صحيحٌ أنّ مستوى التوتر بين "حزب الله" والعدو الإسرائيليّ يرتفع يوماً بعد يوم بعد تهديدات تل أبيب بشنّ حرب على لبنان وفصل جبهة الجنوب عن قطاع غزة التي يلوحُ في أفقها اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن ذلك يحتاج إلى أرضية تُمهد لتلك المواجهة.. فهل الأمور اكتملت؟ ما الذي قد يحصل؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟
تقول مصادر معنية بالشؤون العسكريّة لـ"لبنان24" إنّ إسرائيل وبتلويحها باستمرار هجماتها على لبنان حتى لو توقفت "جبهة غزة"، يرتبط بأمرين أساسيين: الأول وهو أنّ تل أبيب تسعى قدر الإمكان إلى إيجاد سبيلٍ معين و "مخرج عسكري" يعطيها ذريعة لمواصلة القصف ضد لبنان على قاعدة "التصفية البطيئة" للأهداف المطلوبة من دون الإندماج بحرب شاملة يجري التهديد لها يومياً بشكل صوريّ.

أما الأمر الثاني، بحسب المصادر، فهو أنّ إسرائيل تريدُ طمأنة الجمهور الداخليّ لديها، فرئيس الحكومة هُناك بنيامين نتنياهو يُدرك تماماً أن "معضلة" وجود "حزب الله" على الحدود بين لبنان وإسرائيل، تعتبر ورقة ضاغطة، لهذا السبب يتخذ ورقة البروباغندا بشن الحرب ومواصلة العدوان لـ"تهدئة الداخل" أولاً، والسعي لمواصلة إستهداف "بنك الأهداف" في لبنان حتى وإن انتهت "حرب غزة".
أمام كل ذلك.. ماذا ستفعل تل أبيب خلال المرحلة المقبلة بعد وقف إطلاق النار في غزة؟ السؤالُ هذا يمكن إستشرافه من خلال سيناريوهات أساسية مطروحة، الأول وهو أنّ إسرائيل ستواصل حقاً إستهدافاتها داخل لبنان، فالضربات ستتواصل ضد ما ستسميه "بنى تحتية" لـ"حزب الله"، كما أنها ستستمر بعمليات الإغتيال التي تساهم إلى حدّ كبير بالنسبة لإسرائيل، في الوصول إلى المطلب المرتبط بـ"تطويق حزب الله" نوعاً ما.
عند قراءة التقارير الإسرائيلية بشأن الإغتيالات، سيتم إستنتاجُ أمر أساسي وهو أنّ تصوير تلك العمليات يكون من خلال اعتبارها "إنجازاً" ضد قادة الحزب. المسألةُ هذه ترتبطُ بـ"الحرب الإعلامية" التي تخوضها إسرائيل، في حين أنها تتصلُ أيضاً بالهدف الأول المرتبط بجعل مستوطني شمال إسرائيل قيد الإطمئنان.
عملياً أيضاً، فإن إسرائيل تجدُ نفسها من خلال السياسة المتبعة "تُحقق" القدر المطلوب من الأهداف.. فلماذا ستشنّ حرباً مفتوحة؟ النتيجة هذه يمكن إستنتاجها من التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تدلّ على أن تل أبيب تحقق تقدماً ضد "حزب الله"، تساهم في قتل أبرز قادته المهيئين لإستلام مهمات أكبر لاحقاً، ما يعد إستهدافاً لـ"جيل جديد"، وبالتالي كسر "بنية الحزب" الأساسية. وواقعياً، فإن هذه الأمور تتحدث عنها إسرائيل بشكلٍ علني، ما يُعطي إشارات إلى أنّ السياسة الحالية للمواجهة "تخدمها" من وجهة نظرها ولهذا السبب لن تذهب نحو حرب مفتوحة قد تؤدي إلى خسائر كبيرة قد تنالها، سواء على الصعيد العسكري أو الإقتصادي وحتى السياسي.
في هذا الوقت، ما يتضح هو أن إسرائيل ترفع من جهوزية الجيش لديها عند الحدود مع لبنان، وهذا الأمر "مفروغ من أمره" صورياً وإعلامياً للقول إن هناك "فزاعة" كبيرة يجب أن يتم التعامل معها بحذر، والمقصود هنا "حزب الله".. ولكن ماذا سيفعل الأخير؟ ومتى سيوقف عملياته؟ هل سيفعل ذلك حقاً حتى وإن توقفت حرب غزة؟
بكل بساطة، فإن ما سيحصل هو أن "حزب الله" قد يُعلن بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي حال توقفت العمليات ضد غزة، تجميد كافة هجماته ضد المواقع والأهداف الإسرائيليّة. المسألة هذه ستأتي انطلاقاً من تأكيده الأساسي الذي يشير إلى أن جبهة لبنان مرتبطة بغزة، وإن حصلت التهدئة على أرض الأخيرة، فإنها ستنسحبُ نحو لبنان. أما في حال استمرت إسرائيل بهجماتها، وهذا الأمر المتوقع والبارز حتى الآن، عندها فإن الحزب سيُغير من خطاباته، وسيعتبر ما يحصل دفاعاً عن لبنان أو رداً على عدوان إسرائيلي. وبالتالي، ستكون مهمته مرتبطة بلبنان حصراً. فعلياً، هذا سيناريو مطروح ولا يمكن استبعاده، ولكن قد يكون الحزب مُصراً على ربط عملياته بغزة كي لا ينجرّ وراء الإسرائيليين بفصل الجبهتين عن بعضهما البعض، وهذا الأمر الأكثر وروداً أيضاً.
ماذا سيتوقف إطلاق النار نهائياً؟ الإجابة على هذا السؤال قد تكون مرتبطة بـ"تسوية ما" ستحصلُ لاحقاً وتتبلور في المنطقة. التسوية تلك ستشمل لبنان بشكلٍ أساسيّ إلى جانب غزة، علماً أنّه من الآن وحتى الوصول إلى المعادلات الجديدة في المنطقة، ستستمر المناوشات والتي على أساسها ستُبنى القرارات السياسية. هنا، تقول المصادر المعنية بالشؤون العسكريّة إن الخلاصة المتوقعة هي أن يكون الملف العسكري هو العامل الأساسي لاحقا في التسوية، فإسرائيل ترى أن ما تقوم به ليس كافياً ولهذا ترغب بالمزيد، وكذلك "حزب الله".
في خلاصة القول، هكذا يمكن تلخيص ما قد تشهده الأيام المقبلة من التصعيد، فكل هذه السيناريوهات مطروحة، علماً أن الأمور ستبقى "تحت سقف التصعيد" الذي سيبقى مضبوطاً إستناداً إلى كافة الوقائع القائمة، إلا إذا حصلت مُفاجآت غير محسوبة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن

قدم لبنان شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهر.

 

وفي التفاصيل، قدمت وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك شكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتضمن احتجاجا شديدا على الخروقات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل لـ"إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بترتيبات الأمن المعززة تجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 والتي بلغت أكثر من 816 اعتداء بريا وجويا بين 27 نوفمبر و 22 ديسمبر 2024".

 

وأشار لبنان في الشكوى بحسب وزارة الخارجية أن الخروقات الإسرائيلية "من قصف للقرى الحدودية اللبنانية تفخيخ للمنازل تدمير للأحياء السكنية وقطع للطرقات تقوض مساعي التهدئة وتجنب التصعيد العسكري، وتمثل تهديدا خطيرا للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أنها تعقد جهود لبنان في تنفيذ بنود القرار 1701 وتضع العراقيل أمام انتشار الجيش اللبناني في الجنوب".

 

وإذ جدد لبنان التزامه بالقرارات الدولية وتطبيق ترتيبات وقف الأعمال العدائية وأكد أنه تجاوب بشكل كامل مع الدعوات الدولية لتهدئة الوضع وما زال يظهر أقصى درجات ضبط النفس والتعاون في سبيل تجنب الوقوع مجددا في جحيم الحرب ودعا مجلس الأمن لا سيما الدول الراعية لهذه الترتيبات إلى إتخاذ موقف حازم وواضح إزاء خروقات إسرائيل والعمل على إلزامها باحترام التزاماتها بموجب إعلان وقف الأعمال العدائيّة والقرارات الدولية ذات الصلة" وفق وزارة الخارجية.

 

وطالب لبنان بتعزيز الدعم لقوات اليونيفيل والجيش اللبناني لضمان حماية سيادته وتوفير الظروف الأمنية التي تتيح له استعادة استقراره وعودة الحياة الطبيعية إلى جنوبه".

 

وأمس الاثنين، أفادت صحيفة "الأخبار" بأن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استدعى اللجنة الخماسية المكلفة بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار لبحث خروقات الجيش الإسرائيلي، وأنه طلب للمرة الأولى الاجتماع باللجنة "للتأكيد على أن ما يقوم به العدو الإسرائيلي في الجنوب من خروقات يسبب إحراجا للدولة اللبنانية التي وقعت قرار وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية".

 

وأفادت مصادر مطلعة بأن "ميقاتي سيطلب من الجانبين الأمريكي والفرنسي الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها لأن استمرارها يعني انفجار الوضع في أي لحظة وسقوط الهدنة".

 

وفي 27 نوفمبر الماضي تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين "حزب الل"ه اللبناني وإسرائيل بعد أكثر من عام على تبادل الهجمات على الحدود.

 

في حين يواصل الجيش الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث فجر وجرف عددا من المنازل والبساتين والممتلكات في عدة قرى وبلدات بجنوب لبنان.

 

إسرائيل تضغط لإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب وسط تصاعد التوترات 

 

طالب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في دول الاتحاد الأوروبي بضرورة الضغط على حكومات تلك الدول لإعلان جماعة الحوثيين في اليمن "منظمة إرهابية"، مشيرًا إلى أن عدة دول، بينها عربية، تصنّف الجماعة بالفعل ضمن قوائم الإرهاب. 

 

وزعم ساعر، في رسالة نقلها موقع "والاه العبري"، أن الحوثيين يمثلون تهديدًا يتجاوز إسرائيل ليطال المنطقة والعالم، خاصة من خلال استهداف حرية الملاحة في أحد أكثر طرق الشحن الدولية ازدحامًا، واصفًا تصنيفهم كمنظمة إرهابية بأنه "خطوة أساسية وضرورية للمجتمع الدولي". 

 

التوتر تصاعد بعد إطلاق الحوثيين صاروخًا باتجاه إسرائيل ليلة أمس دعمًا لغزة، ما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار في مناطق واسعة، منها تل أبيب. وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ قبل عبوره، بينما أُصيبت إسرائيلية بجروح خطيرة أثناء توجهها إلى ملجأ، وأصيب نحو 25 آخرين بجروح طفيفة نتيجة التدافع. 

 

في سياق متصل، هدد وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتوجيه ضربات قاسية لجماعة الحوثيين، مشيرًا إلى استهداف بنيتهم التحتية وقادتهم، على غرار العمليات التي نفذتها إسرائيل ضد قادة في غزة ولبنان وإيران. وأضاف كاتس أن إسرائيل سترد على أي تهديد موجه إليها من اليمن بضربات حاسمة. 

 

تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد تبادل الهجمات بين إسرائيل والحوثيين، بما في ذلك إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من اليمن، واستهداف إسرائيل لمحطات طاقة وكهرباء في صنعاء والحديدة، مما يعمق حالة التوتر في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن مسؤوليتها عن انفجارات بيجر في لبنان.. «حرب نفسية أم ماذا؟»
  • ‏حماس: إسرائيل وضعت شروطا جديدة مما أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
  • إسرائيل تقصف شرق لبنان لأول مرة منذ وقف إطلاق النار
  • سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..
  • لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن
  • بسبب إسرائيل وعصابات محلية..الأمم المتحدة: ظروف المعيشة في غزة لا يمكن تحملها
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
  • إسرائيل تستدرج حزب الله وتمدّد سيطرتها
  • معهد واشنطن: هذه مصالح إسرائيل في سوريا وهكذا يمكن أن تتحقق
  • هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع إسرائيل للوضع لسلب الأراضي السورية