تفاؤل غير مسبوق بين الرؤساء التنفيذيين في المملكة العربية السعودية ورؤية استراتيجية للنمو الاقتصادي وأثر الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
كشفت دراسة جديدة لبي دبليو سي عن ارتفاع مستويات الثقة لدى الرؤساء التنفيذيين في المملكة العربية السعودية حيال آفاق النمو الاقتصادي للمملكة خلال فترة الاثني عشر شهراً القادمة، بنسب تجاوزت مستويات الثقة المماثلة على الصعيدين العالمي والإقليمي، وحتى على صعيد نظراء المملكة في منطقة الخليج.
وبحسب استطلاع بي دبليو سي السنوي السابع والعشرين لانطباعات الرؤساء التنفيذيين – نتائج المملكة العربية السعودية، أبدت نسبة كبيرة تبلغ 89% من الرؤساء التنفيذيين السعوديين المشاركين في الاستطلاع تفاؤلاً بخصوص النمو الاقتصادي للمملكة مقارنة بنسبة 44% عالمياً و73% في الشرق الأوسط و81% في منطقة الخليج.
فوفق أحدث التقارير الإعلامية التي صدرت تزامناً مع نشر هذا الاستطلاع، تقدمت المملكة العربية السعودية إلى المركز السادس عشر بين دول مجموعة العشرين، إذ تجاوز إجمالي الناتج المحلي السعودي في السنة الماضية 1 تريليون دولار أمريكي لأول مرة وظل فوق هذا المستوى في عام 2023 في ظل صدور توقعات عن صندوق النقد الدولي تشير إلى نمو الناتج المحلي السعودي ليصل إلى 1,3 تريليون دولار أمريكي بحلول 2028.
وأعرب ما يزيد عن نصف الرؤساء التنفيذيين (54%) عن ثقتهم الشديدة بنمو عائدات شركاتهم خلال فترة الأشهر الاثني عشر القادمة (مقارنة بنسبة 37% على مستوى العالم)، بينما أبدى 40% منهم ثقة متوسطة (مقارنة بنسبة 32% عالمياً). وقال 74% من المشاركين إنهم يتجهون على الأرجح إلى زيادة أعداد الموظفين نظراً إلى ضخامة حجم المشاريع الجارية في المملكة العربية السعودية والتفاؤل حيال الإصلاحات والمبادرات الاقتصادية والمالية.
وتعقيباً على النتائج، صرح رياض النجار، رئيس مجلس إدارة بي دبليو سي الشرق الأوسط والمدير المسؤول في مكتب بي دبليو سي بالمملكة العربية السعودية، أن “الرؤساء التنفيذيين في المملكة العربية السعودية لديهم ثقة برؤية 2030 التي أحدثت تحولاً هائلاً وسريعاً في البلاد وأدت إلى تحقيق نمو اقتصادي متين. وتهدف الإصلاحات إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الاقتصاد وزيادة التنافسية، وهو ما يجعلنا نتوقع مستقبلاً من قادة الأعمال أن يواصلوا إدخال التعديلات الجذرية على شركاتهم بحيث تحافظ على قدرتها على التجاوب مع المتغيرات وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل”.
ضرورة التطور
عبّر الرؤساء التنفيذيون في المملكة عن إيمانهم بضرورة التطور خلال رحلتهم لاستكشاف فرص النمو بحيث أشار 49% منهم إلى أن شركتهم لن تظل قائمة خلال عشر سنوات إذا ما واصلوا السير في المسار الحالي، وهي نسبة تقارب المتوسط العالمي البالغ 45%.
الشراكات والتحالفات: خلال السنوات الخمس الأخيرة، لعبت الشراكات والتحالفات الاستراتيجية دوراً حاسماً في مساعدة المملكة العربية السعودية على تحقيق نقلة اقتصادية ضخمة ما أدى إلى الخروج برؤى جديدة وتعميق الخبرات وتعزيز الابتكارات القائمة على التعاون. وخلال الفترة نفسها، أشارت نسبة 54% من الرؤساء التنفيذيين إلى أن الأنظمة الحكومية كانت أهم العوامل التي أثرت في تغيّر كيفية خلق الشركات للقيمة وتحصيلها وتوفيرها بينما كشف 51% أن عدم استقرار سلاسل التوريد كان أهم العوامل التي أثرت على تلك التغيرات.
اقرأ أيضاًالمجتمعإيداع 965 مليون ريال في حسابات مستفيدي سكني لشهر فبراير
التحول التكنولوجي: يرى الرؤساء التنفيذيون السعوديون أن التغير التكنولوجي (بنسبة 60% مقارنة بنسبة 56% عالمياً) وتفضيلات المستهلكين (بنسبة 69% مقارنة بنسبة 49% عالمياً) ستكون هي العوامل الرئيسية التي ستؤدي إلى تغيرات كبيرة في نماذج أعمالهم على مدار السنوات الثلاث المقبلة. لكن، وعلى الرغم من الحاجة الشديدة إلى اعتماد التكنولوجيات الناشئة وتعميم استخدامها، يشعر الرؤساء التنفيذيون في المملكة بالقلق من المخاطر السيبرانية بحيث يشير 40% منهم إلى أنهم معرضون بشكل متوسط لهذه المخاطر في الأشهر الاثني عشر المقبلة، بينما يرى 20% أنهم معرضون بشدة لهذه المخاطر خلال المدة نفسها.
الذكاء الاصطناعي التوليدي: قال ما يزيد عن نصف الرؤساء التنفيذيين (54%) إن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيحسن من جودة منتجات شركاتهم وخدماتها. وبالنظر إلى آفاق أبعد في المستقبل، أشار 66% إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيغير بشكل كبير طريقة خلق القيمة وتقديمها واستخلاصها خلال السنوات الثلاث المقبلة. وفي المملكة العربية السعودية، يتوقع 71% من القادة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيتطلب من معظم الأيدي العاملة خلال السنوات الثلاث المقبلة تطوير مهارات جديدة، بينما ترى نسبة مماثلة أنه سيزيد من كفاءتها وكفاءة موظفيها. وحول احتمالات أن يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى إعادة رسم ملامح مشهد اقتصاد الأعمال، كشف 66% من الرؤساء التنفيذيين في السعودية أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيساهم في زيادة الإيرادات، بينما رأى أكثر من النصف (57%) أنه سيزيد من أرباحهم في الأشهر الاثني عشر المقبلة.
التحركات المناخية: تشهد المملكة العربية السعودية أعلى مستويات القلق إزاء قضايا المناخ (بنسبة 29%) مقارنة بالنظراء الإقليميين (15%) والنظراء العالميين (12%)، إذ يرى 60% من الرؤساء التنفيذيين في المملكة أنهم حريصون على تحسين مستوى كفاءة الطاقة في شركاتهم. وأعلن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع أنهم في سبيلهم لابتكار منتجات أو خدمات أو تكنولوجيات جديدة صديقة للمناخ، بينما يعمل 43% منهم على دمج مخاطر المناخ في تخطيطهم المالي. لكن في العام السابق، رفض 74% من الرؤساء التنفيذيين القبول بعوائد أقل على الاستثمارات الصديقة للمناخ، بينما سلط 32% الضوء على تعقيد الأنظمة ونقص التكنولوجيات الصديقة للمناخ في قطاعاتهم بوصفهما كأبرز التحديات الرئيسية أمامهم.
ومن جانبه، أضاف ستيفن أندرسون، رئيس قسم الاستراتيجية في بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً: “إلى جانب ازدياد التفاؤل إزاء المستقبل، يدرك الرؤساء التنفيذيون في المملكة العربية السعودية الحاجة إلى التطور للحفاظ على قدرتهم على مواكبة المتغيرات والاستمرار في الأعوام القليلة المقبلة. وتُعتبر الشراكات الاستراتيجية وتبني التكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي ووجود رغبة قاطعة في دمج ممارسات المرونة المناخية في نماذج أعمالهم بمثابة عوامل رئيسية تساهم في تعزيز قدرتهم على مواكبة التحول السريع الذي تشهده المملكة”.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية فی المملکة العربیة السعودیة الذکاء الاصطناعی التولیدی من الرؤساء التنفیذیین مقارنة بنسبة بی دبلیو سی الاثنی عشر إلى أن
إقرأ أيضاً:
رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟
الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.
المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.
وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».
وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.
ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!