارج المخيم، قبل أن تتمكن طواقم الهلال الأحمر من نقله إلى المستشفى.

وفي ذات الشهر، قام جنود الاحتلال بالتنكيل بجثامين ثلاثة شهداء في بلدة قباطية، بعد إعدامهم وإلقائهم عن سطح أحد المنازل.

جرائم مستمرة منذ عقود
منذ أن احتلت العصابات الصهيونية القرى والمدن الفلسطينية في أحداث حرب النكبة عام 1948، مارست هذه العصابات الانتهاكات بحق جثامين الفلسطينيين المتكدسة بعد المجازر، فألقت بها في آبار المياه ودفنت بعضها في مقابر جماعية بعد تجريف وسحل الجثامين، وكشفت بعض التحقيقات الصحافية والوثائقيات عن مقابر جماعية احتوت جثامين فلسطينيين، أقام الاحتلال عليها الساحات العامة ومواقف السيارات، كما حدث في مجزرة قرية الطنطورة.
وبعد النكبة استمرت هذه السياسة في حالاتٍ فردية، ضد الفلسطينيين الذين حاولوا دخول فلسطين بعد تهجيرهم، حيث أُخفيت جثامين بعضهم وأُلقي بعضها على الحدود مع لبنان والأردن والضفة الغربية.
مع انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في ستينيات القرن الماضي، نجحت بعض المجموعات العسكرية التابعة لها بالتسلل إلى داخل فلسطين المحتلة، استشهد بعض هؤلاء المقاومين واحتجزت جثامينهم، ومنذ ذلك الحين برز اسم “مقابر الأرقام” وهي أماكن مخصصة تقوم حكومة الاحتلال بدفن جثامين شهداء فلسطينيين فيها، دون أي إجراءات أو بياناتٍ رسمية للدفن، والاكتفاء بنسب أرقامٍ للجثامين دون أي معلومات عنها.
وكشفت عدة تحقيقات صحفية عن سرقة الاحتلال للأعضاء البشرية من جثامين الشهداء الفلسطينيين وتحويل هذه الأعضاء لكليات الطب والمستشفيات الإسرائيلية، ثم نقل هذه الجثامين ودفنها في مقابر الأرقام، ومؤخراً أصبحت بعض عمليات الاحتجاز تتم في ثلاجات جثث.
كما ويمتلك الاحتلال لأكبر بنك جلدٍ في العالم، وصدرت تحقيقات صحافية مختلفة عن أن مصدر هذا البنك هو جثامين الفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال، وعند تسليم بعض الجثامين أكد ذوريهم وجود آثار عمليات واسعة في مناطق الأعضاء الحيوية بالجسم كالكلى والأمعاء والقلب، ما يؤكد تعرض الجثامين لسرقة الأعضاء.
ولا يقف التنكيل بجثامين الشهداء عند احتجازها أو دفنها بمقابر جماعية، بل هناك صنف آخر أشد همجية ووحشية، وهو الاعتداء على الجثامين وسحلها وتكثيف إطلاق النار عليها.
وُثقت إحدى هذه الحالات أمام الكاميرات عام 1978 عندما قتل جنود الاحتلال الشهيدة دلال المغربي بعد عملية “الساحل”، ووثقت الكاميرات حينها قيام “يهود باراك” أحد رؤساء وزراء الاحتلال سابقاً، بسحل جثمان الشهيدة بعد ارتقائها، إضافةً إلى مئات الحالات المشابهة وغير الموثقة إعلامياً.
ومن هذه الحالات إطلاق جنود الاحتلال النار على جثمان الشهيد عماد عقل عند اغتياله عام 1993 بعد التأكد من موته، ومن ثم قام أحد جنود الاحتلال بطعن الجثمان بالسكين عدة مرات.
وعكست عمليات الاغتيالات في انتفاضة الأقصى مدى وحشية جنود الاحتلال بالتنكيل في جثامين الشهداء، أبرز هذه العمليات، اغتيال الشهداء: يوسف السركجي، نسيم أبو الروس، جاسر سمارو، وكريم مفارجة، في مدينة نابلس عام 2002 وقيام جنود الاحتلال باقتلاع عيونهم وتقطيع أطراف بعضهم، ثم إحراق الشقة بهم، وهذه واحدة من مئات عمليات التنكيل الوحشية المشابهة.

بالمقابل، تجسدت ازدواجية المعايير لدى الصليب الأحمر الدولي وغيره من مؤسسات المجتمع الدولي اليوم خلال عملية استلامه لجثامين أسرى الاحتلال.

وبينما سعى الصليب الأحمر لاستلام جثامين أسرى الاحتلال في مراسم رسمية، لم يتعامل هو وغيره من المؤسسات الدولية مع قضية جثامين الفلسطينيين المحتجزة بذات الطريقة، حيث سلم جثامين الشهداء الفلسطينيين في أكياس زرقاء وداخل شاحنات تفتقر لأبسط مقومات الكرامة الإنسانية، عدة مرات خلال شهور حرب الإبادة الجماعية، حيث يرى العالم كل شيء، ولا يرى الحق الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • رمضـان علـى الأبـواب.. فمـا أشبـه اليـوم بالبارحـة!
  • جيمس بوند يواجه تغييراً إداريًا ودانيال كريغ يعلق
  • أمازون تستحوذ على جيمس بوند بعد عقود من سيطرة عائلة بروكولي
  • أمازون تتولى السيطرة الإبداعية على امتياز أفلام جيمس بوند
  • مسلسل «ظلم المصطبة» يرصد سطوة التقاليد العرفية في الريف
  • تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
  • العالم لا يرى إلا بعين واحدة.. هكذا تعامل جيش الاحتلال مع جثامين الشهداء الفلسطينيين
  • رغم تألق ليبرون جيمس.. ليكرز يسقط أمام هورنيتس
  • أدق صور للكويكب “قاتل المدن” بعدسة تلسكوب أرضي
  • العثور على رضيعة داخل كيس أمام مدرسة بعين شمس في القاهرة