على وقع التصاعد اللافت في وتيرة العمليات العسكرية، التي لم يعد جائزًا وصفها بالمحصورة في نطاق جغرافي محدّد، على طول الحدود الجنوبية، جاء تصريح رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو ليقرع جرس الإنذار، خصوصًا لجهة حديثه عن "تحول مطلق" في ما وصفه بـ"تبادل إطلاق النار"، ودعوته جميع الأطراف المعنيّة إلى "وقف الأعمال العدائية لمنع المزيد من التصعيد، وترك المجال لحلّ سياسي ودبلوماسيّ".


 
وإذا كان بيان قائد "اليونيفيل" التزم بلغة "محايدة" لطالما اعتمدتها القوة الدوليّة، فإنّ توقيته جاء بعد يومٍ واحدٍ من كسر العدو الإسرائيلي للمزيد من الخطوط الحمراء، وتسجيل المزيد من "السوابق" على مستوى المناطق التي يستهدفها، مع وصوله للمرة الأولى إلى البقاع، وتحديدًا منطقة بعلبك، بعيد إسقاط "حزب الله" طائرة مسيرة إسرائيلية من نوع "هرمز 450" بصاروخ أرض فوق منطقة إقليم التفاح، جنوبي لبنان.
 
ولأنّ "السخونة" في الميدان تزامنت مع "سخونة مماثلة" على المستوى السياسي، ترجمها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بقوله إنّ الهدنة في غزة، إن حصلت، فلن تنعكس على جبهة الشمال، وإنّ إسرائيل ستكثّف قصف حزب الله حتى لو تمّ التوصل إلى هدنة مع حماس، يصبح السؤال أكثر مشروعيّة من أيّ وقت مضى، فهل من داعٍ للهلع بعد "قلق" اليونيفيل؟ وهل دخل لبنان عمليًا في قلب الحرب، بمعناها الشامل والواسع؟!
 
"الحرب الشاملة"
 
قد يكون السؤال عن سيناريو "الحرب الشاملة" بين لبنان وإسرائيل، استُنفِذ، لكثرة ما طُرِح منذ بدء العمليات العسكرية في الثامن من تشرين الأول الماضي، بعدما اختار "حزب الله" فتح "جبهة الجنوب" تضامنًا مع الشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة، وإسنادًا له في مواجهته الحرب الإسرائيلية الوحشية والهمجية، إذ يُعاد طرح السؤال مع كلّ يوم يمرّ، ومع كلّ انتهاك إسرائيلي جديد، ومع كلّ خرقٍ إسرائيليّ لقواعد الاشتباك المتعارف عليها.
 
لكنّ السؤال بحدّ ذاته ما عاد مجديًا برأي كثيرين، ممّن يعتبرون أنّ لبنان أصبح في قلب الحرب، وما عاد يترقّبها فقط، ولو أنها لم تصل بعد للحجم الذي كانت عليه حرب تموز 2006 مثلاً، نظرًا لاختلاف الظروف والملابسات، إذ يرى أنّ هؤلاء إنّ السؤال عن احتمالات الحرب يكاد يكون "مزحة ثقيلة" في وقت لم يعد القصف الإسرائيلي يوفّر منطقة، وقد وصل أخيرًا إلى البقاع، بعدما ضرب في وقت سابق مناطق بقيت بمنأى عن القصف، حتى في 2006.
 
وإذا كان بيان قائد "اليونيفيل" جاء بمثابة قرع لجرس الإنذار، في ضوء تصاعد العمليات في الأيام القليلة الماضية، فإنّه يطرح علامات استفهام في الوقت نفسه عن حقيقة "فشل" الوساطات السياسية التي كانت جارية خلف الكواليس، للتوصل إلى اتفاق غير مباشر بين إسرائيل و"حزب الله"، ولا سيما أنّه يأتي مخالفًا للزخم المرصود حول الهدنة في غزة، والتي يرجّح كثيرون أن تدخل حيّز التنفيذ في شهر رمضان، على الرغم من عدم نضوجها حتى الساعة.
 
هدنة غزة وجبهة الشمال
 
وبالحديث عن هدنة غزة، ثمّة أكثر من وجهة نظر يتمّ التداول بها، تنطلق الأولى من أنّ "جبهة الشمال" معنيّة بها تلقائيًا، كما حصل في المرّات السابقة، ما يعني أن أيّ وقف لإطلاق النار في غزة، ولو كان مؤقتًا، سيؤدي إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية، باعتبار أنّ "حزب الله" سيلتزم بالهدنة في غزة، طالما أنّ فصائل المقاومة الفلسطينية توافق عليها، وهو لن يلجأ إلى ايّ تصعيد للعمليات القتالية، إلا في حال اختار العدو استغلال الفرصة للتصعيد.
 
وفي وقتٍ يستبعد العارفون أن يكون الجيش الإسرائيلي على الضفّة الأخرى، في وارد استغلال الهدنة في غزة للتصعيد في لبنان، خصوصًا في ظلّ الضغوط التي يتعرّض لها لتفادي الحرب مع "حزب الله"، ثمّة من يرى أنّ هناك في الداخل الإسرائيلي من "يحرّض" على التصعيد في لبنان، حتى لا يُعطى "حزب الله" امتياز أن يكون "صاحب القرار"، بمعنى أنّه كما فتح الجبهة عندما أراد، يستطيع أن يقفلها متى شاء أيضًا، وبدون أيّ تحفّظات.
 
ولعلّ وجهة النظر هذه "تنسجم" مع وجهة نظر أخرى، تقول إنّ الحرب الواسعة في لبنان "مُستبعَدة" طالما أنّ الحرب في غزة "مفتوحة"، ولكنّها ستصبح "أمرًا واقعًا" بمجرّد انتهاء حرب غزة، والتفرّغ لجبهة الشمال، أولاً لأن سكان المستوطنات الشمالية يريدون "حلاً جذريًا" قبل العودة إلى بيوتهم، وثانيًا لأنّ الإسرائيلي يرفض منح "حزب الله" أيّ "انتصار"، ولو كان معنويًا، وفي سياق "حرب نفسية" لم تتوقف منذ العام 2006.
 
بالتزامن مع الحديث عن هدنة مرتقبة في غزة، لم تنضج ملامحها ولم تكتمل ظروفها بعد، تُطرَح الكثير من علامات الاستفهام حول "مصير" الجبهة اللبنانية المفتوحة تضامنًا مع غزة، فالعدو الإسرائيلي يبدو في موقفٍ صعب، فهو لا يريد حربًا يدرك أنها لن تكون نزهة بعد كلّ ما عاناه وواجهه في غزة، وفي الوقت نفسه، لا يريد الإقرار بـ"الهزيمة" أمام "حزب الله"، حتى من دون أن يتحرّر الأخير من الضوابط التي رسمها لنفسه! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

اسرائيل ترسّم حدوداً جديدة في الجنوب واتصالات للامم المتحدة للجم التصعيد

يستمر العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية بوسائل وأساليب متنوّعة.وتشمل هذه الاعتداءات غارات جوية واستهدافات بالقذائف المدفعية، إلى جانب إطلاق الرصاص على المدنيين الذين يقتربون من مواقع العدو أو المناطق العازلة داخل الأراضي اللبنانية، فضلاً عن مواصلة التجريف والحفر وبناء التحصينات العسكرية، سواء من خلال الإنشاءات أو عبر زراعة الألغام وتمديد الأسلاك الشائكة.

وفي سياق المعالجات الديبلوماسية للوضع التصعيدي على الحدود الجنوبية بدأت أمس المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، زيارة إلى إسرائيل للقاء كبار المسؤولين الإسرائيليين. وستركّز المناقشات على تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في 26 تشرين الثاني 2024، وقرار مجلس الأمن 1701.

وأفادت المعلومات أنه "تأكيداً لأهميّة تعزيز الأمن والاستقرار للسكان على جانبي الخط الأزرق، تواصل المنسّقة الخاصّة دعوتها لجميع الأطراف للحيلولة دون خلق أمر واقع جديد على الأرض، مشددةً على ضرورة المضي قدماً في تنفيذ الحلول التي نصّ عليها قرار مجلس الأمن رقم 1701".
ميدانيا، وفي تصعيد جديد ولافت، أقدم العدو في منطقة سهل الخيام وسردا في القطاع الشرقي على حفر خنادق داخل الأراضي اللبنانية، بعضها يبعد كيلومتراً عن السياج الحدودي، فيما لا يتجاوز البعض الآخر مئات الأمتار، ويمتدّ طول هذه الخنادق إلى نحو سبعة كيلومترات، وفق ما اوردت صحيفة"الاخبار".
اضافت"ويبدو واضحاً أن العدو، مستفيداً من المتغيّرات الكبرى التي تلت انتهاء الحرب وإعلان وقف إطلاق النار، ولا سيما سقوط النظام الحاكم في سوريا وتسلّم إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب البيت الأبيض، وجدَ فرصة سانحة لإحداث تغييرات جوهرية في اتفاق وقف إطلاق النار بشكل أحادي، مستفيداً من دعم وتواطؤ الإدارة الأميركية.
وقد ظهر خلال المفاوضات المتعلّقة بوقف إطلاق النار أن الأميركيين كانوا حريصين على منح إسرائيل «حرية العمل» في لبنان، بهدف عرقلة تعافي المقاومة ومنعها من إعادة بناء قدراتها، وهو ما حُكي عنه تحت عنوان «ورقة ضمانات» جانبية أميركية لإسرائيل.
إلا أن الأمور لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ عمد العدو، بعد إعلان الاتفاق، إلى احتلال مواقع جديدة وإقامة مناطق عازلة داخل الأراضي اللبنانية، متّكئاً على الواقع السياسي والعسكري المستجدّ الذي صبّ في مصلحته، ولا سيما بعد انهيار الحكم في دمشق. ولم يقتصر هذا التوجه الإسرائيلي على لبنان فحسب، بل انسحب أيضاً على ساحتي سوريا وقطاع غزة.
أقامت إسرائيل خمسة مواقع عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، إضافة إلى أربع مناطق عازلة، وليس اثنتين كما ادّعت في الخرائط التي زوّدت بها القوات الدولية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. وقد أطلقت تسمية «درع» على مواقعها داخل لبنان، بحيث يكون الموقع درعاً مزعوماً للمستوطنة التي يطلّ عليها، فحملت المواقع تسمية دروع شلومي وشوميرا وأفيفيم والمنارة والمطلّة. وقد بلغت مساحة الأراضي اللبنانية المحتلة نحو 13.25 كيلومتراً مربعاً (13250 دونماً)، وهو ما يمثّل أقل بقليل من 1% من إجمالي مساحة جنوب لبنان.
اللافت أن هذه الاعتداءات المتواصلة والمتصاعدة في المواقع المحتلة والمناطق العازلة المذكورة، لا تُدرَج ضمن الخروقات المسجّلة لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث بات يُتعامل معها على أنها تقع ضمن «التوافق غير المعلن». وليس ذلك فقط، بل يقوم العدو بتثبيت براميل مطليّة باللون الأبيض، في نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وتحديداً في المناطق التي حدّدها العدو عازلة وممنوعة على اللبنانيين. وبذلك، أصبح في جنوب لبنان خطّان، الخطّ الأزرق الذي يمثّل خط انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، والخطّ الأبيض الذي يحدّد المناطق اللبنانية الجديدة التي احتلّها العدو خلال الأشهر الماضية.
وكتبت" اللواء": لم يحصل اي جديد، حسب المصادر الوزارية والرسمية، بالنسبة لوقف الخروقات المعادية في الجنوب، ولا حتى اتصالات جديدة مع طرفي لجنة الاشراف على وقف اطلاق النار الاميركي والفرنسي لوقفها على امل ان تتحرك اللجنة من تلقاء نفسها بحسب طبيعة مهمتها، إلّا ان اللجنة لم تحدد حتى يوم امس اي موعد لإجتماعها.لكن المصادر اشارت الى ان الرئيس جوزاف عون استمر طوال يومي امس الاول وامس على تواصل مع قيادة الجيش والجهات المعنية بالوضع الجنوبي ومع لجنة الاشراف الخماسية ولو بشكل غير مباشر، بهدف وقف العدوان المتمادي، وتحريك العمل لإنهاء احتلال النقاط المحتلة في اقرب وقت. 
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، صباح أمس ، أن "الجيش الإسرائيلي بدأ تمرينًا مفاجئًا لاختبار الجاهزية لعمليات التسلل في القواعد والمواقع في الشمال".
 وسجل ظهر أمس تحليق لمسيّرة اسرائيليّة في اجواء مدينة الهرمل على علو منخفض. وأفيد بعد الظهر عن استهداف الجيش الإسرائيلي أحد المواطنين في بلدة كفركلا برصاصتين، وتم نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن "أن إطلاق العدو الإسرائيلي النار على مواطن في بلدة كفركلا أدى إلى إصابته بجروح وحالته حرجة". وكانت بلدة كفركلا شيعت أمس 24 شهيداً في موكب جماعي. ولاحقاً، أفيد بأن جندياً في الجيش اللبناني قد توفي جراء أزمة قلبية بعد أن اطلق الجيش الإسرائيلي النار على الناس خلال مشاركتهم بمراسم تشييع 24 شهيداً في بلدة كفركلا، وهو من بلدة زوطر.
وأمس، كانت للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في مقابلة مع قناة "المنار" سلسلة مواقف ، ومما قاله: "للبعض في الداخل نقول: لن نوقف المقاومة مهما فعلتم"
ورد على وزير الخارجية فاعتبر أن ما قاله غير مناسب أبداً وهو الذي يعطي الذريعة لـ "إسرائيل" وليس نحن.

وانتقد قاسم مَن يتكلم بمنطق "حروب الآخرين" فاعتبر أن لا منطق له. وكرر مقولة أن القرار 1701يتعلق بجنوب الليطاني وفي رأيه أن حصرية السلاح تتعلق بالداخل لكن "المقاومة شأن آخر".
 

مقالات مشابهة

  • عمليتان لإسرائيل في الجنوب اليوم.. إليكم ما تم استهدافه
  • من اليونيفيل.. 20 ألف ليتر من المياه الصالحة للشرب إلى سكان رميش
  • عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني: هدف الهجوم في لبنان عضو كبير في وحدة الدفاع الجوي لحزب الله
  • فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
  • ايها الجنوبيون اتحدوا واتركوا الحروب خلفكم ولكم محبة لا تغيب ولا تنطفئ
  • في الجنوب.. رصاصٌ إسرائيلي يستهدف مدرسة!
  • في الجنوب..الجيش اللبناني: الجيش الإسرائيلي خطف جندياً بعد إطلاق النار عليه
  • ايها الجنوبيون اتحدوا واتركوا الحروب خلفكم.. ولكم محبة لا تغيب ولا تنطفئ
  • إسرائيل تضغط بالنار على لبنان لمقايضة استقراره بمعاهدة سلام
  • اسرائيل ترسّم حدوداً جديدة في الجنوب واتصالات للامم المتحدة للجم التصعيد