اسيا العتروس خطوة اخرى يقطعها العاهل المغربي محمد السادس باتجاه تعميق التطبيع مع الكيان الاسرائيلي, ومع أن دعوة الملك ناتنياهو لزيارة الرباط لم تشكل مفاجأة فان التعجيل في توجيه الدعوة في مثل هذا التوقيت كان المفاجأة.. والاكيد ان الخبر لم يمر دون اثارة ردود افعال خارج وداخل المغرب حيث خرج عشرات المغاربة احتجاجا على الزيارة حيث اقدم البعض على اعلان موقفهم الرافض لاستقبال رئيس الوزراء الاسرائيلي , ولاننا نعرف ان في المغرب كثيرون يجاهرون برفض التطبيع فلا يمكن أن نعتبر ان الاحتجاجات جزء من سيناريو محبوك تاكيد على حرية الراي والتعبير… وعموما لا يمكن لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يواجه احتجاجات يومية في تل ابيب على خلفية الاصلاحات القضائية فضلا عن الانتقادات و الاتهامات التي تلاحق حكومته اليمينية المتطرفة على خلفية جرائم الحرب التي تقترفها قواته في جنين ونابلس الا ان يكون سعيدا بهذه الدعوة التي تفك عزلته وتمنحه فرصة التنفس تحسبا لاحتمال انهيار الائتلاف الحكومي الذي يقوده في كل حين .
. من التناقضات ان اسرائيل سبق و ربطت اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية باستضافة الرباط منتدى قمة النقب الذي تاجل بسبب العدوان الاسرائيلي وليس من الواضح ان كان الرباط قبل باحتضان القمة المؤجلة و لكن الواضح أن طموحات ناتنياهو بعد هذه الدعوة ستتسع اكثر و اكثر و كل الطرق ممكنة بالنسبة لاسرائيل لتحقيق هذه الغاية المنشودة. لا خلاف ان هذه ليست اول زيارة لناتياهو الى عاصمة عربية و لكنها الاولى مغاربيا و هو الذي سبق ان حل بمكتب السلطان قابوس الراحل مع زوجته في زيارة لم يعلن عنها .. طبعا لسنا في اطار مناقشة حق المغرب من عدمه في استقبال من تريد قيادته على ارضه حتى لو تعلق الامر بمجرم حرب يداه ملوثتان بدماء الفلسطينيين يبدو جليا ان القضية الفلسطينية بات اليوم قضية شعبها أي الشعب الفلسطيني الذي سيتعين ان يكون راس الحربة في مواجهة الاحتلال فقد انتهى زمن الحديث عن القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الاولى المركزية للعرب.. المغرب ليس اول بلد يطبع مع اسرائيل كانت مصر الاولى و كان بذلك الاختراق الاخطر الذي سيعزز موقع اسرائيل ثم كان الاردن قبل ان تلتحق الامارات والمغرب والبحرين في اطار ما عرف باتفاقية ابراهام التي قادها الرئيس الامريكي الاسبق دونالد ترامب في 2020 .. من الواضح ان المغرب مصر على المضي قدما في هذا التوجه طالما انه يعزز قبضته على الصحراء الغربية .. حتى هذه المرحلة اختارت دول شمال افريقيا تونس والجزائر وليبيا وموريتانيا التي طبعت ثم تراجعت تحت ضغط الاحزاب و المعارضة اختارت الصمت وتجنب التعليق عن قرار الرباط في المقابل لوح زعيم جبهة البوليزاريو بمواصلة كل الاشكال النضاليه لاستقلال الصحراء الغربية … مرة اخرى يدرك جيدا من زار الصحراء الغربية انها كما يؤكد اسمها صحراء لا يمكن العيش فيها او اقامة دولة او كيان قابل للحياة حتى وان ثبت وجود ثروات باطنية فان قساوة الحياة فيها مسألة لا تحتاج تأكيد.. قضية الصحراء الغربية وهي من مخلفات الاستعمار الاسباني التي ظلت منذ سبعينات القرن الماضي بمثابة القنبلة الموقوتة في المنطقة المغاربية تتحول اليوم مجددا الى قنبلة وشيكة مع الاختراق الاسرائيلي الحاصل في قلب المغرب العربي… وهو بالتاكيد يشكل استفزازا للجوار الجزائري و لبقية الدول التي اثرت الصمت و لكنها لا يمكن ان تنظر بعين الرضا الى هذا الاختراق الذي بدا من الشرق الاوسط و منه الى اجزاء مهمة من القارة الافريقية والى شمالها.. المغرب وهو الذي يتراس لجنة القدس ويتولى ادارة بيت مالها يصر على ان هذا التمشي لا يعني تخليه عن القضية الفلسطينية. هناك واقع جديد سيتعين التعاطي معه وهو ان قطار التطبيع الذي انطلق لن يتوقف وان من يدفع القطار لحرق المسافات يراهن على ذلك… الواقع ذاته يفرض على الفلسطينيين دون غيرهم مراجعة حساباتهم و ترتيب اولوياتهم واستعادة زمام امورهم لمواصلة المعركة ضد الاحتلال والقطع مع الخطاب الزائف بان فلسطين قضية كل العرب وهو ما يفترض تعديل عقارب الساعة لمواصلة المعركة التي تحتاج لابناءها قبل الاشقاء العرب وغيرهم.. وابناءها يحتاجون اليوم اعادة رص الصفوف وتاجيل الصراعات والخلافات والانتباه الى أن سلطة قائمة تحت الاحتلال ليست بسلطة… ندرك قسوة ومرارة هذا الكلام و لكن تلك هي الحقيقة… المغرب اختار طريق التطبيع كما اختارته من قبل دول عربية وجدت في تل ابيب طريقها الى تحقيق مصالحها… الاكيد أن القضية الفلسطينية لن يطويها النسيان طالما بقي هناك شعب يرفض ظلم الاحتلال ويقاوم بكل ما يتوفر لديه من وسائل المقاومة حتى لو امتطت الجامعة العربية كلها قطار التطبيع … فقط نقول وللحديث بقية أنه لو ارتبط تقدم التطبيع بشرط رفع ظلم الاحتلال لهان الامر ولكان بالامكان تبرير ما يحدث.. كاتبة تونسية
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!
ارتفعت وتيرة الصدام بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة السيد "أبو مازن" وبين رجال المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وذلك حين قررت الأجهزة القيام بحملة أمنية موسعة في إطار العملية التي أسمتها "حماية الوطن"! ما أدى إلى مقتل "يزيد الجعايصة"، القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، والمطارد من سلطة الاحتلال. ومن المعلوم بحسب الإحصائيات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قد قتلت 13 فلسطينيا منذ بداية طوفان الأقصى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وانطلقت الأحداث في المخيم عقب اعتقال أجهزة الأمن لـ"إبراهيم طوباسي" و"عماد أبو الهيجا"، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها هو إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، كما جاء على لسان الناطق بإسم أجهزة الأمن الفلسطينية العميد "أنور رجب"، وهو ما رفضته المقاومة.
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين
وحاصرت الأجهزة الأمنية المخيم أكثر من 7 أيام، ونشرت القناصة على أسطح المنازل وأطلقت النار على كل هدف متحرك داخل مخيم جنين! وحاصرت كذلك المستشفى الحكومي للمخيم وفتشت سيارات الإسعاف وقطعت التيار الكهربائي، ثم اقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع "الجعايصة"..
وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية في بياناتها ما تفعله الأجهزة الأمنية من استهدافها للمقاومة وخدمتها للكيان الصهيوني، من قبيل أن "استمرار أجهزة السلطة في هذا النهج المشين يدق ناقوس الخطر ويؤجج خلافات داخلية في توقيت مصيريّ"، و"حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، و"عنجهية السلطة والأجهزة -خيلاؤها وكِبْرها-! هي ما أوصلتنا إلى هذه النقطة".
عجيب أمر السيد "أبو مازن"، لا يتعلم من الأخطاء والكوارث التي ارتكبها في ماضيه قبل وبعد انفراده بالسلطة، وخطيئته كانت ولا زالت في الثقة -المصطنعة!- في المُفاوض الإسرائيلي والداعم الأمريكي، وفي الجلوس على موائد المفاوضات في (مدريد، أوسلو)، والتعاون والتنسيق الأمني المشترك مع سلطات الاحتلال..
ولقد كانت مكاسب الكيان في تلك المفاوضات العبثية التي حمل لواءها "عباس" فرصة رائعة لتجميل صورة الصهاينة أمام العالم الغربي وأمام شعوبهم بأن إسرائيل دولة تسعى للسلام، والحقيقة أن ذلك لم يكن إلا عملية تخدير طويلة المدى اقتضتها الفترة الزمنية إبان التسعينات من القرن الماضي وساهم فيها أبو مازن بكامل طاقته!..
وهذا بخلاف ما تورط فيه رئيس السلطة ضد شعبه المحاصر في عام 2009 -على سبيل المثال لا الحصر!- من تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" المتضمن للأدلة والشواهد الدامغة بالصور والشهود على جرائم الصهاينة في غزة والساعي لإدانة الاحتلال بسبب جرائمه التي ارتكبتها آلته الحربية، وأشار المفوض الأممي لحقوق الإنسان حينها إلى أن سلطة رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني! قامت بإنقاذ الكيان الصهيوني من الإدانة الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف..
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين، وتكفينا إشادة واحد من أهم الصحف الإسرائيلية، "معاريف"، بالتنسيق القائم لملاحقة الناشطين الفلسطينيين لضمان أمن مواطني الكيان، الأمر الذي ساهم في إنقاذ حياة المئات منهم! وهذا ما ذكره الكاتب بالصحيفة "جاكي خوجي" حين أكد أن التنسيق الأمني هو الاسم السري للتعاون على أعلى المستويات بين أجهزة الأمن من الجانبين لملاحقة ناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وذلك بأن توفر إسرائيل المعلومات الاستخبارية عن وجود خلية مسلحة تخطط لتنفيذ عملية ما، فينطلق الأمن الفلسطيني لاعتقال أفرادها، مما يعفي إسرائيل من المخاطرة بجنودها لدى تنفيذها عمليات الاعتقال!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة
ما الذي يريده السيد "أبو مازن" ومن أين له بتلك الجرأة في خيانة شعبه؟!
سؤال مُلح يحتاج إلى الإجابة عليه، بعد كل تلك الملاحم التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني الأبي خاصة في غزة، وقد وضح للشعب الفلسطيني أن خيارات "عباس" في الثقة بالصهاينة وفي المراهنة على خيار المفاوضات كانت كارثية، وأن التنسيق الأمني مع الاحتلال وكشف عورات المقاومة خيانة عظمى يستحق عليها المحاكمة، وعلى أقل تقدير أن يشعر ببعض الخجل من ماضيه الأسود وأن يتوارى عن المشهد الفلسطيني!
ويبدو أن الرجل ماض في غيه مدعوما بالرضا الأمريكي، والدعم السياسي والمالي من حكومات المنطقة العربية، ومن الجامعة العربية المنحازة لخيارات الحكام لا الشعوب، وهو معروف بغلظته واستعلائه على قادة المقاومة وبوده وانكساره مع داعميه، وكلنا يذكر حالة الود التي ظهر عليها حينما حضر جنازة المجرم "شيمون بيريز" وتجاهله حضوره جنازة زعيم المقاومة الشهيد "إسماعيل هنية" التي جرت بالدوحة، رغم كون هنية رئيسا شرعيا لوزراء فلسطين!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة حتى ولو هدم المسجد الأقصى!
لا قدر الله..