عياد عقبة الدول التي لا تمتلك البترول والغاز والأراضي الخصبة والثروات كان لزاما عليها أن تجد حلا لتدبير معيشتها ومواجهة تحدي الحياة. فاكتشفت بالممارسة والتجربة أن هناك مجالات واسعة لتحقيق الثروة والرخاء الاجتماعي دون الحاجة إلى هذه الثروات الطبيعية فأكتشف الصينيون أن العمل الدؤوب و النظام   جوهرتان ثمينتان أغلى من الألماس والذهب، واكتشف اليبانيون أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنية يوفر للبلد ثروة رهيبة لا تنضب و عرف الكوريون الجنوبيون أن الثروات التي يمكن حصدها من خلال الاستثمار في التعليم أكبر بكثير من الاستثمارات التي تجلبها الزراعة والصناعة والتجارة.

فعكفوا على تطوير التعليم إلى أقصى حد ممكن و استغلال الطاقات والمواهب في البرمجيات والرياضيات  فصنعوا العجائب في مجالات التكنولوجيا الدقيقة . وسارت على هذا المنوال شعوب أخرى كماليزيا وسنغافورا و فيتنام و بنغلادش و تايوان  لم يخب احد منهم في رهانه على اقتصاد المعرفة  و الاستثمار في العقول بتطوير جودة التعليم. الدول التي تمتلك الثروات تغافلت عن التنمية الحقيقية التي تمجد العلم والمعرفة وورثها هذا الاتكال الكسل والخمول والفساد الإداري والمالي ولم يشفع لها البترول لتحتل المراتب المتأخرة في مستوى المعيشة. وبعد فترة اكتشفت الدول التي راهنت على اقتصاد الريع واعتمدت على البترول والغاز كدخل رئيسي ، أنها في ورطة حقيقية و أنها لم تحقق التنمية المستدامة و عرفت بعد فوات الأوان أنها بحاجة إلى تطوير التعليم و صرف ميزانية كافية لرفع مستوى  التعليم بالخصوص في المجالات المتعلقة بالتكنولوجيا كالرياضيات والإعلام الآلي والفيزياء والكيمياء و الهندسة والميكانيك و ما إلى ذلك بينما دول صغيرة مثل تايوان وماليزيا تحقق أرباحا مالية أضعاف أضعاف موارد البترول . الجميل في الأمر هو أن بلادنا الجزائر استدركت الأمر، خصوصا بعد تنصيب عالم الجيوفيزياء البروفيسور كمال بداري وزارة التعليم العالي في 09/09/2022 وترقيته بعد نجاحاته الكبيرة في تطوير جامعة المسيلة وتحقيقه مراتب متقدمة في التصنيف العالمي للجامعات حيث أحدث البروفيسور ثورة في نظام التعليم الجامعي خصوصا في تحقيق الجودة وفي 2021، فافتتحت اول مدرسة عليا للذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات ENSIA   على المستوى العربي والإفريقي متخصصة في علوم هندسة الذكاء الاصطناعي بقدرة إستعاب 1000 طالب وبجوارها أيضا مدرسة عليا لل رياضياتNHSM بقدرة استعاب 1000 طالب حيث يلتحق بها كل عام 200 طالب من المتفوقين أصحاب المعدلات العالية تتعدى 18 /20. لكن المحزن في هذا هو أن العدد 200 طالب لا يلبي الرغبات التي تفوق الألف على كل تخصص.  حيث يتخرج كل عام قرابة 20 ألف طالب ناجحون في البكالوريا بتقدير ممتاز وجيد جدا تتعدى نتائج اختباراتهم 18 من 20.. ومن حق هؤلاء المتفوقين أن يحضوا بعناية فائقة مختلفة عن سائر الناجحين وعلى الأقل ألا تخيب آمالهم في نيل التخصصات التي يريدونها.. نتمنى من الوزارة أن تزيد في طاقة إستعاب هذه المدارس أو إنشاء مدارس مماثلة لها في الشرق والغرب بنفس المقاييس العالية. في العام الماضي تفطنت الوزارة إلى هذا النقص، بعد أن حققت المدرستان زخما كبيرا لدى المقبلين على الجامعة والتهافت الكبير عليها حيث تقدم إليها أكثر من ألف طلب تسجيل مقابل 200 مقعد بيداغوجي فقط. فقامت بمعالجة الموقف بطريقة أخرى، بدلا من رفع طاقة الاستيعاب، استحدثت 4 مدارس عليا جديدة ربما هما الأولى من نوعها في العالم العربي والإفريقي. مدرسة عليا لتكنولوجيا النانو. بطاقة استيعاب 1000 طالب ومدرسة عليا للأنظمة المسيرة (كتكنولوجيا الطائرات المسيرة). بطاقة استيعاب 1000 طالب بالمدينة العلمية سيدي عبد الله غرب العاصمة. ومدرسة عليا للروبوتات، ومركز بحث في علوم الرياضيات التطبيقية، وهذا ما أكده المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي محمد بوهيشة هذه المدارس الستة الرفيعة سيكون لها شأن عظيم في خلق بيئة خاصة للعلماء والباحثين وهم الرهان الكبير للنهضة الحقيقية في مجال التكنولوجيا.. هناك إقبال كبير على المدارس العليا التي تقدم تعليما جيدا وفق المعايير الدولية لكن الإمكانات محدودة وضئيلة بالمقارنة مع ما تبذله الدول المتقدمة في هذا المجال. ولابد للدولة أن تضخ أموالا كافية لتطوير التعليم في التخصصات العلمية الرفيعة وأن توفر للطلاب المتفوقين هيئة خاصة ورعاية تليق بمكانتهم. باعتبار أنهم الثروة الحقيقية التي من شأنها أن تنهض بالبلد في جميع المجالات. وحرصا من الدولة تم إنشاء اللجنة الوطنية لمتابعة الابتكار وحاضنة الأعمال الجامعية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي يرأسها الاستاذ البروفسور أحمد مير وتقوم هذه اللجنة بمتابعة الأبحاث ومعاينة مشاريع الابتكار ودعمها وتعميم ورشات الذكاء الاصطناعي على الجامعات إذ تم تحقيق 17 ورشة على مختلف جامعات الوطن. أعتقد أن هؤلاء النجباء نسخة مختلفة تماما عن كل من سواهم من الناجحين وأن هذا النبوغ يستحق رعاية كبيرة مختلفة تماما عن الطالب الجامعي العادي من حيث الإيواء والإطعام والرعاية الصحية والمنحة المالية. وهذا التفضيل ضروري لخلق ذهنية تنافسية جديدة محفزة وكما تهدف هذه الرعاية إلى تحقيق المردودية العالية. في دول اخرى يتحصل كل طالب متفوق ملتحق بالمدارس العليا على كمبيوتر جيد ومحفزات مفرحة تشحذ همته وهذا ما نتمنى أن تلتفت إليه الوزارة في بلادنا في حق هؤلاء المتفوقين على الأقل. وهذا هو الاستثمار الحقيقي الذي لن تذهب أمواله هدرا، العلم ثم العلم ثم العلم. أبنائنا أغلى من الذهب والبترول والغاز والقمح، العلم ثم العلم ثم العلم. هنيآ لبلادنا هذه الاستفاقة وهذه النهضة وهذه السياسة الراشدة وهذا التفكير الاستراتيجي الذي حتما ستعود ثماره بالخير العميم على كل الوطن. مصادر: النفط سبب تخلفنا، مقال للكاتب رشيد بوسيافة، جريدة الشروق اليومي يوم 11/03/2020. https://almasdar-dz.com/146852-القطب-التكنولوجي-بسيدي-عبد-الله-يتدعم-بـ04-مدارس-عليا-جديدة https://www.aps.dz/ar/sante-science-technologie/113671-2021-10-09-14-37-19 https://www.elkhabar.com/press/article/219378/إنشاء-أربع-مدارس-عليا-جديدة-بسيدي-عبد-الله/

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

NVIDIA تكشف عن أحدث حاسوب فائق صغير الحجم للذكاء الاصطناعي التوليدي

كشفت NVIDIA للتو عن مجموعة Jetson Orin Nano Super Developer Kit، وهي خليفة مجموعة Jetson Orin Nano من عام 2022. يمكن أن يتناسب هذا الحاسوب الفائق الصغير الجديد للذكاء الاصطناعي التوليدي في راحة يدك. تتضمن مجموعة المطورين نظام Jetson Orin Nano بسعة 8 جيجابايت على وحدة ولوحة حاملة مرجعية.

من حيث الأداء، يمكن أن يصل Jetson Orin Nano Super إلى 68 تريليون عملية في الثانية (TOPS)، بزيادة 70 بالمائة عن سابقتها. تدعي NVIDIA أيضًا تحسنًا بمقدار 1.7 مرة في أداء الاستدلال بالذكاء الاصطناعي التوليدي وزيادة النطاق الترددي بنسبة 50 بالمائة إلى 102 جيجابايت في الثانية. أما بالنسبة لتردد وحدة المعالجة المركزية، فهو الآن 1.7 جيجاهرتز، وهي زيادة متواضعة مقارنة بتردد سابقتها 1.5 جيجاهرتز.

تدعي NVIDIA أيضًا أنها "تحقق مكاسب" لجميع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الشائعة. تتضمن هذه النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) ونماذج لغة الرؤية ومحولات الرؤية.

يمكن لتحديثات برامج Jetson Orin Nano Super أيضًا تعزيز سابقتها، وهي أخبار رائعة إذا كان لديك Jetson Orin Nano الأصلي. كل ما عليك فعله هو تنزيل البرنامج وتثبيت التحديث. ومع ذلك، لم تقدم NVIDIA أي تفاصيل محددة حول كيفية تغير أداء الجهاز الأقدم.

تتوفر مجموعة Jetson Orin Nano Super Developer Kit حاليًا من بائعي التجزئة المعتمدين من NVIDIA. يبلغ سعرها حاليًا 249 دولارًا فقط، بانخفاض عن سعر سابقتها الذي بلغ 499 دولارًا، مما يجعلها المنتج الأكثر تكلفة من نوعه الآن.

مقالات مشابهة

  • 3 استخدامات للذكاء الاصطناعي لتبسيط الحياة المنزلية
  • NVIDIA تكشف عن أحدث حاسوب فائق صغير الحجم للذكاء الاصطناعي التوليدي
  • «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» تفتح باب التسجيل في برامج الدراسات العليا
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تفتح باب التسجيل في برامج الدراسات العليا
  • هندسة الأوامر التعليمية للذكاء الاصطناعي
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تفتح التسجيل بالدراسات العليا
  • جهاز الاستثمار العُماني يستثمر بإحدى شركات إيلون ماسك للذكاء الاصطناعي
  • نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
  • محافظ أسيوط يتفقد مدرسة بنى طالب ويؤكد على دعم التعليم
  • القضاء يستعرض أهم الإصلاحات التي قامت بها المحكمة العليا