منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 شهد الشرق الأوسط ومُحيطه تطورات عدة. وبينما تُعمّق إسرائيل الإبادة الجماعية في غزة، تشنّ هجمات متعددة على إيران ووكلائها في المنطقة، محاولة جرّهم إلى الصراع وتوسيع نطاق الحرب.

وفي تقريره الذي نشرته صحيفة "ديريليش" التركية، قال الكاتب حيدر عروج إنه في خضم كل هذه الضبابية، جاءت أقوى معارضة لإسرائيل من الحوثيين في اليمن، الذين طالبوا بوقف هجمات إسرائيل على غزة مهدّدين بعدم السماح للسفن المرتبطة بإسرائيل بالمرور عبر البحر الأحمر إذا لم يتم ذلك.

ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نفّذ الحوثيون تهديدهم وشنّوا هجمات على السفن التي حدّدوا أنها متجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر، مما أدّى إلى تحويل أنظار العالم إلى هذه المنطقة.

وفي مثل هذه الأجواء، أُعلن عن توقيع وزيري الدفاع التركي والصومالي "اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي" في أنقرة في 8 فبراير/شباط 2024. وفي 21 من الشهر نفسه، أُعلن عن موافقة مجلس الوزراء الصومالي، ثم البرلمان، على هذه الاتفاقية.

والآن، يتساءل بعض المحللين عن توقيت عرض تركيا هذه الاتفاقية على برلمانها، ووضعها موضع التنفيذ.

وذكر تقرير الصحيفة أن علاقات تركيا مع الصومال ليست حديثة العهد. وفي أصعب الأوقات، دعمت تركيا الصومال وقدمت إسهامات مهمة. لكن توقيع مثل هذه الاتفاقية، خاصة في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تطورات ساخنة للغاية، أثار أسئلة؛ مثل: "لماذا الآن؟"

وبيّن الكاتب أن علاقات تركيا السلمية مع جميع الفاعلين في القرن الأفريقي، الذي يضم: الصومال وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، ساعدت في القضاء على التهديدات التي واجهتها هذه الدول في الماضي، وكذلك حل العديد من المشكلات الناشئة فيما بينها.

وعند الحديث عن اتفاقية تركيا والصومال اليوم يجب عدم ربطها بعامل واحد فقط، لكن يمكن القول إن أهم دافع هو الاتفاقية التي وقّعت بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال في 1 فبراير/شباط 2024.

ولا تزال أرض الصومال جزءا من الصومال، ولم تعترف بها رسميا أي دولة حتى الآن، بالرغم من إعلانها الاستقلال من جانب واحد.

وعدّ الصومال اتفاقية إثيوبيا مع أرض الصومال للوصول إلى البحر بدلا من جيبوتي، حيث ترسو البحرية الإثيوبية مؤقتا، عدائية ما أدى إلى رغبة الصومال في الإرسال برسالة إلى خصمه من خلال توقيع اتفاقية دفاعية مع جهة فاعلة مثل تركيا؛ لمنع مثل هذه العملية التي قد تؤدي إلى الاعتراف بأرض الصومال.

ويُعتقد أن هذه الخطوة ستجعل إثيوبيا تعيد النظر في قرارها، بل قد تدفعها إلى إبرام اتفاق مباشر مع الصومال للوصول إلى البحر الذي تحتاجه، ربما بوساطة تركية. ويمكن القول -أيضا- إن تركيا طرف في هذه الاتفاقية للحفاظ على مصالحها في المنطقة وحماية نفسها من أي أحداث مفاجئة؛ بسبب التطورات في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

وأشار التقرير إلى أن الصومال حاول التخلص من مشاكله والعودة إلى المسار الصحيح بتوقيع اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة ومصر والإمارات وقطر والسعودية قبل تركيا، لكن لم يصل أي منها إلى مستوى الموافقة البرلمانية. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن الاتفاقيات السابقة مفصّلة مثل تلك التي أُبرمت مع تركيا. لذلك تختلف اتفاقية تركيا والصومال عن الاتفاقيات الأخرى.

وأوضح الكاتب أنه بالرغم من عدم مشاركة محتوى الاتفاقية رسميا، فإن المعلومات التي سُرّبت إلى وسائل الإعلام تفيد بأن الاتفاقية تمتد مبدئيا لـ10 سنوات.

بنود الاتفاقية
وتشمل الاتفاقية ما يلي:

– استثمار الموارد البحرية في الاقتصاد.

– تخطيط وتنفيذ العمليات الجوية والبحرية المشتركة إذا لزم الأمر للدفاع عن استخدام هذه الموارد.

– إنشاء وبناء السفن والمواني والمنشآت وتشغيلها، ووضع اللوائح القانونية اللازمة لذلك.

– تنسيق قوانين الملاحة البحرية بين البلدين.

– اتخاذ تدابير أحادية الجانب ومشتركة ضد جميع أنواع التهديدات في مناطق الاختصاص البحري؛ مثل: الإرهاب والقرصنة والنهب والصيد غير القانوني والتهريب.

– إنشاء منشآت مشتركة وأحادية الجانب وإنشاء مناطق أمنية.

– تقديم الدعم التعليمي والديني والتجهيزي للجيش الصومالي.

– إنشاء وإدارة مرافق خفر السواحل.

– تطوير وتحديث القوات البحرية ومنع التلوث البحري.

سباق محموم على النفوذ بمنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر (الجزيرة)

اتفاقية إطارية
وكما هو واضح من اسمها ومحتواها، فهذه الاتفاقية هي "اتفاقية إطارية"، ويجب استكمال تفاصيلها. ولتحقيق ذلك، يجب أن يصدّق عليها البرلمان التركي لتدخل حيز التنفيذ، ثم تحديد ما سيتم القيام به وكيف سيتم من خلال اتفاقيات مختلفة.

وأفاد التقرير أنه بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا في 2019، وقّعت تركيا مذكرة تفاهم في أكتوبر/تشرين الأول 2022 للبحث والتنقيب عن موارد النفط والهيدروكربونات في الأراضي الليبية والجرف القاري. ولذا، من الممكن تطبيق عملية مماثلة مع الصومال في الأيام القادمة.

وأشار الكاتب إلى أن هناك شيئا واحدا مؤكدا وهو أن تركيا ستصبح بموجب هذه الاتفاقية أكثر وضوحا في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. وستنشئ تركيا -كذلك- أسطول دولة أخرى لأول مرة من الصفر.

وبعبارة أخرى، بينما ستدرّب تركيا البحارة الصوماليين، ستوجّه إمكانات صناعتها الدفاعية المتزايدة إلى هناك، لبناء سفن جديدة ومنشآت دفاعية ومواني وربما أحواض بناء سفن للصومال.

وستتعاون تركيا مع الصومال على مدار 10 سنوات لحماية المياه الإقليمية الصومالية من القرصنة والتهريب والإرهاب والصيد الجائر، وكذلك البحث والتنقيب عن موارد الهيدروكربونات.

وأوضح الكاتب أن تقارب تركيا مع دول أفريقيا لا يشبه الدول الإمبريالية الغربية، التي تخلق المشكلات بين دول المنطقة وتدفعها إلى الصراع، ثم تبيع الأسلحة لهذه الدول وتستغل مواردها وتجعلها تابعة لها، بل على العكس من ذلك تفضّل تركيا التعاون بصيغة "تبادل النفع" لكلا الطرفين.

وبطبيعة الحال، ستستفيد تركيا -أيضا- من هذه العملية؛ حيث إنها ستعزز موقعها الإقليمي والعالمي، وتصبح أكثر نفوذا في النظام العالمي. وفي المقابل، ستتيح لشركائها -كذلك- الاستفادة من هذا التعاون وضمان حصولهم على نصيبهم العادل من الرخاء الذي سيتحقق، حسب الكاتب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه الاتفاقیة البحر الأحمر مع الصومال

إقرأ أيضاً:

مدبولي يشهد توقيع اتفاقية دراسة جدوى لتصنيع السيارات بشرق بورسعيد


كتب- محمد سامي:
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع اتفاقية بشأن إجراء دراسة جدوى لتصنيع السيارات بمنطقة شرق بورسعيد، بين كل من: الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وشركة شرق بورسعيد للتنمية، وشركة فولكس فاجن أفريقيا، على هامش مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي المشترك المنعقد بالقاهرة.

وقع الاتفاقية وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وأيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، والدكتور أحمد فكري عبدالوهاب، العضو المنتدب لشركة شرق بورسعيد للتنمية، و مارتينا بينا، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة فولكس فاجن بجنوب إفريقيا.

وعقب التوقيع، أكد وليد جمال الدين، بأن التوقيع على الاتفاقية يأتي في إطار جهود الدولة لتعميق وتوطين صناعة السيارات في مصر، مما يؤكد التزام الحكومة المصرية بتعزيز قطاع السيارات.

كما أشار رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى أن التوقيع على الاتفاقية تم في ضوء اتفاقية دراسة الجدوى الموقعة مع شركة فولكس فاجن في 12 نوفمبر 2023، والخاصة بإعداد دراسة جدوى مشتركة لتنفيذ منشأة لطلاء السيارات تقع داخل منطقة شرق بورسعيد الصناعية، وتحديدًا داخل منطقة شرق بورسعيد للسيارات (EPAZ‏).

وفي ذات السياق، أكد وليد جمال الدين، أن الاتفاقية تستهدف توسيع التعاون ليشمل تطوير مرافق إضافية داخل منطقة شرق بورسعيد للسيارات، مع التركيز بشكل خاص على إنشاء خط لتجميع أجزاء السيارات.

كما أوضح أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أن الاتفاقية نصت على الاستعانة باستشاريين على درجة عالية من الكفاءة لإجراء دراسة الجدوى، والتي من المقرر أن تتضمن دراسة شاملة عن الجدوى الإنشائية للمرافق ذات الصلة وورشة هياكل السيارات ومباني وخط تجميع السيارات.

جاء ذلك بحضور الدكتور محمد شاكر المرقبي، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد/ فالديس دومبروفسكسيس، المُفوض الأوروبي للتجارة.

مقالات مشابهة

  • غرفة أبوظبي توقع اتفاقية تعاون مع مكتب أبوظبي للصادرات
  • تعرف على حقوق أسرى الحرب كما نصت عليها اتفاقية جنيف الثالثة
  • صحيفة تركية: مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي المشترك ركز على موقع مصر الاستراتيجي
  • تركيا تكافح حرائق غابات اندلعت في عدة ولايات
  • مدبولي يشهد توقيع اتفاقية دراسة جدوى لتصنيع السيارات بشرق بورسعيد
  • تقرير لـNational Ineterst: هل ستتعاون تركيا مع حزب الله؟
  • واشنطن تبحث عن حروب
  • هل ماتت اتفاقية البترودولار بالفعل؟
  • وصولا للقاءات العائلية.. ماذا وراء التحولات النوعية بخطاب أردوغان حول التطبيع مع الأسد؟
  • وصولا للقاءات العائلية.. تحولات نوعية في خطاب أردوغان حول التطبيع مع الأسد