أكد قانونيون ونشطاء دوليون أن قرار محكمة العدل الدولية المتصل بالتحقيق في تهمة الإبادة الجماعية التي تقترفها دولة الاحتلال ضد قطاع غزة منذ نحو خمسة أشهر حدث تاريخي يستوجب من أنصار العدالة الدولية استثماره ليس فقط من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين وغنما أيضا من أجل إعادة التوازن إلى النظام العالمي الذي تهيمن عليه الآن الولايات المتحدة الأمريكية.



جاء ذلك خلال حلقة نقاش نظمها مركز العودة الفلسطيني في العاصمة البريطانية لندن مساء أول أمس الثلاثاء، بعنوان "إسرائيل في محكمة العدل الدولية: ماذا بعد؟"، تحدث فيها كل من البروفيسور ريتشارد فولك والبروفيسور مهند عياش.

المتحدث الأول هو ريتشارد فولك، أستاذ القانون الدولي في جامعة برينستون، وكان أستاذاً زائراً في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا (2001 ـ 2004). مؤلف أو مؤلف مشارك لنحو عشرين كتابًا. في عام 2008، عين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولك لمدة ست سنوات كمقرر خاص للأمم المتحدة معني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

افتتح البروفيسور فولك مداخلته بالتأكيد على أهمية الأمر المؤقت الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 26 يناير، معتبراً أن المحكمة وجدت قضية واضحة تتعلق بانتهاك القواعد الأساسية للقانون الدولي إلى الحد الذي يخولها أمرا أوليا لها بالقيام بذلك؛ ومع ذلك، فإن "هذا الأمر يحتاج إلى تنفيذ، وهنا تصل حدود صلاحيات محكمة العدل الدولية".

وقال فولك: "لقد أعلنت محكمة العدل الدولية القانون ولكن ليس لديها القدرة على إنفاذ هذا القانون، وهذا يعتمد على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث يتمتع الأعضاء الخمسة الدائمون بسلطة النقض، ولم تظهر الولايات المتحدة أي تردد في ممارسة هذه السلطة".

وتابع فولك: "لا تستطيع المحكمة تنفيذ قرارها بنفسها، وهي ملزمة بعملية قانونية ستستغرق عدة سنوات من أجل التوصل إلى نتيجة موضوعية بشأن شكوى جنوب أفريقيا بأن إسرائيل مذنبة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية".

وأضاف أن "الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تمثل مشكلة لإسرائيل لأنها هي القوة المحتلة وليس لها الحق في الدفاع عن النفس في مثل هذا الوضع".

من وجهة نظر البروفيسور فالك، فإن هناك قيدان أساسيان على سلطات المحكمة: عدم القدرة على التنفيذ، والتأخير الذي يجعل الحكم النهائي ذو أهمية أكاديمية ولكن ربما لا علاقة له بالسلوك على الأرض، متسائلاً "هل القانون الدولي في مثل هذه الحالة منفصل عن الواقع إذا لم يكن من الممكن إنفاذه وإذا لم يكن من الممكن التوصل إلى قرار في الوقت المناسب؟".

وشدد فولك على أن قضية محكمة العدل الدولية، مهما كانت حدودها، تساهم في الدور الرمزي للقانون الدولي من خلال إضفاء الشرعية على نشاط المجتمع المدني وتكون بمثابة قوة دافعة لحشد المزيد من التضامن وحظر الأسلحة والعقوبات والمقاطعة. كما أنه يزيد الضغط على الحكومات المتواطئة في هذه المرحلة مع إسرائيل، بما في ذلك الديمقراطيات الليبرالية الكبرى في الغرب، لاحترام رأيها العام الداخلي والتخلي عن مساعدة دولة منخرطة فيما بات يسمى بـ "الإبادة الجماعية الأكثر شفافية ووضوحاً في تاريخ البشرية التي يتم تنفيذها على الهواء مباشرة أمام أعين وآذان العالم".

واختتم فولك بالقول: "يجب أن نتذكر أنه في سياق الحروب المناهضة للاستعمار في العقود الأخيرة، لطالما كان جانب التحرر الوطني يتمتع بقدرات عسكرية أدنى؛ ومع ذلك، تمكنت هذه القوى من كسب الحرب جزئيًا لأنها تمتعت بالدعم الرمزي للقانون الدولي الذي أدى في نهاية المطاف إلى هذا الشكل من التضامن والضغط على القوى الاستعمارية للتخلي عن مواقعها الاستعمارية.

المتحدث التالي كان البروفيسور مهند عياش، مؤلف كتاب "تأويل العنف" ولد ونشأ في سلوان، القدس، قبل أن يهاجر إلى كندا، حيث يعمل الآن أستاذًا مشاركًا في علم الاجتماع في جامعة ماونت رويال.

قال البروفيسور عياش: "من وجهة نظري، لا يمكن إنكار أنه لولا مقاومة الشعب الفلسطيني على الأرض في فلسطين ورفضه الخضوع للسيطرة الإسرائيلية، لما كانت هناك هذه الاحتجاجات العالمية من أجل فلسطين؛ وعلى العكس من ذلك، إذا لم تحدث هذه الاحتجاجات، فأنا لست متأكدًا من أن جنوب إفريقيا تكرس هذا القدر من الجهد وهذا القدر من الوقت للعمل خلف الكواليس وتخصيص موارد كبيرة لهذه القضية".

ومن وجهة نظر عياش، فإن رفع القضية كان لحظة فارقة للفلسطينيين ومؤيديهم لأن هذه هي المرة الأولى التي يرفع فيها طرف غير فلسطيني قضية إلى مثل هذه الهيئة الدولية ـ محكمة العدل الدولية. مؤكداً أن صمود الفلسطينيين والتضامن الشعبي العالمي مع القضية يقفان في قلب كل العمليات التي جرت على المستوى الدولي.

وقال عياش "لا تستطيع محكمة العدل الدولية بمفردها إعادة هيكلة النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة… إنني أشجع جميع الناشطين على فهم أن عملكم هو الذي أدى إلى هذه النقطة وأن عملكم هو الذي يدفعنا إلى الأمام"؛ مضيفاً: "لذا يتعين علينا جميعًا الآن وبأي طريقة ممكنة استخدام هذه القرارات الصادرة عن المحكمة من أجل الدفع قدماً بالمقاطعة الاقتصادية والمقاطعة الثقافية والمطالبة بالعقوبات والحظر التجاري بشكل عام".

واعتبر عياش أنه "في نهاية المطاف، هناك طريقتان فقط للخروج من هذا؛ الأول هو الإبادة الجماعية والحرب، وهو ما لا نريده؛ والآخر هو العزلة القانونية والسياسية والاقتصادية لإسرائيل، ومن خلفها للإمبراطورية الأمريكية" على حد وصفه، داعياً إلى تقديم مزيد من القضايا القانونية ضد الحكومات المتواطئة في التجارة مع إسرائيل وفي عنف الإبادة الجماعية في غزة، وتكثيف الضغط عليهم لوقف مساندة جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي.

إقرأ أيضا: هكذا نزعت محكمة العدل الدولية عن "إسرائيل" قدرتها على احتكار المحرقة

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العدل الدولية غزة الفلسطيني الحرب فلسطين غزة حرب ندوة العدل الدولية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة من أجل

إقرأ أيضاً:

حزب العدل: نتبنى رؤية موضوعية ومتوازنة في قضية الدعم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد معتز الشناوي المتحدث الرسمي لحزب العدل، أن اللجان المعنية بالحزب تعكف على الانتهاء من مقترح الحزب بخصوص قضية الدعم وما يدور فيها من نقاش حول التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وذلك تمهيدا لطرحها على مائدة الحوار الوطني وإعلانها للرأي العام، خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال "الشناوي" في بيان صحفي اليوم الأحد: “وجود إهدار كبير في السلع المخفضة، فنحو 50% من الدعم العيني لا يصل لمستحقيه، لذلك يعد الدعم النقدي الخيار الأنسب في الدول ذات الظروف المماثلة والتي تميل إلى الاستهلاك أكثر من الإدخار، فكم من مصنع يحصل على مستلزمات إنتاج مدعومة وهو لا يهدف سوى تحقيق الأرباح؟.. وكم من مركبة تحصل على وقود مدعوم رغم أن سعرها بضعة ملايين من الجنيهات؟”.

وأوضح أن حزب العدل يتبنى رؤية موضوعية ومتوازنة في قضية الدعم، ويؤمن بأن على الدولة دعم الفئات الأكثر احتياجًا والأقل تمكينا في المجتمع، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية التي نؤمن بها كحزب ليبرالي اجتماعي، ونرى أن الدعم حق مكفول لتلك الفئات، ولابد من ضبط هذا الملف وحوكمته بصورة تضمن وصوله لمستحقيه بشكل فعال ومستدام.

وشدد معتز الشناوي على أنه لن تتحقق الاستفادة المرجوة إلا بربط الدعم النقدي بمعدل التضخم السنوي لضمان وصول الدعم لمستحقيه مما يساهم في تطوير منظومة الدعم وحوكمتها، وكذلك تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، من خلال تطوير برامج اجتماعية تعزز من قدرة الأسر ذات الدخل المحدود على تحسين مستوى معيشتهم، بما يشمل تقديم الدعم النقدي المباشر للأسر المحتاجة، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وغيرها، ولعل ذلك هو الطريق الأصوب، والذي يجرى استهدافه من العديد من الخبراء وممثلي القوى السياسية المختلفة بالحوار الوطني.

وأكد على ضرورة استخدام الحلول الرقمية لتوزيع الدعم لضمان الشفافية والكفاءة في الوصول إلى المستحقين، وتقليل التلاعب أو إساءة الاستخدام، وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية في تحديد الفئات المستحقة ومراقبة توزيع الدعم ليساهم في زيادة الشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية المرجوة.

مقالات مشابهة

  • الإعلام الحكومي ينشر تحديثًا لإحصاءات حرب الإبادة الجماعية بغزة
  • محكمة جرائم الأموال ترجئ محاكمة رئيس تمصلوحت في قضية تبديد واختلاس
  • نائب لبناني: المجتمع الدولي يتباطأ في إغاثة شعبنا.. والاحتلال مستمر في الإبادة الجماعية
  • محكمة صيرة تصدر حكماً صادماً في قضية مقتل أمير الكلدي: دية وحبس للمشرقي ورفاقه، والرأي العام ينقسم
  • السوداني يدعو الدول الكبرى لتحمل مسؤولياتها ووقف الإبادة الجماعية في غزة ولبنان
  • في ذكرى حكم محكمة العدل الدولية بأحقية مصر في «طابا».. كواليس الدفاع المصري في إثبات حقها واسترداد كامل أراضيها بالحرب والسلام والمفاوضات
  • حصيلة الشهداء والجرحى في قطاع غزة ترتفع مع استمرار الإبادة الجماعية
  • حزب العدل: نتبنى رؤية موضوعية ومتوازنة في قضية الدعم
  • أردوغان: لبنان أصبح هدفا جديدا لسياسة “الإبادة الجماعية
  • اردوغان: لبنان أصبح هدفا جديدا لسياسة الإبادة الجماعية