تقرير"إياتا": عام 2023 الأكثر أمانًا للطيران
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، إن العام الماضي كان الأكثر أمانًا على الإطلاق للطيران التجاري من حيث عدد من المقاييس، في ظل عدم وقوع حوادث مميتة لطائرات الركاب في 7ر37 مليون رحلة.
وذكر الاتحاد الدولي للنقل الجوي يوم الأربعاء، في تقريره السنوي لسلامة للطيران العالمي لعام 2023، أنه لم تُسجل أي خسائر في هياكل طائرات الركاب.
أخبار متعلقة المجلس الأوروبي يعين منسقًا جديدًا لمكافحة الإرهابترقب أمريكي للفحص الطبي السنوي للرئيس بايدنوقالت الوكالة إن تقرير السلامة السنوية للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) تحت عنوان "الطيران أصبح أكثر أمانًا العام الماضي في كل مكان تقريبا باستثناء روسيا.#صحيفة_اليوم| #الشرقية_اليوم#إياتا: «#الوثيقة_الإلكترونية» تخضع لاختبار #الجهات_الحكومية https://t.co/pHTFCJunar pic.twitter.com/twhUDmiIeF— صحيفة اليوم (@alyaum) April 18, 2021
يأتي في أعقاب بداية صعبة في عام 2024، الذي شهد حوادث طائرات خطيرة في اليابان والولايات المتحدة.
فقد أدى تصادم على مدرج يوم 2 يناير، بين طائرة إيرباص إس إيه أيه 350 تشغلها شركة الخطوط الجوية اليابانية، وطائرة نقل خفيفة من طراز دي هافيلاند كندا داش 8 في مطار هانيدا في طوكيو، إلى مقتل 5 من أفراد طاقم طائرة خفر السواحل.
وبعد بضعة أيام، انفصل باب طوارئ عن جنبات طائرة من طراز بوينج 737 ماكس 9 تابعة لشركة طيران ألاسكا بعد وقت قصير من إقلاعها، ولكن لم يسفر الحادث عن وقوع وفيات.حادثان بارزانوقال ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي، في بيان، إن هناك حادثين بارزين في الشهر الأول من عام 2024 يشيران إلى أنه حتى لو كان الطيران من بين الأنشطة الأكثر أمانًا التي يمكن للمرء القيام بها، فهناك دائمًا مجال لإدخال تحسينات.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: مونتريال الاتحاد الدولي للنقل الجوي الاتحاد الدولي للنقل الجوي إياتا إياتا حوادث الطيران الدولی للنقل الجوی أمان ا
إقرأ أيضاً:
الإعلام حربٌ بدون دماء.. أو الأكثر دموية
زينب حيدر
اتسمت وسائل الإعلام على مر السنين بأنها السلطة الرابعة التي تنقل الخبر بموضوعية للمتلقي وتحلله، صانعةً بذلك الرأي العام حيال أي قضية أو حدث. السمة هذه تغيرت وباتت وسائل الإعلام بشكلها الرقمي أداةً أساسيّةً حيويّةً بيد الرأي العام الصانع للخبر والمشارك فيه والخبر أيضًا. ولكن، عندما تشتعل الثورة في بلدٍ ما، أو ينطلق حدثٌ فريدٌ ذو طابعٍ تغييري تأتي الأجندات السياسيّة والرقابة وقدر الحرية المعطاة للشعب لاستخدام مواقع التواصل والوصول إلى وسائل الإعلام، الأمر الذي يؤدي إلى مشاركة الشعب في صناعة الحدث والخبر أو التأثر بما يُعرض له لبناء موقفه. كل هذا مع ما يتم تحضيره من سموم وتقارير مضللة يخلق حالة “زعزعة إعلامية” لتضييع الحقائق وتشويه سمعة أطرافٍ معينة، كما حصل في أثناء الحرب الإسرائيلية على جبهة الإسناد اللبنانية وما يحصل الآن في سورية. فما دور ومسؤوليات وسائل الإعلام التقليدية ومستخدمي الوسائل الرقمية إزاء الثورات أو الأحداث التغييرية؟ وما الألعاب الإعلامية التي رسمت في سورية ولبنان مع عدم تحمل المسؤوليات المهنية “إعلاميًّا”؟
تُعد وسائل الإعلام من أهم أدوات تشكيل الوعي وبناء المعرفة لدى جمهورها، ومع بداية أي حدثٍ جذريٍّ تتسمر حواس أفراد المجتمع مترقِّبةً ما ستقوله هذه الوسائل من نقلٍ، تحليل أو آراء أو تنبؤات. ومن هنا يبدأ البحث عن الدور الأساسي والصحيح للإعلام الذي تحدث عنه الباحث في الإعلام والاتصال السياسي الدكتور علي أحمد؛ “وسائل الإعلام تُعتبر العمود الفقري في تشكيل الوعي المجتمعي خلال الثورات أو الأحداث التغييرية. الدور الأساسي للإعلام يتمثل في نقل الأحداث بدقة وموضوعية، تسليط الضوء على القضايا الجوهرية، وتوجيه الرأي العام نحو الحقيقة. الإعلام المهني يكون بمنزلة مرآة تعكس الواقع دون تحريف، وتُبرز مآسي الشعوب وصمودها كما رأينا في تغطيات الإعلام المقاوم لحرب الصهاينة على لبنان، حيث نجح في كشف جرائم الاحتلال وتعزيز الوعي بالمقاومة”.
ومما تنقله الدراسات عن دور الإعلام الثوري في الجزائر وتونس إبان مقارعة الاحتلال أنه نقل الانتصارات المحققة في الثورة، حشد التعبئة الشعبية، عرف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية وضمن التأييد الدولي لها، الرد على الدعاية المعادية التي تحاول تشويه نضال الشعب، التخويف، وأخيرًا صناعة الحدث وليس فقط نقله وتحليله. هذا الدور إيجابيٌّ بشكلٍ كبير على عكس ما يحدث في واقعنا الآن فيضيف الدكتور علي أحمد: ” لكن على أرض الواقع، تتداخل المصالح السياسية والإقليمية لتفرز نوعًا آخر من الإعلام: الإعلام الدعائي. هذا النوع يسعى لتوجيه الروايات بما يخدم أجندات معينة، كما حدث في الأزمة السورية، حيث استخدمت بعض وسائل الإعلام منصاتها لخلق صورة منحازة للأحداث، مما أدى إلى تضليل الرأي العام وتشكيل وعي زائف. في زمن الثورات، الإعلام يصبح ساحة صراع بحد ذاته. فهناك الإعلام الوطني الذي يحاول الحفاظ على مصداقية الأحداث، وهناك الإعلام المدعوم خارجيًا الذي يعمل على تضليل الوقائع أو تأجيج الصراعات الداخلية”.
وللتفريق بين أطراف الصراع الإعلامي في عالم تغزوه الوسائل الرقمية ينبغي معرفة مسؤوليات مستخدمي هذه الوسائل بعد تشخيص دور الإعلام الأساسي، والمستخدمون هنا قد يكونون أيضًا من العاملين في المؤسسات الإعلامية التقليدية أو قد تكون المؤسسة نفسها تستخدم الوسائل الرقمية في محاكاةٍ للتطور. وهو ما تحدثت عنه الدكتورة المحاضرة في كلية الإعلام في جامعة المعارف مروة عثمان ” يتحمل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية كبيرة خلال الحروب والأحداث التغييرية، إذ يُطلب إليهم أن يكونوا أمناء على الحقيقة، مقاومين للإثارة والتضليل. في أوقات الصراع، تتحول هذه المنصات إلى ساحات معركة للسيطرة على الروايات التي قد تؤثر في الرأي العام الدولي، والمعنويات، وحتى القرارات السياسية. لذلك، يتعين على المستخدمين أن يُقيّموا المحتوى الذي ينشرونه أو يشاركونه بعناية، وأن يتأكدوا من مصداقيته وما إذا كان يخدم العدالة والمقاومة والمظلومين، بدلاً من تعزيز الأكاذيب أو الدعايات التي تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات. فحتى المنشور العابر قد يسهم في نشر أخبار ملفقة، مما يقوض جهود حركات المقاومة الوطنية أو يساعد المعتدين”.
وهذه المسؤولية المهمة كانت غائبة عن بعض وسائل الإعلام خلال الحرب “الإسرائيلية” على لبنان، فقناة الحدث التي ساهمت في نشر العديد من الأخبار غير المسؤولة حول الغارات “الإسرائيلية” على العاصمة بيروت، سرعان ما حذفت تغريدتها حول مشاهد الدمار الذي خلفته الغارات على ما أسمته “موقعين لحزب الله” في بيروت، وهذا النوع من الأخبار وإن صحت يؤدي إلى إضعاف عزيمة شعبٍ يقاوم عدوه باللحم الحي ويثير النعرات الداخلية. والنقطة المفصلية هنا أن لا أذى يُمحى لا من ذاكرة الشعوب ولا من ذاكرة المتابعين للعثرات الإعلامية المقصودة أحيانًا. “يجب أن يدرك المستخدمون أن مشاركتهم على هذه المنصات لها عواقب فعلية”. تقول الدكتورة عثمان وتُردف في توضيحٍ للدور الإيجابي “ففي لبنان وسورية، حيث شنّ المعتدون حروبًا ليست عسكرية فقط بل إعلامية أيضًا، يلعب مستخدمو وسائل التواصل دورًا أساسيًا في مواجهة الأجندات الصهيونية والإمبريالية. من خلال التركيز على نشر المعلومات الدقيقة ورفض الخطاب المفرق، يمكنهم المساهمة في بناء رواية جماعية تسلط الضوء على معاناة شعوبهم وتفضح جرائم المعتدين، لضمان أن أصوات المظلومين لا تُخرس ولا تُهمش”. وقد وافقها الدكتور أحمد مضيفًا: ” تقع على عاتقه مسؤولية التحقق من صحة الأخبار قبل مشاركتها. الأخبار الكاذبة تنتشر بسرعة مذهلة، وتكفي مشاركة واحدة لتضليل آلاف الأشخاص أو إثارة الفوضى”.
المعايير المهنية والضوابط الأخلاقية مسارٌ لا بد منه لحفظ المجتمع من تبدلاتٍ تُزعزع الأمن وتبث الرعب، أو تبدل الأدوار بين الضحية والجلاد، ففي سورية الآن ضياعٌ واضح للحقائق بسبب ما يُروى، وذلك بفعل عدم التزام معايير الإعلام المهنية ” أدى الانتشار غير المنضبط للتقارير غير الموثوقة، ومقاطع الفيديو المزيفة، والروايات الملفقة إلى خلق مناخ من الفوضى عزز التدخل الأجنبي وزاد من حدة الانقسامات الداخلية”. تقول د. عثمان التي أشارت في كلامها إلى الهدف من هذه السلوكيات الخطيرة “غالبًا ما تضخم هذه الفوضى الدعاية التي تهدف إلى شيطنة الدول ذات السيادة أو حركات المقاومة، محولة الانتباه بعيدًا عن المعتدين الحقيقيين لتقديم “أعداء” مصطنعين. هذا الأمر برز بوضوح من خلال استهداف حزب الله والدولة السورية بشكل متكرر لتشويه صورتهما، بهدف تغطية جرائم الكيان الصهيوني والدول الغربية”. وهذا ما يُبرز الحرب الإعلامية التي تشنها ماكينات الغرب على المحور المقاوم، خاصة بعد الحرب الأخيرة في لبنان والتي انتهت بكسر الإرادة الصهيونية على أعتاب بلدات الجنوب.
أما في سورية فتروي د. عثمان اللعبة الإعلامية التي يقوم العديد من الأطراف بتأديتها في سورية ” بالتأكيد كانت هناك إستراتيجية إعلامية محسوبة تهدف إلى إسقاط النظام السوري، وقد نسّقتها بشكل أساسي الحكومات الغربية والأنظمة الخليجية وحلفاؤها الإعلاميون. اعتمدت هذه الإستراتيجية على حملة تشويه مستمرة للنظام السوري وحلفائه، بما في ذلك حزب الله وإيران، حيث تم تصويرهم كجهات معتدية، بينما تم تجاهل أو التقليل من أهمية الجرائم التي ارتكبتها الجماعات المسلحة. وقد أصبحت قنوات مثل “الجزيرة” و”العربية” أدوات رئيسية في هذا الجهد، حيث روّجت لتقارير غير موثوقة وأطّرت الصراع على أنه صراع مبسط بين “نظام قمعي” و”مقاتلي حرية”، على الرغم من أن الأخيرين غالباً ما كانوا فصائل إرهابية ممولة من قوى خارجية. لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في هذه الإستراتيجية، إذ غُمرت المنصات بقصص مختلقة وفيديوهات مفبركة وصور معدّلة تهدف إلى إثارة ردود أفعال عاطفية وتبرير التدخل الخارجي. على سبيل المثال، تم الترويج لـ “الخوذ البيضاء” كأبطال، رغم وجود أدلة تربطهم بجماعات إرهابية. لم تكن هذه اللعبة الإعلامية مجرد محاولة للسيطرة على السردية، بل كانت تهدف أيضاً إلى نزع الشرعية عن أي جهود من قبل الدولة السورية للدفاع عن سيادتها، مما يمهد الطريق لتحقيق أهداف “جيوسياسية” أوسع في المنطقة.
وإلى جانب قصة “الخوذ البيضاء”، تناقل ناشطون على مواقع التواصل الخطأ المريع الذي قامت به مراسلة الأم تي في نوال بري، حينما قصت على المشاهدين عذابات “السجين اللبناني” الذي قضى سنين طوال في السجون السورية، وانتظرت مع المشاهدين لحظة إزاحة الستار عن هويته لتتأكد أنه لبناني، بدل التأكد من أصل الحكاية التي روتها في رسالتها المباشرة، فيتضح لها وللمشاهدين على الهواء مباشرةً أن أقارب المريض نقلوه إلى سورية بهدف العلاج، لأن تكاليف علاجه في بيروت مرتفعة. كما تم نفي وجود مكبس بشري في سجن صيدنايا والذي روجت لوجوده صفحات معادية للنظام السوري السابق. وكُشف القناع عن الممثل “الشاطر” كما وصفه أحد الناشطين والذي تم تصويره على أنه سجين قضى عمرًا من الأسى في “سجون الأسد” كما يعبر المعارضون. المشكلة أن الكثير من السجناء مدانون بفعل جرائم ارتكبوها لا بسبب عدائهم للنظام، والمشكلة الأكبر أن كل هذه “السكِتشات” كانت على حساب المعاناة الحقيقية لأفراد آخرين ظُلموا بالفعل بسبب ممارساتٍ خطأ ارتكبها بعض مَن في النظام السابق.
ما ذُكر ليس إلا لتسليط الضوء على ما يرافق المخطط الذي يُطبق في سورية الآن، فالإعلام يملك اليد العليا لإنجاحه، كون التغير المطلوب في سورية له تأثيرات بالغة في المستقبل المطلوب لها، بعيدًا عن ماضيها العريق في مجابهة الاستكبار العالمي، وحليفها اللبناني الذي بذل الدماء على أراضيها هو أيضًا مشمولٌ بالعقوبة الإعلامية لضرب سمعته في حضرة العالم الصامت. اللعبة المحاكة في سورية إعلاميًّا تظهر حجم الفوضى الإعلامية التي تغرق بها المنطقة، وهي ليست وليدة اليوم أو بريئة ونتيجة الإخفاقات غير المقصودة. إنما هي أمرٌ مطلوب التنفيذ لتضيع الحقيقة كما تؤكد د. عثمان ” بالفعل، نحن نعيش في زمن الفوضى الإعلامية، خاصةً في لبنان والمنطقة المحيطة. أصبح من الصعب للغاية الوصول إلى روايات واقعية وسط الكم الهائل من الأخبار المتناقضة والمزيفة. في لبنان، مثلًا، كثيرًا ما تُشوه الاعتداءات الصهيونية أو يتم تجاهلها تمامًا في الإعلام الدولي، بينما تُصور جهود المقاومة بشكل غير منصف كأنها مصدر الصراع. وبالمثل، غُمرت الحرب السورية بسيل من المعلومات المضللة التي صُممت بعناية لتشويه صورة الدولة السورية وحلفائها، بينما يُغض الطرف عن دور الجماعات المسلحة الممولة من الخارج في تأجيج العنف. هذه الفوضى ليست عشوائية، بل هي إستراتيجية محسوبة تهدف إلى تقويض روايات المقاومة ودعم الأجندات الإمبريالية”.
أمام هذه الفوضى يتحير الرأي العام الذي بات مشاركًا في صناعة الحدث، فأين موقعه من هذه التغيرات؟ يجيب د. أحمد ” الرأي العام اليوم في مواجهة تحدٍ كبير بسبب تعدد السرديات. قدرة المواطن على توثيق الأحداث ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي منحت صوته وزنًا جديدًا، وأصبحت الروايات الفردية جزءًا من المشهد الإعلامي. لكن هذا التحول أثار إشكاليات عديدة: أولًا، افتقار السرديات الفردية إلى الدقة والمهنية جعل الرأي العام مشوشًا. المواطن العادي لا يملك الأدوات اللازمة للتحقق من صحة ما ينشره، وغالبًا ما ينقل الأحداث من زاوية محدودة. ثانيًا، الرأي العام بات أكثر تشتتًا، حيث يتأرجح بين الروايات التي تنشرها وسائل الإعلام التقليدية والسرديات الفردية التي قد تكون متحيزة أو غير دقيقة. لكن لا يمكن إنكار الجانب الإيجابي، حيث أصبح للمواطن دور أكبر في كشف الحقائق، خاصة في ظل غياب التغطيات الشاملة من وسائل الإعلام التقليدية. اليوم، الرأي العام يتحرك بين تأثير الإعلام الرسمي وتأثير ما يُنشر على وسائل التواصل، مما يخلق حالة من التعددية التي قد تكون إيجابية إذا وُظفت بشكل صحيح”.
في ظلِّ التشكيك والحيرة لدى الجمهور والشعب، ومع تآكل الثقة بفعل الممارسات الخطأ، ومع الأجندات التي تبغي شل تفكير الناس وتشوه أي أصواتٍ تتحدى نسختها من رواية الأحداث كما تشير د. عثمان، لا بد من ذكر مسارٍ يوصل الباحث عن الحقيقة إليها ” الوصول إلى الحقيقة في زمن الفوضى الإعلامية يتطلب إستراتيجية واعية تعتمد على عدة محاور” يقول د. أحمد ” أولًا، يجب على الباحث أن يُنوع مصادره، فلا يكتفي بمصدر واحد مهما كان موثوقًا. مقارنة الروايات المختلفة تساعد على كشف نقاط الالتقاء التي غالبًا ما تحمل جزءًا من الحقيقة. ثانيًا، اللجوء إلى وسائل الإعلام التي أثبتت مصداقيتها على مدى سنوات أمر أساسي. هناك وسائل إعلام معروفة بالتزامها المهني، وغالبًا ما تكون مصدرًا آمنًا للمعلومات. ثالثًا، استخدام أدوات التحقق الرقمية مثل مواقع التحقق من الحقائق أو التطبيقات التي تتيح للمستخدم التأكد من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة. رابعًا، يجب أن يمتلك الباحث قدرة نقدية لتحليل الأخبار وربطها بالسياقات التاريخية والسياسية. الأخبار لا تأتي من فراغ، وفهم السياق يساعد على التمييز بين الروايات المختلفة. خامسًا، على الباحث أن يتجنب الانحياز العاطفي لأي رواية، لأن المشاعر كثيرًا ما تكون بوابة للتضليل. الحذر والتحليل هما المفتاح للوصول إلى الحقيقة. هذا المسار الجوهري يكمله ما تحدثت عنه د. عثمان من ” الحاجة الملحة إلى منصات مكرسة لتقديم تقارير دقيقة وتحليل سياقي، مع تضخيم أصوات الميدانيين، خاصةً أولئك المنتمين لحركات المقاومة التي تدافع عن سيادتها وشعوبها”.
تؤدي الإستراتيجية الواعدة التي تحدث عنها د. أحمد إلى رفع ثقة الجمهور بالمصادر الإعلامية الموثوقة بعد أن هبط مستوى الثقة كما أكد ضيفا موقع “العهدالإخباري”، بفعل إغراق الجو الإعلامي بالشائعات والأخبار المختلقة، وكان هذا جزءًا من دورٍ لعبته وسائل إعلام غربية لتبرير التدخلات الخارجية وزعزعة الأمن، إلى جانب التضليل الذي مارسته المعارضة السورية لتحسين صورتها في الداخل السوري بدعم غربي خليجي، وذلك للإساءة للنظام السابق والتغافل عن تطرف بعض جماعات المعارضة واختلاق جرائم للدولة أحيانًا، أو تجاهل مصادر تسليح هذه الجماعات وتمويلها وتدريبها، ما يُبرز اعتمادها على التكتيكات المسرحية بدلاً من تقديم أجندات سياسية حقيقية، بحسب الدكتورة مروة عثمان.
المخاطر الكبرى التي تحملها هذه المسألة تشير إلى دور المؤسسات والقانون في تنظيم الحالة الإعلامية، فوفقًا لد. أحمد يجب أن يكون القانون الحصن الأول في مواجهة الفوضى الإعلامية، خاصة عندما تؤدي هذه الممارسات إلى تعريض حياة الناس للخطر. “أولًا، يجب أن تُسن قوانين واضحة وصارمة تُرغم وسائل الإعلام على الالتزام بالمعايير المهنية. نشر الأخبار الكاذبة أو التحريضية يجب أن يُواجه بعقوبات رادعة. ثانيًا، على مؤسسات الدولة أن تُفعل دورها الرقابي بشكل أكبر، مع تعزيز الشفافية في التعامل مع المخالفين. ثالثًا، يجب أن تكون هناك جهود توعوية لتعريف الجمهور بخطورة الأخبار المضللة وكيفية مواجهتها، لأن الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول” يقول الدكتور علي أحمد.
ليس في الختام سوى الدعوة للحذر من الممارسات الإعلامية السيئة القادمة مع ما خطط له للمنطقة، فينبغي لشعوب المنطقة أن تبحث عن مصادر موحدة المعايير؛ أي لا تطبقها على طرفٍ دون آخر وتلتزم المصداقية حفاظًا على أرواح الناس “جميعًا”. أما المؤسسات الثقافية والجهات التربوية المختصة فيجب أن تحمل على عاتقها مسؤولية التوعية الإعلامية لأفراد المجتمع لحمايتهم من ضوضاء الإعلام المتلاعب بوقائع حياتهم اليومية. ففي زمنٍ تحكم فيه دول الاستكبار والعجرفة، قد تقوم حربٌ بخبرٍ دمويٍّ مُختلَق لا أصل له، وقد تُحتلُّ أرضٌ بلا قطرة دماءٍ بفعل الأخبار الكاذبة، وقد يحتفل الشعب بينما عدوٌّ يدنِّس أرضه ويدوس الكاميرات المطفأة التي كشفت سابقًا عن بشاعة التحول الذي ينتظر أرض هذا الشعب ويدير نظره إلى أعداء وهميين أو أقل خطورة من العدو الذي يستبيح سماء الأرض المتزلزلة.