قصّة وعبرة: قصّة الشّاب والطّائر الجريح
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
يحكي أن في قديم الزمان كان هناك شيخ عالم جليل يتوافد عليه طلّاب العلم من كل مكان ومن كل بلدان العالم لينهلوا من علمه ومعرفته وحكمته وخبراته في الحياة، حيث أنه كان معروفاً عنه الحكمة ورجاحة العقل والعلم الوفير، وفي يوم من الأيام جاءه طالب علم وكان شاب فقير لا يملك المال، فجاء إلي الشيخ يستأذنه أن يسافر ليطلب المال، فأذن له الشيخ بذلك، فأخذ الشاب أمتعته وبدأ رحلته الطويلة، وبينما هو مسافر مر علي منطقة صحراوية مهجورة وجد فيها طائر جريح ملقي علي الأرض، ولكنه مازال علي قيد الحياة علي الرغم من الجروح التي أصابته، نظر الطالب إلي الطائر في دهشة وتعجب شديدين وهو يقول في نفسه : كيف تمكن هذا الطائر من البقاء علي قيد الحياة مع كل هذه الجروح التي أصابته ؟
اهتم الشاب لأمر الطير كثيراً ودفعة فضوله أن يراقبه لفترة من الزمن، فإذا بطائر آخر يأتيه كل ليله ويجلب له الطعام، أصابت الحيرة والدهشة هذا الشاب وأخذ يردد سبحان الله إلى يرزق الطير في الصحراء، سيرزقني بالتأكيد وأنا عند الشيخ دون أن أسافر، فأخذ الشاب أمتعته ورجع إلى شيخه من جديد وألغي فكرة السفر لطلب المال.
حين رآه الشيخ سأله ما الذي أعادك من جديد بهذه السرعة، فحكي له الشيخ قصة الطائر الجريح الذي وجدة في الصحراء، وكيف أنّ الله عز وجل قد بعث له رزقه من خلال طائر آخر يأتي إليه بالطعام كل ليل، وبالتالي فإن الله الذي رزق هذا الطير الجريح في الصحراء سيرزقني بالتأكيد وأنا عندك دون سفر، سكت الشيخ قليلاً مفكراً في حال الشاب ثم قال : ولكن يا بنيّ لماذا اخترت أن تلعب دور الطائر الجريح في هذا العالم، لماذا لم تختار أن تكون الطائر القوي الذي يساعده، يا بنيّ كن أنت صاحب اليد العليا ولا تكن صاحب اليد السّفلى.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
حلقة ٤ من كتاب .. عدسات على الطريق ..
بقلم : حسين الذكر ..
في مرآب صغير لسيارات الأجرة الخاصة والعامة وقفا معاً ، وبعد أن مد الشاب يده في جيبه واخرج مبلغاً من المال أعطاه للحزين .. بما يكفيه للوصول الى داره ،وقال له :
ــ ياعم سأ شرح لك بايجاز ، ما يتطلب منك عمله كإحدى أهم الخطوات اللازمة لمساعدتك على التغيير التي ارجو أن تتمكن من الالتزام والنهوض بها .
ــ إني مصغ اليك هاتِ ماعندك فقد اشتقت لسماع رأيك .
ــ أول ما تصل الى أهلك وتطمئن على عيالك ، حاول أن تنتزع منهم الموافقة على أي خطوة ستخطوها لاحقاً ، وضرورة إعلامهم أن كل ما تقوم به لأجلهم .
ــ اطمئن انهم لم يعارضونني ابداً .
ــ حسناً سأبدأ اذن معك الخطوة الاولى ، التي ستكون مقدمة لخطوة لاحقة اكبر ، لكن الثانية تتوقف على تنفيذ الأولى ، وعليك أن تبيع كل ما هو فائض لديك من أثاث أو أي أدوات منزلية غير ضرورية ، عليك أن تجمع أي مبالغ نقدية ، بع كل ما استطعت إليه سبيلا !
ــ اوووو – انك حقاً تفاجئني .. لم أتوقع منك طلباً كهذا ، ثم إنك تعلم نحن الفقراء لا يوجد لدينا فائض عن الحاجة ، وكل ممتلكاتنا عبارة عن الحد الادنى للمستلزمات والحاجيات الاساسية والضرورية لديمومة الحياة ولو بشكلها الصعب والمقدور عليه.
ــ إسمع يا عم .. التغيير ليس أغنية ترددها الشفاه ، ولا هو مثل يضرب متى ما نشاء ولمن نشاء ، ان التغيير فسلفة وعمل استراتيجي شاق وقد يتطلب التضحية والصبر على كثير مما لا نتحمله وذلك كله لاجل غاية أسمى نسعى اليها ، نحو مستقبل أفضل .. عليك أن تبيع كل ما تطاله يداك ، لا تبق إلا ما هو ضروري لممارسة أدنى متطلبات المعيشة والممارسات اليومية .
ــ هذا فضيع ويكاد ينفجر منه رأسي ، وأي عاقل لن يقبله مني!.
عندها قال الشاب بلهجة متصاعدة يشوبها الغضب والعصبية :
ــ إن الأمر في غاية البساطة ، وما هذا الذي تهذي به ، إلا ترسبات ميتة في داخلك وهي جزء أساس من كيانك الذي لا تستطيع على ما يبدو مغادرته مع انك تتبجح بالكثير من الجمل الإيمانية التي ستبقى فارغة المحتوى والمعنى ، إلا من الكلام الرنان . ثم عليك ان تخبرني بجواب قاطع ، لا يقبل القسمة على اثنين ، هل ترغب بالتغيير وهل تحب ان أبداً معك .. هل عندك الإستعداد الكامل للمواصلة وتحمل المسؤولية ام لا ؟
تنفس العم عميقاً ،اوثنى يديه على خاصرته ، ثم فاح منه زفيرا حارا كاد يحرقهما ، وقال :
ــ إني موافق وأمري الى الله وليقدم ما فيه الخير !
فرح الشاب كثيراً بهذه الموافقة وقبّل رأس العم ثم قال :
ــ عندما تصل الى البيت ، إبدأ العمل فوراً وانتزع موافقة عائلتك وانجز ما اتفقنا عليه ، وسأتصل بك غداً مساءا بالهاتف ،وابلغك الخطوة التالية التي ستكون مفاجأة سارة جدا لك ولعيالك وتمثل نقلة نوعية في حياتكم ، شريطة ان تكون قد انجزت الخطوة التي قبلها .
ــ إطمئن .
ــ سأكون عند حسن ظنك انشاء الله .
ــ حسناً وداعاً وأنا تواق لرؤياك ولقائك ثانية !
انهمرت دمعة من عين العجوز غطت تجاعيد وجهه ، ثم ودعه قائلا :
ــ وداعاً يا ولدي وسأنتظر اتصالك غداً على أحر من لهيب النار !
ــ صعد العجوز سيارة الأجرة ) التاكسي (التي أخذت تشق طريقها في الظلام ، فيما راح الشاب يتباعد بخطوات سريعة .