«زوجتي حامل ومنعها الطبيب من صيام رمضان».. اعرف مقدار ووقت الفدية
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
ما فدية الحامل إذا أفطرت في رمضان؟ حيث إنّ زوجتي حامل وقد منعها الطبيب من صيام رمضان، وما مقدارها؟ وفي أي وقت تُسدَّد؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي.
زوجتي حامل وقد منعها الطبيب من صيام رمضانوقالت الإفتاء: إذا قرَّر الطبيب المسلم عدم قدرة زوجة السائل على الصيام فلا مانع أن تفطر، وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء العذر الذي منعها من الصيام عن كل يوم يومًا.
أما إذا كانت غير مستطيعة للصيام حتى بعد انتهاء العذر فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا وجبتين من أوسط طعامها. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
اختلف الفقهاء في لزوم الفدية على الشيخ الهرم والمرأة العجوز إذا لم يستطيعا الصوم، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة، وأحد القولين عند الشافعية إلى وجوب الفدية عليهما، وذهب المالكية إلى استحبابها.
وقال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 97، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا كبر السن حتى يباح للشيخ الفاني أن يفطر في شهر رمضان؛ لأنه عاجز عن الصوم وعليه الفدية عند عامة العلماء. وقال مالك: لا فدية عليه] اهـ.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في "التنبيه" (2/ 932، 933، ط. مكتبة الرشد): [لا خلاف في إباحة الإفطار للشيخ والعجوز العاجزين عن الصوم، ولكن اختلف أهل العلم في وجوب الفدية عليهما بالإطعام عن كل يوم مسكينًا؛ فروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما وجوب الفدية، وهو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما. ومذهب مالك وغيره، وهو أحد قولي الشافعي عدم وجوب الفدية، واختاره ابن المنذر والطحاوي وغيرهما.
قال السروجي: ودليله قوي، فإن أصحابنا أوجبوا الفدية على الشيخ الهرم الذي لا يستطيع الصوم أصلاً، فمن لا يجب عليه الصوم أصلًا كيف يكون له بدل؟ وأقوى من هذا أن المسافر أبيح له الفطر مع القدرة على الصوم للمشقة، فلو مات على حالة لا يجب عليه الفدية، والذي لا قدرة له على الصوم أصلًا أولى بعدم وجوب الفدية فهذا واضح كما تري. انتهى] اهـ.
وقال الإمام الشيرازي في "المهذب" (1/ 326، ط. دار الكتب العلمية): [ومن لا يقدر على الصوم بحال وهو الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم والمريض الذي لا يرجى برؤه فإنه لا يجب عليهما الصوم؛ لقوله عز وجل: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78] وفي الفدية قولان: أحدهما لا تجب؛ لأنه أسقط عنهما فرض الصوم فلم تجب عليهما الفدية؛ كالصبي والمجنون. والثاني يجب عن كل يوم مد طعام وهو الصحيح؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: "الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكينًا"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "من أدركه الكبر فلم يستطع صوم رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح"، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: "إذا ضعفت عن الصوم أطعم عن كل يوم مدًا" وروي أن أنسًا رضي الله عنه ضعف عن الصوم عامًا قبل وفاته فأفطر وأطعم] اهـ.
وقال الإمام أبو المعالي الجويني الشافعي في "نهاية المطلب" (4/ 61، ط. دار المنهاج): [وحكى العراقيون قولًا عن الشافعي أن الفدية ليست بواجبةٍ، ونسبوا القولَ إلى رواية البويطي، وحرملة، ووجه هذا في القياس بيّن؛ فإن الهَرِم معذور، وقد قال الأئمة بأجمعهم: لو مرض الرجل مرضًا يبيح له الفطر، ثم دام المرضُ حتى مات، لم تجب الفدية في تركته، ولا أعرف في ذلك خلافًا، فلا يبعد أن يعد الهَرَم عذرًا دائمًا] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 38، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإذا عجز عن الصوم لكبر أفطر، وأطعم لكل يوم مسكينًا) وجملة ذلك: أن الشيخ الكبير، والعجوز، إذا كان يجهدهما الصوم، ويشق عليهما مشقة شديدة، فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينًا. وهذا قول علي، وابن عباس، وأبي هريرة، وأنس رضي الله عنهم، وسعيد بن جبير، وطاوس، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي. وقال مالك: لا يجب عليه شيء؛ لأنه ترك الصوم لعجزه، فلم تجب فدية، كما لو تركه لمرض اتصل به الموت. وللشافعي قولان كالمذهبين. ولنا الآية، وقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: "نزلت رخصة للشيخ الكبير"؛ ولأن الأداء صوم واجب، فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء] اهـ.
وذهب المالكية إلى أن الشيخ الهرم الذي لا يقدر على الصيام يندب له إخراج الفدية ولا تجب عليه؛ قال العلامة ابن أبي زيد القيراوني في "النوادر والزيادات" (2/ 33، ط. دار الغرب الإسلامي): [ومن "المَجْمُوعَة"، قال أشهب: والحامل، والمرضع، والشيخ الفاني، والمستعطش، كالمريض لا إطعام عليهم واجبًا] اهـ.
وقال الشيخ عليش في "منح الجليل" (2/ 120، ط. دار الفكر): [(و) ندب (فدية) أي: إعطاء مد عن كل يوم لمسكين (ل) شخص (هرم وعطش) بفتح فكسر فيهما أي: دائم الهرم والعطش الشديد الذي لا يستطيع الصيام معه في فصل من فصول السنة، فيسقط عنه أداء الصوم وقضاؤه. وتندب له الفدية] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رمضان صيام رمضان دار الإفتاء رضی الله عنهما لا یجب علیه عن کل یوم عن الصوم ابن عباس اهـ وقال الذی لا
إقرأ أيضاً:
حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام يوم عاشوراء.. الموقف الشرعي
يصوم اليوم السبت 5 يوليو 2025، العاشر من شهر الله المحرم لعام 1447 هـ، وهو يوم عاشوراء، الذي يُعد من أعظم الأيام التي يصومها المسلمون لما فيه من فضل كبير، فقد صامه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأوصى بصيامه، لما له من منزلة عظيمة في الإسلام، ولأنه اليوم الذي نجى الله فيه نبيه موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين، وأهلك فرعون وجنوده، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم شكرًا لله، وقال: "أنا أحق بموسى منهم"، فصامه وأمر بصيامه.
وفي هذا اليوم الفضيل الذي يصومه ملايين المسلمين حول العالم طمعًا في الأجر ورضا الله سبحانه وتعالى، تتجدد الأسئلة حول بعض الأحكام المتعلقة بالصيام، ومنها حكم من يأكل أو يشرب ناسيًا وهو صائم، خاصة في صيام النوافل ومنها صيام يوم عاشوراء.
وفي هذا السياق، جددت دار الإفتاء المصرية فتواها بشأن من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام يوم عاشوراء أو في أي من صيام التطوع، موضحة أن صيامه صحيح، ولا يفسد، ولا يجب عليه القضاء، ولا تلزمه كفارة، ويجوز له إتمام صيامه ولا شيء عليه، ما دام الأكل أو الشرب قد وقع نسيانًا ودون قصد منه.
وأوضحت دار الإفتاء أن هذه الفتوى تستند إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه"، وهو حديث يدل على سماحة الشريعة ورحمة الله بعباده، وأن ما يقع من المسلم من غير قصد، لا يؤاخذ به.
كما استدلت دار الإفتاء بحديث آخر صحيح ورد عن الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"، وهو حديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم، ويُعد من الأحاديث الصحيحة المحكمة في هذا الباب، وقد أجمع العلماء على العمل به، وأقروا أن النسيان لا يفسد الصيام.
وأكدت دار الإفتاء أن هذا الحكم ينطبق على كل أنواع الصيام، سواء كان الصيام فرضًا، مثل صيام شهر رمضان، أو نذرًا، أو كفارة، أو تطوعًا ونفلًا، كصيام يوم عاشوراء، ويوم عرفة، وست من شوال، وغيرها من الأيام التي يُستحب فيها الصيام. وأضافت أن الشريعة الإسلامية في هذا الباب – كما في غيره – قائمة على اليسر ورفع الحرج، وقد قرر الفقهاء أن "النسيان عذر معتبر شرعًا"، و"لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وهو من القواعد الكبرى التي بُنيت عليها الأحكام الشرعية.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن المسلم إذا أكل أو شرب ناسيًا، ثم تذكّر، وجب عليه أن يمتنع فورًا عن الاستمرار في الأكل أو الشرب، وأن يلفظ ما في فمه إن كان فيه شيء، ثم يُكمل صيامه، ولا يلتفت إلى الوساوس أو يظن أن صيامه قد فسد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ من وقع له ذلك على صحة صومه، وبيّن أن ما أكله أو شربه قد كان من فضل الله عليه، لا من فعله المتعمد.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن هذه الأحكام تمثل رحمة الإسلام وشمول عدله، وأن الله عز وجل لطيف بعباده، فلا يُكلفهم فوق طاقتهم، وأن من عظمة هذا الدين أنه راعى أحوال المكلفين، وفتح لهم باب الطاعات دون مشقة أو تعنت، داعية المسلمين إلى اغتنام هذا اليوم المبارك بالإكثار من الصيام والدعاء والاستغفار، والتوسعة على الأهل، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من وسّع على أهله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته".