الصهاينة والأمريكان والمنطق الأخلاقي
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
في قطاع غزة وفي حرب غير متكافئة مقارنة بما لدى الصهاينة من قوة وقدرات ودعم لوجستي دولي من أمريكا وبريطانيا ودول الترويكا الأوروبية، مقارنة بالمقاومة الفلسطينية وما لديها من إمكانيات وقدرات قد لا تساوي نقطة في بحر مما لدى الصهاينة، غير أن اهم ما لدى المقاومة ولا يملكه العدو هو الإرادة وقوة الحق والانتماء للمكان والأرض والجغرافية وارتباط ( زمكاني) حضاري وثقافي وتاريخي وهذه أهم وأقوى الأسلحة التي تمتلكها المقاومة وتمنحها القدرة على هذا الصمود الأسطوري الذي اذهل العالم واربك أعداء المقاومة، وكشف ضعفهم وهشاشة وجودهم، في هذه الحرب غير المسبوقة فقد العدو الصهيوني كل أساطيره واتضح زيف اكاذيبه وكشف عن أزمة وجودية يعيشها الكيان وأزمة هوية تضرب مفاصل مكوناته الاجتماعية، ونرى هذا بوضوح من خلال إدارة العدو لعدوانه على الشعب العربي في فلسطين سواء جرائمه في قطاع غزة أو انتهاكاته التعسفية والعنصرية في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر أو ما يُسمى بعرب الداخل أو عرب 48.
ففي العدوان على قطاع غزة يمارس العدو حرب إبادة منظمة وممنهجة يقوم بها جيش مدجج بأحدث الأسلحة والتقنيات الحديثة، فهو يقتل البشر ( نساء ـ أطفال وشيَوخ) ويهدم البيوت والأبراج على رؤوس سكانها، ويقتلع الأشجار، يدمر المستشفيات على رؤوس المرضى والجرحى، يحرم الجرحى والمرضى من الأدوية والمتطلبات الطبية، ويحرم الأصحاء من الغذاء والمياه وكل متطلبات الحياة، يهجر الناس من بيوتهم بالقوة، ويحرمهم من المأوي الآمن، بل يجعلهم فريسة لكل ظواهر الطبيعة، جيش يقتل الأحياء في غزة ويخرجهم من بيوتهم، ولم يسلم منه الأموات في مقابرهم، إذ عمل على تجريف المقابر واعتقال أموات من خلال قيامه بمصادرة جثامين الموتى، ثم يُقال عنه ( إنه الجيش الأكثر إخلافا في العالم)؟
أمريكا نفسها الدولة العظمى التي تسهر على (أمن واستقرار العالم) كما تزعم، تتحدث عن القيم الأخلاقية وتصف نفسها بالدولة ذات القيم الحريصة على الأخلاق؟
تسويق لمفاهيم كاذبة وزائفة، يتم تصديرها عبر ماكينة إعلامية جبارة مهمتها تلميع الوجوه القبيحة والبشعة، والمؤسف إن هناك من لا يزل يأخذ ما يصدر عن الصهاينة والأمريكان ومن يقف إلى جانبهم، ويصّدق ما يصدر عنهم رغم بشاعة سلوكهم وافتضاح أكاذيبهم.
الصهاينة في غزة يقتلون الأحياء، البشر ويدمرون الحجر، ويتلعون الشجر، وصولا بالوقاحة والإجرام إلى تجريف المقابر ونبش القبور واعتقال ومصادرة جثامين الموتى دون مراعاة لحرمة المقابر وحرمة الموتى الذين لم يدعهم الاحتلال يسكنون مقابرهم بسلام؟
في بقية الجغرافية الفلسطينية هناك عنصرية واستيطان وقتل يومي واقتلاع الأشجار المثمرة وهدم بيوت وطرد سكانها للشارع، وهناك اقتحامات يومية في كل مدن وقري الضفة الغربية والقدس، وانتهاكات للأعراض والمقدسات والحقوق والسيادة والجغرافية، ولي ادمية الإنسان وحقه في حياة كريمة آمنة.. كل هذا يحدث للعربي الفلسطيني من قبل الكيان الصهيوني وجيشه وقطعان المستوطنين، ثم نراهم يتحدثون عن الأخلاق والفضيلة وكأنهم في (جمهورية أفلاطون)؟
الأمريكان بدورهم يتحدثون بهذه اللغة ويعتبرون أن ما يقوم به الصهاينة ( حقهم في الدفاع عن أنفسهم)؟!
كما ترى أمريكا وحلفاؤها أن من حقهم (الدفاع عن أمنهم القومي في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن) وليس هناك وقاحة سافرة أكثر من هذه الوقاحة التي تعبر عنها أمريكا وتجر خلفها (عواجيز) بقايا الإمبراطوريات الزائلة، مع بعض أنظمة الارتهان والتبعية، وأخرى خائفة من غضب أمريكا ومن وجود قواعدها العسكرية على أراضيها مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية؟
الصهاينة والأمريكان في حالة ارتباك سلوكي، وفي أزمة وجودية يعانون من الهزيمة والفشل، والهزيمة السياسية قد تكون أكثر تأثيرا على الوعي من الهزيمة العسكرية التي قد لا تؤثر إذا بقت الإرادة والمعنويات مرتفعة، لكن الارتباك الصهيوني جعلهم يتحدثون بإسهاب عن انتصار يسعون إليه منذ أشهر، وفشلوا. يتحدثون عن علاقة قادمة مع الدول العربية، وعن (فتح مبين قادم لهم بالوطن العربي) وهم يخسرون العالم واحترامه؟
يتحدثون عن رفضهم قيام دولة عربية فلسطينية في حدود عام 1967م عاصمتها القدس الشرقية، ثم يتحدثون عن تهجير للشعب الفلسطيني وتوزيعه على دول العالم؟ ثم يتحدثون عن دولة منزوعة السلاح، دولة السيطرة الأمنية فيها لقوات الكيان الصهيوني ؟
بل إن ارتباك هؤلاء الصهاينة ووقاحتهم بلغت حد القول (أن الرئيس البرازيلي شخص غير مرغوب فيه) وكأنه سفير في بلاطهم؟
فقط لأنه انتقد جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني واعتبرهم مجرمي حرب؟
المحكمة الدولية بنظرهم، (معادية للسامية) ودولة جنوب أفريقيا يجب أن تسقط ونظامها يجب أن يتغير؟
إما الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهي عدوهم اللدود، لأنها تدافع عن الحق العربي الفلسطيني وتقدم الدعم للمقاومة في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وبلغت وقاحتهم حد المطالبة بتغير قيم الإسلام، ويجب أن يكون الإسلام السائد والمعتمد في الوطن العربي والعالم الإسلامي هو الإسلام الذي (تمثله السعودية والإمارات)؟
ثقافة المقاومة يجب أن تطمس من وعي وذاكرة الأمة، ويجب أن نسلّم جميعا عربا ومسلمين بأخلاقيات وقيم الصهاينة والأمريكان، حتى تصبح صورنا وتصريحاتنا تحتل أماكنها البارزة على أغلفة مجلات الغرب وأمريكا، وصفحات صحفها، وعلى شاشات فضائيتها؟
وهم حريصون على أن نهتم بأكلنا وشربنا وكل ما يسعدنا من مقومات الترفيه، وان نغرق في ثقافة الاستهلاك الترفي كما تسوق لنا فضائيتنا المستعربة التي تتحفنا على مدار الساعة بكل منتجات الترفيه والإسراف الاستهلاكي، حتى في ساعة أخبارها تنقل لنا أخبار المولات الجديدة وما تعرض من أدوات الرفاهية، في الوقت الذي لا تملك فيه أعظم وأكبر دولة عربية واغناها احتياطاً من القمح والسلع الاستراتيجية ما يكفيها لمدة ستة أشهر، فيما ثرواتهم القومية تستنزف في شراء واستيراد المنتجات الاستهلاكية الترفيهية، حتى أن تكاليف أدوات التجميل لدول الخليج سنويا تُقدر بـ (تسعة مليار دولار)؟
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الإمارات تستعرض تقريرها الوطني الثاني بشأن الميثاق العربي لحقوق الإنسان
ناقشت دولة الإمارات اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة تقريرها الوطني الثاني بشأن الميثاق العربي لحقوق الإنسان أمام لجنة حقوق الإنسان العربية في دروتها الـ 27.
وشاركت دولة الإمارات بوفد رفيع المستوى ضم ممثلين من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في الدولة والمعنية بحقوق الإنسان.
وألقى سعادة القاضي عبد الرحمن مراد البلوشي الوكيل المساعد لقطاع التعاون الدولي والشؤون القانونية في وزارة العدل كلمة الدولة، أكد خلالها أن دولة الإمارات منذ استعراضها لتقريرها الدوري الأول أكتوبر 2019 أصدرت سلسلة من التشريعات الوطنية، كما تواصل جهودها الحثيثة نحو تعزيز وتطوير منظومتها المؤسسية بما يساهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن دولة الإمارات اعتمدت خلال الأربع أعوام الماضية منظومةً مترابطةً ومتكاملةً من السياسات والإستراتيجيات الوطنية التي تسعى إلى تعزيز وكفالة التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أهمها “الخطة الوطنية حول المرأة والسلام والأمن” التي تهدف لتحقيق المشاركة الفعالة للمرأة في الوقاية من النزاعات، و”السياسة الوطنية لكبار السن” و”استراتيجية التوازن بين الجنسين 2026″ و”السياسة الوطنية لتمكين المرأة 2031″ و”السياسة الوطنية للتحصينات” و”السياسة الوطنية للأسرة” و”سياسة حماية الأسرة” و”الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051″ و”مئوية الإمارات 2071″ التي تشكل برنامج عمل حكومي طويل الأمد.
وعلى صعيد قطاع الرعاية الصحية، أفاد سعادته بأن دولة الإمارات نجحت في تأسيس منظومة رعاية صحية متكاملة تُطَبقُ أفضل الممارسات العالمية، حيث جاءت بين أفضل 10 دول في العالم حسب تقارير التنافسية العالمية، وتبوأت المراكز الأولى عالميًا في 11 مؤشر صحي، كما حصلت على المركز الثاني عالميا فيما يتعلق بمستوى الرضا عن الرعاية الصحية بحسب المركز الاتحادي للتنافسية والاحصاء عن عامي 2023 و2024.
وأضاف سعادته: تشكل عملية تطوير منظومة التعليم أبرز أولويات حكومة دولة الإمارات، إيمانًا منها بأن التعليم هو أساس تقدم وتطور الأمم. ومن هذا المنطلق، طورت الدولة نموذج المدرسـة الإماراتية، كما استحدثت نموذج (مدارس الأجيال)، وتم إنشاء المركز الوطني لجودة التعليم، بالإضافة إلى اعتماد الحكومة الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030، والتي تركز على تطوير منظومة تعليمية مبتكرة، وتعزيز مهارات الطالب، باعتباره حجر أساس العملية التعليمية.
وأوضح أن حماية الأسرة وتعزيز مكتسباتها تتصدر سلم الأولويات والاهتمام في جميع السياسات والخطط والبرامج الحكومية في دولة الإمارات انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن الأسرة تمثل الحاضنة الأساسية والنواة الأولى لوطن متماسك ومتسامح وآمن ينعم جميع أفراده بالرفاهية والاستقرار، وقد أعلن عام 2025 “عام المجتمع” لترسيخ تماسك المجتمع وتعزيز أواصره.
وأضاف سعادته: أصدرت دولة الامارات المرسوم بقانون اتحادي رقم (13) لسنة 2024 بشأن الحماية من العنف الأسري، كما أنشأت الدولة في ديسمبر 2024 وزارة الأسرة، والتي تختص بالعمل على بناء أسر مستقرة وتعزيز دور الأسرة في التنشئة، والحد من مخاطر التفكك الأسري.
وفي ما يتعلق بتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، أكد سعادة القاضي عبد الرحمن مراد البلوشي أن دولة الإمارات تواصل وبخطى ثابتة جهودها في هذا الصدد، حيث تتبوأ المرأة في دولة الإمارات أرفع المناصب السياسية والتنفيذية والتشريعية، وتتواجد في مختلف مناصب القيادة العليا التي تتصل بوضع الاستراتيجيات واتخاذ القرار؛ وتتويجا لهذه الجهود، حصلت دولة الإمارات على المرتبة السابعة عالمياً والأولى إقليمياً في مؤشر المساواة بين الجنسين لعام 2024 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأكد سعادته حرص دولة الامارات على تعزيز وتطوير منظومتها القضائية، والتشريعات الوطنية ذات الصلة، بما يساهم في تعزيز كفاءة وفاعلية القضاء، وتسهيل إجراءات التقاضي، وتحقيق العدالة الناجزة، ورفع مستوى الوعي القانوني لدى المجتمع، وتوفير المساعدة القانونية والإرشاد.
وفي هذا الإطار، أصدرت الدولة مرسوما بقانون بشأن الإجراءات الجزائية، وعددا من القرارات الوزارية الهامة بشأن الدليل الإجرائي لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل التكنولوجية والاتصال عن بعد في الإجراءات الجزائية، واستخدام تقنيات التعاملات الرقمية في المعاملات والمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية.
وأشار إلى أن التّسامح يعد أحد المبادئ الإنسانية والأخلاقية التي رسّختها قيادتنا الرشيدة منذ قيام الاتحاد، حيث جعل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” العدل والمساواة والتآلف والتسامح واحترام الآخر، نهجاً ثابتاً لا يقتصر على الداخل فحسب، وإنما يحكم علاقات الدولة بالعالم الخارج.
وأشار سعادته إلى أن دولة الإمارات قادت خلال رئاستها لمجلس الأمن في يونيو 2023، اعتماد القرار التاريخي رقم 2686 بشأن التسامح والسلام والأمن الدوليين، الذي تضمّن لأول مرة إقراراً دولياً بوجود ارتباط بين خطاب الكراهية وأعمال التطرف والسلام والأمن الدوليين، كما حث القرار على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
وجدد سعادته في ختام كلمته دعم دولة الإمارات للدور الهام الذي تضطلع به لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان كآلية استطاعت خلال فترة وجيزة وعبر إسهاماتها وأنشطتها المتميزة في إثراء العمل العربي في إطار جامعة الدول العربية، من خلال إسهامها البناء في مراجعة الاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان، ومتابعتها لتنفيذ وإعمال مواد الميثاق العربي في هذا الصدد.