تشكل المخلفات البلاستيكية عبئا كبيرا على النظم البيئية، لأنها غير قابلة للتحلل، مما يعني أنها تظل باقية، فتتراكم وتشكل على المدى الطويل مشكلة كبيرة للبيئة.

ومن المعروف أن الطرق التقليدية في التخلص من تراكم النفايات البلاستيكية تعتمد على حرق أو طمر النفايات، وهي طرق تساهم في انبعاثات غازات الدفيئة وتلوث التربة.

ولحل مشكلة تراكم النفايات البلاستيكية في النظم البيئية، اتجه العلماء إلى ابتكار أنواع جديدة من البلاستيك قادرة على التحلل بيئيا ولا ينتج عنها مخلفات على المدى الزمني الطويل نسبيا، أو التخلص منها بواسطة استخدام الحشرات والفطريات التي تلتهم البلاستيك أو غيرها من الحلول المستمدة من الطبيعة.

حل من الطبيعة

ومن تلك الأساليب والطرق التي ابتكرها العلماء في السنوات الأخيرة استخدام الإنزيمات والحشرات التي تأكل البلاستيك، ومنها الفطريات التي تهضم البلاستيك في المستنقعات، أو بعض أنواع اليرقات التي يمكن أن تعيش على المنتجات البلاستيكية. ولكن للاستفادة من هذه الكائنات التي تأكل البلاستيك سيحتاج العلماء إلى أن يكونوا قادرين على تكاثرها بأعداد كبيرة، وهي المشكلة التي ظلت تواجههم.

وبحسب الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية ساينس دايركت، فقد تمكن فريق من علماء جامعة نانيانغ التكنولوجية ومركز سنغافورة لهندسة علوم الحياة البيئية في سنغافورة، من ابتكار طريقة جديدة للقضاء على النفايات البلاستيكية مستوحاة من الطبيعة، وتعتمد على استخدام الميكروبات المعوية للديدان لمعالجة النفايات البلاستيكية، وذلك من خلال تطوير "أمعاء دودة" اصطناعية يمكنها تحطيم المواد البلاستيكية دون الحاجة إلى تكاثر الدود على نطاق واسع، كما تؤدي هذه الطريقة إلى تسريع عملية التحلل الحيوي للبلاستيك، وتُقدم حلاً واعداً لمشكلة النفايات البلاستيكية.

ديدان الخنفساء الداكنة

وبحسب البيان الصادر من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، أظهرت دراسات سابقة أن ديدان الخنفساء الداكنة التي تباع عادة غذاء للحيوانات الأليفة والمعروفة باسم "الديدان الخارقة" لقيمتها الغذائية؛ يمكنها البقاء على قيد الحياة على نظام غذائي من البلاستيك، لأن أمعاءها تحتوي على بكتيريا قادرة على تحطيم المواد البلاستيكية الشائعة.

ويضيف البيان أنه رغم هذه الخاصية التي تتميز بها ديدان الخنفساء الذكية، فإن استخدامها في معالجة البلاستيك غير قابل للتطبيق، لأن الديدان تأكل البلاستيك وتحلله ببطء، كما أن تكاثرها بأعداد كبيرة يحتاج إلى الكثير من الصيانة والرعاية.

وللتغلب على هذه المشكلة عزل الفريق العلمي بكتيريا الأمعاء الدودية للقيام بهذه المهمة دون الحاجة إلى تكاثر الديدان على نطاق واسع.

يقول البروفيسور المساعد بجامعة نانيانغ تساو بن: "يمكن للدودة الواحدة من ديدان الخنفساء الذكية أن تستهلك بضعة مليغرامات من البلاستيك خلال حياتها، لذا تخيل عدد الديدان التي ستكون هناك حاجة إليها لو أردنا الاعتماد عليها لمعالجة النفايات البلاستيكية، لهذا لدينا طريقتنا التي تلغي التحلل البطيء للبلاستيك، وكذا الحاجة إلى تكاثر الديدان بأعداد كبيرة، وذلك عن طريق التركيز على تعزيز الميكروبات المفيدة في أمعاء الدودة وبناء أمعاء دودة اصطناعية يمكنها تحليل المواد البلاستيكية بكفاءة".

المخلفات البلاستيكية تشكل عبئًا كبيرا على النظم البيئية لأنها غير قابلة للتحلل (شترستوك) تطوير أمعاء هاضمة للبلاستيك

يقول البيان الصحفي الصادر من جامعة نانيانغ: لإنشاء أمعاء دودة هاضمة للبلاستيك، قام العلماء بتغذية ثلاث مجموعات من الديدان الفائقة بأنظمة غذائية من ثلاثة أنواع من البلاستيك -وهي البولي إيثيلين عالي الكثافة، والبولي بروبيلين، والبوليسترين- على مدار 30 يوما.

ثم تُختار هذه المواد البلاستيكية لتكون من بين المواد البلاستيكية الأكثر شيوعا واستخداما في العناصر اليومية، مثل صناديق الطعام وزجاجات المنظفات، ومنها البولي إيثيلين عالي الكثافة، وهو نوع من البلاستيك معروف بمقاومته العالية للصدمات، مما يجعل تحطيمه أمرا صعبا.

وبعد تغذية الديدان بالبلاستيك، استخرج العلماء الميكروبيومات من أمعائها وجمعتها في قوارير تحتوي على مغذيات صناعية وأنواع مختلفة من البلاستيك، لتشكل "أمعاء دودة" صناعية. وعلى مدار ستة أسابيع، تُركت الميكروبات لتنمو في القوارير عند درجة حرارة الغرفة.

وبعد ذلك أظهرت القوارير التي تحتوي على ميكروبات الأمعاء من الديدان التي تتغذى على البلاستيك؛ زيادة كبيرة في البكتيريا المحللة للبلاستيك.

لإنشاء أمعاء دودة هاضمة للبلاستيك قام العلماء بتغذية 3 مجموعات من الديدان الفائقة بأنظمة غذائية من ثلاثة أنواع من البلاستيك (شترستوك)

علاوة على ذلك، كانت المجتمعات الميكروبية التي تستعمر المواد البلاستيكية في القوارير أبسط وأكثر ملاءمة لنوع معين من البلاستيك من الميكروبات الموجودة في المواد البلاستيكية التي غُذيت مباشرة إلى الديدان، فعندما تكون المجتمعات الميكروبية أبسط وتستهدف نوعا معينا من البلاستيك، فإن هذا يترجَم إلى إمكانية تحلل البلاستيك بشكل أكثر كفاءة عند استخدامه في تطبيقات الحياة الواقعية.

قال المعد الأول للدراسة الدكتور ليو ينان، وهو زميل أبحاث في كلية أوروبا الوسطى والشرقية: "تمثل دراستنا أول محاولة ناجحة أُبلغ عنها لتطوير مجتمعات بكتيرية مرتبطة بالبلاستيك من الميكروبات المعوية للديدان التي تتغذى على البلاستيك، ومن خلال تعريض الميكروبات المعوية لظروف محددة تمكنا من تعزيز وفرة البكتيريا المحللة للبلاستيك الموجودة في أمعائنا الدودية الاصطناعية، مما يشير إلى أن طريقتنا مستقرة وقابلة للتكرار على نطاق واسع".

يقول العلماء إن إثبات المفهوم الخاص بهم يضع الأساس لتطوير أساليب التكنولوجيا الحيوية التي تستخدم الميكروبات المعوية للديدان لمعالجة النفايات البلاستيكية.

وفي خطواتهم التالية، يريد العلماء أن يفهموا كيف تقوم البكتيريا الموجودة في أمعاء دودة الخنفساء الذكية بتفكيك المواد البلاستيكية على المستوى الجزيئي، وبالتالي فإن فهم هذه الآلية سيساعد العلماء على هندسة المجتمعات البكتيرية المسببة للبلاستيك لتكسير البلاستيك بكفاءة في المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النفایات البلاستیکیة المواد البلاستیکیة من البلاستیک

إقرأ أيضاً:

علماء: الحنين إلى الماضي يساعد في الحفاظ على الصداقات

يمن مونيتور/قسم الأخبار

أجرى العلماء دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين يميلون إلى الحنين إلى الماضي هم أكثر عرضة للحفاظ على علاقات صداقة قريبة. وشارك في الدراسة حوالي 1500 شخص.

واكتشف العلماء أنه مع التقدم في العمر يزداد مستوى الحنين إلى الماضي، وأن أولئك الذين يشعرون به بشكل متكرر يحافظون على 18% من الروابط الاجتماعية القوية أكثر من غيرهم.

وقال الباحث الصيني كوان-جو هوانغ، أحد مؤلفي الدراسة: “عندما نتقدم في العمر وتتغير حياتنا واهتماماتنا ومسؤولياتنا، من المرجح أن تستمر الصداقة لدى مَن يميلون إلى الحنين إلى الماضي”.

وأظهرت نتائج دراسات أخرى أن الروابط الاجتماعية تحسن الصحة والوظائف الإدراكية وتطيل العمر. أما وجود الأصدقاء فيقلل من خطر الاكتئاب والوفاة المبكرة. ولكن مع التقدم في العمر، تضيق دائرة العلاقات الاجتماعية، وقد يكون الحنين إلى الماضي هو العامل الذي يساعد في الحفاظ على الصداقات.

وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يشعرون بالحنين إلى الماضي لديهم عدد أكبر من الأصدقاء المقربين. وإنهم يبذلون جهدا أكبر للحفاظ على العلاقات حتى مع التغيرات المرتبطة بالعمر ويحافظون على الروابط الاجتماعية. بينما يقل عدد العلاقات الوثيقة لدى الأشخاص الأقل حنينا إلى الماضي مع مرور الوقت.

وأوضح الباحث كوان-جو هوانغ أن”الأشخاص الذين يشعرون بالحنين إلى الماضي بشكل متكرر ويقدرون تلك الذكريات، يدركون بشكل أفضل أهمية علاقاتهم ويحتاجون إلى الحفاظ عليها”.

المصدر: Naukatv.ru

 

 

 

مقالات مشابهة

  • تلوث البلاستيك يصيب الطيور البحرية بتلف في الدماغ يشبه مرض آلزهايمر
  • أبرز علماء السلفية.. وفاة الداعية أبو إسحاق الحويني
  • علماء روس يحلون واحدة من أكبر مشاكل إنتاجية الآبار النفطية
  • روسيا.. تطوير عقاقير طبيعية لعلاج أمراض اللثة
  • ندوة "الكَون بعيونِ العلمِ والإيمان" تجمع علماء الدين مع خبراء الفضاء
  • الذكاء الاصطناعي يفك لغزاً علمياً استعصى على العلماء لعقد كامل
  • ‎تحذير صحي من استخدام أكياس الشاي البلاستيكية : تتلف الحمض النووي .. فيديو
  • علماء يطورون أداة ذكاء اصطناعي للتنبؤ بتكرار الإصابة بسرطان الكبد
  • علماء يكتشفون سر طول عمر أكبر معمرة في العالم!
  • علماء: الحنين إلى الماضي يساعد في الحفاظ على الصداقات