رأي اليوم:
2024-11-24@16:34:42 GMT

أوكرانيا: تصعيدٌ في الصيف وتسويةٌ في الخريف

تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT

أوكرانيا: تصعيدٌ في الصيف وتسويةٌ في الخريف

 

د. صبحي غندور تتضارب التوقّعات وتختلف الاستنتاجات بشأن ما يمكن أن تصل إليه الحرب الدائرة في أوكرانيا لحوالي 17 شهرًا، حرصت خلالها الأطراف المتصارعة على احترام الكثير من الخطوط الحمراء، فلا الحرب امتدّت إلى دولٍ أخرى مجاورة، ولا السلاح النووي جرى استخدامه رغم التهديد به أكثر من مرّة، ولا مواجهات عسكرية مباشرة حصلت بين الروس والأميركيين أو أي قوّاتٍ أخرى تابعة لحلف “الناتو”.

فمصير الحرب في أوكرانيا يخضع الآن لعدّة احتمالات بينها استمرارية الحرب لمدّة زمنية طويلة بحيث تكون حرب استنزاف عسكرية واقتصادية لروسيا من قِبَل الولايات المتّحدة وحلفائها بشكلٍ شبيه لما حدث مع روسيا الشيوعية في أفغانستان خلال القرن الماضي، لكن هذا الاحتمال ليس من السهل حدوثه بسبب الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تعاني منها أوروبا الآن، وكذلك دول أخرى عديدة في العالم، نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية. الاحتمال الثاني، هو أن يعلن أحد الطرفين المتحاربين قبوله بالهزيمة العسكرية، وهو أمرٌ غير وارد إطلاقًا لدى القيادة الروسية، ولا طبعًا لدى الولايات المتّحدة ودول “الناتو” التي تدعم عسكريًّا وأمنيًّا وماليًّا الحكومة الأوكرانية كما لم تفعل مع أي دولة أخرى في الماضي أو الحاضر، وبالتّالي لن تسمح واشنطن بهزيمة كييف أو بتغيير سياسي فيها لغير صالحها. الاحتمال الثالث، هو استخدام السلاح النووي لحسم الحرب وهو احتمالٌ يُحوّل الحرب الأوكرانية إلى حربٍ عالمية تُدمّر معظم دول العالم، ولم يتمّ حصول ذلك طيلة نصف قرنٍ من الزمن خلال حدّة الصراع بين المعسكرين “الشرقي” و”الغربي”، وفيما اصطلح على تسميته ب”الحرب الباردة”، لأنها كانت مضبوطة السقوف بين واشنطن وموسكو رغم امتلاك الدولتين الأعظم آنذاك لمختلف أنواع الأسلحة التقليدية والنووية. إذن، ما هو الممكن حدوثه خلال الأشهر القليلة القادمة، وما مصير الحرب الأوكرانية؟!. أعتقد أنّ الخيار الوحيد المتاح الآن هو التفاوض للوصول إلى حالة تجميد للصراع المسلّح في أوكرانيا دون تراجعاتٍ سياسية هامّة من أي طرف، وبحيث تكون فترة هذا “التجميد” مفتوحة زمنيًّا كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا والصراع الروسي/الأميركي حول مصيرها، فجرى تقسيم ألمانيا إلى “شرقية” مع الروس، و”غربية” مع الأميركيين، دون حسمٍ عسكري بين الطرفين المتنازعين. فواقع الحال الآن في أوكرانيا يسمح بتنفيذ هذا الخيار الذي يحفظ “مياه وجه” الأطراف المتصارعة ويحقّق لكلٍّ منها الكثير من المصالح. أوكرانيا الشرقية هي الآن تحت السيطرة الروسية، وغرب أوكرانيا بأكمله تحت الإشراف الأميركي، أمنيًّا وسياسيًّا، ولن تكون هناك مشكلة في ضمّ “أوكرانيا الغربية” إلى حلف “الناتو” بعد وقف الأعمال العسكرية على أراضيها، وهو الشرط الذي جرى الإشارة إليه مؤخّراً خلال قمّة “الناتو” في ليتوانيا. وسيعني أيضًا ضرورة احترام موسكو لهذا الأمر وعدم قيامها بأي أعمال عسكرية في “أوكرانيا الغربية”، كما يحدث الآن مع كلّ دول “الناتو” المجاورة لروسيا. وستتعامل أوروبا مع هذا الخيار بشكلٍ إيجابي لأنه سيضع حدًّا لما تدفعه الآن من ثمنٍ باهظ كتداعياتٍ للحرب الساخنة في بلدٍ أوروبي ممّا يُهدّد الأمن الأوروبي بأسره على مختلف الأصعدة.  لكن قبل الوصول إلى هذا الخيار، يسعى كلُّ طرفٍ من الطرفين الروسي و”الغربي” المتصارعين الآن إلى تحقيق إنجازٍ عسكري يبرّر لاحقًا الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار على أساس تسوية مؤقّتة، لا على أساس حلٍّ جذري للأزمة الأوكرانية التي تصاعدت عسكريًّا منذ فبراير العام الماضي لكنّها استمرار لأزمة تفاعلت بأشكالٍ مختلفة لأكثر من عقدٍ من الزمن. لذلك، فإن الأشهر القليلة القادمة ستزداد فيها حدّة المعارك العسكرية بين القوّات الروسية والأوكرانية المدعومة من “الناتو” على أمل فتح الباب في موسم الخريف للوساطات والمبادرات الدولية، وفي مقدّمتها المبادرة الصينية، حتّى لا تعيش أوروبا لعامٍ آخر موسمًا صعبًا من الشتاء والحاجة القصوى فيه للغاز والنفط. وممّا يرجّح هذا الخيار ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول أميركي بأنّ المسؤولين الأوكرانيين كشفوا لوليام بيرنز، مدير “سي أى إيه” خلال زيارةٍ سرّية قام بها مؤخّرًا للعاصمة الأوكرانية، عن إستراتيجية لاستعادة أراضٍ سيطرت عليها روسيا وبدء مفاوضات وقف إطلاق النار مع موسكو قبل نهاية العام الجاري. أيضًا، فإنّ إدارة بايدن تحتاج لإنجازٍ سياسي ما في أوكرانيا قبل انشغال الولايات المتّحدة في الانتخابات الرئاسية بالعام القادم، وربّما يتمّ التمهيد لذلك من خلال المسارين العسكري الجاري على الأرض، والدبلوماسي عبر تشجيع مبادراتٍ دولية تتحرّك الآن، وكان منها ما كشفته قناة ألمانية ARD)) عن “اجتماع  دولي” لتسوية النزاع في أوكرانيا قد جرى في شهر يونيو الماضي بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن، وشارك فيه دبلوماسيون من فرنسا وبريطانيا وكندا وألمانيا واليابان وإيطاليا، إضافةً إلى ممثّلين عن الصين وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل وتركيا والمملكة العربية السعودية. أوكرانيا ستشهد صيفًا عسكريًّا ساخنًا لكن خريفها قد يحمل تباشير تسوية سياسية تحتاجها الأطراف المتصارعة كلّها الآن. * مدير “مركز الحوار العربي” في واشنطن Twitter: @AlhewarCenter Email: Sobhi@alhewar.com

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

شجرة البندق الباليستي.. أوكرانيا تكشف صاروخا روسيا ضربها لأول مرة

عرضت السلطات الأوكرانية، الأحد، ما قالت إنه حطام الصاروخ الباليستي الروسي الذي ضرب مصنعا في مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا، يوم الخميس.

وسمح جهاز الاستخبارات الأوكراني لصحفيين بالوصول إلى موقع حطام الصاروخ الذي أطلق عليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اسم أوريشنيك، واستخدمته موسكو الخميس لأول مرة منذ بدء الحرب لقصف المصنع العسكري الذي ينتج مكونات الصواريخ.

وعرض جهاز الاستخبارات حطاما معدنيا على عشب صناعي، وطُلب من المراسلين عدم الكشف عن الموقع الدقيق للموقع لأسباب أمنية، وفق رويترز.

ويدرس خبراء أوكرانيون الحطام للحصول على معلومات بشأن سلاسل التوريد العسكرية الروسية والإنتاج الحربي الروسي.

وأطلقت روسيا على الصاروخ اسم "أوريشنيك" (شجرة البندق) وقالت إنه من المستحيل اعتراضه بالدفاعات الجوية.

وقدم خبيران حكوميان أوكرانيان تقييمات حذرة، وقالا فقط إن السلاح كان باليستيًا، وحلّق على مسار باليستي وأن الضربة أسفرت عن أضرار مدنية.

وقال المحقق في جهاز الأمن الأوكراني، أوليه، إن "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف بقايا مثل هذا الصاروخ على أراضي أوكرانيا".

بعد "الرسالة الروسية".. هل تتجه الحرب في أوكرانيا إلى التصعيد؟ بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، يدخل الصراع في مرحلة جديدة مع إعلان موسكو استخدام صاروخ جديد فرط صوتي للمرة الأولى خلال الحرب، ما ينذر بمزيد من التصعيد، وفقا لمراقبين.

وكانت صحيفة بيلد الألمانية نقلت السبت عن المحلل العسكري، جوليان روبكه، أن الصاروخ لم يحمل على الأرجح شحنة متفجرة، ولم يتسبب في أي أضرار كبيرة. وتوصل روبكه إلى هذا الاستنتاج من خلال تحليل اللقطات المتاحة للضربة.

وقال الكرملين إنه أطلق صاروخًا جديدًا متوسط المدى على هدف عسكري أوكراني في دنيبرو، ردًا على قيام كييف بضرب روسيا بصواريخ أميركية وبريطانية الصنع. وفي كلمة بثها التلفزيون الروسي، أعلن بوتين الخميس أن هذا الصاروخ المتوسط المدى فرط صوتي (يصل مداه إلى 5500 كيلومتر).

وأكد بوتين الجمعة خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بث التلفزيون وقائعه أن لدى موسكو مخزونا من هذه الصواريخ "جاهزا للاستخدام".

ووصف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، استخدام هذا السلاح بأنه تصعيد خطير.

مقالات مشابهة

  • شجرة البندق الباليستي.. أوكرانيا تكشف صاروخا روسيا ضربها لأول مرة
  • زيلينسكي: تدمير قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب يهدد الأمن الغذائي في دول مثل مصر وليبيا ونيجيريا
  • تغيرات غير مسبوقة على ساحة الحرب في أوكرانيا خلال أسبوع
  • هذه أبرز تفاصيل اجتماع ترامب وأمين عام حلف الناتو في فلوريدا
  • "الزراعة" تحذر من تسمم الإبل في الخريف وتوصي بإجراءات وقائية
  • ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد أوكرانيا؟
  • استعدادًا لسيناريو حرب عالمية ثالثة...وثائق سرية تكشف خطط ألمانيا لنشر 800 ألف جندي من الناتو في أوكرانيا
  • خبير علاقات دولية: الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة.. وفرص التسوية تبدو بعيدة 
  • خبير علاقات دولية: الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة وفرص التسوية بعيدة
  • «الجارديان»: مخاوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا من تصعيد الحرب الهجينة الروسية بعد استخدام أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى