الجفاف في العراق.. قيود قاهرة وخسائر اقتصادية وهجرة جماعية
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
اكد مختصون في مجال البيئة، ان هنالك ارتباط وثيق بين انحسار مساحة الأرض المزروعة والهجرة من الريف إلى مدن العراق ومخاطر تراجع البساط الأخضر الذي يؤدي إلى تداعيات كبيرة على التنوع البيولوجي، فيما أشار اخرون الى ان ما يقف حائلاً أمام تنفيذ مشاريع تنظيم الحصص المائية والسدود التي يمكنها إعادة الحياة إلى الأراضي الزراعية هو المحاصصة الطائفية والسياسية التي تتسبب في تدهور مختلف القطاعات.
وخلفت موجة الجفاف التي ضربت العراق طوال السنوات الخمس الأخيرة العديد من الآثار السلبية على مجمل القطاعات في البلاد، لكن التأثيرات على الواقع البيئي كانت أوضحها، إذ لم تنحصر في محافظة أو منطقة دون غيرها، فمن أصل 80 مليون دونم، لم يعد بالإمكان زراعة سوى 14 مليون دونم منها، وتفاقم التصحر، وكذا ارتفاع نسبة الملوحة في التربة.
وأكدت وزارة الموارد المائية في بيان سابق أنها اتفقت مع وزارة الزراعة على زراعة 5.5 ملايين دونم فقط خلال الموسم الشتوي 2023- 2024، من بينها زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية، و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، فضلاً عن استمرار تأمين المياه للاحتياجات الأخرى مثل الاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين، والتي تبلغ مساحتها 1.1 مليون دونم.
يقول المهندس بوزارة الزراعة العراقية، جاسم الحسن: “نحن في حرب يومية مع أزمات البيئة التي تتراجع مؤشراتها. الجفاف المتمثل بنقص الأمطار وتراجع كميات المياه في نهري دجلة والفرات، يمثل خطراً غير مسبوق على البلاد، ليس فقط على مستوى السلة الغذائية، بل أيضاً على البيئة، وهذا ما بات يشعر به الناس مع ارتفاع درجات الحرارة، والتصاعد المستمر للأتربة وموجات الغبار، وكثرة الحشرات، وقلة نسبة الأوكسجين في الجو، والسبب الأبرز للجفاف هو سوء إدارة المياه، وثقافة الفلاحين شبه المنعدمة حول أهمية الحفاظ على المياه وعدم هدرها، وسوء إدارة المياه كان وراء تفاقم ظاهرة التصحر”.
ويؤكد الخبير البيئي، عصام النعيمي، أن "مياه الأنهار والبحيرات والمستنقعات وغيرها، تساهم بشكل كبير في التنوع البيولوجي الذي يساهم بدوره في تطوير الزراعة وتحسين التربة وزيادة المحاصيل الزراعية، والتنوع البيولوجي يشمل التنوع الحيوي، والتنوع الجيني، والتنوع النباتي والحيواني والميكروبي، واصبحت واقع خطر يواجه الزراعة العراقية مع استمرار الجفاف الذي تسبب بفقدان كبير للتنوع البيولوجي".
وباتت مساحات شاسعة في محافظة ديالى (شرق)، تصل إلى أكثر من 300 ألف دونم، مهجورة، رغم أنها كانت تعدّ من أفضل الأراضي الزراعية، وكانت لعقود طويلة توفر دخلاً ومصدر رزق لآلاف المزارعين.
يقول أحد ملاك هذه الأراضي، خالد عواد، إنه يملك 25 دونماً ضمن الحقل الزراعي الواسع الذي يعود لأقاربه، وبعضها ما زالت خضراء، لكنها لن تظل خضراء إذا استمر هذا الجفاف.
ويضيف: "الزراعة العراقية تعاني بسبب الجفاف، وهذه الأراضي كانت منتجة قبل سنوات قليلة، لكنها أخذت تتحول تدريجياً إلى أراض غير منتجة، ولن يطول الوقت كثيراً حتى تنضم أراض أخرى في منطقتنا إلى قائمة الأراضي المهجورة، وبإمكان الجهات الحكومية إيجاد حلول عبر اعتماد مشاريع حديثة تؤدي إلى إدامة الزراعة رغم ضعف واردات المياه، وشح الأمطار".
ويؤكد مسؤول في وزارة الزراعة العراقية أن البلاد تسعى إلى التغلب على مشكلة الجفاف عبر الاستخدام الأمثل للمتوفر من مياه الأنهار، وإنشاء مزيد من السدود في المحافظات، إضافة إلى إنشاء مشاريع لاستغلال مياه الأمطار والسيول".
ويوضح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "ما يقف حائلاً أمام تنفيذ هذه المشاريع التي يمكنها إعادة الحياة إلى الأراضي الزراعية هو مشكلة المحاصصة الطائفية والسياسية التي تتسبب في تدهور مختلف القطاعات، إذ باتت المسؤوليات تناط إلى غير المختصين، ما تسبب بفساد كبير في منظومة عمل الدولة”.
وتابع ان "تدهور الزراعة المحلية يصب في صالح استيراد المحاصيل والمنتجات الزراعية التي يحتكرها تجار مرتبطون بمنظومة الفساد، لذا فإن أي عملية إصلاح حقيقية لدعم الزراعة ستواجه من قبل هذه المنظومة حتى لا تتأثر أرباحها".
وتشمل مخاطر الجفاف كل ما له علاقة بالتربة والبيئة، وكلما زادت فترات الجفاف ارتفعت المخاطر البيئية، ما يجعل عودة الأراضي إلى طبيعتها تتطلب وقتاً أطول.
ويؤكد المهندس الزراعي ياسين مهدي، أن "تقلص النطاق الزراعي في العراق يعمق الخطر على التربة الزراعية، وهذا يعمق الخطر على البيئة ككل، فالزراعة والبيئة بينهما ارتباط طردي، فأحدهما يحسن الآخر، وكلما اتسع نطاق الأراضي المزروعة تحسنت البيئة، والعكس صحيح أيضاً".
ويضيف مهدي: "كلما أهملت الأراضي الزراعية أصبحت إعادة تأهيلها مكلفة، والجفاف يزيد من صعوبات إعادة التأهيل، كونه يؤدي إلى إنهاء حياة العديد من الكائنات الحية التي تساهم في تنشيط التربة".
وعُرف العراق بأصناف من النباتات والمزروعات، وبعض هذه الأصناف مهددة حالياً بالاختفاء بسبب الجفاف، وأصناف أخرى حافظ عليها أسلافنا لقرون، أصبح هناك توجه للتقليل من زراعتها، والتركيز على زراعة الأصناف الأقل احتياجاً للمياه، أو استخدام أساليب جديدة في الزراعة لم يعتد عليها المزارعون، وربما يهجر كثيرون الزراعة لأنها لم تعد مهنة مناسبة لكسب القوت، وتتحول الأراضي الزراعية إلى مشاريع لا علاقة لها بالإنتاج الزراعي.
من جانبه، أكد مستشار وزارة الزراعة، مهدي القيسي، في وقت سابق من فبراير/ شباط، للوكالة الرسمية العراقية، أن الموسم الزراعي الشتوي سيشهد زيادة في إنتاج الحنطة والمحاصيل الاستراتيجية بفضل الدعم الحكومي، واستخدام منظومات الري الحديثة، مشيراً إلى أن "وزارة الزراعة قطعت أشواطاً جيدة في استخدام منظومات الري الحديث في بعض المحافظات، وهناك تعاون مشترك مع وزارة الصناعة لتزويد الوزارة بمنظومات الري بالرش".
وأوضح القيسي أن "الخطة الزراعية للموسم الشتوي ستكون ناجحة، ووزارتي الزراعة والموارد المائية شددتا خلال إقرار الخطة الزراعية الشتوية على ضرورة استخدام منظومات الري بالرش، إضافة الى دور الوزارة الإرشادي في التقليل من الهدر المائي".
المصدر: ميدل ايست
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الأراضی الزراعیة الزراعة العراقیة وزارة الزراعة ملیون دونم
إقرأ أيضاً:
حملة مكثفة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالفيوم
شدد الدكتور أسامة دياب، وكيل وزارة الزراعة بالفيوم، على ضرورة التصدي بحزم لجميع أشكال التعدي على الأراضي الزراعية.
جاءت هذه التوجيهات في إطار تعليمات مباشرة من الدكتور أحمد عضام، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة، والدكتور حسام راشد، رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضي، بضرورة التنفيذ الفوري لقرارات الإزالة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين.
جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية أوقاف الفيوم تنظم 150 ندوة علمية للتوعية بأهمية الماء وسبل الحفاظ عليهوأكد الدكتور دياب على أهمية تفعيل دور جهاز حماية الأراضي بالمديرية، برئاسة المهندسة وسام البحيري، بالتنسيق مع مديري الإدارات الزراعية في المراكز المختلفة.
وشدد على رصد أي محاولات للتعدي على الأراضي الزراعية وإزالتها فورًا في مراحلها الأولى، حفاظًا على الرقعة الزراعية التي تُعد الركيزة الأساسية للاقتصاد القومي.
هذا وعلى الرغم من وجود تشريعات صارمة تجرّم التعدي على الأراضي الزراعية، إلا أن الظاهرة لا تزال مستمرة، ما يؤدي إلى تناقص نصيب الفرد من الأراضي الزراعية، وتدهور إنتاجيتها، وهو ما يهدد الأمن الغذائي في مصر. وقد أكدت الدراسات أن استمرار هذه الممارسات يؤثر سلبًا على معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الاستراتيجية، كما ينعكس ذلك على انخفاض صافي الدخل الزراعي.
انطلاق فعاليات اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم "تعليم الفيوم" يناقش الاستعدادات النهائية لامتحانات الشهادة الإعداديةلذلك، تسعى وزارة الزراعة إلى تعزيز جهودها لإيجاد حلول فعّالة لمواجهة هذه المشكلة. ويشمل ذلك اقتراح أساليب جديدة للحد من التعديات وزيادة الإنتاج الزراعي، بما يسهم في تحسين معدلات الاكتفاء الذاتي وتقليل العجز في الميزان التجاري الزراعي.
إزالة فورية للتعديات في مركز سنورس
في إطار تنفيذ هذه الجهود، قامت الإدارة الزراعية بمركز سنورس، برئاسة المهندس عزت قنديل، وبمشاركة المهندس سيد محمود، رئيس قسم حماية الأراضي، بتنفيذ حملة إزالة فورية لعدد من حالات التعدي. وشملت الحملة منطقتي "سنورس أول" و"سنورس ثاني"، حيث تم إزالة بناء مخالف مكون من بلوك وعمدان خرسانية وباب من الصاج.
هذا وقد تمت الإزالة الفورية للتعديات، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، وتحرير المحاضر لضمان عدم تكرار المخالفات. وشددت الإدارة الزراعية على سرعة تنفيذ القرارات والتعليمات الصادرة من الجهات المعنية، مؤكدة أن الحفاظ على الرقعة الزراعية مسؤولية وطنية تقتضي تضافر جهود جميع الأطراف.
تعكس هذه الحملات الجهود الحثيثة للحكومة المصرية للحفاظ على الأراضي الزراعية، باعتبارها موردًا استراتيجيًا لا غنى عنه لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.