القدس المحتلة- على غرار الخريطة السياسية والحزبية في الكنيست، أتت نتائج انتخابات الحكم المحلي في إسرائيل لتظهر التصاعد المتدرج في قوة اليمين المتطرف وتعزز نفوذ التيارات الحريدية والأحزاب الدينية في المزيد من البلديات الإسرائيلية.

بعد مرور 5 أشهر على الحرب في غزة والتصعيد الأمني مع حزب الله على الحدود مع لبنان، و4 أشهر على تأجيلها للمرة الأولى، كان يُفترض أن تمثل انتخابات الحكم المحلي نوعا من العودة إلى حياة الإسرائيليين الطبيعية.

لكن الانخفاض في نسبة التصويت عكس حالة الإحباط والارتباك بالمجتمع الإسرائيلي، حيث عطلت الحرب الحملات الانتخابية وأجبرت عددا كبيرا من المترشحين على الخدمة الاحتياطية لمدة 8 أشهر في قطاع غزة، وتركت الجميع في حالة من عدم اليقين.

زبارقة: حضور قوي لليمين المتطرف والحريديم على الخريطة السياسية الإسرائيلية المحلية (الجزيرة) عزوف

في قراءة أولية لنتائج الانتخابات المحلية الإسرائيلية واستعراض أنماط التصويت التي تأثرت بصدمة "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يظهر عزوف المجتمع الإسرائيلي حيث توقفت نسبة المشاركة عند 49% مقارنة بـ 60% بعام 2018.

بيد أن أنماط التصويت تُظهر جنوح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف خاصة الحريدي، وكذلك إعطاء ذاتية للبرامج والأجندة التي تحمل العداء للعرب والفلسطينيين في المدن الساحلية المختلطة والقدس المحتلة.

وتحمل نتائج هذه الانتخابات في طياتها رسائل ومؤشر المزاج السياسي العام لدى الإسرائيليين الذي يتقاطع مع تعزيز نفوذ وقوة هذه المجموعات المتطرفة الممثلة بالأحزاب الحريدية "شاس" و"ديغل هتوراة" و"يهوات هتوراة"، و"عظمة يهودية" وتحالف "الصهيونية الدينية".

وتعكس تركيبة مجلس بلدية الاحتلال بالقدس، التي تسيطر عليها مختلف قوى اليمين المتطرف والتيارات الحريدية التي تحظى بأغلبية، التحول الذي تشهده حتى كبرى البلدات الإسرائيلية، ببروز دور التيارات الدينية والمجموعات المتطرفة بالحكم المحلي، وتعاظم قوتها داخل المجتمع اليهودي.

وتسعى هذه المجموعات المتطرفة إلى توسيع قاعدتها الجماهيرية والشعبية بين اليهود، بغية زيادة تمثيلها بالكنيست لمزيد السيطرة على مقاليد الحكم المركزي بالحكومة وتنفيذ مخططاتها التي تتلخص في إضفاء الطابع اليهودي التوراتي، والاستيطان بكل فلسطين التاريخية وترحيل وتهجير الفلسطينيين.

يقول رئيس اللجنة الشعبية في اللد المحامي خالد زبارقة، المختص بقضايا القدس والأقصى، إن المتحول الأبرز في نتائج الانتخابات المحلية الإسرائيلية، هو التراجع الملحوظ في نسبة المشاركة والحضور القوي لليمين المتطرف والحريديم على الخريطة السياسية المحلية.

وبخصوص الانتخابات في القدس المحتلة التي قاطعها السكان الفلسطينيون، لفت زبارقة، للجزيرة نت، إلى أن نسبة التصويت بلغت 31.5% بين اليهود، ما يعكس العزوف العام بالمجتمع الإسرائيلي عن المشاركة في هذه الانتخابات.

الحموري: هيمنة اليمين المتطرف على بلدية الاحتلال ستصعّد المعركة الوجودية ضد الفلسطينيين بالقدس (الجزيرة) وعي فلسطيني

وأشار المحامي زبارقة إلى أن مقاطعة المقدسيين لانتخابات بلدية الاحتلال يدل على الوعي السياسي للسكان الفلسطينيين، وفشل سلطات الاحتلال على مدار 5 عقود ونيف في اختراق الإجماع المقاطع والرافض للمشاركة بالانتخابات.

وأضاف أن هذا العزوف برز لدى ما يسمى تيار اليسار الصهيوني ومعسكر المركز، مقابل نسبة مشاركة عالية بصفوف معسكر اليمين المتطرف والتيارات الدينية الحريدية التي تنتهج ثقافة القطيع وتنصاع لتعليمات الحاخامات الداعية إلى الخروج للتصويت.

وعزا زبارقة ارتفاع نسب التصويت بصفوف اليمين المتطرف والحريديم إلى المنظومة التي تنشط بأوساطهم، وتعتمد على قيادات محلية وحاخامات يفرضون منظومة للعمل وتنفيذ الإجراءات وتطبيق البرامج والأجندة التي تخدم مشاريعهم وخططهم المستقبلية بالسيطرة التامة على مفاصل الحكم، وتهجير الفلسطينيين سواء بالقدس أو في أراضي 48.

وأوضح أن هذه التحولات والتطورات تدل على أن النظام الديمقراطي بإسرائيل غير قائم، حيث أفضت المتغيرات إلى خلق واقع تستغله التيارات الدينية وأقطاب اليمين المتطرف، وتوظفه للسيطرة والاستحواذ والهيمنة والتأثير على مقاليد الحكم المركزي.

بدوره، أوضح مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية المحامي زياد الحموري، أنه منذ احتلال القدس عام 1967 هناك إجماع على مقاطعة الانتخابات، وشعور عام لدى المقدسيين أنها بلدية احتلال ولا يمكنها معالجة قضايا السكان الفلسطينيين وتقديم أبسط الخدمات لهم ومنحهم حتى أدنى الحقوق، وأنها أداة لتوسع الاستيطان ومعول للهدم والتهجير.

وأكد الحموري، للجزيرة نت، أنه لا يمكن للمقدسيين المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال التي تمعن في الهدم ومصادرة الأرض، وتحرير المخالفات، وفرض الضرائب المرتفعة والحرمان من الخدمات الأساسية، قائلا "هناك قناعة تامة أنه، حتى لو تمثل الفلسطينيون بالقدس بكتلة وازنة بالبلدية، لا يمكنهم التأثير حتى على أبسط الأمور".

تتجه الأنظار إلى بلدية الاحتلال الإسرائيلي في #القدس اليوم الثلاثاء مع افتتاح صناديق الاقتراع لانتخابات البلديات والمجالس المحلية في "إسرائيل"، وسط إجماع علمائي وشعبي لمقاطعة الانتخابات وتحريم المشاركة فيها
للمزيد: https://t.co/oqtywBLPO3 pic.twitter.com/yrL4HyBhBM

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) February 27, 2024

تصعيد المعركة

وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى أن نتائج انتخابات بلدية الاحتلال بالقدس تعكس التغيرات المحورية التي تحصل بالمجتمع الإسرائيلي الذي يتجه نحو اليمين المتطرف، ويُجمع على دعم ومواصلة الحرب على غزة، ويكن العداء المعلن ويظهر مشاعر الانتقام لكل ما هو عربي وفلسطيني.

ويرى المتحدث ذاته أنه لا يمكن لأي مقدسي أن يشارك في انتخابات بلدية الاحتلال أو يكون شريكا بالمجلس البلدي الذي يهيمن عليه طرح نائب رئيس البلدية أرييه كينغ عراب الاستيطان وواضع المخططات لتهجير المقدسيين وإحلال المستوطنين مكانهم، حيث يحارب الوجود العربي بالمدينة المحتلة عبر الإجراءات العنصرية والتمييز، ويعتمد سياسات احتلالية لتقليل أعداد سكانها الفلسطينيين.

وحذر الحموري من تداعيات سطوة اليمين المتطرف على مجلس بلدية الاحتلال على الوجود الفلسطيني بالقدس، لافتا إلى أن كافة بلديات الاحتلال -حتى تلك التي كانت محسوبة على اليسار الصهيوني وعلى مدار 55 عاما- عمدت إلى توظيف كافة أنواع الانتهاكات التي تتعلق بالحياة اليومية والوجودية للمقدسيين.

لكن، يقول الحموري إن "سطوة وتغلغل اليمين المتطرف واليمين الحريدي في مجلس بلدية الاحتلال سيدفع نحو تصعيد المعركة الوجودية ضد الفلسطينيين بالقدس، خصوصا أن 80% منهم يغرقون بالديون لضريبة الأرنونا (ضريبة على المسقوفات كالمنازل والمنشآت التجارية والمخازن وغيرها)، دون أن يحصلوا على أدنى الخدمات البلدية".

ورجح أن خطة سلطات الاحتلال تتمحور حول مصادرة المنازل والعقارات والمؤسسات الفلسطينية بزعم عدم جدولة الديون لبلدية الاحتلال، وهي ادعاءات للاستيلاء على عقارات المقدسيين وتهجيرهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: انتخابات بلدیة الاحتلال الیمین المتطرف إلى أن

إقرأ أيضاً:

خطة إسرائيل لتهجير الفلسطينيين

 تقسيم القطاع وإقامة قواعد عسكرية فى غزة.. و200 مليون دولار لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع كاهانا

 

تشهد الفترة المقبلة زخما لاقتصاد الحروب بعودة رجل الأعمال الأمريكى دونالد ترامب سيدا للبيت الأبيض ورئيسا مرة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها خاصة اللوبى الصهيونى.

 وكشفت مصادر عبرية عن اعتزام حكومة الاحتلال الإسرائيلى احتلال قطاع غزة بإنشاء قواعد حديثة وخطة للتهجير القسرى للفلسطينيين أصحاب الأرض للسيطرة العسكرية على كامل القطاع.

وأشار تقرير صحيفة هآرتس العبرية إلى أنّ هناك نوايا إسرائيلية تتجاوز أهداف العدوان على القطاع، وأوضح أن هناك مخططا واسع النطاق؛ بتعزيز السيطرة العسكرية على القطاع لأكثر من عامين.

وأضاف التقرير أنّ التغيير الديموجرافى بناء على صور الأقمار الصناعية ومصادر أمنية استند على إنشاء بنية تحتية دائمة، تشمل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحى وطرقا واسعة وبؤرا استيطانية مستحدثة وقواعد عسكرية حديثة؛ لتثبيت وجود عسكرى دائم.

 وأكدت الصحيفة العبرية أن المحاور التى بدأت كممرات لوجستية أصبحت تتحول تدريجيا إلى منشآت حدودية ثابتة داخل غزة، مما يدل على تحول فى استراتيجية الاحتلال الإسرائيلى.

 وبحسب شهادات كبار الضباط لهآرتس فإن المنشآت العسكرية تشمل حاويات محصنة مزودة بكل وسائل الراحة تشمل كنيسا يهوديا، ما يخلق انطباعا بتواجد عسكرى طويل الأمد، وأن هذه المواقع العسكرية ليست مؤقتة، وأن الاحتلال لن يغادر قطاع غزة قبل عام 2026 على الأقل.

وتواصل إسرائيل التهجير الجماعى القسرى للفلسطينيين فى غزة فى حملة متعمدة ومنهجية ترقى إلى مستوى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بحسب تقرير جديد صدر عن منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية.

وتناول التقرير المكون من 154 صفحة، والذى نشرته المجموعة الحقوقية ومقرها الولايات المتحدة، تفاصيل أكثر من 13 شهرًا من الدمار واسع النطاق فى غزة، والذى شهد، وفقًا للأمم المتحدة، نزوح حوالى 1.9 مليون فلسطينى، أى أكثر من 90% من سكان غزة.

يأتى ذلك فيما كشفت وثيقة عن خطة لإسناد مهام أمنية فى قطاع غزة لشركة أمنية دولية يقودها رجل الأعمال الإسرائيلى-الأمريكى «موتى كاهانا»، سبق أن عملت فى عدة بلدان تشهد حروبا بينها أفغانستان وسوريا وأوكرانيا، لإدارة مناطق معينة فى شمال غزة وذلك بحجة تأمين توزيع المساعدات ومنع سيطرة حركة حماس عليها.

 أوضحت الوثيقة أن شركة «التوصيل العالمية GDC» قدمت خطة لحكومة الاحتلال لتقسيم شمال القطاع إلى مجتمعات مغلقة خالية من حماس، بإدارة محلية فلسطينية.

وستكون مدينة بيت حانون مركزا رئيسيا لهذه العمليات. وتعتزم الشركة إقامة مناطق تشغيل فى بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا خلال المرحلة الأولى، مع مراكز تجميع للمساعدات، منها مركز قريب من معبر إيريز، وأخرى بمناطق قريبة من أبراج الندى.

 وأضافت الوثيقة أن الشركة ستُنشئ مناطق مسيّجة بجدران إسمنتية مزودة بمرافق للتحكم، وشاحنات ومساكن حاويات للقوات الأمنية، إضافةً إلى مولدات كهرباء وخيام لتخزين المساعدات.

وتستغرق عملية تحضير فرق ومعدات الأمن شهرا لتصبح جاهزة للبدء فى تنفيذ الخطة، حيث ستحصل الشركة على تراخيص ومعدات متطورة وتسهيلات من الحكومة الإسرائيلية، بما فى ذلك المركبات المدرعة والدروع الواقية ومعدات التواصل.

وشددت الوثيقة على أن العاملين فى الشركة سيقيمون داخل المستعمرات الصهيونية بالداخل الفلسطينى المحتل خارج ساعات العمل، وسيسمح بمرورهم يوميا عبر معبر بيت حانون «إيريز» الحدودى، وسيحتفظون بتنسيق دائم مع الاحتلال لضمان سير العمليات بسلاسة.

وسيتعاون مكتب تنسيق أعمال حكومة تل أبيب مع نقاط اتصال محلية داخل غزة للمساعدة فى استلام وتوزيع المساعدات الإنسانية، كما سيتاح للشركة توظيف مترجمين فلسطينيين للتواصل المحلى.

وأوضح «كاهانا» فى تقرير لصحيفة «تلجراف»، أن الشركة تخطط لتقسيم القطاع إلى «فقاعات» أو «مجتمعات مغلقة»، تهدف لتكون مناطق آمنة. وزعم أن هذه المناطق ستكون مشابهة لمجتمعات «آمنة ومأمونة» حيث يمكن للفلسطينيين الدخول والخروج فى أى وقت، مع وجود قيادة محلية فلسطينية تديرها.

وسيكلف هذا المشروع كاهانا 200 مليون دولار للأشهر الستة الأولى، وقد وصف على موقع منظمته وعلى شبكات التواصل الاجتماعى المظهر الذى يمكن أن تتخذه هذه الخدمة الخاصة لسكان غزة، قائلا إن «جهازا أمنيا مدربا جيدا» يمثل اليوم الطريقة الواقعية الوحيدة لإيصال المساعدات إلى القطاع.

وأشار «كهانا» إلى إمكانية التعاقد، فى الجوانب العسكرية، مع شركة مرتزقة بريطانية لم يحدد اسمها، موضحا أن من شأن نظام التعرف على الوجه المعمم أن يسمح للأعضاء المصرح لهم وحدهم بالوصول إلى هذه «الفقاعات» المغلقة مع ضمان عدم تواجد عناصر حماس، موضحا فى تغريدة أن «الإرهابيين سيتلقون رصاصة».

 

 

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تتهم إسرائيل بالعمل على هدم "حي البستان" بالقدس
  • خبير: الاحتلال يخطط لإنهاء ما تبقى من معالم الدولة الفلسطينية المستقبلية (فيديو)
  • البرلمان العربى يطالب بدعم دولى لحماية حقوق الفلسطينيين
  • خطة إسرائيل لتهجير الفلسطينيين
  • لوبان مهددة بمنعها من الانتخابات.. واليمين المتطرف يناشد الرأي العام
  • رحماء بينهم حملة بالقدس لتعزيز السلم الأهلي
  • الاحتلال يضيف 600 قبر جديد في المقبرة العسكرية بجبل هرتسل بالقدس
  • «القاهرة الإخبارية»: صافرات الإنذار تدوي في عدد من المناطق بإسرائيل
  • برنت لـ السايح: واشنطن تدعم جهود مفوضية الانتخابات لإجراء انتخابات بلدية ناجحة
  • صحيفة إسرائيلية: جيش الاحتلال يخطط للبقاء في غزة