البحر الأحمر.. موجات توتر تبحث عن سلام
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
اضطراب الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 خطر تتجاوز تداعياته منطقة الشرق الأوسط ليطال العالم كله، لكنه يظل أزمة صغرى داخل أخرى كبرى هي الصراعات المزمنة داخل الإقليم والتي بلغ عمر أحدها 76 عاماً، وهي القضية الفلسطينية، فيما بلغت أزمة أخرى 33 عاماً هي الأزمة الصومالية، وصولاً إلى الأزمة اليمنية الراهنة التي ناهز عمرها الآن 10 سنوات، أي منذ الانقلاب «الحوثي» في 21 سبتمبر 2014، إضافة إلى الاضطراب السياسي في لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري في عام 2005، وما استجد من اضطراب في السودان، وحرب في غزة.
لطالما كانت الممرات المائية نافذة للتواصل البشري والتبادل التجاري ومحركاً للنمو والازدهار، لكن يبدو أن هذه القناعة لا تصمد طويلاً في الشرق الأوسط. فبعد «القناة الإنجليزية» ومضيق ملقا، يأتي مضيق هرمز، كثالث أكبر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم حيث يمر منه سنوياً ما يزيد على 21 مليون برميل نفط سنوياً، وبين مضيق هرمز وقناة السويس، رابع أكبر ممرات الشحن العالمية ازدحاماً، بمعدل عبور يبلغ 14000 سفينة سنوياً، تموج الجغرافيا السياسية على طول الممر الملاحي بين المضيق والقناة، وصولاً للبحر الأبيض المتوسط، بمشكلات مزمنة ظهرت تداعياتها بالبحر الأحمر.
تهديد حركة البيانات الدولية
تصعيد جديد أضافه «الحوثيون» الثلاثاء 27 فبراير2024 بقطع خط ألياف ضوئية واحد على الأقل في موقع قبالة ساحل اليمن، وتم الإبلاغ عن أضرار في ثلاثة خطوط أخرى، وكأن «الحوثيين» يريدون قطع طريق البيانات بعد محاولاتهم المستمرة لقطع طريق الشحن البحري عبر مضيق باب المندب، وكأنهم يريدون منع التواصل الشبكي بين دول الخليج العربية وبلدان شرق أفريقيا. هذه الخطوة التصعيدية الجديدة نبهت العالم بأن هناك 16 خطاً صغيراً من الألياف الضوئية تحت مياه البحر الأحمر على أعماق تبلغ 300 قدم، حيث يمكن للغواصين الوصول إليها، هذه الخطوط مسؤولة عن 17 بالمائة من إجمالي حركة البيانات الدولية، بما في ذلك الخطوط الرئيسة التي تربط أوروبا بالهند وشرق آسيا. وعند هذه المرحلة من التصعيد ينبغي تذكير العالم بأن خطر الميليشيات والدول الفاشلة والحلول المؤجلة للمشكلات المستعصية والمنسية، بدأ ينذر بعواقب تضر العالم كله وليس دول الشرق الأوسط فقط، ما يدعو لمقاربة شاملة لنزع فتيل التوتر الذي يثيره «الحوثيون» ضمن حروب بالوكالة في المنطقة.
الميليشيات «بيادق» حروب بالوكالة
من رحم قضايا تأجلت حلولها أو نُسيت «دولياً»، تأتى ميليشيات منفلتة تعمل ضد مفهوم «الدولة الوطنية» المسؤولة أمام محيطها الإقليمي وأمام المجتمع الدولي، وهي ميليشيات ظهرت نتيجة لقضايا دأب المجتمع الدولي على إدارتها، بل وإطالة عمرها دون حلها، فوجدت هذه الميليشيات في الصراعات المفتوحة و«الدول الفاشلة» بيئة خصبة للنمو وركوب شغف بعض القوى الإقليمية للعب دور بالوكالة خدمة لمصالحها وليس مصلحة شعوب المنطقة العربية، وفق هذا السياق، ظهر «حزب الله»، و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«داعش» و«الحشد الشعبي» و«عصائب أهل الحق» و«الحوثيون» وقراصنة الصومال وتنظيم «الشباب» ومن قبله تنظيم «القاعدة»، ضمن مقاربة يجسدها الآن «الحوثيون» عندما يستهدفون الملاحة في البحر الأحمر، ويستثمرون «مواجهة غير متكافئة» ضد الولايات المتحدة وبريطانيا، أملاً في شعبية داخلية، وتعزيز دورهم في حروب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها خاصة إسرائيل. «الحوثيون» الذين يصعّدون التوتر في البحر الأحمر، كي يقدموا أنفسهم مدافعين عن الحقوق الفلسطينية، يتجاهلون حال اليمن الذي يحذر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة من وقوع 71 % أبنائه تحت وطأة الفقر المدقع، إذا استمر الصراع الداخلي، وسيعاني 84% من اليمنيين سوء التغدية، وتتصاعد الخسائر الاقتصادية لتبلغ 657 مليون دولار، وفي غضون ذلك تتداعى أركان الدولة الوطنية لصالح أجندة خارجية بعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب اليميي.
رؤية الإمارات
أعربت الإمارات عن قلقها البالغ من تداعيات الاعتداءات على الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر الأحمر والتي تمثل تهديداً غير مقبول للتجارة العالمية ولأمن المنطقة والمصالح الدولية، وأكدت أهمية الحفاظ على أمن المنطقة ومصالح دولها وشعوبها ضمن أطر القوانين والأعراف الدولية.
وحده «تصفير مشكلات الإقليم» يضمن تغليب الأفق التنموي على مسارات الصراع التي تعود جذورها لعقود، وهي مسارات تتداخل فيها مصالح القوى الكبرى مع استراتيجيات القوى الإقليمية، وتصبح فيها دول المنطقة ساحة لمعارك الآخرين. وأقتبس مقولة معالي ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي خلال الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023، والتي تلخص فيها رؤية الإمارات للتحديات الراهنة: «هدف الإمارات الأسمى هو تفعيل مبدأ تصفير المشاكل للمضي قدماً نحو السلام الشامل والأمن والاستقرار»، وأكدت أن الإمارات «تؤمن بأن الدولة الفلسطينية المستقلة يجب أن تقام على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وبدا واضحاً أن «تصفير مشكلات الإقليم» يستوجب الدفع في اتجاه تدشين الدولة الفلسطينية المسؤولة أمام المجتمع الدولي، لقطع الطريق على المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وكبح التطرف، والانتقال إلى سلام يضمن تفعيل مسارات تنموية تضع حلولاً للتحديات المشتركة في النقل البحري والطاقة والمناخ والأمن الغذائي. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي بدأ يتخذ خطوات عملية بشأن «مؤتمر تحضيري للسلام»، تسهم في فعالياته أوروبا الموحدة مع الولايات المتحدة ومصر والأردن والسعودية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
رؤية عربية مبكرة
رغم ما يشهده البحر الأحمر من توترات تربك الملاحة في مياهه، إلا أن هناك قناعة عربية راسخة بجعله منطقة سلام بعيدة عن الصراعات والتدخلات الخارجية. قناعة ظهرت بوضوح في 30 أغسطس 1977 نقرأها من تصريح الأمير سعود الفيصل، عندما كان وزيراً لخارجية المملكة العربية السعودية ليحدد مطلبين محوريين أولهما: جعل البحر الأحمر خارج أي صراعات ومطامح دولية وتهيئة أجواء الأمن والاستقرار على سواحله، وثانيهما: ضمان حقوق الدولة المطلة عليه في تنمية موارده الطبيعية والاستفادة منها لمصلحة شعوبها، مع الحفاظ على البحر الأحمر ممراً مائياً دولياً لجميع الدول وفق مبادئ القانون الدولي
محور عالمي للتجارة
البحر الأحمر ليس مجرد ممر مائي يربط قارتي آسيا وأفريقيا، بل محور عالمي للتجارة الدولية، تنتقل عبره 30% من حركة الحاويات العالمية، و12% التجارة العالمية، ويشهد مرور ما قيمته أكثر من تريليون دولار من البضائع كل عام. وتمتد على شواطئه موانئ كبرى، مثل ميناء السويس في مصر وجدة في السعودية وبورتسودان في السودان وميناء جيبوتي وميناء مصوع في إريتريا ومينائي المخا والحُديدة في اليمن وميناء العقبة الأردني وميناء إيلات الإسرائيلي؛ ولذلك يصبح استقرار وسلامة الملاحة في البحر الأحمر مصلحة مشتركة لجميع الدول المطلة عليه، لكن يبدو أن الواقع الجيوسياسي لا يضمن تحقيق ذلك. المشهد المرتبك في البحر الأحمر تتجاوز تداعياته حدود الشرق الأوسط لتطال العالم كله، فالهجمات التي طال حركة السفن في البحر الأحمر أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 8% هذا العام، واقتربت أسعار خام برنت من 85 دولاراً للبرميل، وقلب التجارة عبر جنوب البحر الأحمر رأساً على عقب. ليس من المبالغة القول إن «التوتر الراهن في الملاحة بالبحر الأحمر يشابه أزمة السويس عام 1956، عندما تعطلت الملاحة في قناة السويس لمده 5 أشهر»، استنتاج توصل إليه «نيلز راسموسين»، المحلل الاقتصادي في Bimco، (أكبر اتحادات الشحن في العالم وينضوي فيه أعضاء من 120 دولة)، مؤكداً أن توترات الملاحة الراهنة في البحر الأحمر أكثر تعقيداً من أزمة العبارة Ever Given التي عطلت الملاحة في قناة السويس لمدة أسبوع في مارس 2021. البحث عن مسارات ملاحية بديلة عن المرور في البحر الأحمر يعني المزيد من الوقت والتكلفة جراء استهلاك المزيد من الوقود، وبالتالي أعباء تضخمية أكبر على الدول المستوردة، وضرائب أكبر على الانبعاثات (التي تفرضها دول الاتحاد الأوروبي). أوروبا تستورد سنوياً بضائع بقيمة 700 مليار دولار تمر جميعها عبر البحر الأحمر، ولدى دول الخليج وتركيا استثمارات في موانئ البحر الأحمر الواقعة على السواحل الأفريقية، وتزداد أهمية البحر الأحمر في مبادرة «طريق الحرير» الصينية.
عبء المسارات البديلة
على سبيل المثال، الرحلة من تايلاند «جنوب شرق آسيا» إلى إسبانيا «جنوب غرب أوروبا» تستغرق 19 يوماً فقط في حال مرت من البحر الأحمر، بينما تزداد الفترة لتصل إلى 31 يوماً عندما يتم استخدام طريق رأس الرجاء الصالح.
إضراب النقل البحري يدفع نحو تكثيف الاعتماد على النقل الجوي، فخلال الأسبوع الثاني من شهر يناير الماضي شهدت وتيرة النقل الجوي من فيتنام إلى أوروبا زيادة بلغت 60%، لكن تكلفة النقل الجوي تعادل 15 ضعف تكلفة النقل البحري، ولا يزال الأخير أقل تكلفة من النقل البري بالقطارات أو الشاحنات الذي يحتاج إلى مساحات كبيرة.
خطر القرصنة يتفاقم على الصعيد العالمي، لكنه في منطقة الشرق الأوسط يتجاوز مجرد القرصنة ليصبح أداة في حروب بالوكالة من جهة ومسار في مواجهات لا معيارية «غير متكافئة» بين ميليشيات مارقة وقوى عظمى لديها مصالحها واصطفافاتها السياسية المستقرة منذ عقود. وفق هذا التحليل نقرأ التصعيد «الحوثي» في مياه البحر الأحمر، من خلال حروب الظل الإيرانية- الإسرائيلية، ضمن «معارك سرية» لاستهداف البرنامج النووي الإيراني ومحاولة كبح الميليشيات المدعومة من طهران في العراق وسوريا ولبنان، وعمليات التصعيد المتأرجحة بين واشنطن وطهران منذ 1979 إلى الآن، والتي ترتفع وتنخفض حسب تيرمومتر المشهد السياسي في البيت الأبيض والكونجرس الأميركي.
«منطقة عالية الخطورة»
لوري آن لاروكو لفتت الانتباه في CNBC إلى التكلفة العالمية السنوية للقرصنة البحرية والتي تبلغ حسب تقديرات البنك الدولي 18 مليار دولار. ووفقا للمعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، ومقره لندن، شهدت الأشهر الثلاثة الماضية ارتفاعاً في حوادث القرصنة بمنطقة القرن الأفريقي مقارنة بالسنوات الست الماضية، وتعتبر منطقة الشحن من ساحل القرن الأفريقي إلى ساحل الهند «منطقة عالية الخطورة»، وهذا ما دفع الهند إلى شراء طائرات من دون طيار ومعدات عسكرية من الولايات المتحدة، التي استجابت في الأول من فبراير 2024، وأبرمت صفقة مع الهند بقيمة 3.99 مليار دولار لأغراض السلامة البحرية والمراقبة.
وفقاً لتقرير القرصنة والسطو المسلح السنوي الصادر عن المكتب البحري الدولي التابع لغرفة التجارة الدولية (IMB)، فإن القرصنة آخذة في الارتفاع في ممرات الشحن العالمية الرئيسة، حيث وقعت 120 حادثة قرصنة بحرية في 2023 مقارنة بـ115 حادثة في عام 2022. خطر القرصنة يتفاقم على الصعيد العالمي، لكنه في منطقة الشرق الأوسط يتجاوز مجرد القرصنة، ليصبح أداة في حروب بالوكالة من جهة ومساراً في مواجهات لا معيارية «غير متكافئة» بين ميليشيات مارقة وقوى عظمى لديها مصالحها واصطفافاتها السياسية المستقرة منذ عقود. وفق هذا التحليل نقرأ التصعيد «الحوثي» في مياه البحر الأحمر، من خلال حروب الظل الإيرانية- الإسرائيلية، والسبب هذه المرة حرب غزة.
ميثاق جدة وعروبة البحر الأحمر
منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، برزت أهمية البحر الأحمر في الأمن القومي العربي، وكان ميثاق جدة يوم 21 أبريل 1956 بين المملكة العربية السعودية ومصر والمملكة اليمنية المتوكلية آنذاك أول دعوة لتدشين «نظام أمن مشترك» في البحر الأحمر، يضمن التحكم في الملاحة بحيث لا تهدد مصالح الدول العربية، وبدأت الجامعة العربية منذ عام 1970 في تشكيل لجنة لتقصى الحقائق لرصد ما اعتبر وقتها تهديدات جراء وجود قوى غير عربية في بعض جزر البحر الأحمر، خاصة بمنطقة القرن الأفريقي، وفي يناير 1976 توجه خبراء عسكريون مصريون وسعوديون إلى باب المندب لإجراء دراسة ميدانية عن أدوات الحماية وسبل توفير الأمن في المنطقة. وفي الأول من نوفمبر 1976، أكد الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري والعاهل السعودي الراحل خالد بن عبدالعزيز آل سعود رغبتهما في جعل البحر الأحمر «منطقة سلام»، بحيث يصبح بعيداً عن صراعات القوى الكبرى، كما كان البحر الأحمر محوراً لقمة عربية مصغرة في الخرطوم يوميّ 27 و28 فبراير 1977 بحضور مصر وسوريا والسودان وبدعم السعودية، للتأكيد على عروبة البحر الأحمر، ووضع استراتيجية موحدة خاصة به، وإبقائه ممراً مائياً مفتوحاً في وجه الملاحة الدولية. وفي 22 و23 مارس 1977، استضافت مدينة تعز اليمنية حضرها آنذاك رؤساء السودان والصومال واليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وكان محورها الرئيس أمن البحر الحمر وأفق التعاون الاقتصادي والحفاظ على البحر منطقة سلام. وفي 3 سبتمبر من العام ذاته اقترحت الأمانة العامة للجامعة العربية تشكيل قوة أمن عربية دائمة لمواجهة التحديات الأمنية في البحر الأحمر، وظهرت خلال اجتماع مجلس الجامعة دعوة لتشكيل قوة مكونة من 6000 ضابط وجندي من جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، لكن المشروع لم يتم تنفيذه. اللافت أن هذا الاجتماع حذر من التدخلات الأجنبية في نزاعات البحر الأحمر ودعا إلى حلها سلمياً.
وحملت القمة العربية ببغداد 28-30 مايو 1990 تحذيراً من التدخلات الأجنبية في الجزر القريبة من باب المندب خاصة المحاذية للقرن الأفريقي، ضمن رؤية عربية تبلورت في قرار لمجلس الجامعة العربية صدر في 14 سبتمبر1992 اعتبر «منطقة القرن الأفريقي امتداداً طبيعياً للأمن القومي للعربي وإن أي توتر فيها يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي».
ساحة للتعاون العلمي
منذ عام 1974، تعاونت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مع «اليونيسكو» في تدشين «برنامج التعاون الإقليمي للدراسات البيئية في البحر الأحمر»، شهدت مدينة جدة مؤتمراً شارك فيه «برنامج الأمم المتحدة»، بحضور خبراء في علوم البحار من الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، والتأمت النسخة الثانية في يناير 1976 التي شهدت حضور جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، باستثناء إسرائيل وأيضاً جيبوتي التي كانت آنذاك تحت الاحتلال الفرنسي، ومن أهم إنجازات المؤتمر انطلاق «برنامج لدراسات البيئة في البحر الأحمر وخليج عدن للدراسات الطبيعية والكيميائية والجغرافيا الجيولوجية، وكان البحر الأحمر محوراً لاجتماع لخبراء البيئة والقانون عقد في 14 يناير 1981؛ بهدف صياغة خطة عمل من أجل الحفاظ على البيئة البحرية والمناطق الساحلية للبحر الأحمر وخليج عدن، ولا يزال الباب مفتوحاً على جهود علمية لحماية التنوع البيولوجي في البحر الأحمر، وضمان تفعيل معايير الاستدامة في موارده السمكية.
«أفرابيا» وتشابكات المصالح الأمنية
مع كل أزمة في البحر الأحمر تزداد جاذبية فكرة الترابط الكبير بين أمن منطقة الخليج العربي ومنطقة البحر الأحمر الأحمر والقرن الأفريقي، ما يدفع نحو مقاربة أمنية شاملة تضمن التعاون بين المكونات الثلاثة، بما في ذلك مصلحة شعوبها، وبما يضمن الاستفادة القصوى من القدرات الاستثمارية الكبرى في هذا الجزء الحيوي من العالم.
قبل ظهور البحر الأحمر بحاله الراهنة، كانت الجزيرة العربية تمتد لتصل حدودها شرق أفريقيا، وهذا ما نوّه إليه علي مزروعي (1933-2014)، الباحث والمفكر الكيني ذو الأصول العمانية، المتخصص في القضايا الأفريقية والعلاقات بين الشمال والجنوب، مدشناً فكرة «أفرابيا» التي تتلخص في أن شبه الجزيرة العربية قبل وجود البحر الحمر تمتد لتشمل منطقة شرق أفريقيا في إطار رابطة تعكس مشتركاً حضارياً عميقاً بين العرب والأفارقة. وفي أبريل 2019، قامت الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بالتنمية «الإيجاد» التي تضم جيبوتي، السودان، جنوب السودان، الصومال، كينيا، أوغندا، إثيوبيا، وإريتريا بتأسيس فرقة عمل معنية بالبحر الأحمر وخليج عدن، خلال اجتماع لجنة سفراء الإيجاد. ويتسق ذلك مع قرار الدورة العادية السادسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية دول «الإيجاد» التي عقدت في جيبوتي يوم 27 فبراير 2019، هذا الترابط يظهر بوضوح من خلال جهود الاتحاد الأوروبي الرامية لاستشراف رؤى مشتركة لضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، التنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول القرن الأفريقي.
ثنائية الأمن والتنمية
جاء الإعلان في الرياض عن تدشين «مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن» في 6 يناير 2020 ليضع إطاراً جديداً ويحمل في الوقت نفسه رؤية واضحة للتعاون بين أعضاء المجلس الذي يشمل: المملكة العربية السعودية والسودان ومصر والأردن واليمن وجيبوتي وإرتيريا والصومال، والتركيز على تحقيق الأمن والتنمية. وبدا واضحاً أن الخطط التنموية التي تنشدها الدول الأعضاء مرتبطة بسلامة الملاحة البحرية، فلدى السعودية رؤية 2030، التي تتضمن تطوير شبكة طرق على سواحل البحر الأحمر بطول 200 كيلومتر، إضافة إلى مشروع مدينة نيوم على سواحل البحر الأحمر، ومشروعات سياحية في قرابة 50 جزيرة صغيرة، وتعميق وتوسيع وازدواج المجرى الملاحي لقناة السويس، لتحقيق الاستفادة القصوى من حركة النقل البحري، وتطوير التعاون الاقتصادي السعودي المصري على ضفتي البحر الأحمر. ويظل البحر الأحمر مساراً لا غنى عنه لتأمين تدفق صادرات النفط الخليجية إلى أوروبا، وتخفيف أي تهديدات قد تتعرض لها خطوط النقل البحري عبر مضيق هرمز. ولدى أعضاء المجلس طموحات تنموية تتعلق بتطوير موانئها وإبرام شراكات تحقق لها طفرة اقتصادية. هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر أدت لتراجع حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 30%.
صراعات تعرقل الطموحات التنموية
أشار الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إلى أن البحر الأحمر يجمع بين تسع دول سبع منها عربية هي السعودية واليمن والأردن ومصر والسودان والصومال وجيبوتي، ودولة أفريقية هي إريتريا وإسرائيل، بالإضافة لمحاولات إثيوبيا لإيجاد منفذ لها من خلال أرض الصومال. وأضاف: بإمعان النظر في هذه الدول نجد أن البحر الأحمر انطوى على بؤر صراعية، أهمها ما ارتبط بالصراع العربي-الإسرائيلي، كما اتضح في حرب أكتوبر 1973عندما قامت مصر بإغلاق باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيلية، وما يحدث حالياً من خلال محاولات «الحوثيين» منع الملاحة المتجهة لإسرائيل.
ولفت أحمد يوسف إلى أن البحر الأحمر شهد صراعات أقل حدة كالخلاف الإريتري-اليمني حول جزر حنيش 1995 الذي تمت تسويته لصالح اليمن بالتحكيم، ولو اكتملت المحاولة الإثيوبية لإيجاد منفذ لها على البحر من خلال أرض الصومال فإن ثمة خشية من أن ينتقل الخلاف المصري-الإثيوبي حول مياه النيل إلى إقليم البحر الأحمر، ويضاف إلى ذلك أن ثلاث دول تطل على البحر الأحمر هي الصومال واليمن والسودان تعاني صراعات داخلية، كما أن الإقليم يستقطب اهتماماً دولياً من خارجه بسبب أهمية الملاحة العالمية التي تتم عبره وبالذات في تجارة النفط «12%من نسبة التجارة العالمية في الحالتين وفقاً لأرقام النصف الأول من عام 2023»، ويعني هذا من وجهة نظر أحمد يوسف أن الطموحات التنموية الواسعة لعدد من الدول المهمة المطلة على البحر الأحمر قد تعوقها هذه البؤر الصراعية على اختلاف شدتها، وكذلك التدخلات الخارجية، واستنتج أحمد يوسف أن تحقيق هذه الطموحات يتطلب حلولاً لتصفية بؤر الصراع تلك، وهي مهمة لا يمكن الادعاء بأنها اقتربت من الاكتمال، ولذلك فثمة جهود حقيقية مطلوبة في هذا الصدد إذا أُريد لطموحات بلدان هذا الإقليم التنموية أن تتحقق، ويُلاحظ أن مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر الذي أُسس في يناير2020 ليس له نشاط محدد في هذا الاتجاه، وقد يكون الاهتمام بهذه المسألة مفيدًا لتحقيق الأهداف التنموية لدول الإقليم.
مبادرة أوروبية
لدى الاتحاد الأوروبي قناعة بأهمية البحر الأحمر وامتداداته في باب المندب والقرن الأفريقي للتجارة الأوروبية، وهذا ما دعا التكتل الأوروبي لطرح فكرة تدشين منتدى للبحر الأحمر يشمل دول القرن الأفريقي والولايات المتحدة ودول الخليج العربية وأصحاب المصلحة، علماً بأن الاتحاد الأوروبي لديه مبعوث خاص لمنطقة القرن الأفريقي. وكان البحر الأحمر محور نقاشات مجلس الاتحاد الأوروبي في 25 يونيو 2018.
«الإيجاد» والإنتربول و«البحرية الدولية»
بمدى زمني يناهز الأربع سنوات (2021-2024)، وبتمويل أوروبي يبلغ 6 ملايين يورو، يتعاون «الإنتربول» والمنظمة البحرية الدولية والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية IGAD ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة UNODC، من أجل مساعدة 6 دول لديها سواحل على البحر الأحمر أو تهمها سلامة المرور عبر مياهه: جيبوتي وإريتريا والصومال، والسودان، واليمن، وإثيوبيا. ويهدف المشروع إلى تعزيز السلامة والأمن البحريين، من خلال تسهيل تبادل المعلومات بين وكالات إنفاذ القانون والهيئات العسكرية والقضائية، وبناء الشراكات، وتعزيز التعاون لمكافحة الجريمة البحرية، وهي أهداف تتحقق عبر التدريب، وتوفير المعدات وبناء القدرات وبناء الوعي بقضايا الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات وجرائم الصيد. وتضمن المشروع تشكيل بعثات لتقصي الحقائق في الدول المستفيدة من المشروع خلال عامي 2021 و2022، من أجل رصد الثغرات والتعرف على الاحتياجات الأمنية في الموانئ الرئيسة، وزارت هذه البعثات موانئ عدن في اليمن وبوصاصو في الصومال ومركز التدريب البحري لخفر السواحل في جيبوتي.
ومن بين إنجازات المشروع، إطلاق البرنامج الإقليمي للأمن البحري بمنطقة البحر الأحمر بمركز جيبوتي الإقليمي للتدريب يوم10 فبراير 2022.
نموذج «أجينور»
في عام 2019، تزايد انعدام الأمن وعدم الاستقرار في الخليج ومضيق هرمز، من خلال حوادث بحرية وغير بحرية متعددة أثرت على حرية الملاحة وأمن السفن الأوروبية وغير الأوروبية وأطقمها في المنطقة، وعرضت التجارة وإمدادات الطاقة للخطر، مما قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية عالمية، ما دفع الدول الأوروبية إلى التحرك بشكل ملموس، بهدف ضمان بيئة ملاحية آمنة في المنطقة وخفض التوترات الحالية من خلال تعزيز آليات خفض التصعيد، ضمن ما يعرف بمبادرة «الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز» EMASoH لتعزيز الأمن البحري المشترك، مع التركيز على وقف التصعيد ونزع فتيل التوتر، لضمان العبور الآمن في المنطقة وتتضمن المبادرة شقاً عسكرياً يعرف بعملية «أجينور» وذلك في إطار تعاون بين بلجيكا، وهولندا، والدنمارك، وفرنسا، واليونان، وإيطاليا، والنرويج. وتسهم هذه الدول، إلى جانب ألمانيا والبرتغال الداعمة للمسار الدبلوماسي، في ضمان حرية الملاحة في منطقة الخليج ومضيق هرمز وخليج عُمان على أساس مبادئ الحوار وتهدئة التصعيد. هذه المقاربة، وإن كانت مرتبطة بحوادث معينة، فإنه يمكن تطبيقها في البحر الأحمر، بمعنى وجود قوى تضمن التهدئة والحوار ليس التصعيد، وفي الوقت نفسه ترصد الانتهاكات وتراقب المجرى الملاحي، شريطة أن تكون الأطراف دولاً وليست ميليشيات.
البحر الأحمر في الاستراتيجية الأميركية
في أكتوبر 2022، أكدت الولايات المتحدة الأميركية في استراتيجيتها للأمن القومي، أنها لن تسمح للقوى الأجنبية أو الإقليمية بتعريض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط للخطر، بما في ذلك مضيق هرمز وباب المندب. هذه المرة يأتي التوتر نتيجة للحرب في غزة، وفي إطار حروب بالوكالة، وضمن استراتيجية توظيف الميليشيات كبيادق في هذه الحرب، ما جعل واشنطن تتعرض لهجمات على قواتها في العراق وسوريا والأردن. ولا ننسى محاولات روسيا التواجد البحري في السودان، وأيضاً الوجود الصيني في جيبوتي.
وعلى الرغم من أن مجلس الأمن الدولي لم يعد ملتزماً بمكافحة القرصنة على سواحل الصومال، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز مهارات الشركاء لوقف تهريب الأسلحة والجرائم البحرية المرتبطة به في القرن الأفريقي وخليج عدن. وبعد الهجمات التي يواصل «الحوثيون» شنها منذ نوفمبر الماضي على السفن التجارية في البحر الأحمر، وبهدف طمأنة شركات الشحن العالمية بأن ثمة جهوداً يبذلها المجتمع الدولي لتأمين المجرى الملاحي في البحر الأحمر وخليج عدن، انطلقت عملية «حارس الازدهار» يوم 18 ديسمبر 2023 بقيادة أميركية، وفق رؤية دفاعية تتصدى بموجبها للهجمات «الحوثية»، خاصة الطائرات من دون طيران والصواريخ التي تستهدف السفن التجارية، والسؤال هل يصبح الرد العسكري حلاً؟
جون ب. ألترمان، النائب الأول لرئيس كرسي زبيغنيو بريجنسكي للأمن العالمي والاستراتيجية الجيواستراتيجية، ومدير برنامج الشرق الأوسط، في المركز الدولي للسياسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، يتفهم جاذبية منطق تأكيد القوة العسكرية الأميركية وردع الخصوم بشكل حاسم، لكنه يحذر من القيام بذلك من دون تفكير واضح من شأنه أن يعزز في الواقع الأهداف الإيرانية بدلاً من الأهداف الأميركية، ولن يفعل الكثير لتحقيق الاستقرار في اليمن. فالردع، في نهاية المطاف، يتطلب أكثر بكثير من القوة العسكرية. فهو يتطلب فهم دوافع وأهداف وتفضيلات وتصورات الخصوم. ولدى ألترمان قناعة بأن جزءاً كبيراً من استراتيجية إيران يكمن في زيادة العداء للوجود الإقليمي للولايات المتحدة في المنطقة نفسها، من خلال الاستثمار في القوات الوكيلة التي تثير ردود فعل انتقامية أميركية، مثلما هو حال «الحوثيين» في التصعيد باستهداف سفن أميركية، وهذه الردود تقدم صورة مغلوطة بأن الولايات المتحدة تثير الاضطراب في المنطقة، بل ربما تسفر الضربات الأميركية عن المزيد من التصعيد، عبر توسيع نطاق المواجهات في المنطقة. ومن الأفضل أن يكون الردع العسكري مصحوباً بأجندة تسوية سياسية تضمن وقف الحرب في غزة والتمهيد لإعلان الدولة الفلسطينية، لنزع فتيل الاستقطاب في المنطقة.
«أسبيدس».. الدرع الأوروبي
استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر دفع الاتحاد الأوروبي للقيام بدوره في كبح هذا التهديد السافر للمجرى الملاحي العالمي، حيث جاءت المهمة «أسبيدس» كبادرة أوروبية لحماية الملاحة في البحر الأحمر تقودها اليونان..المهمة انطلقت يوم 19 فبراير 2024، وتستمد زخمها من اسمها الذي يعني باليونانية «الدرع أو الحامي»، بميزانية تبلغ 8 ملايين يورو يقدمها الاتحاد الأوروبي. وتستضيف مدينة «لاريس» اليونانية قيادة عمليات المهمة «أسبيدس»، تفاصيل المهمة تتمحور حول حماية السفن التجارية واعتراض الهجمات التي قد تستهدفها، وتتضمن المهمة نشر سفن حربية ونظم إنذار مبكر محمولة جواً. وبدا واضحاً أن «أسبيدس» ستكون مهمة دفاعية بحرية، أي أنها لن تشن هجمات على الأرض، ما يجعلها مختلفة عن مهمة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتان تشنان هجمات على «الحوثيين» ضمن عملية «حارس الازدهار». ولدى الاتحاد الأوروبي قناعة بأهمية البحر الأحمر وامتداداته في باب المندب والقرن الأفريقي للتجارة الأوروبية، وهذا ما دعا التكتل الأوروبي لطرح فكرة تدشين منتدى للبحر الأحمر يشمل دول القرن الأفريقي والولايات المتحدة ودول الخليج العربية وأصحاب المصلحة، علماً بأن الاتحاد الأوروبي لديه مبعوث خاص لمنطقة القرن الأفريقي. وكان البحر الأحمر محمر نقاشات مجلس الاتحاد الأوروبي في 25 يونيو 2018.
جهد دولي
بسبب القرصنة على سواحل الصومال تم تدشين ما يعرف بـ«القوات البحرية المشتركة»، وهي قوة بحرية متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، وتضم 34 دولة من 6 قارات، وتضم ثلاث فرق: (CTF-150 و151 و152) بإجمالي 3.2 مليون ميل مربع. منذ عام 2009، واستناداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وقراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1846 (2008) و1851 (2008)، لعبت «فرقة العمل المشتركة - 151» دوراً رئيساً في مكافحة القرصنة والسطو المسلح في خليج عدن والحوض الصومالي وجنوب البحر الأحمر. إلى جانب قوة المهام المشتركة 151 (CTF-151)، تقوم بعثات أخرى متعددة الجنسيات بدوريات في هذه المنطقة الشاسعة، مثل القوة البحرية للاتحاد الأوروبي (EUNAVFOR) في الصومال - عملية أتالانتا (TF-465)، التي لها ولاية أوسع من تلك المتعلقة بمكافحة القرصنة. في الواقع، تعمل أتالانتا أيضاً على مكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، والمخدرات، والاتجار بالبشر، وتهريبهم.
التزاحم الاستراتيجي
الطبيعة الجغرافية لباب المندب فرضت تحديات أمام القوى الدولية، فالمضيق الذي لا يتجاوز عرضة 28 كيلومتراً يتحكم في مرور ما بين 10 إلى 15% من تجارة النفط العالمية وما بين 20 إلى 25% من إجمالي التجارة الأوروبية مع دول العالم، ولهذا أصبح للبحر الأحمر ومضيق باب المندب أهمية استراتيجية كبرى جعلت فرنسا تدشن قاعدة بحرية في جيبوتي عام 1977 وسارت في الاتجاه نفسه دول مثل حرصت دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا واليابان وألمانيا وإسبانيا والصين التي دشنت في جيبوتي عام 2017 أولى قواعدها البحرية في الخارج، كونها محوراً مهماً في مبادرة «طريق الحرير البحري» ضمن استراتيجية تم الإعلان عنها في عام 2013 لربط جنوب شرق آسيا بالشرق الأوسط وصولاً إلى شرق أفريقياً خاصة عبر جيبوتي وسواحل كينيا، وباتت المنطقة موضع اهتمام روسيا والهند أيضاً.
استراتيجية الخروج من الأزمة
اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر عرض لأمراض مزمنة يعانيها المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، أولها: القضية الفلسطينية وتأخر قيام الدولة، أو تأجيل «حل الدولتين»، والآن باتت الفرصة سانحة لعقد مؤتمر دولي يمهد الطريق لإعلان دولة فلسطينية، ومن ثم تحييد كل العناصر المتطرفة على الجانبين ثانيها: حروب الوكالة بالمنطقة، التي تفرخ لمزيد من الميليشيات، وهي حروب آن لها أن تنتهي، لأنها تعطل مسارات التنمية وتطيل أمد الصراعات لمصلحة القوى الكبرى، ونقط البداية إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية عبر تسويات شاملة في اليمن وسوريا والعراق والصومال ولبنان والسودان، في إطار تصفير أزمات الإقليم، برعاية عربية ودولية. ثالثاً: تفعيل أطر متخصصة للتعاون الإقليمي بإحياء «مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن» للتركيز على الدور التنموي للبحر الأحمر وحفر التعاون الاقتصادي على ضفتيه، بدلاً من تركه ساحة لمعارك الآخرين. رابعاً: إبرام شراكات متعدد الأطراف مع القوى الدولية الفاعلة لتبادل الخبرات في الأمن البحري وضمان سلامة الملاحة وفق معايير القانون الدولي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: البحر الأحمر الملاحة الملاحة البحرية أمن الملاحة البحرية جماعة الحوثي اليمن باب المندب المطلة على البحر الأحمر الملاحة فی البحر الأحمر البحر الأحمر وخلیج عدن منطقة القرن الأفریقی أهمیة البحر الأحمر الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة المجتمع الدولی بالبحر الأحمر الخلیج العربی الدول العربیة النقل البحری للبحر الأحمر الشرق الأوسط شرق أفریقیا باب المندب دول الخلیج فی المنطقة أمن البحر على سواحل فی جیبوتی أحمد یوسف مضیق هرمز فی منطقة من البحر فی الیمن بحریة فی فی إطار من خلال وهذا ما فی عام
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأمريكي يكشف عن أهداف زيارته إلى جيبوتي.. السعي لصلاحيات أقوى لاعتراض شحنات الأسلحة المتجهة إلى الحوثيين
قال المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، إن الولايات المتحدة تسعى إلى الحصول على دعم عالمي لمنح الأمم المتحدة سلطات أكثر وضوحًا لاعتراض السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، كجزء من محاولة منسقة لإضعاف المجموعة المدعومة من إيران.
وذكرت صحيفة الجاريان في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن واشنطن تدرس إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وهي الخطوة التي من شأنها أن تجعل من الصعب على المنظمات الإنسانية العمل داخل الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
وحسب الصحيفة زار تيم ليندركينج، جيبوتي الأسبوع الماضي حيث توجد بعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM) على الجانب الآخر من البحر الأحمر. وينصب التركيز الرئيسي لبعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش على تفتيش السفن بحثًا عن الأسلحة التي تدخل موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون.
تم إنشاؤها في عام 2016 ولكنها تتمتع بصلاحيات محدودة لاعتراض السفن كوسيلة لفرض حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال ليندركينج إنه كان يستكشف كيفية جعل تفويض البعثة أكثر فعالية في منع الحوثيين من الوصول إلى الأسلحة.
كما أعرب ليندركينج عن قلقه إزاء ما وصفه بالتقارير المزعجة التي تفيد بأن الروس قد يكونون على استعداد للمساعدة في توفير الأسلحة للحوثيين حتى تصبح هجماتهم الصاروخية والطائرات بدون طيار على الشحن التجاري في البحر الأحمر أكثر فعالية.
وأكد المبعوث الأمريكي أن قوات الأمم المتحدة غير مجهزة أو مُنحت تفويضًا للقيام بعمليات الاعتراض. نحن نعمل مع الشركاء للنظر في تغيير التفويض. وقال يتعين علينا جميعًا سد الثغرات، وهذا يتطلب عقلية مختلفة ونوعًا مختلفًا من التركيز بخلاف مجرد مرافقة السفن".
وقال إنه "نظرًا لكمية الأشياء التي تمكن الحوثيون من تلقيها من إيران أو من السوق المفتوحة، فإن هذا يكفي للحفاظ على استمرار حجم الهجمات على الشحن بوتيرة عالية".
وتابع أن الهجمات على مواقع الحوثيين داخل اليمن أجبرت زعماء الحوثيين على "خفض ظهورهم جسديًا. إنهم أكثر حرصًا على كيفية تحركهم. لقد غيروا اتصالاتهم في ضوء الهجمات اللاسلكية على حزب الله".
وأضاف أنه منزعج بشدة من التقارير التي تفيد بأن الحوثيين وروسيا ربما يتفاوضان على صفقة أسلحة.
وأردف "إذا كانت التقارير صحيحة، فإن نوع التعاون الذي نسمع عنه بين الحوثيين والروس، من شأنه أن يغير قواعد اللعبة. من شأنه أن يزيد بشكل كبير من قدرة الحوثيين على ضرب السفن واستهداف السفن الأخرى في البحر الأحمر بشكل أكبر. لا أستخف بذلك، لكن الحوثيين يخطئون معظم الوقت، عندما تتساقط صواريخهم وطائراتهم بدون طيار، لكنهم قادرون على إطلاق كميات كبيرة منها. يتم إسقاط الكثير منها. ولكن هناك احتمال أن يتمكنوا من زيادة القدرة، وهو ما سيكون مهددًا للغاية".