كشفت دراسة جديدة عن وجود طفرة جينية تقاوم مرض الملاريا، لدى 3 أشخاص عاشوا قبل آلاف السنين في الجزيرة الخليجية التي تعرف اليوم بمملكة البحرين.

وفي الدراسة التي نشرت، الثلاثاء، بمجلة "سل جينومكس" (Cell Genomics)، أجريت تحليلات جينية من عينات لأربعة أشخاص عاشوا في البحرين خلال فترات قبل ما بين 1400 إلى 2300 سنة.

 

وأظهرت النتائج أن 3 من الأشخاص الأربعة لديهم طفرة تقاوم مرض الملاريا، تعرف باسم "جي 6 بي دي" (G6PD).

وقال المؤلف الأول الشريك بهذه الدراسة، روي مارتينيانو، وهو باحث في جامعة "ليفربول جون موريس": "تسلط دراستنا الضوء على العلاقة بين انتشار الملاريا والزراعة، وتنبه إلى أهمية إدارة المياه والبيئة لمنع انتقال الملاريا". 

وأضاف في تصريح لموقع "جينوم ويب"، أن طفرة مقاومة الملاريا التي تم تحديدها، يمكن أن تؤثر أيضا على الآثار الجانبية للعلاج المضاد للملاريا، وبالتالي تؤثر على اختيار العلاج.

وفي دراستهم، ركز مارتينيانو وزملاؤه على منطقة موبوءة بالملاريا في جزيرة البحرين ضمن محاولتهم لاستكشاف التعرض للأمراض والتكيف البشري السابق مع هذا المرض بالنسبة للعرب.

وجاء كشف تسلسل الجينوم الكامل على عينات حمض نووي قديمة مأخوذة من عظام لأشخاص كانوا يستوطنون البحرين الحالية. وكانت 3 عينات من أشخاص يعود تاريخهم لمنطقة مدينة حمد غربي البحرين، فيما كانت عينة الشخص الرابع من قرية أبو صيبع شمالي البلاد.

وحاول الباحثون استخراج العينات من 25 رفات، لكنهم لم ينجحوا إلا في 3 منها فقط كما يوضح الفريق، مشيرا إلى أن الرفات لم يتم اكتشافها حديثا، لكنها كانت محفوظة بالمجموعات الأثرية في متحف البحرين الوطني التي تستعرض حضارة دلمون (5000 سنة قبل الميلاد إلى 2200 سنة قبل الميلاد).

ومن خلال تحليل بيانات تسلسل الجينوم إلى جانب عينات إضافية قديمة ومعاصرة من الشرق الأوسط وأوروبا وجنوب آسيا، واصل الفريق استكشاف جذور هذه الطفرة التي تسمى "متغير البحر الأبيض المتوسط" من روابطها الواضحة مع ظهور الزراعة، إلى السكان الأسلاف الذين ربما نقلوها إلى المنطقة.

وأشار مارتينيانو إلى أنه "وفقا لتقديراتنا، فإن طفرة جي 6 بي دي المتوسطية ارتفعت بشكل متكرر في شرق الجزيرة العربية عندما ظهرت الزراعة هناك، منذ (حوالي 5000) سنة مضت".

في المقابل، يشير ظهوره في البحرين القديمة إلى أن المتغير تم العثور عليه بمعدلات عالية جدا في هذه المنطقة خلال حقبة ما يعرف بـ "تايلوس" (325 قبل الميلاد إلى 600 بعد الميلاد)، ومن المحتمل أنه وصل مع المهاجرين من أجزاء من جنوب آسيا مثل باكستان، حيث تم العثور على المتغير في مجموعة فرعية كبيرة من الأفراد اليوم.

ومن خلال النظر في النتائج الجينية في هذا السياق الثقافي والبيئي، تمكن الفريق من إلقاء نظرة على مجموعة التأثيرات المرتبطة بظهور الملاريا في المنطقة، إلى جانب السمات السكانية البشرية التي نشأت للاستجابة لمثل هذه الضغوط المرضية.

علاوة على ذلك، فإن العمل الحالي "يمهد الطريق لأبحاث مستقبلية من شأنها تسليط الضوء على تحركات السكان البشرية في شبه الجزيرة العربية وغيرها من المناطق ذات المناخ القاسي، حيث يصعب العثور على مصادر محفوظة جيدا للحمض النووي"، حسبما قال مدير مركز البحوث والدراسات في هيئة البحرين للثقافة والآثار، سلمان المحاري، في مذكرة نقلها موقع "جينوم ويب" الأميركي المتخصص في نقل أبحاث علم الجينوم.

ما هي طفرة "دي 6 بي دي"؟

تعد هذه الطفرة نسخة متحولة من الترميز الجيني لإنزيم هيدروغيناز الغلوكوز 6 فوسفات، الموجود على الكروموسوم "إكس".

ويقوم الإنزيم الطبيعي بصيانة مجرى الدم لدينا وإزالة العناصر السيئة والحفاظ على صحة خلايا الدم الحمراء. ويعتبر نقص هذا الإنزيم لأي سبب كان، بما في ذلك طفرة البحر الأبيض المتوسط، أمرا سيئا، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

وتشير "المعدلات المرتفعة لنقص جي 6 بي دي في المناطق الاستوائية، خاصة في أفريقيا، والمناطق التي كانت الملاريا مستوطنة فيها، إلى أن نقص جي 6 بي دي يمنح الحماية إما ضد الملاريا أو آثارها الضارة"، وفقًا لورقة بحثية نُشرت عام 2021.

ويعد "جي 6 بي دي" اليوم اضطراب وراثي يحدث للإنسان عندما لا يكون لدى الجسم ما يكفي من إنزيم هيدروغيناز الغوكوز 6 فوسفات، وفقا لـ "كليفلاند كلينك".

ويشير موقع "كليفلاند كلينك"، إلى أن هذا الاضطراب، يمكن أن يتسبب في فقر الدم الانحلالي الذي يهدد الحياة ويتطلب نقلا للدم.

وفي معظم الأشخاص الذين يعانون من نقص "جي 6 بي دي"، فإنه لا تظهر عليهم الأعراض. ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن يسبب الاضطراب حالات طبية خطيرة، مثل فقر الدم الانحلالي لدى البالغين، واليرقان الشديد عند الأطفال حديثي الولادة. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

عيد تحرير سيناء 2025.. طفرة زراعية وتنموبة شاملة تشهدها أرض الفيروز

يواصل مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة تنفيذ سلسلة من البرامج والمشروعات التنموية المتكاملة التي تستهدف تطوير الزراعة وتحسين حياة المواطنين في شمال وجنوب سيناء، وخاصة في المناطق النائية والأكثر احتياجًا، وذلك تزامناً مع الاحتفال بالعيد القومي لمحافظة سيناء، وفي إطار استراتيجية الدولة لتعمير وتنمية شبه الجزيرة.

ويأتي ذلك في إطار جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة في شبه جزيرة سيناء، وتنفيذا لتكليفات القيادة السياسية، وتحت رعاية علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.

مشروعات زراعية وخدمية على 11 ألف فدان

صرح الدكتور حسام شوقي رئيس مركز بحوث الصحراء، أن المركز يعمل ضمن خطة شاملة لتعمير وتنمية سيناء، من خلال إنشاء 18 تجمعًا زراعيًا وتنمويًا على مساحة تتجاوز 11 ألف فدان تستهدف استقرار نحو 2122 أسرة، موزعة بين شمال وجنوب سيناء.

وتشمل الخطة إنشاء ثلاثة مراكز خدمات زراعية في مناطق الحسنة، نخل، وطور سيناء، وتوزيع أكثر من 500 ألف شتلة زيتون و3 آلاف شكارة سماد عضوي على صغار المزارعين.

كما تم دعم هذه المشروعات بـآبار جوفية ومعدات زراعية حديثة لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية وتعزيز الإنتاج، إلى جانب تطوير بنية تحتية زراعية مستدامة تعتمد على الطاقة الشمسية ومحطات تحلية المياه.

جهود متكاملة لمواجهة التحديات البيئية والمناخية

وفي سياق مواجهة التحديات المائية، أشار «شوقي» إلى تنفيذ محطة تحلية مياه في وادي فيران بطاقة 10 م³/يوم، إضافة إلى خمس محطات أخرى بطاقة 25 م³/يوم، كما تم إنشاء محطة طاقة شمسية وخط نقل مياه بطول 2 كم لخدمة النشاط الزراعي في المناطق الصحراوية، بما يعزز من استدامة الموارد الطبيعية.

قوافل إرشادية ومدارس حقلية لتعزيز الإنتاج

على صعيد الدعم الفني والإرشاد الزراعي، نفذ المركز أكثر من 80 مدرسة حقلية في محاصيل مثل القمح، الشعير، النخيل، الزيتون، والفول، شملت تدريبات عملية على تقنيات الري الحديث، الخدمة الشتوية، وتقليم الأشجار. كما تم تنفيذ 35 حقلًا إرشاديًا في الشيخ زويد، وتوزيع شتلات أكاسيا وتقاوي محاصيل علفية.

وقد شهدت مدينة الطور تخريج أول دفعة من المزارعين ضمن هذه المدارس، التي تم دعمها بمعدات زراعية من منظمة الفاو، بهدف تعزيز قدرات المزارعين وتحسين الإنتاجية الزراعية.

مبادرات ميدانية مباشرة مع المزارعين

من أبرز المبادرات التي أطلقها المركز، تأتي مبادرة «اسأل واستشير قبل ما تدفع كتير»، والتي تنفذ جولات ميدانية في شمال ووسط وجنوب سيناء لتقديم استشارات فنية مجانية، والإجابة على استفسارات المزارعين في كافة التخصصات الزراعية والإنتاج الحيواني، مع تقديم توصيات تطبيقية لتحسين جودة الإنتاج وتقليل الفاقد.

كما أُطلقت مبادرة «اسأل خبير» للتواصل اليومي مع المزارعين، من خلال زيارات مباشرة داخل الحقول وورش عمل تفاعلية، تقدم حلولًا ميدانية للتحديات الزراعية.

قوافل بيطرية شاملة وخدمات صحية حيوانية

ضمن مساعي المركز لحماية الثروة الحيوانية، تم تسيير قوافل بيطرية مجانية إلى مناطق مثل رأس سدر، الطور، والشيخ زويد، حيث تم علاج آلاف الحالات البيطرية، وتشخيص أمراض تناسلية وباطنية، وتوفير اللقاحات والمستلزمات البيطرية بشكل مجاني.

تمكين المرأة السيناوية وتحقيق التنمية المجتمعية

ركز المركز على دعم المرأة في سيناء عبر دورات تدريبية متخصصة للمرأة المعيلة والفتيات، شملت تصنيع الغذاء، تربية الدواجن، إنتاج الكمبوست، وتسويق المنتجات الزراعية. كما تم توزيع بطاريات تربية الدواجن وأعلاف مجانية على 30 أسرة، ضمن برنامج تمكين المرأة وتحسين الدخل الأسري.

تنمية وتعاون مؤسسي واسع النطاق

شهدت الفترة الأخيرة توقيع عدد من بروتوكولات التعاون مع جهات محلية ودولية، أبرزها: «جمعية تنمية المجتمع بالجورة، وشركة تنمية الريف المصري، وبنك QNB، والبنك الزراعي المصري، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية».

كما تم تمويل 40 مشروعًا زراعيًا ضمن المرحلة الأولى للمبادرة في جنوب سيناء، وتوزيع 10 آلاف شتلة لوز في الشيخ زويد ورفح، و5 آلاف شتلة زيتون في مدينة نخل، ضمن المبادرة الرئاسية «زراعة 100 مليون شجرة».

دعم البحث العلمي والتغيرات المناخية

حرص المركز أيضًا على تعزيز البنية البحثية من خلال تطوير محطات البحوث في رأس سدر، القنطرة شرق، والمغارة، وإعادة إحياء بنك الجينات النباتية في الشيخ زويد، للحفاظ على الأصول الوراثية للنباتات الصحراوية. كما تم تنظيم دورات تدريبية متخصصة في مجالات مثل الزراعة العضوية، الإدارة المتكاملة للأسمدة الذكية، والتكيف مع التغيرات المناخية.

رؤية متكاملة للتنمية المستدامة

وأكد الدكتور حسام شوقي أن كل هذه الجهود تأتي ترجمة لرؤية القيادة السياسية التي تضع تنمية سيناء في قلب الأولويات الوطنية، مشيرًا إلى أن ما يتحقق اليوم من إنجازات على الأرض هو انعكاس واضح لسياسات التنمية المتكاملة التي تستهدف الارتقاء بحياة المواطن السيناوي وتحقيق الأمن الغذائي والاستقرار المجتمعي.

اقرأ أيضاًوزير الزراعة يترأس الجلسة الختامية للجمعية العامة لمرصد الصحراء والساحل بتونس

وزير الزراعة يفتتح الدورة السابعة للجمعية العامة لمرصد الصحراء والساحل بتونس

مقالات مشابهة

  • بدء المراسم.. ولأول مرة منذ مئات السنين خروج عن تقاليد الفاتيكان
  • عادات صباحيه للقضاء على مقاومة الأنسولين ‎
  • سرقة صخرة أثرية نادرة تحتوي على آثار لزواحف طائرة عمرها ملايين السنين في دولة عربية!
  • الجامعة العربية المفتوحة تحتفي بتخريج الفوج السابع عشر من طلبة البكالوريوس في البحرين
  • في اليوم العالمي للملاريا.. ما أعراض المرض وطرق الوقاية منه؟
  • مقاومة كشمير فصيل مسلح ولد بعد إلغاء الحكم الذاتي
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزير الداخلية بمملكة البحرين يرأسان الاجتماع الرابع للجنة التنسيق الأمني المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي البحريني
  • صحة الدقهلية تحتفل باليوم العالمى للملاريا وتستعرض سياسة الإحالة وبروتوكول العلاج المحدث
  • طلاب هندسة عين شمس يتألقون عالميا خلال مسابقة تصميم مباني مقاومة للزلازل
  • عيد تحرير سيناء 2025.. طفرة زراعية وتنموبة شاملة تشهدها أرض الفيروز