عائد عميرة

انتشرت في الأيام القليلة الماضية، تصريحات لبعض المسؤولين والمحللين الأوكران التي تؤكد بشكل مباشر وغير مباشر، كل المعلومات والتقارير التي تم تداولها في وسائل الإعلام خلال شهري يناير وفبراير، من العام الجاري، عن وجود مرتزقة أوكران في السودان يقاتلون إلى جانب قوات البرهان، بأوامر من الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي تعيش فيه القوات الأوكرانية أسوأ حالاتها على الجبهة الشرقية للبلاد بمواجهة روسيا، بما في ذلك نقص في العتاد والأفراد وفقدان السيطرة عن بعض المناطق.


ففي الوقت الذي لا يترك فيه الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي مناسبة إلا ويستنجد فيها الدعم الغربي لكييف، في حربها ضد روسيا، يرسل قواته سراً لأفريقيا، من أجل القتال تحت راية واشنطن ولتحقيق مصالحها.

وبعد توثيق وجود القوات الأوكرانية في السودان وعدة دول أفريقية وافتضاح الأمر، لم يبقى أمام كييف إلا الاعتراف بالأمر بذريعة قتال الروس على أرض القارة السمراء، في الوقت الذي يتهربون من مواجهتهم في الشرق الأوروبي.

إقرار أوكراني رسمي بتواجد قواتهم في السودان

في هذا السياق، أكد رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، كيريل بودانوف، لأول مرة، المعلومات التي تم تداولها عن وجود قوات أوكرانية في السودان، مشيراً إلى أن "أوكرانيا تنشر وحدات عسكرية خاصة في السودان بالفعل"، وأضاف، بأن "الهدف من وجود القوات الأوكرانية هناك هو القضاء على "العدو الروسي" في كل مكان يمكن تصوّره على وجه الأرض"، حسب قوله.
وتأتي تصريحات بودانوف كأول اعتراف رسمي من مسؤول عسكري أوكراني عن وجود قوات أوكرانية في السودان، بذريعة محاربة قوات مدعومة من روسيا هناك. ويأتي ذلك في سياق الدعاية الأوكرانية التي تروج لها كييف، بتوجيهات من واشنطن، لتبرير عمل قواتها كمرتزقة تحت إمرة واشنطن.
وفي السياق ذاته، كان النائب في البرلمان الأوكراني أليكسي جونشارينكو في حوار مع شبكة سي ان ان الأمريكية، يوم الجمعة الماضي قد أكد أيضاً، كل المعلومات التي تم تداولها، عن وجود قوات أوكرانية في السودان، واستخدام واشنطن للقوات الأوكرانية كـ "مرتزقة" للقتال في أفريقيا، مبدياً استعداداً شديداً من الأوكران، للقتال إلى جانب واشنطن في أي دولة، جيث قال، بعد حديثه عن السودان: "وفي المستقبل، سيكون الأوكرانيون على استعداد لمحاربة إيران أو الصين أو كوريا الشمالية أيضاً، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، إذا لزم الأمر، لذلك، يجب على واشنطن الاستمرار في تقديم المساعدة لكييف".
وكانت صحيفة "الايكونمست" أكدت في مقال لها في الشهر الجاري، نقلا عن مسؤولين ودبلوماسيين غربيين كل الأنباء التي تم تداولها عن وجود قوات أوكرانية في السودان.

انتشار للمرتزقة الأوكران في منطقة القرن الأفريقي

بالإضافة لما سبق ذكره، انتشرت معلومات جديدة نقلاً عن مصادر محلية وعسكرية صومالية وسودانية، بوصول دفعة جديدة من "المرتزقة الأوكران" إلى الصومال.

وبحسب شهود عيان، فقد تم تسجيل وصول المجموعة الأولى من المقاتلين الأوكران إلى بعض القواعد العسكرية في مقديشو انطلاقاً من العاصمة السودانية الخرطوم، للمشاركة في القتال هناك.
وبحسب بعض المراقبين، كل ذلك يأتي في سياق خطة استراتيجية لواشنطن، لاستخدام المرتزقة الأوكران، من أجل تحقيق مصالحها في القارة الأفريقية وفي أي دولة بالعالم دون تدخل مباشر منها.
وبحسب مصادر دبلوماسية أيضاً، فإن البرهان سيزور القاهرة، اليوم الخميس، في إطار المباحثات التي يجريها بخصوص القوات الأوكرانية المتواجدة في السودان، وتهدف الزيارة إلى طمأنة الجانب المصري من عدم تشكيل هذه القوات أي خطر على مصر، وبأن تواجدهم لن يضر بأمن مصر.
وكل ما سبق ذكره يشير بقوة إلى الاحتمالية الكبيرة، لصحة المعلومات الواردة عن وصول قوات أوكرانية إلى الصومال، بحكم مشاركتها علناً في الصراع الدائر في السودان.

عائد عميرة
aayed.amira@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة

إقرأ أيضاً:

خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان

تنفيذا لسياساته الجديدة، يدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا، ما يعد تنازلا عن مساحات دبلوماسية مهمة لصالح قوى أخرى تتمدد سريعا في القارة على حساب واشنطن.

تقليص الانخراط

تناقلت وسائل الإعلام الدولية في اليومين الماضيين أن الولايات المتحدة قد تكون بصدد تقليص انخراطها الدبلوماسي في أفريقيا وإغلاق مكاتب تابعة لوزارة الخارجية تعنى بتغيّر المناخ والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفق أمر تنفيذي قيد المراجعة للبيت الأبيض، ووفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مذكرة غير مؤرخة لوزارة الخارجية الأمريكية، تدرس إدارة ترامب خططا لإغلاق 10 سفارات و17 قنصلية، وتقليص أو دمج موظفي العديد من البعثات الأجنبية الأخرى، وذكرت الصحيفة أن 6 من السفارات التي اقترحت المذكرة إغلاقها تقع في أفريقيا، وهي أفريقيا الوسطى، وإريتريا، وغامبيا، وليسوتو، وجمهورية الكونغو، وجنوب السودان، كما يفترض إغلاق مكتب أفريقيا العامل حاليا، وسيحل محله مكتب المبعوث الخاص للشؤون الأفريقية والذي من المفترض أن يقدم تقاريره لمجلس الأمن الداخلي بالبيت الأبيض بدلا من وزارة الخارجية.

مخاوف وتساؤلات

التخفيضات الجديدة المقترحة أثارت مخاوف من أن الولايات المتحدة ستتنازل عن مساحة دبلوماسية حيوية لروسيا والصين، بما في ذلك في مناطق العالم التي تتمتع فيها واشنطن بحضور أكبر من موسكو وبكين، وهو ماقد يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، كما آثارت التخفيضات المقترحة تساؤلات حول ارتدادات الانسحاب الأمريكي على القارة السمراء، وهل يؤثر هذا الإنسحاب على التعاون الإستخباراتي والعسكري الأمريكي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، ومن يملأ الفراغ الأمريكي، وهل يفتح الانسحاب الباب أمام محاور نفوذ جديدة، إضافة إلى السؤال الأهم حول تأثير هذا الانسحاب الأمريكي على السودان؟

تأثير على المعارضة

من جانبه رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني محمد محمد خير أن كل المشاكل التي حدثت في السودان منذ 2019 بعد سقوط نظام البشير حتى الحرب كانت بتأثيرات مباشرة من الخارجية الأمريكية. وقال خير لـ “المحقق” إن الخارجية الأمريكية تأتي ضمن خمس دوائر في التأثير على القرار الخارجي، وإنها أضعف هذه الدوائر في التأثير، مضيفا أنه دائما ما تصدم مشاريع الخارجية بالبنتاجون والسي أي ايه، لافتا إلى أن غياب الخارجية الأمريكية بتركيبتها السابقة سيكون له تأثير مباشر على المعارضة السودانية بالخارج (تقدم- صمود- وغيرها)، وقال إن هذه المعارضة كانت المرجعية الرئيسية لكل العمل الذي تم في السودان، بداية من تعيين مبعوث خاص مرورا بالرباعية حتى الإتفاق الإطاري، مضيفا أن كل الترتيبات السياسية في السودان كانت بتدبير من الخارجية الأمريكية وخلفها مساعدة الوزير مولي في، وتابع أن الخارجية الأمريكية أيضا كانت توجه الوكالات المانحة في أمريكا وأوروبا والتي كانت تدفع تكاليف أنشطة “تقدم”، وأن ذلك توقف بحل ترمب للوكالة الدولية للمنح، مؤكدا أن أكبر جهة تضررت من ذلك هي المعارضة السودانية الخارجية، لافتا إلى أن أهم ماجاء في القرار الأمريكي هو غياب أي مشروع يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية في أفريقيا، وقال إن ذلك يعني أنه لم يعد هناك أي نوع من أنواع الإهتمام الأمريكي بتغيير النظم في أفريقيا، مضيفا أن تأثيره على الحكومة السودانية يعتمد على الحكومة نفسها وعلى المشروعات التي ستقدمها إلى أمريكا، ورأى أنه من المفروض تقديم رؤية استثمارية سودانية بها تصور لمشروعات استثمارية بالبلاد.

الإهمال أفضل

من جهته رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني مكي المغربي أن العالم في عهد الإنحسار الأمريكي لا محالة، وقال المغربي لـ “المحقق” تحدث عن ذلك عدد من المفكرين بأن مشاكل أمريكا الداخلية وانقسامها العميق سيشغلها عن التمدد في العالم، والجواب واضح من عنوانه، مضيفا ترمب في حملته الانتخابية كان واضحا حول هذا الأمر، مؤكدا أن الدول والجهات التي كانت تعتمد على أمريكا وضوئها الأخضر وغطائها في الإعتداء على السودان ستفشل، وقال إن هذه الدول ستكون مكشوفة وتتخلى أمريكا عنها لتواجه لعنات الشعب السوداني وحيدة، مبينا أن غلق مكتب أفريقيا يعني تقليص الإرتباط الدبلوماسي الطبيعي عبر الخارجية الأمريكية، واختزال الملف الأفريقي في الشئون الطارئة أو المهمة، وقال إن ذلك أقرب لحذف أفريقيا من الخارطة الدبلوماسية الأمريكية والإبقاء على عدد من الدول، والتعامل مع الطوارئ والمستجدات عبر البيت الأبيض، مضيفا باختصار تعودنا أن الإهمال الأمريكي أفضل من الإهتمام.

الانعزالية الجديدة

بدوره أكد الخبير المصري في الشؤون الأفريقية الدكتور حمدي عبد الرحمن أن انسحاب أمريكا من أفريقيا وخاصة منطقة الساحل سوف يؤثر بشكل كبير على الحرب ضد الإرهاب. وقال عبد الرحمن لـ “المحقق” إن الوجود الأمريكي والغربي عموما كان له دور كبير للغاية في مراقبة وملاحقة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام، اضافة إلى الحد من عمليات تهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن هذا الانسحاب في ظل الترامبية الجديدة وفكرة جعل أمريكا قوية وعظيمة مرة أخرى هي مايسمى بـ “الانعزالية الجديدة” على يد ترمب، لافتا إلى أن ذلك يثير مخاوف من تصاعد الجماعات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني، وقال إن الجيوش الوطنية تفتقر في الغالب إلى القدرة المالية والتقنية لمواجهة هذه التحديات بشكل منفرد.

المستفيد الأول

ولفت الخبير المصري إلى أن هناك فراغ أمني واضح بأفريقيا، وقال إن دول تحالف الساحل حاولت أن تسد هذا الفراغ من خلال التحالف مع روسيا، مضيفا أن روسيا هي المستفيد الأول من ذلك ومن خلال فاغنر سابقا والفيلق الأفريقي حاليا، لتعويض الغياب من الدعم الغربي، مشيرا إلى أن الصين وتركيا عززتا حضورهما في المنطقة بالتركيز على الإقتصاد أكثر من الأمن، مؤكدا أن ذلك يخلق مناطق نفوذ جديدة، وقال إن ذلك يتمثل في إعادة رسم خريطة النفوذ الدولي في أفريقيا، مضيفا أن روسيا بدأت بالفعل في تعزيز وجودها العسكري والأمني وكذلك الصين وتركيا وحتى الهند في توسيع نفوذها الاقتصادي، لافتا إلى أن ذلك يجعل من أفريقيا ساحة تكالب جديدة من قبل قوى دولية متعددة، وقال إن هذا التحول قد يدفع أفريقيا إلى مزيد من الاستقطاب، وربما يجعلها إحدى جبهات الحرب الباردة الجديدة في ظل التنافس الدولي على الموارد والممرات الاستراتيجية بالقارة، مشيرا إلى أنه في ظل التراجع الأمريكي هناك حرب الممرات، مثل ممر “ليبيتو” الذي تدعمه أمريكا، ومبادرة “الحزام والطريق” وكلاهما متعارضان، محذرا من تصاعد التهديدات الإرهابية في ظل هذا الانسحاب وتفاقم الأزمة الأمنية.

الأكثر تضررا

كما رأى الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن إدارة ترمب الجديدة لديها قرارات تجاه أفريقيا قد تختلف تماما عن الإدارات السابقة. وقال تورشين لـ “المحقق” إن ذلك سيؤثر كثيرا على التعاون العسكري والاستخباراتي بين أمريكا والعديد من الدول التي تعاني من أنشطة للجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي ودول خليج غينيا، مضيفا أن دول خليج غينيا ستكون الأكثر تضررا بما يدفعها للتعاون مع الدول الإقليمية والدولية الأخرى مثل روسيا والصين وتركيا، لافتا إلى أن ذلك يعني بأن هنالك ستكون مسارات جديدة لتعزيز تنافس القوى في المنطقة.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أبرز محطات الكهرباء التي تعرضت للاستهداف في السودان
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • مديرة وكالة الدعم الاجتماعي من واشنطن: الميزانية السنوية للدعم الاجتماعي قد ترتفع إلى 30 مليار درهم
  • خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان
  • بعد تهديد واشنطن.. بريطانيا: أوكرانيا هي التي تقرّر مستقبلها.
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • ترامب يعلن نقل قوات إضافية إلى الشرق الأوسط
  • إبادة دارفور التي لم تنته مطلقا