ناقش معالي وزير الاقتصاد والتخطيط، الأستاذ فيصل بن فاضل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في شهر أبريل، إضافة إلى التطورات الاقتصادية العالمية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

من يقود الاقتصاد العالمي فـي حقبـة ما بعد أمــريكـا؟

منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي، دأبتُ على التعليق بانتظام على جوانب شتى من أجندة دونالد ترامب وما قد تعنيه لأمريكا، والأسواق المالية، وبقية العالم. كانت الفوضى سائدة، لكن هذا كان متوقعًا إلى حدّ كبير، في ظل «النَـهـج» الأخرق المتقلب الذي تبناه الرئيس في صنع السياسات.

كما أشرت في فبراير، ومرة أخرى في مارس، قد تستجيب اقتصادات أخرى لعدوانية ترامب بتعزيز الطلب المحلي وتقليل اعتمادها على المستهلكين الأمريكيين والأسواق المالية الأمريكية. إذا كانت الفوضى الحالية تنطوي على أي جانب إيجابي فهو أن الأوروبيين والصينيين بدأوا بالفعل يلاحقون مثل هذه التغييرات. فالآن تخفف ألمانيا من «مكابح الديون» وتسمح بالاستثمار المطلوب بشدّة، ويُـقال إن الصين تدرس الخيارات المتاحة لتحفيز الاستهلاك المحلي. بالنسبة لأي بلد يعتمد على التجارة والأسواق الدولية، من الواضح تمامًا أن وضع ترتيبات تجارية جديدة سيكون ضروريًا حتى لو تسنى إقناع الولايات المتحدة بكبح جماح سياسات الحرب التجارية. وتسعى أكثر هذه البلدان بالفعل إلى إيجاد طرق لزيادة التجارة فيما بينها وصياغة اتفاقيات جديدة لخفض الحواجز غير الجمركية في تجارة الخدمات التي تشهد نموًا سريعًا.

ككتلة واحدة، تُـعادِل بقية مجموعة الدول السبع (كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة) حجم الولايات المتحدة تقريبًا. وإذا أضفنا المشاركين الآخرين في «تحالف الراغبين» الذي دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فسوف يتمكن حلفاء أمريكا السابقون من تعويض قسم كبير من الضرر الذي أحدثه ترامب. على المنوال ذاته، إذا تمكنت الصين من إعادة صياغة مبادرة الحزام والطريق بالتنسيق الوثيق مع الهند وغيرها من الاقتصادات الناشئة الأكبر حجما، فقد يُـثبِـت هذا كونه تطورا تحويليا كبيرا. مثل هذه التحركات من شأنها أن تعمل على التخفيف من التأثيرات المترتبة على سياسات الرسوم الجمركية والتهديدات الأمريكية. ولكن لن يكون من السهل تنفيذها؛ فلو كان تنفيذها سهلا لكانت حدثت بالفعل. تعكس الترتيبات التجارية والمالية الحالية مجموعة متنوعة من العوامل السياسية، والثقافية، والتاريخية، وسوف تحاول إدارة ترامب عرقلة أي تغيير للوضع الراهن قد تستفيد منه الصين. ما يهم إذن هو كيف على وجه التحديد قد تعمل الاقتصادات الكبيرة الأخرى على تحفيز الطلب المحلي، وحشد الاستثمار، وإقامة علاقات تجارية جديدة.

في مؤتمر عُقد مؤخرا حول «العولمة والتفتت الجغرافي الاقتصادي»، استضافة المركز البحثي بروجل والبنك المركزي الهولندي، ذُكِّـرتُ بمدى انحراف نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ مطلع القرن الحالي. يُظهر تحليل بسيط لأرقام الناتج المحلي الإجمالي الاسمي السنوي من عام 2000 إلى عام 2024 أن الولايات المتحدة، والصين، ومنطقة اليورو، والهند ساهمت مجتمعة بما يقرب من 70% من إجمالي النمو، حيث ساهمت الولايات المتحدة والصين بما يقرب من 50% من النمو فيما بينهما.

تؤكد هذه النتيجة أيضًا على حقيقة مفادها أن التهديدات الأمريكية المرتبطة بالتعريفة الجمركية يجب أن تقابلها زيادة في الطلب المحلي في أماكن أخرى. ولكن إليكم هذه الحقيقة: البلد الآخر الوحيد القادر بمفرده على زيادة الطلب والواردات بالقدر الكافي للتعويض عن حصة أمريكا المتراجعة في الاقتصاد العالمي هو الصين.

ولكن ماذا لو لم تكن الصين تعمل بمفردها؟ كما رأينا، يتخذ الأوروبيون بالفعل خطوات لزيادة الاستثمار والإنفاق الدفاعي بطرق ستعود بالنفع على اقتصاد الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة. وبالطبع، كان اقتصاد الهند ينمو بوتيرة أسرع من كثير من الاقتصادات الأخرى في السنوات الأخيرة، وهذا يشير إلى أن الهند ربما يتسنى لها بعض المجال لملاحقة مزيد من التحفيز المحلي. ماذا لو كانت كل هذه الاقتصادات الأخرى حريصة على تنسيق سياساتها الخاصة؟ قد لا يكون لهذا التنسيق ذات الأثر العالمي الذي أحدثه اتفاق مجموعة العشرين في لندن عام 2009، والذي أدخل إصلاحات عالمية واسعة النطاق ومؤسسات جديدة لمعالجة أسباب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها.

ولكن إذا أشارت هذه الدول إلى بقية دول العالم بأنها منخرطة في نوع من التشاور لمواءمة سياساتها الاقتصادية وتعزيز الأهداف المشتركة، فقد يكون لذلك أثر إيجابي كبير.

أخيرا، أمر آخر ظل يزعجني منذ مؤتمر بروجل، فقد قدم أندريه سابير كبير زملاء بروجل رسما بيانيا، سلط الضوء على أوجه التشابه بين صعود اليابان، عندما نما ناتجها المحلي الإجمالي إلى حوالي 70% من ناتج الولايات المتحدة المحلي الإجمالي في تسعينيات القرن العشرين، وبين حال الصين اليوم. في ذلك الوقت كما هي الحال الآن، كان التخوف الأكبر في أمريكا أن «يتجاوزها» أي اقتصاد آخر. ولكن ماذا تريد أمريكا حقا؟ هل تريد أن تكون قادرة على التصريح بأنها صاحبة أكبر اقتصاد من حيث القيمة الاسمية، أو أنها تريد توفير الثروة والازدهار لمواطنيها؟ هذان ليسا بالضرورة الشيء ذاته.

إن الحقيقة التي تفشل الإدارة الأمريكية الحالية في إدراكها هي أن نمو البلدان الأخرى وتطورها من الممكن أن يجعل الأمريكيين أنفسهم أكثر ثراء. ربما، ذات يوم، ينتخب الأمريكيون قادة قادرين على فهم هذه البصيرة الاقتصادية الأساسية. ولكن في الوقت الراهن، يبدو أن مصيرهم بات محتومًا: سنوات عديدة من الاضطراب وانعدام اليقين الملازم.

جيم أونيل الرئيس السابق لشركة إدارة الأصول جولدمان ساكس ووزير الخزانة البريطاني السابق.

خدمة بروجكيت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • من يقود الاقتصاد العالمي فـي حقبـة ما بعد أمــريكـا؟
  • الرسوم الجمركية بين التوتر الاقتصادي وإغراق الأسواق
  • المنظور الاستراتيجي للصراع الاقتصادي العالمي
  • فيتش سوليوشنز: مصر والمغرب سيقودان النمو الاقتصادي في شمال أفريقيا إلى 3.6%
  • على هامش "المنتدى العالمي الحادي عشر".. "سويلم" يلتقى وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي بالرياض
  • ناقشا فرص تعزيز الشراكة بالمجالات ذات الاهتمام المشترك.. وزير الاقتصاد والتخطيط يجتمع بنائب رئيس الوزراء الكوري
  • وزير الاقتصاد والتخطيط يجتمع مع نائب رئيس الوزراء وزير التعليم الكوري
  • عُمان تشارك في "منتدى الشباب الدولي" بنيويورك
  • وزير الاستثمار: إننا أمام صفحة جديدة في الاقتصاد العالمي
  • وزير الاقتصاد والتخطيط: رأس المال البشري يقود الثروات وينميها