السومرية نيوز – دوليات

تُعتبر أهرامات مصر الثلاثة الكبيرة من بين عجائب الدنيا السبع القديمة، التي يزورها ملايين السياح سنوياً، فيما لا يزال يتبادر إلى أذهان العلماء تساؤل كيف بُنيت الأهرامات بهذه الضخامة، وكيف استطاع المصريون القدماء حمل الحجارة الثقيلة إلى مرتفعات شاهقة، رغم عدم وجود المعدات الحديثة التي نعرفها اليوم.


بالقرب من الساحل المصري للبحر الأحمر نجد وادي الجرف، الذي تمتد فيه رمال الصحراء الجافة والمياه الزرقاء الهادئة، والتي يمكن من خلال مائها رصد صحراء شبه جزيرة سيناء، هدوء المنطقة في الوقت الراهن يُخفي في طياته النشاط الكبير الذي كان عليه المكان قبل أكثر من 4 آلاف سنة.

خلال سنة 2013 أكد العلماء أهمية هذه المنطقة، بعدما تمكنوا من العثور على 30 بردية (وهو نبات مائي استخدمه المصريون القدماء في العديد من المهام من بينها الكتابة والتدوين) والتي تعتبر الأقدم في العالم، مخبّأة في كهوف من الحجر الجيري، قام الإنسان بصناعتها منذ آلاف السنين.

How the Egyptian #Pyramids were built, is a great mystery, they say.
We have no idea how these ancient people could have done this. They say.

If only we had an eye-witness account telling us about it.

Oh, wait. There *is* one.

A thread:

— Jens Notroff (@jens2go) May 3, 2018 في اكتشاف يعيد صياغة فهمنا للحضارة المصرية القديمة، تأتي البرديات المعروفة باسم "برديات البحر الأحمر" لتسلط الضوء على تاريخ وادي الجرف، الميناء الذي كان ينبض بالحياة قبل أكثر من 4 آلاف عام. هذه الوثائق، التي تعود إلى عهد الفرعون خوفو، لا تكتفي بالكشف عن دور الميناء الحيوي في تجارة مواد البناء للأهرامات، بل تُبرز أيضاً شهادات الرجل المسمى ميرر، أحد المشاركين في بناء الهرم العظيم.

اكتُشف موقع وادي الجرف لأول مرة في عام 1823، على يد الرحّالة والمؤرخ الإنجليزي جون جاردنر ويلكينسون، الذي ظن خطأً أنه كان مقبرة من العصر اليوناني-الروماني. تجدد الاهتمام بالموقع في الخمسينيات على يد طيارَين فرنسيين، فرانسوا بيسي ورينيه شابو-موريسو، اللذين اقترحا أنه كان مركزاً لإنتاج المعادن، غير أن أزمة السويس في عام 1956 أدت إلى تأجيل التحقيقات.

لم يُعَد فتح الموقع للتنقيب حتى عام 2008، عندما قاد عالم المصريات الفرنسي بيير تاليه حملة حفريات، كشفت بشكل قاطع أن وادي الجرف كان في الواقع ميناءً مهماً يعود إلى العصر الفرعوني، مشيرةً إلى أهميته كمركز اقتصادي في عملية بناء الأهرامات.

الاكتشافات الأثرية في الموقع، بما في ذلك البرديات التي تحتوي على يوميات ميرر، تقدم دليلاً ثميناً على التقنيات والجهود المبذولة في هذه المشروعات الضخمة، وتعزز مكانة وادي الجرف كشاهد على إنجازات الحضارة المصرية القديمة.
وادي الجرف ودوره في بناء الأهرامات
حسب موقع "national geographic" فإن وادي الجرف، الذي يمتد على مساحة تربط بين نهر النيل والبحر الأحمر، يُعد معلماً أثرياً يكشف عن التقنيات المعمارية والاقتصادية المتقدمة للحضارة المصرية القديمة. يتألف هذا الموقع من عدة أقسام، كل منها يحكي جزءاً من قصة النشاط البشري الذي امتد لآلاف السنين.

بدايةً، يضم الموقع بالقرب من ضفاف النيل مجموعة من حوالي 30 غرفة تخزينية ضخمة، مشيدة من الحجر الجيري، حيث عُثر فيها على البرديات الثمينة التي تلقي الضوء على تاريخ المنطقة. هذه البرديات تمثل أحد أهم الاكتشافات لفهم الحياة اليومية والإنجازات الهندسية للقدماء المصريين.

تتبعها مسافة شرقاً نحو البحر بـ500 ياردة، حيث يظهر تسلسل من المخيمات، تليها بناية حجرية كبيرة مقسمة إلى 13 قسماً، والتي يعتقد أنها كانت تُستخدم كمساكن للعاملين. وصولاً إلى الساحل، يقع الميناء نفسه، الذي يضم مزيداً من المساكن ومناطق التخزين، مؤكداً على الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للموقع.
تعود أهمية المجمع المينائي إلى الأسرة الرابعة المصرية، قبل حوالي 4500 عام، ويُعتقد أنه تم افتتاحه في عهد الفرعون سنفرو، واستمر حتى نهاية حكم ابنه خوفو. كان الميناء مخصصاً بشكل رئيسي لدعم بناء الهرم العظيم لخوفو، ما يدل على الدور الحاسم الذي لعبه في تنفيذ واحد من أعظم المشاريع الهندسية في التاريخ.

بالإضافة إلى البرديات، تكشف الدراسات الأثرية الأخرى، بما في ذلك رصيف حجري ضخم يمتد لـ600 قدم وحوالي 130 مرساة، عن النشاط المكثف والاستثمار المادي الكبير في المنطقة. هذه الاكتشافات تؤكد على أن الميناء كان مركزاً نشطاً، حيث كانت السفن تبحر منه عبر البحر الأحمر إلى شبه جزيرة سيناء لجلب النحاس الضروري لأعمال البناء.

الميناء الذي أطلق عليه المصريون القدماء اسم "البوش"، يمثل نقطة انطلاق السفن التي كانت تعود محملة بالنحاس، وهو ما يدل على أهمية التجارة والتنقيب عن المعادن في تلك الفترة. بين الرحلات، كانت السفن تُخزن في الغرف الجيرية، ما يعكس تنظيماً وإدارة فعالة للموارد والتجهيزات.

يقدم موقع وادي الجرف رؤية فريدة لتطور النشاط البحري والتجاري في مصر القديمة، ويؤكد على الإبداع والكفاءة التي ميزت هذه الحضارة العظيمة.

موت خوفو وتوقف عمل الميناء
عقب وفاة الفرعون خوفو تم الإعلان عن إغلاق ميناء وادي الجرف، إذ قامت مجموعة معروفة باسم "فريق المرافقة الكوبرا الواقية لخوفو هي مرقده" بمهمة إغلاق الغرف التخزينية المنحوتة في الصخر. يُشير اسم الفريق، الذي يحمل دلالة رمزية على سفينة تتقدمها الكوبرا الواقية، إلى أهمية وقدسية المهمة التي كانت تُنفذ في خدمة الفرعون.

خلال هذه العملية، من المرجح أن تكون برديات ميرر، التي أصبحت لاحقاً من أهم الوثائق الأثرية المكتشفة، قد طُويت وعُلقت بين الأحجار، لتظل محفوظة تحت رمال الزمن لما يقارب الأربعة آلاف سنة ونصف.

اكتُشفت هذه البرديات في حفرية قادها الأثري بيير تاليه في عام 2013، حيث كُشفت الدفعة الأولى من برديات البحر الأحمر، في 24 مارس/آذار، بالقرب من المساحة التخزينية التي أطلق عليها اسم G2. وبعد عشرة أيام تم العثور على مجموعة ثانية، أكبر حجماً، محشورة بين الكتل الصخرية في المساحة G1.

تتضمن برديات البحر الأحمر مجموعة متنوعة من الوثائق، لكن يوميات ميرر تُعد من بين الاكتشافات الأكثر إثارة للاهتمام. كقائد لفريق عمل مكون من حوالي 200 عامل، سجل ميرر بدقة مهام فريقه اليومية على مدار ثلاثة أشهر، خلال العمل على بناء الهرم العظيم. تُظهر السجلات بتفصيل كبير كيفية استخراج كتل الحجر الجيري من محاجر طرة ونقلها بالقوارب إلى الجيزة، وهي عملية كانت تعتبر حاسمة في بناء الهرم.

تُسجل يوميات ميرر رحلة استمرت ثلاثة أيام من المحجر إلى موقع الهرم، موفرةً بذلك نافذة نادرة إلى اللوجستيات والتنظيم الدقيق الذي رافق بناء واحدة من عجائب الدنيا القديمة. كما تقدم البرديات تفاصيل عن النظام الإداري والتجاري، بالإضافة إلى ذكر بعض الشخصيات البارزة مثل أنخ حف، نصف أخ خوفو، الذي كان يشغل منصب "رئيس جميع أعمال الملك".

كيف بُنيت الأهرامات، وما المواد المستخدمة فيها؟
استخدم المصريون القدماء مجموعة متنوعة من المواد في بناء الهرم العظيم، ما يعكس البراعة الهندسية واللوجستية في ذلك الزمان. يعتبر الحجر الجيري المادة الأساسية للهرم، استُخرج من محاجر طرة، الواقعة جنوب القاهرة. بينما جُلب البازلت من الفيوم، والجرانيت الضروري لبناء الغرف الداخلية والممرات جاء من أسوان، الواقعة في أقصى الجنوب. النحاس، الذي كان ضرورياً للأدوات المستخدمة في البناء جُلب من مناجم شبه جزيرة سيناء.

لتسهيل نقل هذه المواد الضخمة والثقيلة أبدع المصريون القدماء بإنشاء شبكة من المجاري المائية الصناعية في الجيزة، مكنتهم من استخدام القوارب في نقل المواد بكفاءة. هذه المجاري كانت تستفيد من فيضان النيل السنوي لتوفير ممرات مائية مباشرة إلى موقع البناء.

"فم بحيرة خوفو" كان يعتبر المدخل الرئيسي إلى هذا النظام، موصلاً البضائع إلى بحيرتين داخليتين قريبتين من الهرم، واحدة تقابل الموقع الرئيسي مباشرةً، والأخرى "بحيرة أفق خوفو"، كانت تخدم على الأرجح السفن الأصغر التي تحمل المواد الثانوية أو تنقل العمال.

بالإضافة إلى هذه الابتكارات في النقل، أقيم محجر بالقرب من موقع الهرم مباشرةً لاستخراج الحجر الجيري المستخدم في الهيكل الداخلي للهرم. هذا لم يقلل فقط من الحاجة إلى نقل الحجارة عبر مسافات طويلة، بل ضمن أيضاً توفير المواد في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة.

تُظهر هذه الاستراتيجيات المتقدمة في التخطيط والتنفيذ مدى تقدم المصريين القدماء في مجالات الهندسة والإدارة، مؤكدةً على قدرتهم الاستثنائية على تنظيم وتنفيذ مشروعات بناء ضخمة بكفاءة وفاعلية.
نظام العمل في فترة بناء هرم خوفو
تقدم برديات البحر الأحمر، خاصة تلك المتعلقة بميرر، نظرة غير مسبوقة على تفاصيل الحياة اليومية ونظام العمل في فترة بناء الهرم العظيم. يكشف النظام الأجري الذي يُوثقه ميرر عن تعقيدات مجتمعية واقتصادية تتجاوز الفهم السطحي للحضارة المصرية القديمة.

المدفوعات التي كان يتلقاها العمال لا تشير فقط إلى استخدام الحبوب كوسيلة للتعويض، بل تُظهر أيضاً وجود هيكل أجري معقد يعتمد على تصنيف العاملين ضمن السلم الإداري. "الحصة" كوحدة أساسية للأجور تشير إلى نظام مرن يُمكن من خلاله تقدير العمل بدقة، ويُعطي العمال مكافأة عينية تتناسب مع جهودهم ومهاراتهم.

النظام الغذائي للعمال، الذي تُوثقه البرديات، يُظهر بوضوح العناية التي كانت تُولى لضمان صحتهم وقدرتهم على العمل. منحهم الخبز المخمر، واللحوم، والتمور، والعسل، والبقوليات، بالإضافة إلى البيرة كجزء من أجورهم، ليس فقط يُظهر تنوع النظام الغذائي، بل أيضاً إدراك أهمية توفير التغذية المناسبة للعمال.

تُبطل برديات البحر الأحمر النظرية القائلة إن الأهرامات بُنيت بواسطة عبيد، بدلاً من ذلك تُظهر أن العمال كانوا مهرة ومتخصصين، يتلقون تعويضات مقابل خدماتهم، ما يُعزز الفكرة بأن بناء الأهرامات كان مشروعاً وطنياً ضخماً يستند إلى تعاون المجتمع وليس استغلاله.

برديات ميرر توفر أيضاً تفاصيل شخصية عن العمال والقائمين على البناء، ما يُضيف بُعداً إنسانياً للمهمة الضخمة لبناء الهرم. هذه السجلات اليومية لا تكشف فقط عن الجوانب اللوجستية للبناء، بل تعطي صوتاً للأشخاص الذين عملوا بجد لإقامة هذا الإنجاز المعماري.

من خلال هذه البرديات، يُمكن لعلماء المصريات اليوم تشكيل صورة أكثر دقة وتفصيلاً للمراحل النهائية من بناء الهرم العظيم، ما يُعزز فهمنا للحضارة المصرية القديمة وتقديرنا لإنجازاتها.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: للحضارة المصریة القدیمة المصریون القدماء بناء الأهرامات الحجر الجیری بالإضافة إلى بالقرب من الذی کان التی کان فی بناء الذی ی کانت ت

إقرأ أيضاً:

عاجل : صنعاء تكشف إدخال منظومة صواريخ جديدة في الهجوم الذي طال مواقع الاحتلال اليوم وهذه هي التفاصيل

الجديد برس/

كشفت اليمن ، الأربعاء، دخول  منظومة جوية جديدة الخدمة تعد الثانية في غضون 48 ساعة.

وأكد البيان الأخير لقوات صنعاء  استخدام صواريخ مجنحة من نوع “قدس 5” في الهجوم الذي طال مواقع عدة للكيان الصهيوني ..

والصواريخ الجديدة التي يكشف عنها لأول مرة من نوع ارض – ارض، وتتميز بقدرتها التدميرية الكبيرة وسرعتها  إضافة إلى تخصصها باستهداف المنشآت العسكرية والحيوية معا.

وقد أكدت القوات اليمنية على لسان متحدثها العسكري العميد يحي سريع نجاح الصواريخ الجديدة بتجاوز سائر الأنظمة الدفاعية الامريكية والغربية والإسرائيلية المنتشرة لحماية الاحتلال في المنطقة ..

والمنظومة الجديدة تعد الثانية  التي يؤكد  دخولها الخدمة خلال الـ48 ساعة الأخيرة اذ سبق لمتحدث  اليمن العسكري العميد سريع وان اكد دخول طائرات مسيرة جديدة من نوع صماد 4 وقد تم تجربتها بنجاح بهجوم بري على الاحتلال مطلع أكتوبر الجاري بقصف مواع عسكرية للاحتلال في ايلات على البحر الأحمر.

وهذه المنظومات تعدان ضمن سلسلة تطوير عسكري للقدرات الصاروخية والطيران المسير  بدات قبل سنوات وتصاعدت وتيرتها خلال الأشهر الأخيرة حيث تخوض اليمن معركة ضد الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه بقيادة أمريكا وبريطانيا.

ومنذ اعلان اليمن دخول المرحلة الخامسة من التصعيد اليمني ضد الاحتلال الإسرائيلي تم الكشف عن 4 منظومات ابرزها طائرة “يافا” المسيرة والتي جابت نحو 2500 كيلومتر قبل ان تتمكن من تحقيق هدفها في عاصمة الاحتلال الإسرائيلي وبعدها جاء صاروخ “فلسطين 2” والذي هز عاصمة الاحتلال أيضا وشاهد العالم نتائجه بقوة.

وتشير هذه التطورات إلى أن القدرات اليمنية تتنامى بوتيرة عالية خصوصا مع اتساع رقعة المواجهات مع الاحتلال وحلفائه وهي احد دوافع فرض معادلات جوية جديدة عجز الاحتلال وحلفائه باستخباراته من استهدافها  او حتى اعتراضها بأنظمته الدفاعية المتطورة.

مقالات مشابهة

  • في حوار من القلب.... الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"
  • هذه حقيقة السيدة اليزيدية التي كانت في قطاع غزة / فيديو
  • أسرار مثيرة عن أنفاق جنوب لبنان.. بعضها مُفاجئ جداً!
  • أسرار تكشف للمرة الأُولى .. الوحدة 504 التي لعبت دورًا أساسيًا في اغتيال نصر الله
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • "الزعيم لم يعد يثق بأحد".. تفاصيل جديدة تكشف أسرار اغتيال حسن نصر الله
  • عاجل : صنعاء تكشف إدخال منظومة صواريخ جديدة في الهجوم الذي طال مواقع الاحتلال اليوم وهذه هي التفاصيل
  • خبير آثار يطالب بفتح مدينة العمال بالهرم للزوار والباحثين المصريين
  • طريقة عمل برجر اللحم مثل المطاعم.. «اعرفي أسرار المحلات»