الصيد الثمين (1)

(الصيد الثمين) هو إسم لعملية عسكرية إستخبارية معقدة و مركبة وقعت فصولها أثناء حرب الجنوب .
و كانت أولى حلقات العملية قد بدأت متزامنة مع تمرد (جون قرنق) الذي أرسل لإخماد التمرد الذي بدأه المقدم (كارينو كوانين) في منتصف العام 1983 و لكنه لم يعد و بدلاً من أن يخمد التمرد أصبح قائدا و زعيما له .
الفصل الأول
قال محدثي بينما كنا جلوسا ذات مساء في نهاية العام 1995 بمكاتب جهاز الأمن في مدينة جوبا عاصمة الجنوب و حاضرة الولاية الإستوائية حضر إلينا الضابط المسئول عن أمن مدينة جوبا و قال إنه يريد أن يستشيرنا في أمر مقلق و مزعج فذكر أن هناك فتاتان من الخرطوم حضرتا إلى جوبا بصحبة وزير التربية و التعليم في الولاية منذ عدة أسابيع تحت حجة أنهما تخرجتا من جامعة الأحفاد و تعملان على إنجاز دراسة عن (أثر الحرب على الأطفال) و لاحظنا أنهما تجوبان المدينة و تتحركان يوميا بين عدة مواقع على متن دراجات هوائية و لفت نظرنا أنهما تذهبان لأحد ( الميزات) المخصص لسكن الضباط بصورة راتبة و هذا ما أزعجنا فقررنا إبعادهما إلى الخرطوم .

قال محدثي و بعد مشاورات إتفقنا على أهمية إستجوابهما قبل تنفيذ قرار الإبعاد و بالفعل تم تكليف بعض أفراد الأمن لإحضارهما بهدوء و دون علم الوزير حتى لا يتدخل .
بمجرد حضورهما تم إدخال كل واحدة منهما في مكتب للتحري و الإستجواب و ما هي إلا دقائق حتى انهارتا و أدليتا باعترافات خطيرة أدت إلى كشف أكبر خلية تجسس في ذلك الوقت مكونة من أفراد شماليين تتبع لأحد الأحزاب السودانية تأسست مع بداية التمرد يترأسها موجه تربوي من أبناء شرق السودان يعمل بوزارة التربية بالولاية الإستوائية و يعمل معه عشرة آخرون أبرزهم تاجر عطور في سوق (كونج كونج) تخرج من جامعة أمدرمان الإسلامية زعم أنه جاء إلى جوبا لإكمال بحث ماجستير عن القبائل الإستوائية قبل أن يتحول إلى تاجر عطور .
كانت مهمة الفتاتان حسب اعترافاتهما هي جمع معلومات من (ميز الضباط) و أماكن أخرى عن تحركات الجيش و خاصة حركة الطيران العسكري و المقاتل من و إلى جوبا و كمية و نوعية الأسلحة و التشوين الواصل و تسليم ما يتحصلن عليه من معلومات إلى نقطة سوق (كونج كونج – تاجر العطور) و الذي تتجمع عنده التقارير اليومية فيعدها في تقرير واحد و يقوم بإرساله إلى رئيس الخلية الموجه التربوي الذي بدوره يعلق عليه ثم يبعث بنسخة إلى رئاسة الحزب في الخرطوم و نسخة لإستخبارات الحركة الشعبية !!
بعد إكمال التحري اتخذ القرار باعتقال جميع أفراد الخلية و نقلهم إلى الخرطوم .
ثم ختم محدثي هذا الجزء قائلا : تخيل أن هذا العمل التجسسي الذي بدأ مع بداية التمرد بواسطة أحد الأحزاب السودانية كم من الأضرار قد تسبب فيها ؟ و أضاف قائلا يبدو أن هناك أحزابا مهمتها الرئيسية هي تدمير البلاد !!
#المقاومة_الشعبية_خيارنا
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
28 فبراير 2024

المصدر: موقع النيلين