شبكة اخبار العراق:
2025-04-10@21:37:37 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

آخر تحديث: 29 فبراير 2024 - 12:36 مباقر صاحب يضمُّ عنوان مقالتنا أعلاه قطبين رئيسين بارزين هما: الكتابة والتأثير، ولكنَّ هناك قطباً ثالثاً يخفيه العنوان يتمثَّل في القراءة، فمن دونها  فاعلةً وحيويَّة، تنعدم أهمية الكتابة لجهة التأثير في المتلقّي لما هو مكتوب. الذي حفزنا على الكتابة عن موضوعة الـتأثير، كونها مازالت متجدَّدة الطرح، مثلما زالت تتردَّد مقولة الكاتب الأميركي الراحل إرنست همنغواي:» إن إدارة الإرادة للنصر لا تكون بتحريك المخزون النووي، ولكن بتحريك مخزون الأقلام».

هذا يقودنا إلى القول بأنَّ الكتابة المؤثِّرة، وفق كتّابٍ ومبدعين، وتنظيراتهم وتجاربهم، هي التي تحدث تغييراً ما في دواخل متلقّيها، عقلاً وعاطفةً، تغييراً يبدو جليَّاً في طرق تفكيرهم ووجهات نظرهم تجاه الذات والآخر، تّجاه طرق العيش، ومن ثمَّ المنظومات السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة. وهنا نعرّج إلى أنَّ التأثير الحادث فعليّاً، رُبَّما يكون إيجابيّاً أو سلبيّاً. الإيجابي يكمن في تغيير قناعات المتلقّي، وتوجيه بوصلتها نحو الإيمان الحقيقي بقيم الخير والجمال والعدالة والإحساس بالآخر والعمل على انتشاله من سلبيَّته أو حياديَّته، باتّجاه أن يكون فرداً فاعلاً في بيئته الاجتماعيَّة.  كيف يكون الـتأثير السلبي إذاً؟ هذا السؤال يقودنا إلى الإجابة، بأنَّ مُخرجات المعرفة، ليست ايجابيَّة دائماً، بل هناك النقيض ماثلٌ في الكتابات التي تروِّج  إلى كراهية الآخر المختلف عنّا عرقيّاً أو دينيّاً، بل والتحريض على إلغاء وجوده، كما التحريض على الانتقاص من الجنس الآخر -المرأة، والحطِّ من دورها في الحياة السياسية والاجتماعية. وهنا نلاحظ مع التقدُّم العلمي والتقني، والانتشار المعرفي – مسموعاً ومرئيّاً ومقروءاً، بأنَّ هناك خللاً قيميّاً آخذاً في الاتّساع، وتزايد الاستقطابات الدينيَّة والعنصريَّة والطائفيَّة، بأيِّ حقٍّ مثلاً، يبيد الكيان الصهيوني الغاصب أهل غزَّة، في مسعىً عنصريٍّ محمومٍ لتهجير الفلسطينيين في أرجاء العالم، ليصبح العرب المسلمون من أهالي فلسطين شتاتاً، بعد أن كان اليهود هم الشتات؟ وأين هي ثوابت أميركا الدولة الأولى في العالم، بلد الديمقراطيَّة العريقة، ثوابتها في حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان، ونشر قيم العدالة، من كلِّ ما يحصل على أرض فلسطين؟ كانت كتب الأديان السماويَّة، الأسس الراسخة للمعرفة الإنسانية، لكنَّ  تطوَّر العلم دقَّ إسفيناً في تصنيف المعرفة، بين خيِّرةٍ أو شرِّيرة، بوساطة ما يقوله الفيلسوف ميشيل فوكو عن العلاقة ما بين المعرفة والسلطة:” تقوم السلطة على المعرفة وتستفيد من المعرفة؛ من ناحيةٍ أخرى، تعيد السلطة إنتاج المعرفة من خلال تشكيلها وفقاً لنواياها المجهولة”.  وفي هذا الصدد، يذكر الكاتب الأردني الفلسطيني رامي أبو شهاب، في مقالةٍ له بعنوان” الكتابة.. معضلة التأثير” منشورةٍ في “القدس العربي” اللندنية بتأريخ  5 -2 –  2024 عن التوظيف السلبي للمعرفة، فيقول” اختراع الطباعة، وظهور الكتاب، بالتوازي مع نشوء القيم الصناعية، التي أنتجت مجتمعة معرفة هائلة غير أنها قادت إلى حروب دموية يمكن وصفها بأنها الأكثر بشاعة في التاريخ، ولكن هل يمكن أن نلقي اللوم على الكتاب أو المعرفة، أم على الطريقة التي وُظِّفت فيها الكتابة؛ بمعنى أنها أمست جزءاً من مخطط الإنسان للهيمنة والسيطرة والإقصاء”. ومن ثمَّ يستطرد أبو شهاب بضرورة مساءلة وظيفة المعرفة،  في كونها لا يمكن توصيفها  بأنَّها خيرٌ مُطلق، بل تحتوي الشرَّ المُضمر أيضاً. ومن هنا، تلك المساءلة تشمل وظيفة الكتابة وتأثيرها، ومن ثُمَّ المُنتج لها، أي الكاتب، ومن ثمَّ الوسيط المباشر إلى إعلان نتاجه على الملأ، أي دار النشر.  على المستوى العربي، نلاحظ التزايد المضطرد لدور النشر، تتبع ذلك ظاهرةٌ ملفتةٌ للنظر، هي الانتشار اللافت لمعارض الكتب في الحواضر العربية، تتبنّاها مختلف المؤسسات الثقافية والإعلامية. وهي عموماً ظاهرةٌ حضاريَّةٌ تسهم في نشر الكتاب والترويج لقراءته، ومحاولة استقطاب أكبر عددٍ من الناس، ممن هم على مستوياتٍ ثقافيَّةٍ مختلفة، وتجعلهم على إطّلاعٍ  على ما تنشره دور النشر العريقة والجديدة، كذلك لأجل الفرجة وقضاء وقتٍ ممتعٍ مع البرامج الأدبيَّة والفنيَّة الموازية. ويمكن الاستدراك  بأنَّ نوعيَّة الكتب المُقتناة من قبل نسبةٍ كبيرةٍ من الجمهور العام، تنحصر في الكتب التجاريَّة الرخيصة الثمن، ذات النفس العاطفي والتوجِّه التعليمي، أمّا الكتب الرفيعة المحتوى، فهي ذات أسعارٍ باهظة الثمن، ويقتنيها القلّة من ذوي الاختصاص في معارف الأديان والفلسفات والفكر النقدي، فضلاً عن الكتب الإبداعيَّة الجادة. إذا الكتّاب والمبدعون المؤثِّرون، قرّاؤهم من النُّخبة، فضلاً عن مطبوعاتهم الغالية الثمن، لأنَّ دور النشر تضع في حسبانها ندرة الكتّاب والمبدعين المؤثِّرين،  بما معناهُ أنَّها تزن حساباتها جيَّداً لكل نوعٍ من الكتب الثمينة أو التجاريَّة.  كيف يتمُّ إحداث التأثير، إذا كانت سوق الكتاب الرائجة تنحصر غالباً على الروايات العاطفية وكتب الطبخ والكتب التعليميَّة، وفي هذا الصدد، قال الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه “لابُدَّ من وجود كاتبٍ رديءٍ باستمرار، وذلك لأنه يشبع ذوق الأجيال الشابَّة التي لم تتطوَّرْ بعد”. إذاً، ينحسر دور الكاتب المؤثِّر، بفعل الأميَّة الثقافيَّة لدى الجمهور العام، وشراهة نسبةٍ كبيرةٍ من  دور النشر في التكسُّب المادّي عبر الترويج لطبعات الكتب الرديئة، ناهيك عن ترويج بعضها للكتب ذات الأفكار السّامَّة التي تروّج لكراهية الآخر المختلف والتحريض على العنف. عدم امتلاك عشرات الملايين من العرب نسبةً لا بأسَ بها من الثقافة  الرفيعة  المؤثِّرة المحفِّزة لهم على حيازة القدرة على التغيير الإيجابي لأوضاعهم، وأوضاع بلدانهم  رُبَّما يُعَدُّ أحد أسباب  التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدى عديد الدول العربيَّة.  

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دور النشر

إقرأ أيضاً:

داليا إبراهيم تحصد جائزة عالمية عن فئة الإنجاز مدى الحياة

حصدت داليا إبراهيم، رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر للنشر، جائزة PublisHer Excellence Award 2025 عن فئة "الإنجاز مدى الحياة"، وذلك ضمن النسخة الثانية من الجوائز التي أطلقتها سمو الشيخة بدور القاسمي عبر مبادرة PublisHer العالمية، والتي تهدف إلى تمكين النساء في قطاع النشر وتعزيز أدوارهن القيادية في بيئة تُشجّع على الإبداع والتنوّع والتميّز.
يأتي هذا التكريم تقديرًا لمسيرة داليا المهنية الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، وما قدمته خلالها من إسهامات بارزة في تطوير قطاعات النشر والثقافة والتعليم، إلى جانب دورها الريادي في تمكين الشباب والمرأة، وقيادة جهود مؤثرة في تعزيز المعرفة وبناء مجتمعات أكثر شمولًا واستدامة في العالم العربي.
تُعد PublisHer  منصة عالمية رائدة أطلقتها سمو الشيخة بدور القاسمي، تهدف إلى دعم النساء في صناعة النشر على مستوى العالم من خلال تعزيز فرص القيادة، وتمكينهن من بناء شبكات مهنية فاعلة، وفتح مساحات للحوار والتعاون وتبادل التجارب.
وقد تم الإعلان عن الجائزة خلال حفل رسمي أقيم ضمن فعاليات معرض بولونيا الدولي لكتاب الطفل في إيطاليا، بحضور نخبة من قيادات قطاع النشر وصنّاع الثقافة من مختلف أنحاء العالم. وشهد الحفل تكريم ثلاث شخصيات نسائية بارزة ضمن ثلاث فئات رئيسية: "الإنجاز مدى الحياة"، و"القيادة الصاعدة"، و"الابتكار"، تقديرًا لإسهاماتهن المؤثرة في رسم ملامح جديدة لمستقبل صناعة النشر.
وفي تعليقها على هذا الإنجاز، صرّحت داليا إبراهيم:
"أقدِّر الفوز بهذه الجائزة، التي تُتوج الإيمان العميق برسالة النشر ورحلة مهنية بدأت بهدف نبيل، وهو أن تصبح المعرفة متاحة للجميع، وأن تكون المرأة العربية شريكًا حقيقيًا في صناعة المستقبل، واستمرّت من خلال عمل جماعي يلتف حول هذا الهدف. أشكر سمو الشيخة بدور القاسمي ومبادرة PublisHer على هذا التكريم الذي أعتبره تكريمًا لكل امرأة اختارت أن تقود بالتعليم والعمل".
تشغل داليا إبراهيم موقعًا رياديًا في المشهد الثقافي والتعليمي العربي، وتمتلك خبرة تزيد عن 30 عامًا في مجالات النشر والتعليم وريادة الأعمال، استطاعت خلالها تحويل دار نهضة مصر إلى مجموعة متكاملة تضم ثماني شركات شقيقة تقدّم حلولًا مبتكرة في مجالات النشر الثقافي، وتطوير المحتوى والمناهج، والتعليم الرقمي، وتدريب المعلمين، والتعليم الفني، إلى جانب دعم وتمويل الشركات الناشئة في قطاع تكنولوجيا التعليم والثقافة.
وساهمت داليا بشكل محوري في إثراء المكتبة العربية بآلاف الكتب الثقافية للأطفال والكبار، كما أعادت نشر عدد من الأعمال الكلاسيكية المهمة حفاظًا على الهوية الثقافية العربية. كذلك، أطلقت أول شركة لرأس المال المخاطر متخصصة في دعم الشركات الناشئة العاملة في تكنولوجيا التعليم والثقافة، دعمت خلالها مئات رواد الأعمال واستثمرت في 24 شركة ناشئة حتى الآن.
وتلعب دورًا فعّالًا في دعم سوق العمل من خلال توفير مهارات مهنية وتقنية للشباب وتأهيلهم للالتحاق بسوق العمل المحلي والدولي، وإدارة عدد من مدارس التكنولوجيا التطبيقية للتعليم الفني.
ومؤخرًا، تم اختيارها لرئاسة لجنة التعليم بالمجلس القومي للمرأة، كما عُيّنت عضوًا في اللجنة الاستشارية للاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال التابعة لرئاسة مجلس الوزراء المصري. كذلك، أدرجتها مجلة "فوربس الشرق الأوسط" ضمن قائمة أقوى سيدات الأعمال في المنطقة لعامي 2024 و2025، تقديرًا لريادتها وتأثيرها في مجالات النشر والتعليم وريادة الأعمال على مستوى العالم العربي.

مقالات مشابهة

  • اتفاقية شراكة بين اتحاد الناشرين العرب ومعهد المخطوطات العربية
  • التعليم العالي: عقد ورشة العمل الثانية لتعزيز تواجد "المعاهد العليا المتميزة
  • تفاصيل احتفال دار الكتب بـ 155عاما على إنشائها
  • تعليم الغربية: الكتابة المصرية القديمة ندوة لتعزيز الوعي الأثري للطلاب
  • داليا إبراهيم تحصد جائزة عالمية عن فئة الإنجاز مدى الحياة
  • وزير الثقافة يهنئ داليا إبراهيم لفوزها بجائزة PublisHer Excellence Award 2025 الدولية
  • تعليم الغربية ينظم ندوة أثرية بعنوان «الكتابة المصرية القديمة» لتنمية الوعي الحضاري لدى الطالبات
  • عزة هيكل: موسم دراما رمضان 2025 متنوع وورش الكتابة نقطة ضعف
  • انفوجراف .. تقدم مصر 5 مراكز في مؤشر المعرفة العالمي
  • سيرة الفلسفة الوضعية (15)