شبكة اخبار العراق:
2025-01-30@22:15:45 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

أن تكونَ كاتباً مؤثِّراً

آخر تحديث: 29 فبراير 2024 - 12:36 مباقر صاحب يضمُّ عنوان مقالتنا أعلاه قطبين رئيسين بارزين هما: الكتابة والتأثير، ولكنَّ هناك قطباً ثالثاً يخفيه العنوان يتمثَّل في القراءة، فمن دونها  فاعلةً وحيويَّة، تنعدم أهمية الكتابة لجهة التأثير في المتلقّي لما هو مكتوب. الذي حفزنا على الكتابة عن موضوعة الـتأثير، كونها مازالت متجدَّدة الطرح، مثلما زالت تتردَّد مقولة الكاتب الأميركي الراحل إرنست همنغواي:» إن إدارة الإرادة للنصر لا تكون بتحريك المخزون النووي، ولكن بتحريك مخزون الأقلام».

هذا يقودنا إلى القول بأنَّ الكتابة المؤثِّرة، وفق كتّابٍ ومبدعين، وتنظيراتهم وتجاربهم، هي التي تحدث تغييراً ما في دواخل متلقّيها، عقلاً وعاطفةً، تغييراً يبدو جليَّاً في طرق تفكيرهم ووجهات نظرهم تجاه الذات والآخر، تّجاه طرق العيش، ومن ثمَّ المنظومات السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة. وهنا نعرّج إلى أنَّ التأثير الحادث فعليّاً، رُبَّما يكون إيجابيّاً أو سلبيّاً. الإيجابي يكمن في تغيير قناعات المتلقّي، وتوجيه بوصلتها نحو الإيمان الحقيقي بقيم الخير والجمال والعدالة والإحساس بالآخر والعمل على انتشاله من سلبيَّته أو حياديَّته، باتّجاه أن يكون فرداً فاعلاً في بيئته الاجتماعيَّة.  كيف يكون الـتأثير السلبي إذاً؟ هذا السؤال يقودنا إلى الإجابة، بأنَّ مُخرجات المعرفة، ليست ايجابيَّة دائماً، بل هناك النقيض ماثلٌ في الكتابات التي تروِّج  إلى كراهية الآخر المختلف عنّا عرقيّاً أو دينيّاً، بل والتحريض على إلغاء وجوده، كما التحريض على الانتقاص من الجنس الآخر -المرأة، والحطِّ من دورها في الحياة السياسية والاجتماعية. وهنا نلاحظ مع التقدُّم العلمي والتقني، والانتشار المعرفي – مسموعاً ومرئيّاً ومقروءاً، بأنَّ هناك خللاً قيميّاً آخذاً في الاتّساع، وتزايد الاستقطابات الدينيَّة والعنصريَّة والطائفيَّة، بأيِّ حقٍّ مثلاً، يبيد الكيان الصهيوني الغاصب أهل غزَّة، في مسعىً عنصريٍّ محمومٍ لتهجير الفلسطينيين في أرجاء العالم، ليصبح العرب المسلمون من أهالي فلسطين شتاتاً، بعد أن كان اليهود هم الشتات؟ وأين هي ثوابت أميركا الدولة الأولى في العالم، بلد الديمقراطيَّة العريقة، ثوابتها في حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان، ونشر قيم العدالة، من كلِّ ما يحصل على أرض فلسطين؟ كانت كتب الأديان السماويَّة، الأسس الراسخة للمعرفة الإنسانية، لكنَّ  تطوَّر العلم دقَّ إسفيناً في تصنيف المعرفة، بين خيِّرةٍ أو شرِّيرة، بوساطة ما يقوله الفيلسوف ميشيل فوكو عن العلاقة ما بين المعرفة والسلطة:” تقوم السلطة على المعرفة وتستفيد من المعرفة؛ من ناحيةٍ أخرى، تعيد السلطة إنتاج المعرفة من خلال تشكيلها وفقاً لنواياها المجهولة”.  وفي هذا الصدد، يذكر الكاتب الأردني الفلسطيني رامي أبو شهاب، في مقالةٍ له بعنوان” الكتابة.. معضلة التأثير” منشورةٍ في “القدس العربي” اللندنية بتأريخ  5 -2 –  2024 عن التوظيف السلبي للمعرفة، فيقول” اختراع الطباعة، وظهور الكتاب، بالتوازي مع نشوء القيم الصناعية، التي أنتجت مجتمعة معرفة هائلة غير أنها قادت إلى حروب دموية يمكن وصفها بأنها الأكثر بشاعة في التاريخ، ولكن هل يمكن أن نلقي اللوم على الكتاب أو المعرفة، أم على الطريقة التي وُظِّفت فيها الكتابة؛ بمعنى أنها أمست جزءاً من مخطط الإنسان للهيمنة والسيطرة والإقصاء”. ومن ثمَّ يستطرد أبو شهاب بضرورة مساءلة وظيفة المعرفة،  في كونها لا يمكن توصيفها  بأنَّها خيرٌ مُطلق، بل تحتوي الشرَّ المُضمر أيضاً. ومن هنا، تلك المساءلة تشمل وظيفة الكتابة وتأثيرها، ومن ثُمَّ المُنتج لها، أي الكاتب، ومن ثمَّ الوسيط المباشر إلى إعلان نتاجه على الملأ، أي دار النشر.  على المستوى العربي، نلاحظ التزايد المضطرد لدور النشر، تتبع ذلك ظاهرةٌ ملفتةٌ للنظر، هي الانتشار اللافت لمعارض الكتب في الحواضر العربية، تتبنّاها مختلف المؤسسات الثقافية والإعلامية. وهي عموماً ظاهرةٌ حضاريَّةٌ تسهم في نشر الكتاب والترويج لقراءته، ومحاولة استقطاب أكبر عددٍ من الناس، ممن هم على مستوياتٍ ثقافيَّةٍ مختلفة، وتجعلهم على إطّلاعٍ  على ما تنشره دور النشر العريقة والجديدة، كذلك لأجل الفرجة وقضاء وقتٍ ممتعٍ مع البرامج الأدبيَّة والفنيَّة الموازية. ويمكن الاستدراك  بأنَّ نوعيَّة الكتب المُقتناة من قبل نسبةٍ كبيرةٍ من الجمهور العام، تنحصر في الكتب التجاريَّة الرخيصة الثمن، ذات النفس العاطفي والتوجِّه التعليمي، أمّا الكتب الرفيعة المحتوى، فهي ذات أسعارٍ باهظة الثمن، ويقتنيها القلّة من ذوي الاختصاص في معارف الأديان والفلسفات والفكر النقدي، فضلاً عن الكتب الإبداعيَّة الجادة. إذا الكتّاب والمبدعون المؤثِّرون، قرّاؤهم من النُّخبة، فضلاً عن مطبوعاتهم الغالية الثمن، لأنَّ دور النشر تضع في حسبانها ندرة الكتّاب والمبدعين المؤثِّرين،  بما معناهُ أنَّها تزن حساباتها جيَّداً لكل نوعٍ من الكتب الثمينة أو التجاريَّة.  كيف يتمُّ إحداث التأثير، إذا كانت سوق الكتاب الرائجة تنحصر غالباً على الروايات العاطفية وكتب الطبخ والكتب التعليميَّة، وفي هذا الصدد، قال الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه “لابُدَّ من وجود كاتبٍ رديءٍ باستمرار، وذلك لأنه يشبع ذوق الأجيال الشابَّة التي لم تتطوَّرْ بعد”. إذاً، ينحسر دور الكاتب المؤثِّر، بفعل الأميَّة الثقافيَّة لدى الجمهور العام، وشراهة نسبةٍ كبيرةٍ من  دور النشر في التكسُّب المادّي عبر الترويج لطبعات الكتب الرديئة، ناهيك عن ترويج بعضها للكتب ذات الأفكار السّامَّة التي تروّج لكراهية الآخر المختلف والتحريض على العنف. عدم امتلاك عشرات الملايين من العرب نسبةً لا بأسَ بها من الثقافة  الرفيعة  المؤثِّرة المحفِّزة لهم على حيازة القدرة على التغيير الإيجابي لأوضاعهم، وأوضاع بلدانهم  رُبَّما يُعَدُّ أحد أسباب  التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدى عديد الدول العربيَّة.  

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دور النشر

إقرأ أيضاً:

هل تكون جزيرة غرينلاند شرارة حروب ترامب؟

أثارت مكالمة -الأسبوع الماضي وصفت بالنارية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة وزراء الدانمارك ميتي فريدريكسن- الرعب في الأوساط الدانماركية، ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مصادر أوروبية رفيعة أن ترامب عندما ردت عليه فريدريكسن برفض التنازل عن غرينلاند أطلق وابلا من الشتائم والتهديدات.

فهل ينفذ ترامب تهديده بالسيطرة على الجزيرة ولو بالقوة؟ وهل تكون غرينلاند الشرارة الأولى لحروب ترامب؟

وقبل تناول ما حصلنا عليه من معلومات ودراسات تستجلي جوانب هذه القضية وتستشرف مآلاتها، سنعرج قليلا على تاريخ أميركا في التعامل مع جزر القطب الشمالي وكيف استولت من قبل على جزر مماثلة عبر صفقات مع دول بما فيها الدانمارك نفسها، مع معطيات مختصرة عن جزيرة غرينلاند.

أميركا والاستحواذ على الجزر الدانماركية

يؤكد أستاذ القانون في جامعة هارفارد جاك لاندمان غولد سميث -في دراسة نشرها المعهد الأميركي لدراسات القطب الشمالي منتصف يناير/كانون الثاني الجاري- أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها الولايات المتحدة إلى الاستحواذ على جزيرة من الدانمارك لما تسميه "أغراض الأمن القومي".

ويضيف سميث أن أحد الأسباب التي تجعل ترامب يريد غرينلاند هو منع الدول الأخرى من الهيمنة عليها، فقد صرح متحدثا عن الجزيرة "إنك تنظر منها إلى الخارج -ولا تحتاج حتى إلى منظارـ وترى السفن الصينية في كل مكان، والسفن الروسية في كل مكان، ولن نسمح باستمرار ذلك".

إعلان

وكان قلق مماثل قد دفع الرئيس الأميركي الأسبق أبراهام لينكولن للسعي للاستحواذ على جزر الهند الغربية الدانماركية، حيث اعتبر أنها عُرضة لخطط الاستحواذ عليها من دول أوروبية خصوصا بريطانيا العظمى والنمسا، لكن اغتيال لينكولن 1865 أخر عملية الاستحواذ قبل أن يتجدد الاهتمام الأميركي بالجزر فجر الحرب العالمية الأولى مع افتتاح قناة بنما عام 1914 وخشية استيلاء ألمانيا عليها.

وزير خارجية الولايات المتحدة لانسينغ (الثاني من اليمين) يسلّم الوزير الدانماركي برون مسودة بقيمة 25 مليون دولار لشراء جزر الهند الغربية الدانماركية عام 1917 (غيتي)

وهكذا وبحلول يناير/كانون الثاني 1917 تنازلت الدانمارك عن جزر الهند الغربية المعروفة اليوم بسانت توماس وسانت جون وسانت كروا للولايات المتحدة مقابل 25 مليون دولار.

ويخلص الأستاذ سميث إلى إن أوجه التشابه بين "معركة" الاستحواذ على جزر الهند الغربية الدانماركية ومقامرة ترامب للحصول على غرينلاند ملحوظة، فلدى ترامب مخاوف إستراتيجية بشأن نفوذ الصين وروسيا في المنطقة، ويسعى لإبراز القوة العسكرية والاقتصادية لأميركا تطبيقا لشعاره "أميركا أولا".

وتعد جزيرة غرينلاند التي ينصب عليها اهتمام ترامب حاليا أكبر جزيرة في العالم مع موقع إستراتيجي وثروة غير مستغلة من المعادن والنفط، وهي تابعة للدانمارك لكنها تتمتع بحكم ذاتي وتغطي الثلوج نحو 80% من مساحتها، بينما يسكن المساحة المتبقية 57 ألف نسمة.

رسم يوضح ميناء وأحواض بناء السفن في كريستيانستيد في سانت كروا في جزر الهند الغربية عام 2002 (غيتي) ذعر في الدانمارك

اعتبرت رئيسة الوزراء الدانماركية ميتي فريدريكسن في رسالة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تزامنا مع أداء الرئيس الأميركي الجديد اليمين الدستورية أنه: "من المرجح أن نواجه فترة طويلة وصعبة.. وأتوقع أننا نحن الأوروبيين سوف نضطر إلى التعامل مع واقع جديد".

إعلان

ويؤكد تقرير لمراسلة راديو كندا في كوبنهاغن الصحفية تمارا ألتيريسكو أن رسالة فريدريكسن هذه تكشف صدمتها من محادثة أجراها معها الأسبوع الماضي دونالد ترامب، وكرر خلالها تهديداته بشن حرب تجارية إذا لم تسلم له الدانمارك جزيرة غرينلاند، كما رفض ترامب خلال المحادثة سحب تصريحه الذي أدلى به في 7 يناير/كانون الثاني بعدم استبعاده إمكانية استخدام القوة لضم الجزيرة.

ونقل مراسلو فايننشال تايمز عن مسؤولين أوروبيين كبار قولهم إن المكالمة لم تسر على ما يرام، وإن ترامب كان عدوانيًا تجاه نظيرته الدانماركية، حيث قال أحد المسؤولين "لقد كان الأمر مروعًا"، وقال آخر: "لقد كان حازمًا للغاية.. فقبل المكالمة كان من الصعب أخذ الأمر على محمل الجد، لكنني أعتقد الآن أنه أمر خطير للغاية".

وقال المسؤولون الذين تم إطلاعهم على فحوى المكالمة "إن رئيسة الحكومة الدانماركية عرضت المزيد من التعاون بشأن القواعد العسكرية واستغلال المعادن، لكن ترامب كان مصرًا على أنه يريد الاستحواذ على الإقليم، لقد كانت نيته واضحة للغاية".

وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة نيوزويك الأميركية تقريرا لمراسلها السياسي دان غودينغ تحت عنوان "حليف الناتو مذعور تمامًا بعد مكالمة دونالد ترامب"، مؤكدا أن ما دار خلال المكالمة التي جرت قبل 5 أيام من تنصيب ترامب وضع الدانمارك في أزمة.

وأضاف تقرير نيوزويك أن هذه الأزمة تأتي رغم أن الدانمارك حليف مهم لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأرسلت قوات للقتال إلى جانب الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان.

فريدريكسن تلقت تهديدات من ترامب بشن حرب تجارية إذا لم تسلم له الدانمارك جزيرة غرينلاند (الأوروبية) عملية ابتزاز

يؤكد تقرير ألتيريسكو وجود حالة استنفار سياسي في العاصمة الدانماركية، فالاجتماعات الطارئة تتزايد هذه الأيام بين الطبقة السياسية ورجال الأعمال، والسؤال الذي يطارد الجميع ويبقى دون إجابة حاسمة: إلى أي مدى سيذهب ترامب في تهديداته للاستيلاء على غرينلاند؟

إعلان

ورغم أن ترامب لم يذكر غرينلاند في خطاب التنصيب لكن بمجرد وصوله إلى المكتب البيضاوي في المساء، أكد للصحفيين اهتمامه بالمنطقة الشمالية، كما كرر من قبل، وقال: "غرينلاند مكان رائع ونحن بحاجة إليه لأسباب أمنية، وأنا مقتنع أن الدانمارك سوف تقبل (التنازل) في نهاية المطاف".

وينقل تقرير إذاعة كندا عن وزير الخارجية الدانماركية اعترافه أن "حكومة بلاده تستعد الآن لأي احتمال، فعملية الابتزاز بدأت للتو"، محذرا من أنه لا يمكن أن يسمح النظام العالمي لدولة ـ بمجرد أن تكون قويةـ أن تتصرف كما تشاء.

ويورد التقرير أيضا أن النائب الجمهوري المقرب من ترامب آندي أوجلز أعلن نيته تقديم مشروع قانون يطلب من الكونغرس دعم المفاوضات بين ترامب والدانمارك بشأن الاستحواذ الفوري على غرينلاند.

من جانبه، أصدر عضو البرلمان الأوروبي الدانماركي أندرس فيستيسن تحذيرا أكثر وضوحا في البرلمان الأوروبي، مما أدى إلى مطالبته بالانضباط والالتزام بالنظام، حيث قال "عزيزي الرئيس ترامب، استمع بعناية شديدة: لقد كانت غرينلاند جزءًا من المملكة الدانماركية لمدة 800 عام فهي جزء لا يتجزأ من بلدنا وليست للبيع، دعني أقولها لك بكلمات يمكنك فهمها: السيد ترامب، اذهب إلى الجحيم!".

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة (@aljazeera)

سيناريوهات محتملة

انطلاقا من رصدنا للتقارير والدراسات التي تناولت الموضوع، نستطيع توقع 4 سيناريوهات يمكن أن تتطور إليها هذه الأزمة الناجمة عن الرغبة الجامحة لترامب في الاستيلاء على غرينلاند:

أولا: اجتياح عسكري أميركي

في تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأميركية في 10 يناير/كانون الثاني الجاري بعنوان "غزو ترامب لغرينلاند سيكون أقصر حرب في العالم"، اعتبرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي الجديد أحدث صدمة في أوروبا عندما رفض استبعاد استخدام القوة العسكرية لضم جزيرة غرينلاند.

إعلان

وتعتبر الصحيفة أن المعطيات لا تترك الشك في تحديد من سيفوز في هذه المعركة، إذا نفذ ترامب تهديده بضم غرينلاند بالقوة، فإن هذه ستكون أقصر حرب في العالم نظرا لفارق القوة العسكرية بين الطرفين، فلا توجد قدرة دفاعية لدى الدانمارك لصد أي هجوم أميركي، وإن كانت بعض سفن خفر السواحل الدانماركية تتردد على جنوب شرق غرينلاند، لكن الصحافة الدانماركية ذكرت أنه حتى البرنامج اللازم لإطلاق النار على الأهداف لم يتم أصلا شراؤه لتثبيته على تلك السفن.

وتضيف الصحيفة أنه بموجب اتفاقية عام 1951 بين الدانمارك والولايات المتحدة تكفلت الأخيرة بالدفاع ضد أي هجوم على جزيرة غرينلاند، نظرا لعدم قدرة الدانمارك على ذلك، وبالتالي، فإذا حاول ترامب الاستيلاء على المنطقة بالقوة، "فالسؤال هو: من سيقاتل الأميركيين، فليس هناك بالفعل إلا الجيش الأميركي؟!!"

وتوضح بوليتيكو أن الولايات المتحدة قلصت بشكل كبير وجودها العسكري على الجزيرة بعد انتهاء الحرب الباردة، ولكن محطة رادار الإنذار المبكر ما تزال قائمة في قاعدة بيتوفيك الفضائية في شمال غرب غرينلاند، وهي من أهم محطات رصد المركبات الفضائية والصواريخ الباليستية، بما في ذلك الرؤوس الحربية النووية المحتملة التي تطلقها موسكو.

ورأت الصحيفة أن الدانمارك قد تطلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي، وقد أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بحدوث الاستيلاء على الأراضي التابعة له، ولكن من غير الواضح ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادرا بالفعل على تقديم المساعدة العسكرية للدانمارك في هذه القضية.

وحسب بوليتيكو فإن الدانمارك تستطيع أيضا الاستعانة بالناتو بناء على المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تكفل الدفاع المتبادل بين أعضائه، وإن كان الأمر معقدا هذه المرة حيث إن مصدر التهديد عضو أيضا في الحلف، وهو ما وصفته المكلفة بالسياسات العامة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أجاثي ديماريس "بالأمر المحير والمجهول التبعات، وعندما تفكر فيه تجد أن لا معنى له على الإطلاق".

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، قال ردا على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بعد تهديده بالسيطرة على جزيرة غرينلاند، إن الاتحاد الأوروبي لن يسمح لدول أخرى بمهاجمة حدوده
للمزيد: https://t.co/76txX1n44X pic.twitter.com/mm98slWe4l

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) January 8, 2025

ثانيا: حرب تجارية وضغوط اقتصادية إعلان

حسب تقرير مشترك لصحفييْ البي بي سي لورا جوزي من كوبنهاغن وروبرت غرينال فإن الحرب التجارية والضغط الاقتصادي يمثلان التهديد الأكبر المحتمل للدانمارك، حيث سيقوم ترامب بزيادة التعريفات الجمركية بشكل كبير على البضائع الدانماركية والأوروبية، مما قد يجبر الدانمارك على التنازل عن غرينلاند.

وقد هدد ترامب بفرض رسوم جمركية عالمية بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية، مما قد يؤدي إلى تعطيل النمو الأوروبي بشكل كبير.

وحسب تقرير البي بي سي فإن من بين الصناعات الدانماركية الرئيسية التي من المرجح أن تتأثر بهذا الإجراء صناعة الأدوية، حيث تحصل الولايات المتحدة من الدانمارك على منتجات مثل أجهزة السمع ومعظم الأنسولين الذي تحتاجه، فضلا عن دواء السكري أوزيمبيك، الذي تنتجه شركة نوفو نورديسك الدانماركية.

ثالثا: أن يصرف ترامب اهتمامه عن الموضوع 

ينقل أستاذ هارفارد غولد سميث في دراسته عن السفير الأميركي السابق في بولندا دانييل فريد أن "تهديدات ترامب ضد غرينلاند قد تكون مجرد استفزاز.. فترامب يستمتع بقول أشياء تجعل الناس يهرعون ويثرثرون ويعبرون عن الغضب".

وحسب تقرير البي بي سي فإن البعض يرى أن الخطوة التي اتخذها ترامب قد تكون مجرد استعراض وتهدف إلى دفع الدانمارك إلى تعزيز أمن غرينلاند في مواجهة التهديدات من روسيا والصين اللتين تسعيان إلى تعزيز نفوذهما في المنطقة.

والشهر الماضي، أعلنت الدانمارك بالفعل عن برنامج عسكري جديد بقيمة 1.5 مليار دولار لمنطقة القطب الشمالي.

وتقول إليزابيث سفين، المراسل السياسي الرئيسي لصحيفة بوليتيكن: "ما كان مهمًا في كلمات ترامب هو أن الدانمارك يجب أن تفي بالتزاماتها في القطب الشمالي أو تترك الولايات المتحدة تفعل ذلك".

رابعا: استقلال غرينلاند وعلاقات أوثق مع أميركا

يؤكد تقرير البي بي سي أن الإجماع منعقد لدى شعب غرينلاند بأن الاستقلال سوف يحدث في نهاية المطاف، وإذا صوت الشعب لصالح الاستقلال فإن الدانمارك سوف تقبله.

إعلان

ونقلت صحيفة "ذا هيل" الأميركية عن الباحث الرئيسي في المعهد الدانماركي للدراسات الدولية أولريك جاد أن رئيس وزراء غرينلاند قد يكون غاضبا من الدانمارك ومتحمسا لإجراء استفتاء لاستقلال الجزيرة لكن عليه أن يبحث عن طريقة لإنقاذ اقتصاد غرينلاند الذي كانت تموله الدانمارك، مضيفا أن إقامة شراكة وتعاون مع الولايات المتحدة قد تكون الحل الأمثل.

ويعتبر الباحث جاد أنه حتى لو تمكنت غرينلاند من التخلص من الدانمارك، فلن تستطيع التخلص من الولايات المتحدة، فمنذ سيطرتهم عليها خلال الحرب العالمية الثانية، لم يغادر الأميركيون الجزيرة قط ويعتبرونها حيوية لأمن الولايات المتحدة الأميركية.

مقالات مشابهة

  • بدء توزيع الكتب على المؤسسات المشاركة في تحدي القراءة العربي
  • "OpenAI" توجه اتهاما لشركات صينية بسبب "ديب سيك"
  • "انشر" يفتح باب الترشح لمسار "النمو" في الشارقة
  • هل تكون جزيرة غرينلاند شرارة حروب ترامب؟
  • الكتابة والحزن
  • المكتب الإقليمي لمجلس العلوم الدولي في مسقط .. الأهمية والطموح
  • جامعة صحار تشارك في "حوار المعرفة العالمي مسقط"
  • هل تكون أفريقيا هي مستقبل العالم؟
  • افتتاحية: معارض الكتب وبناء الوعي
  • عن الكتابة والقراءة والسفر.. خطط الأدباء لعام 2025