الدكتور طارق ليساوي بداية من واجبي الاعتذار لقراء رأي اليوم على هذا الغياب المؤقت، فآحيانا يشعر المرء بنوع من الإحباط في ظل موجة اللامبالاة و سيادة التفاهة و القبول العام بالظلم و الجور و الاهتمام اللامحدود بسفاسف الأمور.. وفي ظل وضع عام كهذا بجد المرء نفسه “كمن يطبل في الماء”، ويزداد الوضع تعقيدا في ظل فضاء غير متسامح مع الرأي الحر و المستقل، فنحن أمام موجة عاتية من السلطوية و تكميم الأفواه و كسر الأقلام الحرة في مقابل دعم لا محدود للتفاهة و للمطبلين و المسبحين بحمد السلطة و أصحابها و الأمر غير مقتصر على بلد بعينه بل يشمل أغلب البلاد العربية المصابة بنفس العلل المزمنة الاستبداد و السلطوية و الظلم الاجتماعي و العجز التنموي و التشرذم السياسي و المجتمعي و غياب الرؤية و الهدف الحضاري .

. لكن مع ذلك، هناك دافع اقوى يدفعني باتجاه قول كلمة الحق، خاصة عندما أرى أن الأمر يمس امور يصعب تجاهلها او السكوت عنها، فواجبي كمسلم أولا و كرجل علم ثانيا منحه المولى عز وجل شرف حمل لواء العلم و تعليمه للأجيال الصاعدة، يدفعني هذا الواجب الديني و الأخلاقي إلى التنبيه للمخاطر الآنية و المستقبلية، و الصمت في مثل هذه الظروف مساهمة في المأساة لان الساكت عن الحق شيطان أخرس ..  وهنا ليسمح لي القارئ الكريم، ان اثير قضيتين على درجة بالغة من الأهمية والخطورة و في نفس الوقت إبراء ذمتي أمام المولى عز و جل يوم لا ينفع المرء لا منصب و لا جاه و لا سلطان: اولا – التطبيع مع الكيان الصهيوني لا نفع منه: سبق لي في اكثر من مناسبة ان عبرت عن موقفي الواضح و الصريح من إتفاق التطبيع، وجريدة رأي اليوم شاهد على ذلك، و أعيد التأكيد مجددا أني أدين التطبيع مع الكيان الصهيوني، و أعلن براءتي منه منذ يوم توقيعه، و أرى أن العلاقات مع هذا الكيان الصهيوني لا نفع منها، و ضررها اكثر بكثير من نفعها، و ان ما يتم الترويج له من اعتراف الكيان الصهيوني بأن الصحراء ارض مغربية، هو اعتراف ملغوم و يضر بقضية الصحراء اكثر مما يخدمها..و أرى ان هذا التطبيع المشؤوم لم و لن تصحبه إلا الكوارث و الخسائر .. فقد ” أعلن مكتب رئيس وزراء إسرائيل، “بنيامين نتنياهو” تلقي دعوة من ملك المغرب محمد السادس لزيارة المملكة وجاءت في رسالة شكر لتل أبيب لاستعدادها الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: “دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس الوزراء نتنياهو لزيارة المغرب، وصدرت الدعوة في رسالة شخصية شكر فيها الملك، إسرائيل على استعدادها للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية”. وأشار البيان إلى أن الملك محمد السادس كتب لرئيس الوزراء أن “الزيارة ستفتح آفاقا جديدة لتعزيز العلاقات بيننا”. ويوم الاثنين الماضي17-07-2023، أعلن الديوان الملكي المغربي في بيان، أن إسرائيل اعترفت بـ”مغربية الصحراء”. وأضاف: “تلقى الملك محمد السادس رسالة من الوزير الأول لإسرائيل بنيامين نتنياهو.. من خلال هذه الرسالة، رفع الوزير الأول الإسرائيلي إلى العلم السامي قرار إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية”. وأفاد نتنياهو بأنه سيبلغ الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية، بهذا القرار.وفي رسالته إلى الملك أفاد نتنياهو بأن إسرائيل تدرس إيجابيا فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة.”  و علينا التأكيد بأن إعتراف الكيان الصهيوني بسيادة المغرب على الصحراء ضرب لقضية الوحدة الترابية و يضر بالقضية و يزيدها تعقيدا، فمن غير الجائز ربط الصحراء بكيان الاحتلال العنصري في تل أبيب.. فمهما يكن من خلاف بين شعوب المنطقة المغاربية فإنه خلاف بين إخوة يجمعهم التاريخ و المعتقد و الفضاء الجغرافي، و مستقبل المنطقة مع الوحدة المغاربية و تأسيس المغرب الكبير حلم رواد حركة التحرير والإستقلال.. ومهما يكن من مكاسب هامشية يروج لها الساسة المغاربة، وانتصارات زائفة جلبها التطبيع، لأن ما تم الترويج له لم يتحقق عمليا على الأرض فسيادة المغرب على الصحراء لم تحسم بعد و خريطة المواقف الدولية لازالت على حالها، و في المقابل شهدت العلاقات المغربية الجزائرية توثرا متزايدا على خلفية هذا الاتفاق المشؤوم، كما ان الاتفاق أضر بصورة المغرب في العالم العربي و الإسلامي، خاصة و أن العاهل المغربي رئيس لجنة القدس، بل إن الميزان التجاري في صالح الكيان و مكاسب المقاولات المغربية هامشية جدا و لا يمكن أن تحقق أي مكاسب ذات قيمة مستقبلا.. المستفيد من الاتفاق هو الكيان الصهيوني الذي نجح في استقطاب دولة بحجم المغرب لها مكانة تاريخية بالغة الأهمية في دعم القضية الفلسطينية، وأيضا بموقعها الجيواستراتيجي المتميز… فالتطبيع مع هذا الكيان الغاصب، خذلان للشعب المغربي بداية، لأن هذا الشعب لا يعتبر القضية الفلسطينية قضية ثانية أو ثانوية يتضامن معها، وإنما هي قضية كل مغربي، والمظاهرات الحاشدة التي شهدتها المدن المغربية طيلة العقدين الأخيرين كان مفجرها الانتهاكات الصهيونية ضد حقوق الشعب الفلسطيني وضد المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، نأسف وندين مجددا الهرولة الرسمية باتجاه التطبيع مع هذا الكيان العنصري الغاصب … كما ندين بشدة الزيارة المرتقبة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني مجرم الحرب نتنياهو، خاصة وأنها تأتي في سياق عودة المجرم غوفرين، مغتصب النساء المغربيات، إلى رئاسة ما يسمى البعثة الدبلوماسية للكيان الغاصب في تحد سافر ولإثبات فرض الإملاءات الصهيونية على المغرب، وهو الذي صرح بأنه يتعمد إهانة الدولة المغربية. لذلك، فإن المسؤولية الوطنية والشرعية والأخلاقية والوفاء للشهداء المغاربة ومستلزمات الواجب إزاء مقدسات المغاربة وأمنهم الروحي، لاسيما إزاء المسجد الأقصى، تقتضي مراجعة الموقف من دعوة المجرم نتانياهو وعصابته من الوزراء الفاشيين، الذين يدعون لاستئصال الشعب الفلسطيني.. كما علينا الإقرار بموضوعية و برغماتية شديدة، أن المغرب هو الخاسر الأكبر من هذا الإتفاق، إقتصاديا الكيان يملك إقتصاد متقدم و صادراته في الغالب ذات قيمة مضافة عالية، في حين أن الاقتصاد المغربي لازالت صادراته فلاحية و ذات قيمة مضافة هامشية، فالميزان التجاري سيكون لصالح الكيان هو ما سيؤدي إلى تعميق العجز التجاري للمغرب، أما الدعاية بأن هذا الاتفاق سيجلب للمغرب الرخاء والإزدهار، نظرا لحجم الاستثمارات الإجمالية التي ستتدفق باتجاه المغرب والسياح الصهاينة الذين سيزرون المغرب، فكل ذلك مجرد أوهام و أضغاث أحلام، فقد تم المراهنة في السابق على استقطاب الاستثمارات الأجنبية بمناسبة عقد اتفاق التبادل الحر بين المغرب وأمريكا، فهل نجح المغرب حقا في أن يتحول لواحة للاستثمارات الأمريكية…!!؟ والقول بأن الاتفاق مع الصهاينة سيشجع السياحة، كم عدد اليهود من أصول مغربية أصلا، الإحصائيات الصهيونية تقول حوالي 700 ألف، لنفترض أن هذا العدد قام فعلا بزيارة المغرب، فماهي القيمة المضافة التي سيقدمها للقطاع السياحي الذي يستقبل سنويا حوالي 10 ملايين سائح.. وهل سيحظى هؤلاء الزوار الجدد لاستقبال وترحيب المغاربة، خاصة إذا علموا أنهم من إسرائيل، وقد رأينا كيف رفض غالبية المغاربة كراء شقة لسفير الكيان..سوف يقول لي أحدهم أن بعض المغاربة تلقى مساعدات من قبل يهود مغاربة في شكل مواد غذائية، وقد تم تداول ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي، و بعض الطلبة ذهبوا لإسرائيل…سأقول له كم عدد هؤلاء؟!، و كل مجتمع يحتضن الصالح و الطالح، لكن غالبية الشعب موقفها واضح ولا غبار عليه، فالتطبيع من الكيان الصهيوني خيانة، وقضية فلسطين قضية كل مغربي حر و شريف .. ثانيا –تدنيس المصحف الشريف بألوان المثلية والشذوذ: غريب امر التطبيع فهو يتسلل كالسرطان الذي ينخر الجسم في صمت و بهدوء، فالتطبيع مع الكيان الصهيوني يقود بالتبعية إلى كل أشكال التطبيع مع الظواهر و الممارسات الشاذة و المنحرفة و الضارة باستقرار المجتمع و بثوابته الدينية و الأخلاقية وقد كنت أتجول يوم أمس بأحد الشوارع، و أردت إقتناء مصحف شريف، ودخلت لأحد المحلات، أبحث عن مصحف برواية ورش عن نافع، فإذا بصاحب المحل يعطيني مصحف بألوان قوس قزح.. وهذه المصاحف تتوفر برواية حفص وبرواية ورش عن نافع ايضا، وبالخط العثماني، وتحمل اسم دار الطبع “طيبة” بالقاهرة. والمصاحف تحمل الألوان الستة التي ترمز للمثلية عبر العالم، وتعمّد طابعوها وضعها بالتدريج كما هي في أعلام هؤلاء، وهي الأحمر وهو اللون الطاغي، ثم الوردي، فالأصفر ثم الأخضر والأزرق والبنفسجي. وصمم العلم الخاص بالمثليين من طرف الفنان “جلبير بيكر”، ويسمى “علم قوس قزح” أو “علم الفخر”، وترمز ألوانه الستة عند هؤلاء إلى التنوع والتسامح، كما ترمز إلى الفخر بالإنتماء إلى عالم المثلية، ويرفع في عموم التظاهرات والمسيرات التي ينظمها المثليون والمطالبون بالتحرر من القيود وعدم تجريم الزواج من نفس الجنس. على العقلاء و الشرفاء و ذوي النخوة و المروءة و الغيرة الدينية ان ينتبهوا إلى هذا المد الجارف و الخطر الداهم الذي يهدف إلى التطبيع مع هذه الممارسات الشاذة و المنافية للفطرة، فأن يصل الأمر لكتاب الله و إغراق الاسواق بهذا النوع من المصاحف و في بلدان إسلامية فذلك خطر حقيقي و تلاعب بمستقبل أبناءنا، فالناس ليسوا سواء و ليسوا متساوون في مناعتهم ضد هذه الرسائل الخفية التي تسعى لبرمجة عقول الاطفال … وما أثار سخطي وغضبي، هو موقف التاجر الذي ما إن نبهته إلا أن هذه المصاحف و بهذه الالوان محاولة للتطبيع مع ألوان المثلية..و ان من واجبه كمسلم ان يكون فطن و يحاول الامتناع عن شراء هذه المصاحف و مقاطعتها، لكن اعطاني محاضرة ..ولأن غضبي كان لله و على كتاب الله عملت بقوله تعالى: “واعرض عن الجاهلين” الرجل حقيقة مرفوع عنه القلم و لا يهمه إلا بيع بضاعته.. و أي بضاعة إنها القران الكريم ..﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾… و ما يدعو حقا للقلق أن هذه الدعاوي أصبحت تنتشر في عالمنا العربي و الإسلامي و تجد لها قلوبا مريضة و عقولا ضعيفة تتأثر بسحرها، و ذلك وسط صمت عجيب من قبل الدعاة و المثقفين و وسائل الإعلام، في مقابل تركيز مبالغ فيه على سفاسف الأمور ..المهم أن مسألة التطبيع مع الفاحشة مسألة أخطر بكثير و تمس أبناءنا و أحفادنا لأن في ذلك تحريف للفطرة، أم أنكم تخشون أن يتم وصفكم ب ” المتطهرين” ؟ أم أنكم من دعاة الحرية الجنسية؟  ذلك أنه لا ينبغي تضليل الناس بدعوى الحرية الجنسية و أن الاختيارات الجنسية مسألة شخصية و غيرها من الشعارات “الزائفة” و “المنحرفة” و “المضللة”، فمسألة الحرية بوجه عام مسألة نسبية، فليس هناك حرية مطلقة على الإطلاق فيما عدا حرية الإنسان في نفسه، وحتى هذه الحرية مقيدة بتعاليم الله الخالق، فإن أساء الإنسان إلى نفسه فسوف يحاسبه الله على ذلك، أما الحرية المطلقة فإنها تعني الفوضى المطلقة، إن الحرية لا بد أن تكون لها حدود تقف عندها ولا تتعداها، فحرية الشخص يجب أن تقف عندما تبدأ حرية الآخر حتى لا يحدث تصادم بين الحريات ويبدأ الصراع، هذا فيما يتعلق بالحرية بصفة عامة، أما فيما يتعلق بحرية الرأي أو التعبير فهي لا تخرج عن الأصل العام وهو أنها ليست مطلقة وإنما مقيدة بعدم تجاوزها إلى الإساءة إلى الآخر باسم الحرية، وإلا أصبحت الحرية مصدرًا للصراعات، فأي إساءة إلى الآخر أو تجاوز في التعبير عن الرأي الموضوعي وتخطي هذا التعبير إلى الإساءة إلى الآخر لا تدخل في تعريف الحرية، وإنما تعتبر من قبيل الإهانة والإساءة ..اللهم إني بلغت اللهم فاشهد..و الله غالب على امره و لكن أكثر الناس لا يعلمون… إعلامي وأكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة..

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: المغرب على الصحراء بسیادة المغرب على محمد السادس

إقرأ أيضاً:

مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني

يمانيون/ تقارير

حاولت أمريكا استباق نهاية المهلة التي حددها السيد القائد لاستئناف العمليات البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، بتوجيه الرأي العام العالمي إلى الزاوية التي تتماشى مع نواياها الباهتة في مسعى لسحب المجتمع الدولي إلى صفها. فزعمت في بيان نشرته قيادة القوات المركزية الثلاثاء أن الهجمات اليمنية تسببت بتضخم في الاقتصاد العالمي من خلال إجبار السفن على اتخاذ مسارات طويلة بعيدة عن البحر الأحمر. وعززت مساعيها بمحاولة إضفاء شرعية دولية على أي تصعيد أمريكي صهيوني محتمل ضد اليمن.

الحقيقة التي تلاحظها وتؤكدها مؤسسات عالمية سواء سياسية أو اقتصادية أو بحثية، هي أن أمريكا من تعمل على زعزعة الاستقرار، وتتعمد إبقاء المنطقة ملتهبة، أولا بما تمنحه من غطاء للكيان الصهيوني للاستمرار في ممارسة إجرامه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وثانيا بتحركاتها العملية من خلال عودة حاملة الطائرات “ترومان” إلى المنطقة.

خلال الشهرين الماضيين ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار شهد العالم التعاطي غير  المسؤول من قبل الكيان الإسرائيلي وأمريكا مع استحقاقات الاتفاق، فيما التزمّت المقاومة والقوى المساندة لها وعلى رأسها اليمن بوقف الهجمات، ما حقق هدوءا ملحوظا في محور العمليات البحرية، ورغم ظهور ترامب ببدعته المرفوضة عالميا بتهجير الفلسطينيين من غزة إلا أن اليمن مارس ضبطا للنفس على أمل مواصلة الكيان الصهيوني في تنفيذ مراحل الانفاق.

هذا التدخل الأمريكي كشف للعالم أن واشنطن هي من تقف أمام السلام وأمام عودة أمن الملاحة، لذلك أكد الرئيس التنفيذي لشركة (تورم) الدنماركية للشحن أن فرصة عودة الحركة عبر البحر الأحمر كانت مواتية لولا تدخل ترامب بمقترح تهجير سكان غزة، وقال: إن الوضع يبدو اليوم أكثر هشاشة بشأن ما يمكن أن يحدث، مقارنة بما كان عليه قبل ثلاثة أشهر”. حسب موقع “تريد ويندز” النرويجي البريطاني.

ودائما كانت أمريكا مستفزة لدول المنطقة بتواجدها بشكل لافت في البحر الأحمر، ما كان يزيد من التوتر، وزاد ذلك خلال العدوان الصهيوني على غزة في تحرك صريح ومعلن لحماية الكيان، لذلك جاء تحرك اليمن كأمر طبيعي وقانوني، خصوصا وأن دخول جبهة الإسناد اليمنية كان على ضوء مطالب إنسانية متعلقة بإيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، والسماح بدخول الغذاء والدواء ومختلف وسائل الحياة.

التحرك للإسناد يبدو اليوم حتميا

عودة العمليات اليمنية لا تعير قدوم حاملة الطائرات الأمريكية مرة أخرى أي اهتمام، لكنها بطبيعة الحال تدخلها ضمن أهدافها في الجولة الجديدة من عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني الذي بدأت منظمات دولية تدق ناقوس اقتراب المجاعة منه.

وسواء تماهى المجتمع الدولي مع البلطجة الأمريكية، وهو ما تنشط فيه إدارة ترامب، أو كان في صف الحق والإنسانية، فإن اليمن ماض في إسناده التزاما بثوابت الدين والقيم الأخلاقية والإنسانية، وهذا ما يعيه الجميع، لذلك ربما يجدون حرجا في انتقاد هذا التحرك. والأمر يبدو اليوم حتميا خصوصا وأن الحصار الخانق ضد الفلسطينيين إنما يراد منه التضييق على الفلسطينيين لاتخاذ قرار مغادرة أراضيهم طواعية، الأمر الذي يفرض على اليمن هذا التحرك مصداقا لرفض هذه الممارسات الإجرامية.

يؤكد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي في تعليقه عقب انتهاء المهلة أن القوات المسلحة في جهوزية عالية وعند مستوى المسؤولية المنوطة بها، وعلى استعداد لتنفيذ توجيهات القيادة العليا في مساندة أبناء غزة ودعم المجاهدين الفلسطينيين بقوة وفاعلية. فيما أكد مجلس الوزراء جاهزية جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية لأي تطورات أو تبعات للموقف اليمني المساند للأشقاء المظلومين في غزة وفي فلسطين عموماً، واتخاذ التدابير والإجراءات المتصلة بتنفيذ القرار على المستويات كافة.

كيف أثبت الكيان أنه عصابات إجرامية

بالنسبة للكيان الصهيوني فقد أكدت سياسة الانتهاكات للمواثيق الدولية والقيم الإنسانية واستمراره في ارتكاب الجرائم أنه يعيش حالة الفوضى والانفلات، كما كان منذ تأسيسه غير الشرعي على الأراضي الفلسطينية، إذ قام على فكرة “الجيش والسلاح”، وفي دعوته لليهود من بقاع العالم للقدوم إلى الأراضي المحتلة وإنشاء المستوطنات. كان الفعل قائما على فكرة “الجيش كقوام كلي” لفكرة ما زعم بأنها دولة، مع غياب للصهاينة في سياسة الكيان إلا بكونه داعماً لفكرة تأسيس هذ الكيان المزعوم، لذلك كان شاهدا حيا وقريبا أن سياسة الصهاينة لم تكن مبالية بأمر أسراها لدى المقاومة الفلسطينية، وقد عرقلت اتفاقات الإفراج عنهم مرارا، بل وأحيانا كثيرة كانت تقتلهم، وقد استقبلت فعلا بعضا منهم في توابيت خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب على غزة.

وفكرة معاودة العدوان على غزة تأتي في هذا السياق، إذ يشعر “جيش” الكيان بالهزيمة رغم كل أشكال الإجرام التي نفذها، لذلك يأمل من مخططه المدعوم أمريكيا استعادة ثقته بنفسه، ضاربا بحياة من تبقى من أسراه عرض الحائط. وهي الثقة التي تضعضعت منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 التي قزّمت حجمه وكشفت هشاشته وكان الفشل حليفه.

وعلى إثر ذلك صار الصهاينة اليوم مجردين من الشعور بالأمان، فهزيمة طوفان الاقصى تبعتها هزائم استمرار عمليات المقاومة طيلة (15) شهرا من استهداف غزة، إضافة إلى الهزائم التي جاءت من دول محور المقاومة؛ حيث شهد عمق الكيان عمليات لم تكن في حسبانه ولا في حسبان واشنطن، شردت ملايين المستوطنين من منازلهم، كما فُرض عليه حصار بحري لم يكن بمقدور أمريكا وأوروبا فعل شيء تجاهه، ليعيش الكيان على إثر الحصار انحدارا اقتصاديا واضحا، وتراجعا لثقة المؤسسات الاقتصادية والبنوك الدولية به.

خياران أمام أمريكا والكيان المؤقت

اليوم ومع بدء عمليات الإسناد اليمنية كخيار وحيد للدفاع عن القضية المركزية للأمة، بدا من اللحظة الأولى التي أطلق فيها السيد القائد تهديده، استنفار العدو الصهيوني لعصاباته المسلحة، مع ذلك فإن ما يبدو في الأفق، مآلات مختلفة عن ذي قبل، فإما أن يرضخ الكيان أو أن يتحمل تبعات استخفافه بالأمة.

والرهان على الأمريكان إنما يزيد من أسباب الهزيمة، فضلا عن أن أمريكا سيكون عليها أن تحسب حسابات المغامرة، وتدرك أن إرسال حاملات الطائرات لإرهاب المنطقة لم يكن له أي مفاعيل خلال (15) شهرا من العدوان الإسرائيلي، وكانت دائما حاملات الطائرات تعود إلى ورش الصيانة. زد على ذلك أن أي تصعيد على اليمن لن تكون عواقبه في صالح أمريكا إطلاقا، لذلك فضّل بن سلمان عدم التماشي مع محاولة وزير الخارجية الأمريكي إثارة مخاوف الرياض من صنعاء للدخول في عمليات الدفاع عن الكيان. إذ أن استهداف أي قواعد لأمريكا في المنطقة يعني أن السعودية ستكون أحد الأهداف.

نقلا عن موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • محافظ أسيوط يوجه بإنارة وتأمين نفق المشاة بمنطقة فريال بحي شرق
  • شرطة الشارقة تكشف كم يجني المتسول خلال ساعة واحدة فقط (فيديو)
  • شرطة الشارقة تكشف حقيقة صادمة عن التسول بتجربة واقعية (فيديو)
  • بتجربة واقعية.. شرطة الشارقة تكشف حقيقة صادمة عن التسول
  • المبعوث الأممي لسوريا: ندعو لإنهاء جميع أشكال العنف فورًا وحماية المدنيين
  • المغرب يحقق قفزة في مؤشر الحرية النقدية..احتل المرتبة 45 عالميًا
  • وزير الخارجية اللبناني يؤكد أن موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني غير مطروح نهائيًا
  • مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني
  • تحقيق أممي: الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة في غزة عبر تدمير قطاع الصحة الإنجابية
  • بفضل الإصلاحات الحكومية.. المغرب في المرتبة 6 إفريقيا وعريبا في مؤشر الحرية الاقتصادية