محجوب محمد صالح (1928- 13 فبراير 2024): لو كانت الدولة صحارى فكن صباراً (2-2)
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
سأل إعلامي محجوب محمد صالح، رئيس تحرير جريدة الأيام، إن كان بدأ اشتغاله بالصحافة بعد فصله من المدارس العليا. فقال لا. وحكى له علاقة له بها منذ المدرسة الوسطى، وهو دون الـ15 سنة من عمره، حين فتحت صحيفة “صوت السودان” صفحة للطلاب بها حررها سعد الدين فوزي الطالب بالمدارس العليا آنذاك ومؤسس كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم لاحقاً.
الإعلامي: وبدأت هكذا؟
محجوب: وهكذا إلى يومنا.
يصح في وقفة محجوب الغراء الطويلة في “مهنة النكد”، كما يقال، قول الطيب صالح عن جده في روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” إنه كشجيرات السيال في صحارى السودان سميكة اللحى حادة الأشواك تقهر الموت لأنها تسرف في الحياة”. فمحجوب شجيرة سيال عاش بحب للوطن والمهنة يقاوم عزيف صحارى النظم الديكتاتورية التي لم يفق السودان من واحدة حتى ركبت عليه أخرى.
إذا كان محجوب تهيأ صحافياً خرج للحق منذ نعومة أظافره فقد خرجت له الديكتاتوريات لـ53 عاماً من عمر استقلال السودان البالغ 68 سنة تذعه عنه، وتكمم قلمه كناظر مدرسته.
فأعلنها نظام الفريق عبود (1958-1964) صريحة “لا تكتبوا أي شيء ضد الحكومة”. وتتالت على الصحف القائمة المحرم عليها الكتابة عنها حتى شملت “نشر أي تعليق أو نقد لاعتراف إثيوبيا بإسرائيل” أو “الكتابة عن كيشو ولجنة نادي الهلال وأزمة نادي الهلال”. وأوقفت “الأيام” عن الصدور مرة حين طالبت بنشر وقائع محاكمة الزعيم العمالي الشفيع أحمد الشيخ. ووبخوا رئيس تحريرها في مرة أخرى بحضور السفير الأميركي حين نشرت شئياً محظوراً عن كوبا. وأنذرتها الحكومة مراراً بعد نشر مانشيتات مشاغبة للنظام مثل “طار الرئيس عبود ورفاقه إلى إثيوبيا” أو “حريق في وزارة الاستعلامات”. ورمت الحكومة بفكرة تأميم الصحافة في سياق كراهة حرية التعبير وتنازلت عنها، ولكن ليس قبل إصدار تعديل لقانون الصحافة قضى برفع العقوبة على من لا يدلي بمصدر خبر.
ومع ذلك انطوى محجوب على وزر علق به لشبهة اشتراكه في تأميم الصحف في أول عهد نظام الرئيس جعفر نميري (1969-1985). وعرض محجوب لملابسة تلك الهنة المهنية في حديث طويل مع الطاهر حسن التوم في برنامجه الموفق “مراجعات”. فقال إن النظام كان بيت النية على تأميم الصحافة وكون لجنة عملت بسرية لتلك الغاية. وكان هو وزملاؤه من جانبهم، وقد عرفوا انفعال النظام بالناصرية وسياساتها وقوة القوميين العرب في دوائره، قد تصالحوا مع دنو نهاية الإصدار الحر للصحف. فعرضوا على فاروق حمد الله، عضو مجلس الانقلاب وزير الداخلية، فكرة تحول الصحف إلى شركات مساهمة عامة، والذي قبل بدوره الفكرة.
وكان القوميون العرب من جهتهم بيتوا النية على تأميم الصحف. وكان رجل سرهم عمر الحاج موسي وزير الاستعلامات. وسبق عمر بعرض مشروع تأميم الصحافة على الرئيس نميري وصدق عليه. وعرض النظام على محجوب أن يكون رئيساً للمؤسسة السودانية للصحافة التي ستتولى إصدار الصحف. وعرف محجوب أن دوره من هناك ورائح هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقال لهم إنه لا يريد أن يعلق وضر التأميم باسمه. ونصحهم بالانتظار حتى قيام تنظيمهم السياسي المنتظر ليتولى إصدار الصحف. فإن صدرت الصحف من المؤسسة قبل قيام التنظيم السياسي صارت صحفاً حكومية ماسخة. وأضاف أنه سيقبل برئاسة المؤسسة أن اقتصر دورها على تصفية الدور القائمة، وحصر ممتلكاتها، وتعويض أصحابها، وتأمين حقوق الصحافيين. وهو ما قامت به لجنته على وجهه الأتم.
نوهت دوائر محلية وعالمية بخدمة محجوب الطويلة الممتازة للصحافة. فانتخبته الحكومة الانتقالية في 1956 ليكون السكرتير الإعلامي لمؤتمر المائدة المستديرة الذي انعقد بحضور أفريقي وعربي لمناقشة مسألة جنوب السودان بعد ثورة أكتوبر 1964. وكرمه الخريجون في انتخابات 1965 بمقعد في دوائرهم الـ15 في الجمعية التأسيسية. فحظي بالمركز الخامس عن حزب المؤتمر الاشتراكي مؤيداً من قبل الحزب الشيوعي. وحصل على 5098 صوتاً وكانت أعلى الأصوات ما ناله حسن الترابي.
وحظي محجوب بدرجات علمية عليا وجوائز مهنية غالية. فمنحته كل من جامعة الأحفاد وجامعة الزعيم الأزهري الدكتوراه الفخرية في عامي 2002 و2006 بالتتابع. وحصل على جائزة المنظمة العربية لحرية الصحافة وجائزة منظمة فريدريش إيبرت لحقوق الإنسان عام 2004، وجائزة القلم الذهبي من المنظمة العالمية للصحافة ومقرها باريس عام 2005، وجائزة مؤسسة نايت والمركز الصحافي العالمي واشنطن في عام 2006. وشغل منصب رئيس جمعية الصداقة السودانية الشمالية الجنوبية. واختارته لجنة تخليد ذكرى الطيب صالح “شخصية العام” في فبراير عام 2013. وعلاوة على ذلك حصل على جائزة حقوق الإنسان للعام 2018 من قبل الاتحاد الأوروبي.
عبد الله علي إبراهيم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محمد الحمصاني: تحسن تدريجي للأوضاع الاقتصادية.. والتزامات أقل في 2025
أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن مصر تمكنت من سداد التزامات مالية بلغت 38.4 مليار دولار منذ بداية عام 2024 وحتى نهايته.
جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية في برنامج "على مسئوليتي" مع الإعلامي أحمد موسى على قناة صدى البلد.
جهود الدولة في مواجهة التحديات الاقتصاديةوأشار الحمصاني إلى أن الدولة ملتزمة بسداد كل المستحقات، موضحًا أنها تمتلك القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية المحيطة.
وأضاف أن هناك جهودًا كبيرة تُبذل لتعزيز الاستقرار المالي وزيادة الموارد.
الالتزامات المستقبلية لعام 2025وأوضح الحمصاني أن الالتزامات المالية المتوقعة لعام 2025 ستكون أقل من عام 2024، مما يعكس تخفيف العبء المالي التدريجي على الدولة.
مصادر جمع السيولة الدولاريةذكر المتحدث باسم مجلس الوزراء أن مصر تعتمد على عدة مصادر لجمع السيولة الدولارية، تشمل تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وزيادة الصادرات المصرية، والعائدات المحصلة من قناة السويس.
تعزيز الموارد والعوائد الاقتصاديةأكد الحمصاني على مساعي الدولة المستمرة لزيادة الموارد والعوائد الاقتصادية، مشيرًا إلى الجهود المبذولة لتعزيز مصادر العملة الصعبة وتحسين الأداء الاقتصادي.
متحدث الحكومة: تحسن كبير في الأوضاع الاقتصادية بحلول نهاية 2025أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن مصر تمكنت من الوفاء بكل التزاماتها المستحقة منذ بداية عام 2024 وحتى نهايته، والتي بلغت 38.4 مليار دولار.
وأوضح أن الدولة أثبتت قدرتها على دفع كافة المستحقات رغم التحديات الاقتصادية المحيطة.
التزامات 2024 أقل من الأعوام المقبلةوأشار الحمصاني، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "على مسئوليتي" مع الإعلامي أحمد موسى على قناة صدى البلد، إلى أن الالتزامات المالية لعام 2025 ستكون أقل من تلك التي تم دفعها في عام 2024، مما يشير إلى تحسن تدريجي في الوضع المالي للدولة.
مصادر السيولة الدولاريةأوضح أن السيولة الدولارية التي تعتمد عليها الدولة لسداد المستحقات تأتي من مصادر متعددة، منها:
تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
الصادرات المصرية.
العائدات من قناة السويس.
وأكد الحمصاني أن الدولة تسعى جاهدة لزيادة مواردها وعائداتها الاقتصادية لتحسين الوضع المالي.
الشفافية بشأن القروض والمشروعات التنمويةنفى الحمصاني ما يشاع حول حصول مصر على قروض لسداد المستحقات، مؤكدًا أن كل البيانات تُعلن بشفافية، وأن الديون تراجعت؛ نتيجة الإجراءات الإصلاحية التي حظيت بإشادة المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.
وأضاف أن القروض التي تحصل عليها الدولة تُدار من خلال لجنة متخصصة لحوكمة القروض، وتُوجه بالكامل لتمويل المشروعات القومية والتنموية مثل البنية التحتية، والتي تهدف لدعم الاقتصاد المصري.
موعد صرف الشريحة المقبلة من صندوق النقدوعن موعد صرف الشريحة المقبلة من صندوق النقد الدولي، أشار الحمصاني إلى أن الإعلان عنها سيتم من قبل الصندوق في وقت لاحق، مما يعكس الثقة في الاقتصاد المصري والسياسات الإصلاحية التي تتبعها الدولة رغم التحديات العالمية.
توقعات بتحسن اقتصادي في 2025اختتم الحمصاني حديثه بالتأكيد على أنه مع منتصف وأواخر عام 2025، ستشهد الأوضاع الاقتصادية تحسنًا كبيرًا، مع انخفاض واضح في معدلات التضخم واستمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية، مما يعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها ودعم التنمية المستدامة.
الحكومة: لا قروض لسداد الديون.. والتمويلات مخصصة لدعم المشروعات التنموية (فيديو)أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، أن الدولة لم تحصل على قروض لسداد المستحقات المالية، مشددًا على أن ما يتم تداوله بخلاف ذلك غير صحيح.
وأوضح أن الحكومة تعلن بياناتها بشفافية، مشيرًا إلى انخفاض الديون والإشادة الدولية بالإجراءات الإصلاحية التي تنفذها الدولة، بما في ذلك من صندوق النقد الدولي.
القروض لدعم مشروعات قوميةأشار الحمصاني، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "على مسئوليتي" مع الإعلامي أحمد موسى على قناة صدى البلد، إلى أن القروض التي تحصل عليها الدولة تأتي بالتنسيق مع لجنة مخصصة لحوكمة القروض.
وأضاف أن تلك القروض تُستخدم في تمويل مشروعات قومية تهدف إلى تنمية الاقتصاد المصري، مثل مشروعات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية.