تسعى للحماية الروسية.. حقائق بشأن ترانسنيستريا
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أثار اسم ترانسدنيستريا، عناوين الأخبار، خلال الفترة الأخيرة، بينما يجهل كثيرون موقعها على الخريطة، رغم أنها " قد تكون جزءا مهما من الصراع بين روسيا وبقية أوروبا" وفق ما يراه المؤرخ، ويليام زاديسكي.
وسعت المنطقة إلى "الحماية الروسية" مما وصفته بضغوط من مولدوفا في خضم الحرب على أوكرانيا، في حين نددت الأخيرة وواشنطن بتلك التصريحات، في حين لقت ترحيبا من موسكو.
تقع منطقة ترانسدنيستريا بين نهر دنيستر وأوكرانيا، وهي منطقة انفصالية عن مولدوفا.
وأعلنت المنطقة انفصالها عن مولدوفا بعد حرب قصيرة عام 1992 ضد الجيش المولدوفي.
تعتمد حكومة المنطقة واقتصادها بشكل كبير على الإعانات المالية المقدمة من روسيا، التي تحتفظ بوجود عسكري ومهمة لـ"حفظ السلام" في الإقليم. حيث ما زالت موسكو تحتفظ بـ1500 جندي هناك، وفق أرقام رسمية.
المنافسة السياسية في ترانسدنيستريا مقيدة، والجماعة السياسية الحاكمة هناك متحالفة مع المصالح التجارية المحلية القوية.
إعلاميا، تعد الحيادية وتعددية الرأي في وسائل الإعلام محدودة للغاية، وتسيطر السلطات عن كثب على نشاط المجتمع المدني.
سكانهايقول موقع "أوريجينز" عن ترانسدنيستريا إن "هذا الشريط الحدودي الذي يبلغ طوله 127 ميلا (204 كلم) كان لفترة طويلة منطقة متعددة الأعراق يسكنها المولدوفيون والروس والأوكرانيون.
على مدار الألفي عام الماضية، انتقلت ملكية الأرض التي تُعرف اليوم باسم (The Pridnestrovian Moldovan Republic) بين مختلف البدو الأوراسيين، وكييفان روس (Kyivan Rus)، والكومنولث البولندي الليتواني (Polish–Lithuanian Commonwealth)، والإمبراطورية العثمانية.
بحلول أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، تم ضم المنطقة إلى الإمبراطورية الروسية من قبل الجنرال الشهير ألكسندر سوفوروف.
في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، بدأ سكان الريف الناطقون بالرومانية في الهجرة إلى الضفة اليسرى لنهر دنيستر، والتي كان معظمها من العرق الأوكراني، من بيسارابيا (الاسم التاريخي لجمهورية مولدوفا الحديثة).
ماذا يجري بها الآن؟منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير عام 2022، عادت التكهنات بشأن هجوم روسي محتمل من ترانسدنيستريا باتجاه مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، نظرا للعلاقة التي تربط المنطقة بالكرملين. لذلك، تُثار مخاوف من اتساع نطاق الصراع إليها.
والعام الماضي، اتّهمت سلطات ترانسدنيستريا كييف بأنها تريد مهاجمتها بعدما أكّدت أنها أحبطت هجوما في مارس استهدف قادتها.
وبينما كان سكان ترانسنيستريا حتى الآن، أسياد مصيرهم، إلا أن روسيا تستغل الآن هذه المنطقة وشعبها لتعزيز أهدافها الجيوسياسية في صراعها الدائم مع الغرب.
وهددت سلسلة من التفجيرات الأخيرة السلام المستمر منذ 30 عاما في هذه الزاوية المنسية من أوروبا.
ومنذ 25 أبريل عام 2022، وقعت ثماني هجمات عبر الضفة اليسرى لنهر دنيستر، ما أثار مخاوف من احتمال امتداد الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ترانسنيستريا ومن خلالها إلى مولدوفا.
ولم تنشر سلطات ترانسنيستريا سوى القليل عن تلك الهجمات. بينما كانت الأضرار طفيفة نسبيا.
وتتراوح هذه الهجمات بين إلقاء قنابل المولوتوف على المباني الحكومية، إلى هجمات أكثر تطورا تنفذها طائرات بدون طيار مسلحة بالقنابل اليدوية.
ووقع القصف الأكثر تدميرا بالقرب من قرية ماياك في صباح يوم 26 أبريل 2022، عندما زرع نحو عشرة أشخاص 12 لغما مضادا للدبابات في مجمع اتصالات، ما أدى إلى تدمير هوائيين كبيرين للراديو.
كما أسقطت طائرة بدون طيار قنبلتين يدويتين على موقف للسيارات تستخدمه قوات حفظ السلام الروسية في 5 يونيو من نفس السنة.
دور روسيا؟الأسبوع الماضي، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا تستعد "لاستفزاز مسلح" ضد ترانسدنيستريا، من دون تقديم أي إثبات.
وهذه المنطقة التي تمتد على طول نهر دنيستر والتي يبلغ عدد سكانها 465 ألف نسمة معظمهم ناطقون بالروسية، غير معترف بها كدولة من المجتمع الدولي، بما في ذلك من موسكو.
وتتّهم كيشيناو (عاصمة مولدوفا) والاتحاد الأوروبي روسيا بشكل منتظم بأنها تسعى إلى زعزعة استقرار مولدوفا التي كانت تقع في منطقة نفوذها لكن سلطاتها تقاربت مع أوروبا.
وفي ديسمبر 2023، قرّر الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات مع أوكرانيا ومولدوفا لضمهما إلى التكتل.
والأربعاء، طلبت سلطات ترانسدنيستريا، "حماية" روسية في مواجهة "الضغوط المتزايدة" لكيشيناو على خلفية التوترات المتفاقمة بسبب الصراع في أوكرانيا المجاورة.
وسارعت وزارة الخارجية الروسية بالرد مؤكّدة أن "حماية" سكان ترانسدنيستريا تمثل "أولوية"، مضيفة أنها ستدرس "بعناية" طلب تيراسبول ("عاصمة" ترانسدنيستريا ) دون تقديم تفاصيل إضافية.
من جهتها، نددت الحكومة المولدوفية، الأربعاء، بتصريحات ترانسدنيستريا وقالت إنها "ترفض الدعاية التي تنشرها تيراسبول وتذكّر بأن منطقة ترانسدنيستريا تستفيد من سياسات السلام والأمن والتكامل الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي".
في المقابل، أكدت الولايات المتحدة أنها "تدعم بقوة سيادة مولدوفا ووحدة أراضيها ضمن حدودها المعترف بها دوليا".
ويذكّر تسلسل هذه الأحداث بالفترة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 عندما كانت مطالبات الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وقتها إحدى الذرائع التي قدمها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للهجوم على كييف.
واجتمع نواب ترانسدنيستريا، الأربعاء، في تيراسبول في مؤتمر استثنائي هو الأول منذ عام 2006، ودعوا البرلمان الروسي إلى "اتخاذ إجراءات لحماية" هذه المنطقة الصغيرة التي يعيش فيها "أكثر من 220 ألف مواطن روسي" في مواجهة "الضغط المتزايد الذي تمارسه مولدوفا".
وقالوا في إعلان رسمي إن ترانسدنيستريا تواجه "تهديدات غير مسبوقة ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية-إنسانية وعسكرية-سياسية".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
مفاوضات موسكو ودمشق.. كيف تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في سوريا؟
مع تزايد رغبة روسيا في إعادة بناء نفوذها في سوريا، يتوقع أن تكون المفاوضات بين البلدين بداية لمرحلة جديدة من العلاقات، حيث قد تجد دمشق في موسكو حليفا قادرا على مواجهة التحديات الإقليمية.
وتمثل المصالحة السياسية بين موسكو ودمشق تحولا لافتا في مواقف روسيا، التي لعبت دورا حاسما في الحفاظ على النظام السوري خلال الحرب مع الفصائل المسلحة منذ أكثر من عقد.
وقد سمحت القواعد العسكرية الروسية على سواحل سوريا لموسكو بتعزيز وجودها العسكري في البحر المتوسط وشمال إفريقيا، بينما كانت تدير ضربات ضد الفصائل المسلحة، بمن فيها هيئة تحرير الشام، التي أسقطت نظلم بشار الأسد وأجبرت الرئيس المعزول على المغادرة إلى موسكو.
دعم مالي روسي
ومن أبرز مؤشرات تعزيز العلاقات بين روسيا وسوريا، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقديم موسكو نحو 23 مليون دولار للعملة السورية إلى البنك المركزي في دمشق الشهر الماضي، وهي خطوة أثارت قلق بعض الدول الغربية التي تتجنب دعم الاقتصاد السوري بسبب المخاوف من العقوبات.
وقالت الزميلة في معهد واشنطن آنا بورتشيفسكايا، إن "ميزة روسيا في التعامل مع سوريا تكمن في أنها غير مقيدة بأي اعتبارات أخلاقية، مما يتيح لها تنفيذ قراراتها بحرية من دون الحاجة إلى إجماع".
واعتبرت أن "السؤال الأكبر هو كيفية تعامل الغرب مع الوضع في سوريا لتقليل تبعيتها لروسيا".
مفاوضات روسية سورية
يتمثل الهدف الرئيسي لروسيا من مفاوضاتها مع سوريا في الحفاظ على قواعدها العسكرية هناك، وهي خطوة تعزز من نفوذها الاستراتيجي بينما تواجه تحديات في أوكرانيا.
وقد تناولت المفاوضات الروسية السورية العديد من المواضيع، من بينها مليارات الدولارات من الاستثمارات في حقول الغاز والموانئ، مع طرح إمكانية اعتذار من موسكو عن دورها في قصف المدنيين أثناء حملات دعم نظام الأسد.
من جهة أخرى، رفضت موسكو مناقشة تسليم الأسد، وهو طلب طرحتته الحكومة السورية في الفترة الانتقالية.
وفي وقت كان به المسؤولون الأميركيون يترددون في تقديم خطة واضحة للمستقبل السوري، قال الدبلوماسي الأميركي السابق دافيد شنكر، إن "قلة تفاعل واشنطن في سوريا يجعل من الصعب عليها معارضة عودة روسيا إلى الساحة".
دعم الاقتصاد
لم يقتصر الروس والسوريون على مناقشة القضايا العسكرية فقط، بل امتدت المحادثات لتشمل تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
وقد بدأت المفاوضات بين روسيا وسوريا في يناير الماضي، بعد وصول نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومبعوثها الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، حيث ناقشا مستقبل القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، إلى جانب فرص الاستثمار في حقول الغاز والموانئ السورية.
وبالتزامن مع ذلك، سعت دمشق لتوسيع دائرة تحالفاتها بعيدا عن تركيا، التي كان لها دور في دعم هيئة تحرير الشام.
في المقابل، أبدت سوريا استعدادا للتفاوض مع روسيا في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدتها جراء الحروب الروسية ضد المدنيين السوريين، خصوصا في مجالات إعادة البناء والاستثمارات.
وقد تضمنت المفاوضات أيضا مطالبات بتعويضات عن الأموال التي حولها النظام السابق إلى روسيا، ومن بينها 250 مليون دولار أرسلها البنك المركزي السوري إلى موسكو عامي 2018 و2019.
وكانت روسيا تشارك في مشاريع استثمارية ضخمة في سوريا قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك مشروعات النفط والغاز.
وبعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، سافر وزير الخارجية السوري إلى موسكو لمناقشة إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في عهد الأسد، بما في ذلك المشاريع التي تم تعليقها مثل بناء ميناء طرطوس وتطوير امتيازات الغاز الطبيعي في سوريا.