علماء يطورون أمعاء دودة اصطناعية لتكسير المواد البلاستيكية
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
تشكل المخلفات البلاستيكية عبئا كبيرا على النظم البيئية، لأنها غير قابلة للتحلل، مما يعني أنها تظل باقية، فتتراكم وتشكل على المدى الطويل مشكلة كبيرة للبيئة.
ومن المعروف أن الطرق التقليدية في التخلص من تراكم النفايات البلاستيكية تعتمد على حرق أو طمر النفايات، وهي طرق تساهم في انبعاثات غازات الدفيئة وتلوث التربة.
ولحل مشكلة تراكم النفايات البلاستيكية في النظم البيئية، اتجه العلماء إلى ابتكار أنواع جديدة من البلاستيك قادرة على التحلل بيئيا ولا ينتج عنها مخلفات على المدى الزمني الطويل نسبيا، أو التخلص منها بواسطة استخدام الحشرات والفطريات التي تلتهم البلاستيك أو غيرها من الحلول المستمدة من الطبيعة.
حل من الطبيعةومن تلك الأساليب والطرق التي ابتكرها العلماء في السنوات الأخيرة استخدام الإنزيمات والحشرات التي تأكل البلاستيك، ومنها الفطريات التي تهضم البلاستيك في المستنقعات، أو بعض أنواع اليرقات التي يمكن أن تعيش على المنتجات البلاستيكية. ولكن للاستفادة من هذه الكائنات التي تأكل البلاستيك سيحتاج العلماء إلى أن يكونوا قادرين على تكاثرها بأعداد كبيرة، وهي المشكلة التي ظلت تواجههم.
وبحسب الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية ساينس دايركت، فقد تمكن فريق من علماء جامعة نانيانغ التكنولوجية ومركز سنغافورة لهندسة علوم الحياة البيئية في سنغافورة، من ابتكار طريقة جديدة للقضاء على النفايات البلاستيكية مستوحاة من الطبيعة، وتعتمد على استخدام الميكروبات المعوية للديدان لمعالجة النفايات البلاستيكية، وذلك من خلال تطوير "أمعاء دودة" اصطناعية يمكنها تحطيم المواد البلاستيكية دون الحاجة إلى تكاثر الدود على نطاق واسع، كما تؤدي هذه الطريقة إلى تسريع عملية التحلل الحيوي للبلاستيك، وتُقدم حلاً واعداً لمشكلة النفايات البلاستيكية.
ديدان الخنفساء الداكنةوبحسب البيان الصادر من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، أظهرت دراسات سابقة أن ديدان الخنفساء الداكنة التي تباع عادة غذاء للحيوانات الأليفة والمعروفة باسم "الديدان الخارقة" لقيمتها الغذائية؛ يمكنها البقاء على قيد الحياة على نظام غذائي من البلاستيك، لأن أمعاءها تحتوي على بكتيريا قادرة على تحطيم المواد البلاستيكية الشائعة.
ويضيف البيان أنه رغم هذه الخاصية التي تتميز بها ديدان الخنفساء الذكية، فإن استخدامها في معالجة البلاستيك غير قابل للتطبيق، لأن الديدان تأكل البلاستيك وتحلله ببطء، كما أن تكاثرها بأعداد كبيرة يحتاج إلى الكثير من الصيانة والرعاية.
وللتغلب على هذه المشكلة عزل الفريق العلمي بكتيريا الأمعاء الدودية للقيام بهذه المهمة دون الحاجة إلى تكاثر الديدان على نطاق واسع.
يقول البروفيسور المساعد بجامعة نانيانغ تساو بن: "يمكن للدودة الواحدة من ديدان الخنفساء الذكية أن تستهلك بضعة مليغرامات من البلاستيك خلال حياتها، لذا تخيل عدد الديدان التي ستكون هناك حاجة إليها لو أردنا الاعتماد عليها لمعالجة النفايات البلاستيكية، لهذا لدينا طريقتنا التي تلغي التحلل البطيء للبلاستيك، وكذا الحاجة إلى تكاثر الديدان بأعداد كبيرة، وذلك عن طريق التركيز على تعزيز الميكروبات المفيدة في أمعاء الدودة وبناء أمعاء دودة اصطناعية يمكنها تحليل المواد البلاستيكية بكفاءة".
المخلفات البلاستيكية تشكل عبئًا كبيرا على النظم البيئية لأنها غير قابلة للتحلل (شترستوك) تطوير أمعاء هاضمة للبلاستيكيقول البيان الصحفي الصادر من جامعة نانيانغ: لإنشاء أمعاء دودة هاضمة للبلاستيك، قام العلماء بتغذية ثلاث مجموعات من الديدان الفائقة بأنظمة غذائية من ثلاثة أنواع من البلاستيك -وهي البولي إيثيلين عالي الكثافة، والبولي بروبيلين، والبوليسترين- على مدار 30 يوما.
ثم تُختار هذه المواد البلاستيكية لتكون من بين المواد البلاستيكية الأكثر شيوعا واستخداما في العناصر اليومية، مثل صناديق الطعام وزجاجات المنظفات، ومنها البولي إيثيلين عالي الكثافة، وهو نوع من البلاستيك معروف بمقاومته العالية للصدمات، مما يجعل تحطيمه أمرا صعبا.
وبعد تغذية الديدان بالبلاستيك، استخرج العلماء الميكروبيومات من أمعائها وجمعتها في قوارير تحتوي على مغذيات صناعية وأنواع مختلفة من البلاستيك، لتشكل "أمعاء دودة" صناعية. وعلى مدار ستة أسابيع، تُركت الميكروبات لتنمو في القوارير عند درجة حرارة الغرفة.
وبعد ذلك أظهرت القوارير التي تحتوي على ميكروبات الأمعاء من الديدان التي تتغذى على البلاستيك؛ زيادة كبيرة في البكتيريا المحللة للبلاستيك.
لإنشاء أمعاء دودة هاضمة للبلاستيك قام العلماء بتغذية 3 مجموعات من الديدان الفائقة بأنظمة غذائية من ثلاثة أنواع من البلاستيك (شترستوك)علاوة على ذلك، كانت المجتمعات الميكروبية التي تستعمر المواد البلاستيكية في القوارير أبسط وأكثر ملاءمة لنوع معين من البلاستيك من الميكروبات الموجودة في المواد البلاستيكية التي غُذيت مباشرة إلى الديدان، فعندما تكون المجتمعات الميكروبية أبسط وتستهدف نوعا معينا من البلاستيك، فإن هذا يترجَم إلى إمكانية تحلل البلاستيك بشكل أكثر كفاءة عند استخدامه في تطبيقات الحياة الواقعية.
قال المعد الأول للدراسة الدكتور ليو ينان، وهو زميل أبحاث في كلية أوروبا الوسطى والشرقية: "تمثل دراستنا أول محاولة ناجحة أُبلغ عنها لتطوير مجتمعات بكتيرية مرتبطة بالبلاستيك من الميكروبات المعوية للديدان التي تتغذى على البلاستيك، ومن خلال تعريض الميكروبات المعوية لظروف محددة تمكنا من تعزيز وفرة البكتيريا المحللة للبلاستيك الموجودة في أمعائنا الدودية الاصطناعية، مما يشير إلى أن طريقتنا مستقرة وقابلة للتكرار على نطاق واسع".
يقول العلماء إن إثبات المفهوم الخاص بهم يضع الأساس لتطوير أساليب التكنولوجيا الحيوية التي تستخدم الميكروبات المعوية للديدان لمعالجة النفايات البلاستيكية.
وفي خطواتهم التالية، يريد العلماء أن يفهموا كيف تقوم البكتيريا الموجودة في أمعاء دودة الخنفساء الذكية بتفكيك المواد البلاستيكية على المستوى الجزيئي، وبالتالي فإن فهم هذه الآلية سيساعد العلماء على هندسة المجتمعات البكتيرية المسببة للبلاستيك لتكسير البلاستيك بكفاءة في المستقبل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النفایات البلاستیکیة المواد البلاستیکیة من البلاستیک
إقرأ أيضاً:
"فالي في عُمان" تعلن إنزال شعاب مرجانية اصطناعية ثلاثية الأبعاد بسواحل لوى
صحار- الرؤية
أعلنت فالي في عُمان إطلاق 17 شعبة مرجانية اصطناعية ثلاثية الأبعاد قبالة سواحل ولاية لوى، بالتعاون مع وزارة الزراعة والثروة السمكية والمياه ممثلة بالمديرية العامة للثروة السمكية والزراعية وموارد المياه في محافظة شمال الباطنة، وشركة إنوتك العمانية المتخصصة في مجالات أتمتة عمليات البناء.
وأضافت أنه تم تنزيل الشعاب على بعد 4 كيلومترات من ميناء النبر للصيد، في خطوة تهدف إلى إحياء البيئة البحرية وتعزيز التنمية الاقتصادية للمجتمعات المحلية من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة.
وتمثل الشعاب الاصطناعية ثلاثية الأبعاد نقلة نوعية مقارنة بالهياكل التقليدية، حيث تم تصميمها بعناية لمحاكاة طبيعية النظم البيئي للشعاب المرجانية بدقة. واستنادًا إلى دراسات علمية وأبحاث متخصصة في علوم البيئة البحرية، توفر هذه الشعاب موائل مثالية لنمو الشعاب المرجانية وحماية الأنواع البحرية، حيث أظهرت الدراسات العالمية كفاءتها في جذب الكائنات البحرية، وتعزيز مخزون الأسماك، وتسريع عملية استعادة النظم البيئية البحرية المتضررة، وقد تم تطوير هذه الشعاب الاصطناعية خصيصًا لتتماشى مع الخصائص الفريدة للبيئة البحرية في لوى، مما يجعلها حلاً مبتكرًا ومستدامًا سيعزز من التنوع البيولوجي في المنطقة.
وقال عبدالله السعدي رئيس الشؤون الإدارية والمؤسسية في فالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إطلاق هذه الشعاب الاصطناعية لا يقتصر على تعزيز البيئة البحرية فحسب، بل يتعلق أيضًا ببناء إرث من المسؤولية البيئية والمرونة الاقتصادية لمجتمع الصيد في لوى."
من جانبه، قال المهندس عثمان بن مكتوم المنذري شريك مؤسس والرئيس التنفيذي بشركة إنوتك: "يُعد هذا المشروع أكبر مشروع للشعاب المرجانية الاصطناعية المطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد في سلطنة عُمان، ونحن فخورون بإتمامه في وقت قياسي، وبفضل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، تمكّنا من إنتاج هذه الشعاب بكفاءة أكبر وتصاميم دقيقة يصعب تحقيقها باستخدام الأساليب التقليدية لصب الخرسانة، ولعل ما يميز المشروع هو تضافر جهود كوادرنا الوطنية فيه والتي شكلت 90% من طاقمنا الذي قام بتصميم وتنفيذ الشعاب سواء من الفريق المختص في الطباعة ثلاثية الأبعاد وخبراء الحياة البحرية لضمان تماشي الشعاب مع أعلى المعايير البيئية".