حديث كمالا هاريس وغيرها عن رفض الإدارة الامريكية لتسليح أودعم الإمارات للمليشيا لا يعني شيئا سوى “لا نمنعكم لكنه على مسئوليتكم ولا نستطيع حمايتكم من الكونغرس والداخل الأمريكي” يعني بالسوداني “أكلوا ناركم براكم”. لغة الإدارة الامريكية إذا قررت المنع ليست الكلام بل العقوبات، أو الانحياز للخصم، وهذا لم يحدث بل توجد مؤشرات على نقيضه، وهو استمرار التحرش والتربص بالجيش وقائده وتحريك الملاحقات الجنائية الأرشيفية المشابهة.

خلاصة (المنامة) بالنسبة لي ليست مقترح حذف البرهان وحميدتي من التسوية وغير ذلك من وسائل إرباك المشهد وإثارة الإنقسامات أوالضغوط مثل اقصاء الاسلاميين، هذه كلها سلطات اختيارية على جانب الطبق الرئيسي يجوز استبدالها وطلب باباغنوج أوطحينة، الخلاصة هي أن الموقف الأمريكي الأساسي يرغب حاليا في تنسيق بين الإمارات ومصر والسعودية، مع وجود قناة إحتياطية مع قطر، وتحويل الاحتواء من مزدوج إلى متعدد وهو موقف يسحب الحماية ويطفيء الضوء الأخضر للإمارات ولكنه لا يلغي دورها، وذلك لضرورة التنسيق معها في ملفات التطبيع العربي (وبالذات السعودي) مع اسرائيل والممر الهندي الاوسطي الأوربي الموازي لقناة السويس.

الكرة الان في ملعب السودان، كيف يستفيد من الإعلان الأمريكي بفشل (المخطط العسكري – السياسي) للمليشيا واعتباره عقدة في علاقتها مع الأمارات، لا بد من إشراك آخرين وعلى رأسهم مصر في حلها.

المبعوث الأمريكي الجديد توم بيريليو .. سياسي حزبي وليس ديبلوماسي مهني، وهو أمريكي إيطالي يجيد لف الاسباجيتي بالشوكة وجمع الخيوط من أجل اتفاقية ولو صورية لتعزيز حملة بايدين الانتخابية، هو أصلا كان قياديا في حملة هيلاري الانتخابية، وعمل كثيرا من متبرعي حملات الادفوكيسي فهو حارس لأموالهم الانتخابية أكثر من المصالح الأمريكية.
طالما تم تعيينه من وزير الخارجية بلينكن وليس الرئيس بايدين، هذا يعني أن ملف السودان لا يزال منقسما بين الخارجية ومجلس الامن القومي، وغير صحيح تحويل الملف للأمن الذي كان البعض يعول عليه.

الديموقراطيين هم ملوك الإرباك والوعود الفارغة والتوريط .. على الجميع الحذر.

مكي المغربي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟

شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ. يعكس هذا التدهور أزمة أعمق في الفكر السياسي السوداني، حيث أصبح الخطاب أداةً للتعبئة العاطفية والتخوين بدلًا من أن يكون وسيلةً للحوار العقلاني وبناء التوافق الوطني.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب

القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية

المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية

تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الاستقلال في إنزكان يندد بـ"القفف الانتخابية" بعد حوادث "جود".. وبرلمانيه يشدد على "ضرورة تقييم المخطط الأخضر"
  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • نقل مباراة زد ووادي دجلة بدوري الكرة النسائية
  • حملة إعلانية تظهر برج إيفيل بالحجاب تثير غضب سياسيين فرنسيين (شاهد)
  • من أطلق الرصاصة الأولى؟ القصة الخفية وراء بداية الحرب في السودان – الحلقة الأولى
  • بحضور السفير القطري .. إفطار رمضاني بمسجد النور بمدينة بورتسودان – صور
  • حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة
  • حماس :الكرة في ملعب إسرائيل بعد عرض الإفراج عن رهائن
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو