عربي21:
2024-07-03@20:58:00 GMT

خطة نتنياهو لتعميق الاحتلال وتهيئة الظروف للتهجير

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

بعد تعرضه لانتقادات شديدة، داخلية وخارجية، لعدم طرحه أفقا سياسيا لمرحلة ما بعد الحرب، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نهاية الأسبوع المنصرم، بوثيقة قصيرة مدوّنه في صفحة ونصف الصفحة، تحمل عنوان «مرحلة ما بعد حماس»، وتشمل تجميعا لما صرح به سابقا من مواقف بشأن الحرب ومستقبل قطاع غزة.

الوثيقة معدة للنقاش في المجلس الوزاري للشؤون الأمنية، ولكنّها نشرت قبل بحثها، ما يشير إلى أن هدفها، هو من جهة، امتصاص المطالب الأمريكية والدولية بأن تطرح إسرائيل رؤيتها بشأن اليوم التالي، ومن جهة أخرى الجهر المقصود باستهتار نتنياهو بشركائه غانتس وآيزنكوت، أملا بدفعهما خارج الحكومة والتخلص منهما كجزء من استراتيجيات المنافسة الحزبية والشخصية.


خطة نتنياهو قابلة للفشل فعلا إذا لقيت من يتصدى لها وهذا بحاجة إلى إرادة جمعية فلسطينية وعربية
وعلى الرغم من غاياتها الدعائية والنفعية البيّنة، فإنه لا يجوز الاستهتار بهذه الوثيقة، لأنّها تحوي مواقف رأس الهرم السياسي في إسرائيل، وتعكس إلى حد كبير مواقف النخب السياسية والأمنية المتنفّذة في نظام الدولة الصهيونية. لا تصح الاستراحة بالقول بأن خطة نتنياهو فاشلة وخائبة، فهي لن تخفق هكذا من تلقاء ذاتها، هي قابلة للفشل فعلا إذا لقيت من يتصدى لها، وهذا بحاجة إلى إرادة جمعية فلسطينية وعربية.

خطة نتنياهو ستتحطم إذا ارتطمت بصخرة الوحدة الوطنية الفلسطينية وبالحد الأدنى من الالتزام العربي تجاه قضية وشعب فلسطين، ولا يجوز الاكتفاء برفض أهداف الخطة والقول بأنها خط أحمر، بل من الواجب التصدي لما تقوم به إسرائيل لتحقيق مآربها وغاياتها.

الوسيلة هنا لا تقل فظاعة عن الهدف، فهي إبادة جماعية ودمار شامل، هي مجازر وتهجير، وهي محاولة إجرامية محمومة ومتواصلة لسحق شعب فلسطين وقضيته. يبدو أنه يجب تذكير الدولة الصهيونية، أن شعب فلسطين عصي على الكسر، حتى لو خذلته قياداته ولم ترتفع إلى مستوى المسؤولية التاريخية المطلوب واللازم هذه الأيام. فهو سيجبر هذه القيادات أن تغيّر ما هي عليه، أو أن يغيّرها هو، فالقضية أضحت قضية «نكون أو لا نكون»، لا أقل.

ماذا في خطة نتنياهو
قسّم نتنياهو خطته إلى ثلاث مراحل: المدى القريب والمتوسط والبعيد، لكنها لا تعبر عن تطور خطي متعاقب، بل عن توسيع متتابع للمبدأ نفسه وهو تعميق الاحتلال وضمان دوامه إلى أجل غير مسمى.

ويكمن مضمون الوثيقة في عنوانها «يوم ما بعد حماس»، وذلك بافتراض أن اليوم التالي للحرب يأتي بعد القضاء على حماس. وعليه يأتي البند الأول على «المرحلة الفورية»، ويحدد أن «الشرط اللازم للوصول إلى اليوم التالي»، هو أن «يواصل الجيش الإسرائيلي الحرب حتى تحقيق أهدافها: تدمير القدرات العسكرية والسلطوية لحماس، وإعادة المخطوفين، ومنع تهديد من غزة».

بعد ذلك تذهب الوثيقة إلى المرحلة المتوسطة في تسع نقاط:
أولا: حرية العمل العسكري في كل قطاع غزة بلا سقف زمني، ثانيا: يبقى الشريط الحدودي داخل غزة قائما طالما هناك حاجة أمنية له، ثالثا: «تقيم إسرائيل «حاجز عزل جنوبي» بين غزة ومصر.. يفعّل قدر المتاح بالتعاون مع مصر وبالتعاون مع الولايات المتحدة»، رابعا: تسيطر إسرائيل أمنيا على كل المنطقة الواقعة غربي نهر الأردن، بما فيها قطاع غزة (برا وبحرا وجوا والطيف الكهرومغناطيسي)،
خامسا: تكون غزة منطقة منزوعة السلاح، سادسا: مدنيا، تجري إدارة غزة من أطراف محلية لها خبرة إدارية وليس لها علاقة بالفصائل الفلسطينية، سابعا: يتم تنفيذ خطة لمكافحة التطرف في المؤسسات الدينية والتعليمية والخدماتية كافة في غزة، ثامنا: تسعى إسرائيل إلى إغلاق الأونروا وإلى «استبدالها بوكالات إغاثة دولية مسؤولة»، تاسعا: إعادة إعمار غزة تبدأ فقط بعد إتمام نزع السلاح والشروع في عملية «مكافحة التطرّف»، وتقوم بالإعمار دول مقبولة عند إسرائيل. أمّا المرحلة بعيدة المدى، فقد حملت عنوانا فرعيا هو «القواعد الأساسية للتسوية المستقبلية»، وتضمنت بندين بصيغة النفي: الأول: ترفض إسرائيل الإملاءات الدولية بخصوص التسوية مع الفلسطينيين، والثاني: ترفض إسرائيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية من طرف واحد.

كيف نقرأ الخطة
في تعقيب ساخر لها على الخطة، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» بأنّها لا تشرح كيف سيتجنّد الفلسطينيون لتكريس الاحتلال الإسرائيلي؟ وهذا سؤال وجيه لأن الخطة ليست معدّة فقط، لتعميق الاحتلال وإطالته إلى أجل غير مسمى، بل تطلب فيها إسرائيل من الدول العربية ومن أبناء الشعب الفلسطيني، أن يسهلوا عليها الهيمنة والسيطرة.
حتى لو كتب الفشل لكل بنود الخطة فهي تبقى في غاية الخطورة لأن الدولة الصهيونية تسعى لتحقيق غاياتها
سيكون من الصعب، بل من المستحيل أن تنفذ إسرائيل خطتها كاملة، لكن كل بند من بنودها هو مصيبة بحد ذاته، وحتى لو كتب الفشل لكل بنود الخطة، فهي تبقى في غاية الخطورة، لأن الدولة الصهيونية تسعى لتحقيق غاياتها بارتكاب الجرائم والمزيد من الجرائم كلّما أخفقت في الوصول إلى مآربها. ولو نظرنا إلى خطة نتنياهو، لوجدناها مزروعة بالألغام والقنابل الموقوتة في كل بنودها. واللغم الأكبر والأخطر هو إعلان الالتزام بمواصلة الحرب حتى «تدمير حماس»، وهذه وصفة لإدامة القتال لأشهر ولسنوات. وإذا ظن البعض أن مصير المحتجزين الإسرائيليين قد يردع جيش الاحتلال، فإن الخطة تشير فقط إلى إعادتهم، من دون إضافة كلمة «أحياء».

ولمواصلة الحرب لمدة أطول فأطول، تستطيع إسرائيل التلويح دائما بأن عملية «نزع السلاح» عن غزة لم تكتمل، وقد تستعمل الادعاء نفسه لمنع البدء في عملية إعادة الإعمار. هذه العملية تبدو مستحيلة في ظل السياسات والممارسات الإسرائيلية، إذ يشترط كل من هو مرشّح لتمويلها وإدارتها بأن تكون ضمن خطة حل سياسي تضمن أن يجري هدم ما تمت إعادة إعماره، كما حدث سابقا، مرارا وتكرارا.

ما تصبو إليه الدولة الصهيونية في هذه المرحلة هو تهيئة الظروف لما يسمّى «التهجير الطوعي». وقد روّج له قبل عشرين عاما، عضو الكنيست اليميني المتطرّف بيني إيلون، الذي دأب على القول بأن الترانسفير أكثر إنسانية وأرحم من القتل.

وتكرر قيادات إسرائيلية وازنة الدعوة للتهجير بوصفه عونا إنسانيا للفلسطينيين لتخليصهم من عذاباتهم في غزة، لقد تم التهجير فعلا داخل غزة، والتهجير إلى خارج القطاع هو الآن مشروع إسرائيلي ينتظر الفرصة المواتية.

ما العمل؟
لا مبالغة في القول إن مصير شعب وقضية فلسطين على المحك هذه الأيام. والكوارث المحتملة لا تقل فظاعة عما جرى ويجري.

الحسابات السياسية القديمة فقدت معناها وقيمتها، بغض النظر عن مدى صوابها وأحقيتها. السؤال الأهم والمصيري هو كيف يواجه الشعب وتواجه القيادة هذه الكوارث، وكيف يمكن الخروج من هذا النفق المظلم؟ المطلوب فورا مشروع فلسطيني لحماية شعب فلسطين من المزيد من المصائب، وهو يبدأ بالوحدة الوطنية اللازمة لمواجهة التحديات المذهلة القائمة والمقبلة.

كيف يمكن أن يكون للدولة الصهيونية مشروع (إجرامي) لحاضر ومستقبل غزة، ويغيب عنها المشروع الفلسطيني المتفق عليه.

إنّ أخطر ما نسمعه هذه الأيام هو نغمة قلة الحيلة، فهي لا تعكس واقعا، بل موقفا لتسويغ خيار العجز. يمكن لحركة التحرر الوطني الفلسطيني بفصائلها المختلفة أن تطرح للشعب الفلسطيني أولا، ولبقية العالم مشروعا يمثل الحق الفلسطيني ويحمل سطوة عدالة قضية فلسطين.

وحين يتفق الفلسطينيون على قيادة موحّدة تطرح مشروعها، لا يستطيع العالم تجاوزها، ولا حتى الدول العربية. وعند التوصل إلى توافق سياسي، يسهل تشكيل حكومة تكنوقراط وهيئات إعمار ناجعة، ويمكن تحريك تفاعل عربي ودولي يفضي إلى وقف الحرب والشروع بتضميد الجروح. البديل هو عمليا، فتح باب «التهجير الطوعي».

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة اليوم التالي الاحتلال غزة نتنياهو الاحتلال العدوان اليوم التالي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الصهیونیة خطة نتنیاهو شعب فلسطین

إقرأ أيضاً:

لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟

رأى كُتاب ومحللون سياسيون أن اللاءات التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشأن ترتيبات ما بعد الحرب على غزة "غير واقعية"، وأكدوا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إبقاء حالة الحرب.

ووفق الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فإن أميركا تحاول خلق مقاربة جديدة لتحقيق أهداف فشلت إسرائيل بتحقيقها عسكريا في غزة، مشيرا إلى أنها تريد إرساء معالم توافق عليها إسرائيل لمنع نتنياهو من حكم عسكري مباشر للقطاع.

ويعتقد مكي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن طرح هذه اللاءات محاولة لكسب ما تبقى من الزمن في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه شدد على أنها غير قادرة على توجيه دفة الأمور في الشرق الأوسط وخاصة حرب غزة.

وكان بلينكن قد قال مؤخرا إن هناك 3 أمور لا تقبل بها الإدارة الأميركية في غزة بعد الحرب وهي: الاحتلال الإسرائيلي، وعودة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى حكم القطاع، وأي حالة من حالات الفوضى والفراغ.

وأوضح مكي أن جولة بلينكن الأخيرة كانت للترويج لقوات عربية أو إسلامية بديلة لحماس في غزة، وهو ما رفضته القاهرة، مضيفا أن لاءات بلينكن "تصريحات استهلاكية غير ذات فائدة".

ونبه إلى أن واشنطن تريد إدارة غير فلسطينية لإدارة غزة كالاستعانة بجيوش عربية معينة، لكنه استدرك بالقول إن ما تطرحه الولايات المتحدة "حلول غير واقعية"، إذ تريد إشراك المنطقة بالمهمات الإسرائيلية لإخضاع وتدجين الشعب الفلسطيني لأجل التطبيع.

وبشأن التوقيت، يؤكد المتحدث أنها تأتي بعد فشل إسرائيل بتحقيق أهداف الحرب، وكذلك صراعات أميركية داخلية تؤثر على القرار الأميركي وقدرته في الخارج.

ورغم إقراره بأن إنهاء حكم حماس لغزة يعد مطلبا إسرائيليا وأميركيا، شدد مكي على أن الأمور تتجه نحو حالة من العدمية بالنسبة لإسرائيل، التي قال إنها لا تمتلك إستراتيجية أو رؤية، فضلا عن أن نتنياهو يحارب من أجل الحرب.

وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه هدف إبقاء المنطقة بحالة حرب حتى عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض -في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية- بهدف إشعالها أكثر ومساعدة إسرائيل بما يلزم.

وأشار إلى أن نتنياهو يطرح شروطا يعرف أن حماس ترفضها لكي يستمر في الحرب، معتقدا في الوقت نفسه أن الحرب مستمرة وقد تصل إلى أقصى حد ممكن في النزاع العسكري، خاصة أن قوة حماس في غزة كبيرة ولا يمكن مقارنتها بالضفة الغربية.

حرب أبدية؟

بدوره، قال الباحث في الشؤون الدولية والسياسية ستيفن هايز إن إدارة بايدن تبحث عن سلام إقليمي، ولا يمكن أن يحدث دون تسوية الوضع بغزة، مشيرا إلى أن هذه الإدارة بوضع عصيب وتبدو كالجريحة.

ويعتقد هايز أن إدارة بايدن بموقف لا يخولها فرض أي شيء على نتنياهو، مشيرا إلى أن الكثير من الحل يعتمد على حماس، قبل أن يضيف أن هناك حربا أبدية إذا بقيت الأخيرة في حكم غزة.

وأشار إلى ضرورة وضع خطة واقعية تتجاوز نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، متوقعا أن قدوم ترامب سيغير الوضع وستكون رسالته قوية جدا بمساعدة إسرائيل عبر عملية صعبة وطويلة وبشعة.

وخلص إلى أن الولايات ستبقي دعمها لإسرائيل، ولكن ستكون قادرة على التأثير بالوضع إذا جرت انتخابات في إسرائيل لاستبعاد نتنياهو.

ماذا يريد نتنياهو؟

من جانبه، يرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن نتنياهو يحاول تعليق المرحلة وإرباك المشهد إلى يوم الحسم في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل؛ أي اليوم الذي يلي الانتخابات الأميركية.

ويضيف جبارين أن نتنياهو لديه مشكلتان، الأولى محاولة بقاء حكومته حتى 28 يوليو/تموز موعد العطلة الرسمية للكنيست، والثانية قدوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل وإمكانية تحمل الشارع لذلك في ظل عدم إنجاز أهداف الحرب.

ويبين أن نتنياهو لا يريد حماس ولا الرئيس الفلسطيني محمود عباس رغم أن لا بديل لهما، كما أنه يحاول تعقيد المشهد العالمي والغربي بقوله إنه لا يوجد أي أفق للحل بحسب الرؤية الأمنية الإسرائيلية.

ويعتقد أن نتنياهو يريد حكما عسكريا مباشرا لغزة لإرضاء وزيريه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش رغم كونه فخا لإسرائيل عسكريا وإداريا واقتصاديا، وعدم رغبة الجيش بذلك.

كما يستغل نتنياهو ضبابية المشهد -بحسب جبارين- في محاولة السيطرة على الجيش وتمزيقه وتحويله إلى كتائب ذات ولاء مباشر لرئاسة الحكومة، مضيفا أنه يتغذى على استطلاعات رأي تقول إن 4% فقط من الإسرائيليين يرون أن الحرب تجاوزت الحد الأخلاقي.

مقالات مشابهة

  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة
  • نتنياهو يرد على تقرير نيويورك تايمز ويتمسك بمواصلة حرب غزة
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • نتنياهو يشدّد على رفض الاستسلام لالرياح الانهزامية ووجوب تحقيق أهداف الحرب
  • هل تتجه إسرائيل لإقامة حكم عسكري في غزة؟
  • الخطة الإسرائيلية باتت الآن مكشوفة
  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة
  • ليبرمان ينتقد إدارة الحرب في غزة.. "مواجهة إيران لا مفر منها"
  • إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة