عبدالكريم ساورة منذ مدة طويلة اخترت الوحدة أو ربما اخترتني لأن أشياء كثيرة تغيرت في حياتي ، أهمها، أنني لم يعد لي أي طموح يذكر ، تخليت بإرادتي أو ربما قهرا  أو زهذا عن متابعة تحقيق أحلامي ، تركت الجمل بما حمل كما يقول المثل ، ومن يدري ربما حققت كل شيء دون أن أدري ، يالها من نكثة أو ربما سخرية أننا لم نعد نعرف ماذا نريد والى أين نسير ؟ المهم أصبحت أجد متعة كبيرة في الذهاب وحدي والجلوس وحدي ومحادثة نفسي في أشياء كثيرة ، لم يعد قلبي يرفرف عندما يرى الجمال كما كان من قبل ، أصبحت أرى هذه الصور المثيرة كنوع من التكرار المبتذل لم أعد اعثر على تلك الإثارة والتحدي في الحسن والحضور ، مجرد صور تمر أمامك تباعا متشابهة ومتنافرة وليس فيها أي نوع من الحياة ، ياله من إحساس غريب عندما يسكنك وأنت لازلت في عز شبقك البدوي.

منذ مدة طويلة لم أجلس على جانب الرصيف ، لكنني اصبحت مذمنا على الجلوس ، أراقب المارين من مختلف الفئات العمرية ، أراقب حركاتهم السريعة ،أتابع ضحكاتهم ، الناس لازلت تأكل بنهم في الطريق ويتراشقون بالكلام والغمز والنظرات المملوءة باللذة أو باللامبالاة في بعض الأحيان ، الشباب من المدينة يجتمعون على شكل دائري في الحدائق يغنون ويرقصون بشكل يومي والناس تجتمع من حولهم يحسدونهم على فرحتهم وعلى عدم اهتمامهم بالشأن المحلي وعدم متابعتهم لغلاء الأسعار ، إنهم منشغلون بالأهم في حياتهم وأكبر من كل شيء هو تجزية الوقت والشعور بنعمة الغناء والرقص بأنواعه. وحيدا أجلس أراقب العربات المجرورة بالمدينة ، الملقبة  “بالكوتشيات” وبصراحة لا أعرف ماذا تعني هذه الكلمة بالضبط ، المهم إنني استمتع كل يوم بهذه المخلوقات العجيبة وما يفعلون في الطريق من سباقات وصراعات بالعصي وبالخيول التي فقدت أسنانها أو بالبغال فيما بينهم ، يالها من صور سينمائية بنكهة قبلية مضحكة ومقلقة ثتير الاشمئزاز والتقزز من مجموعة من المنحرفين الذين لايحترمون أي شيء ، لا إشارات المرور ، ولا رجال الأمن ولا المواطنين ولا القانون ، إنهم يصنعون نظامهم الخاص بهم والذي يتجاوز كل الحدود . في كل مساء تجدني أسير وحيدا ، أراجع أشياء كثيرة ، وفي كل مرة أذكِرُ نفسي أن الأيام مرت بسرعة ، لكنني أرفض تصديق ذلك ، وبين الحين والآخر أرفع رأسي أنظر إلى من حولي من المارين ، فلم أعد اعرف أحدا. لقد تغيرت المدينة كثيراً ، أصبحت تعرف كثافة سكانية كبيرة ، دور السكن انتشرت انتشارا مفزعا دون أن تواكبه الشبكات الاجتماعيه الضرورية ، مدينة بمستشفى واحدة تعاني من الخصاص المهول في كل شيء ، بحت حناجر الساكنة بالمطالبة بمستشفى جديد لكن الدولة المغربية مشكلتها الوحيدة أنها مصابة بالصمم ، ولا تسمع أبدا إلى مطالب الساكنة بالمرة، الدولة دائما قوية برفض أي مطلب جماهيري وربما هذا هو سر نجاحها وبقاءها تنهج نفس النهج منذ الاستقلال ، ليست المدينة تعاني من اقتصاد الصحة لوحده بل تعاني كثيرا من رأس مال المعرفة ، فالساكنة جربت كل الوسائل لتفوز بجامعة تليق بصمعة المدينة ولم تتمكن من تحقيق ذلك ، الجوع أو الجفاف أو القحط المعرفي تعيشه المدينة بكل تبعاته المؤلمة ، أنا لا اعرف لماذا أتذكر هذه المصائب ،؟ علي أن أسير وأنا فارغ الرأس من هذه الكوارث ، لكنني كلما مشيت في طريق من الطرق أتذكر أشياء تربطني بالمدينة ، ياللهول، المدينة تعيش انحباسا وانسدادا في كل شيء منذ مدة طويلة ، لا ثقافة ، لا رياضة ، لا منتزهات ولا معاهد ولا مصنع واحد ولا معهد واحد ولا أي شيء يعطينا الحق أن نقول إننا فعلا في مدينة وبمواصفات حديثة ، أنا لا اعرف لماذا يحضرني دائما هذا السؤال الأسود في ذهني وهو عن أية تنمية تتحدث السلطة ومعها المنتخبون ؟ أنا بصراحة لم أعد افهم ماذا يقصدون بمفهوم التنمية ؟ خصوصا وأن نسبة البطالة بالاقليم تعرف أرقاما جد مخيفة ، ترى من المسؤول عن هذا التراجع وهذا التقهقر وهذا الموت البطيء الذي تعيشه المدينة خلال هذه السنوات الأخيرة في كل مناحي الحياة ؟ في الحقيقة لا أحد أصبح يهتم بمستقبل المدينة ، وبالتراجع الخطير الذي تعرفه مؤخرا،  كل واحد بمن فيهم أنا منشغل بنفسه وأولاده وتحقيق مايمكن من مصالحه الخاصة وهذا هو عنوان المرحلة الحالية ، الساكنة تعرف مسبقا أنها لا يمكن أن تراهن على حصان المنتخبين المريض لأنهم لا يملكون أي شيء ، والسلطة هي الأخرى بدورها فقدت هبتها وأصبحت تشتغل على ماهو أمني أكثر من ماهو تنموي ، والقطاع الخاص ضعيف جداً ، والجفاف يهجم بكل قوة والجغرافيا يتم تقسيمها إلى تجزئات عقارية يتم بيعها بالتقسيط و قد تم إفراغها من كل نشاط إنساني ، والكل يتفرج على الكل والكل يقذف بعضهم بعضا بأفدح النعوث ، والمدينة يوما بعد يوم تسير نحو المجهول ، هل من منقذ لها خلال القادم من الأيام ولو بدر الرماد على العيون ؟ لا أعتقد ذلك ، إننا سائرون نحو الخراب الأخلاقي والثقافي ومن يتحكم أكثر هو عودة القيم القبلية بمفهومها السلبي واستمرار الإنتهازية والفردية والزبونية على حساب تاريخ المدينة ورجالاتها. بصراحة لاشيء أصبح يربطني بالمدينة ، كل شي فيها أصبح مخيفا ، ففي كل يوم أعود إلى منزلي اشعر بالخوف والرعب أن تهجم علي الكلاب الضالة التي تسببت من ” السيبة  “وأعلنت علانية هجومها المدوي على المدينة ، الكل يصرخ والكل خائف أن تأكل الكلاب الجائعة أحد أولاده الصغار بعد أن أصبحت هذه الكلاب تأكل كل يوم مجموعة من القطط بالأحياء ، انه الجوع ياسادة والجائع يأكل أي شيء يجده في طريقه ، إننا جميعاً أمام كارثة حقيقية جديدة ، فها نحن لم ترحمنا كوارث الفساد والجفاف والمحسوبية والغلاء لتنضاف لنا كارثة أخرى وأكثر بطشا وخطورة وهي كارثة هجوم الكلاب الضالة علينا و هاهم الجميع يتابعون ويتلذذون بهذه المشاهد المرعبة في كل ليلة دون أن يرف لهم جفن آو يشعرون بمعاناتنا ، ياله من مشهد سيحفظه التاريخ لنباهي به الجيل القادم. بصراحة أريد بعد كل هذه السنوات أن أهجر هذه المدينة المشؤومة في كل شيء ، أريد أن أغادر في هدوء ، لم يعد يجمعني بها أي شيء، اصبحت اشعر أنني غريب في كل شبر فيها، معظم الوقت أجلس وحدي ألتهم الكتب و الروايات والمذكرات ، أقرأ واقرأ لأنسى ، لأتخدر من المخدرات ، لأهرب من الواقع المزري ، أريد أن أنسى ، أريد أشياء كثيرة بمدينتي ولا استطيع حتى البوح بها ، أريد أن أصرخ بأعلى صوتي ولا أستطيع ، أشعر أنني في كل يوم أفقد نفسي أفقد قدرتي على العيش ، افقد روحي ، أعرف جيدا انه لا أحدا سيسمع صراخي ، أعرف جيدا أنني وحيدا في حيرتي، لكن بالله عليكم جميعا لاتتركو هذه المدينة ، مدينة القرآن تأكلها الكلاب الجائعة، الكلاب التي صعدت على أكثاف المقهورين ونحن منهمكون ، نتصارع من أجل الفتات من أجل أشياء صغيرة وسخيفة جدا، انتبهوا جيدا اللصوص يسرقون مدينتكم في واضحة النهار. كاتب مغربي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: کل شیء کل یوم أی شیء

إقرأ أيضاً:

أشياء تحدث لأول مرة.. كيف استعدت واشنطن لحفل تنصيب دونالد ترامب؟

تتواصل مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، إذ تقام الإجراءات والاستعدادات على قدم وساق في العاصمة الأمريكية واشنطن لمراسم تنصيب ترامب.
ويحضرها قادة دول في سابقة تاريخية بحفلات التنصيب مع غياب روسيا عن الحضور واستبعاد أوكرانيا، وسط تشديد أمني كبير.استعدادات حفل تنصيب ترامبويؤدي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة السابع والأربعين اليوم الإثنين في الساعة 12 ظهرًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، في القاعة المستديرة أو ما يعرف بالـ Rotunda.
أخبار متعلقة توافد كبار الشخصيات إلى مبنى الكابيتول لحضور مراسم تنصيب ترامبإنهاء الجنسية للمولودين.. ما المنتظر في قوانين الهجرة مع تولي ترامب؟وذلك بحضور كبار الشخصيات من مسؤولين دووليين ومحليين، تمت دعوتهم بالإضافة إلى أفراد عائلة ترامب.
وعادة ما ينصب الرئيس الجديد في الهواء الطلق أمام مبنى الكونغرس كما حدث عند تنصيب ترامب في 20 يناير 2017، مع حشد كبير من المتفرجين الذين يشهدون الحفل.
إلا أن هذا العام سيكون داخل مببنى الكونغرس وليس أمامه بسبب الصقيع الشديد.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الحاضرون لحفل تنصيب ترامبتنكيس العلم وتشديدات أمنيةستكون الأعلام منكسة خلال حفل التنصيب، وهي من الأمور النادرة، والسبب يرجع إلى أمر الرئيس المنتهية ولايته بتنكيسها لوفاة الرئيس السابق جيمي كارتر في 29 ديسمبر، وعلى مدى ثلاثين يومًا.
واتخذت الأجهزة الأمنية والإدارية في واشنطن تدابير أمنية غير مسبوقة قبيل مراسم التنصيب بإغلاق أجزاء كبيرة من المدينة قبل عدة أيام من الحفل.
كما علقت الوصول إلى عدة محطات ميترو، وتعليق كذلك حركة الحافلات على عدة خطوط، إلى جانب بناء سور مرتفع حول مبنى الكونغرس، موقع الحفل.تحصينات أمنية مشددةوفي الجانب الأمني للمواقع، فقد أحيط البيت الأبيض، ومبنى الكابيتول، وجزء من مسار العرض بتحصينات أمنية مشددة، إلى جانب سياج يمنع الدخول والتسلق، ويمتد على مساحة تبلغ 48 كيلومترا حول المنطقة المشمولة بالإجراءات الأمنية.
كما تتمركز القناصة على أسطح المباني، وانتشار فرق على الأرض وتحليق طائرات مسيرة.
وبسبب الطقس وانخفاض درجات الحرارة في واشنطن إلى 11 درجة مئوية تحت الصفر، وفي سابقة هي الثانية بعد 20 يناير 1985م، وتنصيب رونالد ريجان لولاية ثانية، نُقلت مراسم التنصيب من أمام الكونغرس الى داخله.
وسيؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترامب ونائبه جي دي فينس اليمين الدستورية في قاعة روتوندا المركزية، داخل مبنى الكونغرس، والتي تتسع لحوالي 600 شخص فقط.
كما سيتحول مسار العرض التقليدي، من جادة بنسلفانيا، إلى مركز "كابيتال وان أرينا" الرياضي، ولن يكون دونالد ترامب (الرئيس الـ45 و47) هو أول رئيس في تاريخ أمريكا يتولى المنصب بعد انقطاع بين فترتي رئاسة.
وسبقه الرئيس غروفر كليفلاند، الذي شغل منصب الرئيس في فترتين منفصلتين (الرئاسة الـ22 من 1885 إلى 1889، والرئاسة الـ24 من 1893 إلى 1897).
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } حفل تنصيب ترامبحضور مراسم تنصيب ترامبوفي سابقة لم تحدث من قبل، يتوقع أن يشهد مراسم تنصيب ترامب مشاركة عدد من قادة الدول الذين دعاهم الرئيس المنتخب لحضورالمراسم، من بينهم رئيس الأرجنتين خافيير ميلي، ورئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان.
وكذلك رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني، ورئيس الصين شي جين بينغ، ورئيس باراغواي سانتياجو بينيا، ورئيس السلفادور نايب بوكيلي، ورئيس الإكوادور دانيال نوبوا ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومن المدعوين للمشاركة كذلك ممثلين عن القوى السياسية اليمينية من دول أوروبية، مثل حزب "فلامس بيلانغ" اليميني في بلجيكا، وحزب "استعادة فرنسا" الفرنسي اليميني، وحزب "البديل من أجل ألمانيا"، وحزب الإصلاح البريطاني.المشاركون في حفل تنصيب ترامبوعلى الرغم من عدم حضور ترامب مراسم تنصيب جو بايدن في 2021م بمغادرته واشنطن صباحًا قبل موع التنصيب، لكن الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس سيكونان من بين الحضور، حيث سيرحب بايدن بترامب في البيت الأبيض وينضم إليه في الرحلة إلى مبنى الكابيتول.
وعادة ما يحضر الرؤساء الأمريكيون السابقون مراسم التنصيب، فمن بين الضيوف الرؤساء جورج بوش الابن وبيل كلينتون برفقة زوجتيهما، وباراك أوباما، ولكن الأخير سيحضر دون زوجته ميشيل في خطوة تمثل خرقا للتقاليد التي يلتزم بها الرؤساء السابقون وزوجاتهم.توقيع نحو 100 مرسوميتوقع أن يشهد حفل التنصيب أيضا عروضًا موسيقية لفنانين بارزين مثل لي جرينوود، وكاري أندروود، وكيد روك، وبيلي راي سايروس، كما ستتضمن الفعاليات موكب احتفالي، وتظاهرة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وعروض الألعاب النارية.
كما يتوقع أن يقوم الرئيس دونالد ترامب بعد أدائه اليمين الدستورية بتوقيع نحو 100 مرسوم، ستشمل مجالات الطاقة والبيئة والهجرة والاقتصاد والتجارة والسياسات الجندرية، وهو ما لم يفعله في أول يوم له في منصب الرئيس عام 2017، حيث وقع ترامب مرسومًا واحدًا فقط يتعلق بأحكام قانون الرعاية الصحية.

مقالات مشابهة

  • حقيبة بها أشياء باهظة| تفاصيل مثيرة باعترافات سائق متهم بقـ.تل شخص بمدينة نصر
  • ترامب: سأفعل أشياء تصدم الناس
  • أشياء عادية قد لا يتمكن "ترامب" من ممارستها خلال توليه الرئاسة
  • ليفربول في مواجهة ليل.. «الكلاب تستطيع العض والنباح»!
  • فتوى تبيح قتل الكلاب الضالة تثير جدلاً في دهوك.. منظمة تطالب بحلول إنسانية
  • تفسير حلم إطعام الكلاب الضالة في المنام لابن سيرين.. خير أم شر؟
  • تحذيرٌ للبنانيين من صفحة مشبوهة.. انتبهوا
  • أشياء تحدث لأول مرة.. كيف استعدت واشنطن لحفل تنصيب دونالد ترامب؟
  • 5 أشياء غير معروفة عن سرطان عنق الرحم.. والثالثة ستصدمك
  • أزياء ساحرة وأناقة ملفتة.. نجوم تركيا يسرقون الأضواء في Joy Awards