شبكة اخبار العراق:
2025-02-07@02:29:46 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

آخر تحديث: 29 فبراير 2024 - 12:36 مباقر صاحب يضمُّ عنوان مقالتنا أعلاه قطبين رئيسين بارزين هما: الكتابة والتأثير، ولكنَّ هناك قطباً ثالثاً يخفيه العنوان يتمثَّل في القراءة، فمن دونها  فاعلةً وحيويَّة، تنعدم أهمية الكتابة لجهة التأثير في المتلقّي لما هو مكتوب. الذي حفزنا على الكتابة عن موضوعة الـتأثير، كونها مازالت متجدَّدة الطرح، مثلما زالت تتردَّد مقولة الكاتب الأميركي الراحل إرنست همنغواي:» إن إدارة الإرادة للنصر لا تكون بتحريك المخزون النووي، ولكن بتحريك مخزون الأقلام».

هذا يقودنا إلى القول بأنَّ الكتابة المؤثِّرة، وفق كتّابٍ ومبدعين، وتنظيراتهم وتجاربهم، هي التي تحدث تغييراً ما في دواخل متلقّيها، عقلاً وعاطفةً، تغييراً يبدو جليَّاً في طرق تفكيرهم ووجهات نظرهم تجاه الذات والآخر، تّجاه طرق العيش، ومن ثمَّ المنظومات السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة. وهنا نعرّج إلى أنَّ التأثير الحادث فعليّاً، رُبَّما يكون إيجابيّاً أو سلبيّاً. الإيجابي يكمن في تغيير قناعات المتلقّي، وتوجيه بوصلتها نحو الإيمان الحقيقي بقيم الخير والجمال والعدالة والإحساس بالآخر والعمل على انتشاله من سلبيَّته أو حياديَّته، باتّجاه أن يكون فرداً فاعلاً في بيئته الاجتماعيَّة.  كيف يكون الـتأثير السلبي إذاً؟ هذا السؤال يقودنا إلى الإجابة، بأنَّ مُخرجات المعرفة، ليست ايجابيَّة دائماً، بل هناك النقيض ماثلٌ في الكتابات التي تروِّج  إلى كراهية الآخر المختلف عنّا عرقيّاً أو دينيّاً، بل والتحريض على إلغاء وجوده، كما التحريض على الانتقاص من الجنس الآخر -المرأة، والحطِّ من دورها في الحياة السياسية والاجتماعية. وهنا نلاحظ مع التقدُّم العلمي والتقني، والانتشار المعرفي – مسموعاً ومرئيّاً ومقروءاً، بأنَّ هناك خللاً قيميّاً آخذاً في الاتّساع، وتزايد الاستقطابات الدينيَّة والعنصريَّة والطائفيَّة، بأيِّ حقٍّ مثلاً، يبيد الكيان الصهيوني الغاصب أهل غزَّة، في مسعىً عنصريٍّ محمومٍ لتهجير الفلسطينيين في أرجاء العالم، ليصبح العرب المسلمون من أهالي فلسطين شتاتاً، بعد أن كان اليهود هم الشتات؟ وأين هي ثوابت أميركا الدولة الأولى في العالم، بلد الديمقراطيَّة العريقة، ثوابتها في حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان، ونشر قيم العدالة، من كلِّ ما يحصل على أرض فلسطين؟ كانت كتب الأديان السماويَّة، الأسس الراسخة للمعرفة الإنسانية، لكنَّ  تطوَّر العلم دقَّ إسفيناً في تصنيف المعرفة، بين خيِّرةٍ أو شرِّيرة، بوساطة ما يقوله الفيلسوف ميشيل فوكو عن العلاقة ما بين المعرفة والسلطة:” تقوم السلطة على المعرفة وتستفيد من المعرفة؛ من ناحيةٍ أخرى، تعيد السلطة إنتاج المعرفة من خلال تشكيلها وفقاً لنواياها المجهولة”.  وفي هذا الصدد، يذكر الكاتب الأردني الفلسطيني رامي أبو شهاب، في مقالةٍ له بعنوان” الكتابة.. معضلة التأثير” منشورةٍ في “القدس العربي” اللندنية بتأريخ  5 -2 –  2024 عن التوظيف السلبي للمعرفة، فيقول” اختراع الطباعة، وظهور الكتاب، بالتوازي مع نشوء القيم الصناعية، التي أنتجت مجتمعة معرفة هائلة غير أنها قادت إلى حروب دموية يمكن وصفها بأنها الأكثر بشاعة في التاريخ، ولكن هل يمكن أن نلقي اللوم على الكتاب أو المعرفة، أم على الطريقة التي وُظِّفت فيها الكتابة؛ بمعنى أنها أمست جزءاً من مخطط الإنسان للهيمنة والسيطرة والإقصاء”. ومن ثمَّ يستطرد أبو شهاب بضرورة مساءلة وظيفة المعرفة،  في كونها لا يمكن توصيفها  بأنَّها خيرٌ مُطلق، بل تحتوي الشرَّ المُضمر أيضاً. ومن هنا، تلك المساءلة تشمل وظيفة الكتابة وتأثيرها، ومن ثُمَّ المُنتج لها، أي الكاتب، ومن ثمَّ الوسيط المباشر إلى إعلان نتاجه على الملأ، أي دار النشر.  على المستوى العربي، نلاحظ التزايد المضطرد لدور النشر، تتبع ذلك ظاهرةٌ ملفتةٌ للنظر، هي الانتشار اللافت لمعارض الكتب في الحواضر العربية، تتبنّاها مختلف المؤسسات الثقافية والإعلامية. وهي عموماً ظاهرةٌ حضاريَّةٌ تسهم في نشر الكتاب والترويج لقراءته، ومحاولة استقطاب أكبر عددٍ من الناس، ممن هم على مستوياتٍ ثقافيَّةٍ مختلفة، وتجعلهم على إطّلاعٍ  على ما تنشره دور النشر العريقة والجديدة، كذلك لأجل الفرجة وقضاء وقتٍ ممتعٍ مع البرامج الأدبيَّة والفنيَّة الموازية. ويمكن الاستدراك  بأنَّ نوعيَّة الكتب المُقتناة من قبل نسبةٍ كبيرةٍ من الجمهور العام، تنحصر في الكتب التجاريَّة الرخيصة الثمن، ذات النفس العاطفي والتوجِّه التعليمي، أمّا الكتب الرفيعة المحتوى، فهي ذات أسعارٍ باهظة الثمن، ويقتنيها القلّة من ذوي الاختصاص في معارف الأديان والفلسفات والفكر النقدي، فضلاً عن الكتب الإبداعيَّة الجادة. إذا الكتّاب والمبدعون المؤثِّرون، قرّاؤهم من النُّخبة، فضلاً عن مطبوعاتهم الغالية الثمن، لأنَّ دور النشر تضع في حسبانها ندرة الكتّاب والمبدعين المؤثِّرين،  بما معناهُ أنَّها تزن حساباتها جيَّداً لكل نوعٍ من الكتب الثمينة أو التجاريَّة.  كيف يتمُّ إحداث التأثير، إذا كانت سوق الكتاب الرائجة تنحصر غالباً على الروايات العاطفية وكتب الطبخ والكتب التعليميَّة، وفي هذا الصدد، قال الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه “لابُدَّ من وجود كاتبٍ رديءٍ باستمرار، وذلك لأنه يشبع ذوق الأجيال الشابَّة التي لم تتطوَّرْ بعد”. إذاً، ينحسر دور الكاتب المؤثِّر، بفعل الأميَّة الثقافيَّة لدى الجمهور العام، وشراهة نسبةٍ كبيرةٍ من  دور النشر في التكسُّب المادّي عبر الترويج لطبعات الكتب الرديئة، ناهيك عن ترويج بعضها للكتب ذات الأفكار السّامَّة التي تروّج لكراهية الآخر المختلف والتحريض على العنف. عدم امتلاك عشرات الملايين من العرب نسبةً لا بأسَ بها من الثقافة  الرفيعة  المؤثِّرة المحفِّزة لهم على حيازة القدرة على التغيير الإيجابي لأوضاعهم، وأوضاع بلدانهم  رُبَّما يُعَدُّ أحد أسباب  التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدى عديد الدول العربيَّة.  

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دور النشر

إقرأ أيضاً:

كوهين: لن نعارض إقامة دولة فلسطينية على أرض ببلد عربي

سرايا - قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الأربعاء، إن تل أبيب لن تعارض إقامة دولة فلسطينية "لكن على أراض يتم تخصيصها في إحدى الدول العربية".

جاء ذلك في تعليقه على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه، وفق ما نقله إذاعة الجيش الإسرائيلي عنه.

وقال كوهين وفق الموقع الإلكتروني للإذاعة، إن إسرائيل "لن توافق على إقامة دولة فلسطينية لكن إن خصصت إحدى الدول العربية أرضا للفلسطينيين فعندها لن تعارض ذلك".

ولاحقا، نشر كوهين تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، قال فيها: "صباح تاريخي لدولة إسرائيل والشرق الأوسط والعالم"، على حد تعبيره.

وأضاف: "سياسة ترامب تجاه المنظمات الإرهابية وإيران ستؤدي إلى الرخاء في الشرق الأوسط وتجعل العالم مكانا أكثر أمانا".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 718  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 05-02-2025 05:26 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
لله دركم أطفال غزه اين تعلمتم كل هذه الفصاحه -فيديو بعد 5 آلاف سنة .. الضبع المرقط يظهر فجأة في مصر السجن 10 سنوات لنشال سرق حقيبة فيها 95 قرشا تدخل الطوارئ بسبب تقشير البصل توقيف لورنس الرفاعي رئيس لجنة كباتن التطبيقات... إلقاء القبض على طاعن المعلم داخل مدرسة في ماركا من المكتب مع هاشم الخالدي .. "ما بدنا نحكي... بالفيديو .. بدء تأثر المملكة بالمنخفض الجوي مصدر لسرايا: قرار فصل النائب محمد الجراح من حزب... تعليقاً على مخطط ترامب .. سموتريتش: حان...ردود فعل عربية ودولية رافضة لتصريحات ترامب بشأن...الأمم المتحدة: قرار أميركا بمنع تمويل الأونروا لن...نتنياهو يهدي ترمب "بيجر" .. والاخير يرد:...عباس يرد على ترامب:لن نسمح لك بالمساس بحقوق فلسطين عباس: نقدر مواقف الأردن ومصر والسعودية الرافضة للتهجير رفع رأسمال البنك المركزي إلى 100 مليون دينار بدلا...دبابات وآليات عسكرية في سيناء .. ما سر التحركات...منظمة التحرير ترفض التهجير .. وحماس "ترامب... وفاة شقيق المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم .. تفاصيل... مشعل تامر يعيد تشكيل مستقبل الموسيقى السعودية أرملة محمد رحيم تكشف عن مفاجأة لعمرو دياب حمادة هلال يشعل حماس الجمهور بمليون جنيه .. ما القصة؟ فنان مصري يعلن الاعتزال بشكل مفاجئ .. ونجم وحيد قد... رونالدو "40 عاما" .. من التسول للحصول على "برغر ماكدونالدز" إلى نجم الكوكب أنشيلوتي: مبابي وبيلنجهام خارج قائمة الأربعاء للإصابة كم بلغ ارتفاع قفزة رونالدو ضد الوصل؟ ومن صاحب أعلى ارتقاء في التاريخ؟ لاعب إنجلترا: مناقشة تجديد ليفربول لعقد صلاح "غباء" لقطة طريفة .. مشجع يطرح حارس ميسي أرضاً بعد 12 يوماً دون انقطاع .. هزات أرضية تهجر سكان جزيرة يونانية مصر .. عروس تفارق الحياة بسبب وجبة بيتزا دراسة تفاجئ العالم:القطط مختلة عقلياً بالفطرة اعتدى على زوجته بوحشية ومزق شعرها .. فيديو يثير الغضب عبر منصات التواصل تضحية يقابلها خيانة .. أقنعته ببيع كليته لتهرب بالمال مع عشيقها لأول مرة منذ 100 عام .. روسيا تسمح للمسلم بالزواج من 4 نساء دراسة جديدة: جميع القطط ( مختلة عقليًا ) هذا ما حصل لرجل عاش في البحر 25 عاماً بسبب بكتيريا .. رحلة تخييم تتحول إلى كابوس دائم قهوة بسكر أم بدونه .. تأثير مدهش للكافيين مع المحليات مع بعض الناس

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • عتبات الفرح للكاتبة هديل حسن: لعلها عتبات الكتابة أيضا
  • الكتابة الطِعمة
  • «الشارقة للنشر».. بيئة جاذبة للصناعات الإبداعية بـ«القاهرة للكتاب»
  • كوهين: لن نعارض إقامة دولة فلسطينية على أرض ببلد عربي
  • محاكمة لبناني في أميركا داعم لـحزب الله.. كاد أن يقتل كاتبا شهيرا
  • 10 قتلى بحادثة إطلاق نار في السويد
  • قطر: نسعى لتحقيق كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • تحديات صناعة الكتب في الوطن العربي
  • صوت أم كلثوم ينبعث من الكتب والمقاهي بعد 50 عاما على رحيلها
  • من تكون الشابة السورية التي رافقت الشرع خلال زيارته إلى السعودية؟